dimanche 4 avril 2021

مسألة لغة التدريس بالبلاد التونسيّة من مدرسة باردو الحربيّة إلى مدرسة التعليم الأساسي : الجزء الخامس

 

 

الهادي بوحوش

نواصل هذا الأسبوع نشر الدراسة التي تتعلق بمسألة لغة التعليم بالمدرسة التونسية فبعد تناولنا في الأعداد الفارطة الباب الأول المخصص لفترة ما قبل الحماية الفرنسية ثم بدأنا في تقديم   العنصر الأول من الباب الثاني الذي يُعْنى بفترة الحماية الفرنسية على البلاد التونسية نواصل هذا الأسبوع دراسة تلك الحقبة وبالتحديد
منزلة اللغة العربية بالمدارس الفرنسية العربية  حيث فرضت ثنائية لسانية غير متكافئة.

 

للرجوع إلى الجزء الأول اضغط هنا وإلى الجزءالثاني اضغط هنا وإلى الجزء الثالث اضغط هنا و وإلى الجزء الرابع اضغط هنا.

الباب الثاني: لغة التدريس زمن الحماية: الازدواجيّة اللسانيّة المفروضة مع هيمنة اللغة الفرنسية

I - أسس السياسة اللغوية للحماية ( اضغط هنا للاطلاع على هذا العنصر الأول(

 II  - تطور منزلة اللغة العربية بالمؤسسات التعليمية العمومية التي أحدثتها إدارة العلوم والمعارف.

 أولا-  منزلة اللغة العربية في التعليم الابتدائي

ثانيا -  الوضع بالمدارس الفرنسية العربية : ثنائية لسانية مفروضة وغير متكافئة

 

ينبغي أن تحتل اللغة الفرنسية مكانة مهيمنة في برامجنا مهما كان صنف تلامذتنا ، يجب أن يكون التعليم باللغة الفرنسية' مجلس التعليم العمومي 1909

 قرّر ماشوال، متأثرًا بتجربته الجزائرية[1] إعادة إنتاج نفس النموذج في تونس ، ولكنه حاول تجنب الأخطاء التي ارتكبت في الجزائر خاصة في مجال تكوين معلمين ثنائي اللسان[2] ، وأنشأ المدرسة الفرنسية. - العربية ثنائية اللسان  ومدرسة ترشيح تكوّن معلمين يحذقون اللغة العربية.

بالنسبة إلى ماشوال ، ينبغي أن تستقبل المدارس الفرنسية العربية الأطفال التونسيين والأطفال الأوروبيين وحيث يتم التدريس باللغتين.

وتطبق هذه المدارس نفس برامج المدارس الفرنسية ، ويكمن الفرق الوحيد في إدراج اللغة العربية الدارجة للأطفال الأوروبيين الذين يؤمّون هذا الصنف من المدارس والعربية الفصحى والقرآن للأطفال التونسيين المسلمين ، ولكن لم يكن هناك تكافؤ بين اللغتين  إذ كانت اللغة الفرنسية تحتل مكانة بارزة وتستعمل في تدريس كل المواد أمّا اللغة العربية فقد كانت  مهمّشة، يتجلّى هذا التهميش على مستويين: على مستوى منزلتها في المنظومة وعلى مستوى التوقيت المخصص لها في جداول التوقيت.

         التهميش على مستوى المنزلة

تعدّدت مظاهر التهميش وتنوّعت  ومن أبرزها :

 - عدم استعمال العربية لتعليم أي مادة من المواد :  فإلى حدود عام 1949 ، كانت اللغة العربية  تدرّس كلغة فقط ، ولا يتم  استعمالها في تدريس أي مادة من مواد برامج المدرسة الابتدائية .

- ومن مظاهر التهميش بقاء تعليم اللغة العربية والقرآن خارج فضاء المدرسة  لفترة طويلة ، فكان التلاميذ "يتلقون تعليم القرآن في الكتاتيب المجاورة" (تقرير إلى الرئيس 1905) ، "وكنا نجد عامة  بقرب كل مدرسة من المدارس الفرنسية العربية كتّابا أو مدرسة قرآنية  ، حيث يقدّم المؤدّب في ساعات محددة تعليم القرآن للتلاميذ ... و وفقً هذا الترتيب ، تم في تونس العاصمة ، إنشاء   مدرسة تربة الباي في عام 1907 ، التي تتكون من قاعتين  وكتّاب يتكون من ثلاثة فصول ومدرسة بنهج الترويبنال  بثلاث قاعات وكتاب... كما  تم إلحاق  كتاب بمدرسة المرسى .. "(تقرير إلى الرئيس 1907).

-  أما المظهر الثالث فيتمثل في غياب برنامج وتوجيهات دقيقة لتدريس اللغة العربية  فقد عانت اللغة العربية لمدة  طويلة  من الغياب التام لأي تنظيم ،   مما جعل الممثلين التونسيين المشاركين في الندوة الاستشارية في شهر نوفمبر 1907 يطالبون بضرورة  تنظيم برامج اللغة العربية بالمدارس الفرنسية العربية  وتدريسها على أسس  عقلانية »  (العياشي .ص.62) و أكد هذا الوضع المتردي  ما ورد في تقرير موجه إلى رئيس الجمهورية عام 1908 حيث نقرأ ما يلي : «  حتى الآن لم تكن هناك توجيهات دقيقة  ولا طرق رسمية محددة لتدريس اللغة العربية. ومن أجل متابعة تطبيق النظام الجديد  الذي تم إقراره، تمت تسمية متفقد تعليم اللغة العربية في المدارس الفرنسية-العربية والمدارس القرآنية الخاصة ، ... وقد شرع في عمله منذ بداية العام الدراسي» ". (تقرير إلى الرئيس 1908).

ويعود أقدم  مشروع برنامج رسمي  لتدريس القرآن و اللغة العربية الفصحى لسنة 1909 وهو البرنامج الذي أقرّه مجلس التعليم العمومي[3]. ،)   انظر الملحق أسفله ) ونص المشروع على حفظ  الأجزاء  الأربعة الأولى  من القرآن الكريم، مع تواصل  تدريسه خارج المدرسة  نزولا عند رغبة  " المندوبين المنتخبين للتعليم الثانوي والابتدائي و رئيس ودادية التعليم الابتدائي ، الذين عبّروا عن وجوب أن يتضمن تدريس اللغة العربية في المدارس الابتدائية بالضرورة تعليم القرآن ، فإن هذه الدراسة تتم خارج المدرسة ، قبل ساعات المدرسة أو بعدها. كما نص المشروع على أن تعليم القرآن يكون شفويا  بالنسبة إلى القسم التحضيري (cours préparatoire et   cours enfantin) ، ولا يبدأ التلاميذ في كتابته إلا بداية من القسم   الابتدائي . (du cours élémentaire   )

أما بالنسبة إلى برنامج العربية ، فقد نص على إدماج دروس اللغة العربية في جدول الأوقات الرسمي للتلاميذ  ويشتمل على ما يلي :

- القسم التحضيري : القراءة  واللغة والخط (ساعة و 15 دقيقة في اليوم) ؛

- القسم الابتدائي : القراءة واللغة والكتابة (45 دقيقة في اليوم) النحو ، والتدريب على التعبير الكتابي (45 د / يوم) ،

- القسم المتوسط :  قراءة وإملاء ولغة (30 د / يوم) النحو ، والتدريب على التعبير الكتابي (45 د / يوم)،

-  القسم العالي : قراءة (نصف ساعة يوميا) نحو  ، إنشاء  ،لغة. (45 د / يوم).

يتمّ تطبيق هذا البرنامج بالكامل في المدارس الفرنسية العربية التي تضمّ  حصريًا أو شبه حصري أطفالا من الأهالي" أما بالنسبة إلى  المدارس التي يؤمّها  بالكامل أو شبه الكامل الأطفال الأوروبيون  فهي غير معنية بهذا البرنامج " فلا تعليم للقرآن ولا تعليم للغة العربية الفصحى. أما بالنسبة إلى المدارس المختلطة التي تضم أطفالا من الأهالي والأوروبيين ، " يتم تقديم دروس العربية الفصحى  للتلاميذ الأهليين   في الوقت الذي يتلقى فيه  التلاميذ الأوروبيون  دروس العربية الدارجة  وأما حفظ القرآن بالنسبة إلى الأطفال المسلمين فإنه يتم  خارج ساعات الفصل الرسمية ".

الملحق : الجلسة العادية لمجلس التعليم العمومي المنعقدة يومي 28 و 29 ماي 1909: مقتطف من تقرير لجنة دراسة برامج و طرق التعليم الابتدائي المتعلق بمسألة تدريس اللغة العربية 

 

إن البرامج الموجودة قد أعطت جملة من النتائج المرضية و يكون من الجهد تجاهلها. غير أننا تساءلنا إذا كانت هذه البرامج قادرة على الاستجابة بما فيه الكفاية لواقع حال بلد يشهد تطورا سريعا أثمر حاجيات جديدة وسط سكان عناصره مختلفة جدا.إننا أقرينا بأن تعليمنا ينبغي أن يصبح أكثر تجريبيا ومبنيا بصفة كلية على " الممارسة اليومية للطفل ولوسطه العائلي"

المواد المكونة للبرنامج

أخذت اللجنة في الاعتبار أساس تنظيم البرامج في فرنسا التي أُقرت بموجب قانون 28 مارس 1882 والأمر الصادر في 18 جانفي 1887، كما أخذت في الاعتبار في نفس الوقت  قرار المدير العام التعليم بتونس المؤرخ في 7 ماي 1906 ، الذي طلب أن تكون المواد التي سيتم تدريسها في مدارس الإيالة هي التالية : التربية الأخلاقية والمدنية، القراءة والمحفوظات ، الخط،  اللغة الفرنسية ، اللغة العربية، الحساب ، نظام القيس ، عناصر الهندسة والمحاسبة ، الجغرافيا ، لاسيما جغرافية البلاد التونسية وشمال أفريقيا وفرنسا ، عناصر من تاريخ فرنسا وشمال أفريقيا ، دروس الأشياء والمفاهيم العلمية الأولية وبالخصوص تطبيقاتها في الزراعة والنظافة والصناعات المحلية ؛ الرسم ، الأشغال اليدوية (الخياطة والتدبير المنزلي للفتيات) ، الجمباز. الموسيقى. التربية الأخلاقية.

اللغة العربية.

من ناحية   يرغب السكان الأصليون بشدة أن يتعلم أبناءهم  لغتهم الأم في مدارسنا ، ومن ناحية أخرى نأمل أن يتمكن الأوروبيون من التعبير و التكلم بلغة البلاد  وبالتالي  على السكان الأصليين تعلم العربية الفصحى  و على الأوروبيين تعلم العربية الدارجة.  (سيكون هذا التعليم  الموجه  للأوروبيين موضوع برنامج خاص) .

 ثم عرض على أعضاء المجلس  مشروع  البرنامج  الموجه للتلاميذ الأهالي  الذي تضمن  تعليم القرآن و تعليم اللغة العربية الفصحى في نفس الوقت.وتم فحصه من وجهة النظر التربوية فقط، و تم قبوله :

البرنامج المقبول.

القسم التحضيري ، من 6 إلى 7 سنوات : قراءة، لغة، خط، 1 ساعة ونصف في اليوم - قرآن: تلاوة من قبل المعلم و

استرجاع شفوي  من قبل التلاميذ  : نصف ساعة -  المجموع  : ساعتان.يوميا.

قسم الأطفال، من 7 إلى 8 سنوات: قراءة، لغة، خط: 1 ساعة وربع في اليوم- قرآن  دون كتابة : 45  دقيقة . -  المجموع ساعتان.يوميا.

القسم الابتدائي، من 8 إلى 9 سنوات : قراءة وكتابة وخط ، 45 د يوميا. نحو ، تمارين على الكتابة 45 د - قرآن مكتوب ، آيات مختارة : نصف ساعة. المجموع : ساعتان يوميا.

القسم المتوسط ، من 9 إلى 10 سنوات: قراءة ، إملاء ، لغة  : نصف ساعة. نحو ، تمارين على الكتابة : 45 د . قرآن ، آيات مختارة : نصف ساعة. المجموع : ساعتان يوميا

القسم العالي ، من 10 إلى 11 سنة: قراءة نصف ساعة. نحو ، انشاء ، لغة : 45 د - قرآن مكتوب ، آيات مختارة: نصف ساعة. المجموع : ساعتان يوميا.

يقتصر تعليم القرآن على الأجزاء الأربعة الأولى.

يمكن أن يكون هناك ثلاثة أنواع من المدارس:

- أولا مدارس يؤمها الأوروبيون بشكل حصري تقريبًا ،

- ثانيا مدارس التي يؤمها بشكل حصري السكان الأصليون ،

- ثالثا مدارس مختلطة.

في الحالة الأولى، ليس هناك تعليم القرآن ولا دراسة اللغة العربية الفصحى و في الحالة الثانية ، يدرج هذا التعليم بالكامل ضمن الساعات النظامية و في الحالة الثالثة ، سيتم إعطاء درس العربية الفصحى  لأطفال الأهالي  في الوقت الذي يتم فيها تعليم اللغة العربية الدارجة للأطفال  الأوروبيين ، وسيتم تعليم القرآن خارج ساعات النظامية.

النقاش

بمناسبة قراءة برنامج اللغة العربية الموجه للتلاميذ الأهليين ، سأل السيد جريس GRESSE عن فئة المدارس المعنية به.

رد رئيس المجلس بأن هذا البرنامج لن يُطبَّق إلا بالمدارس الفرنسية العربية التي يتألف تلامذتها من السكان الأصليين كليا أو شبه كليا ، ولكن لا مجال لتوسيعه ليشمل الكتاتيب الخاصة. في هذا الصدد،  رأى مدير التعليم أن يوضح أمرا ، تجنبا لكل لبس، وهو أن حكومة الحماية غير مستعدة لإنشاء الكتاتيب ولا  لدعمها حتى وإن كانت من الكتاتيب العصرية.

إثر ذلك قرأ  السيد جريس M. GRESSE الرجاء التالي: يعبر المندوبون المنتخبون عن التعليم الثانوي والتعليم الابتدائي ،و رئيس وداديّة التعليم الابتدائي ، عن رغبتهم في أن إذا كان  تعليم اللغة العربية في المدرسة الابتدائية يفترض بالضرورة  تعليم القرآن، يجب أن  يتم ذلك خارج المدرسة قبل أو بعد ساعات الدراسة النظامية.

يعلن الرئيس أنه سيتم إدراج هذه الرجاء في المحضر.

ثم يقوم العديد من أعضاء المجلس بملاحظات مفصلة مختلفة.

بعد ذلك تقدم كثير من الأعضاء بملاحظات جزئية .

  تعقيبا عن سؤال للسيد أوزويل M, Ouzuel في خصوص التلاميذ اليهود، أجاب رئيس المجلس بأن هؤلاء التلاميذ سيكونون منشغلين في مكان آخر عندما يذهب رفاقهم المسلمين إلى الكُتّاب لتعلم القرآن.

وعقب السيد كولين M. COLLIN   أن هذا  ما هو معمول به الآن ، واستشهد بمثال مدرسة باجة الفرنسية - العربية .

وأشار السيد بويسون M. Buisson إلى أن لجنة البرامج قد خفضت قدر الإمكان من حصة تعليم القرآن في تدريس اللغة العربية لتلاميذ السكان الأصليين ، وألح السيد لوث  M. Loth   مشيرا إلى أنه في هذه المسألة ليس هناك وضعاً جديداً ، وكل ما في الأمر  هو تدقيق وضع  موجود سابقاً و تقنينه  .

صرح  رئيس المجلس  بأن الإدارة بعيدة كل البعد عن معارضة أي إصلاح في تعليم العربية ، وهي منشغلة  بإعادة تنظيمه وتطويره ، ولكن يجب أن يتم ذلك بأقصى قدر من الحذر. وقد اتخذت الإدارة  خطوة أولى  مهمة ، عندما أصبحت المدرسة التأديبية  ، التي كانت مدرسة كليريكية حقيقية ، جزءًا من مؤسسة علمانية.

 

المصدر : النشرة الرسمية للتعليم العمومي - عدد،28 - جوان 1909 - السنة الثالثة و العشرون

 

 

 

لكن تطبيق هذا الإصلاح " الذي طالب به الرأي العام الأهلي وقررته إدارة التعليم لا يمكن أن يتحقق إلا تدريجياً"  حسب إدارة التعليم العمومي (تقرير 1910)  فنقص المعلمين المؤهلين و "عوائق الميزانية تفرض فترة انتقالية "ستحاول خلالها إدارة  التعليم  العمومي تحسين تكوين المؤدبين وانتدابهم  تدريجياً من بين قدماء المدرسة التأديبية  ريثما يتم تخرّج أولى دفعات المدرسين المتكونين  بمدرسة الترشيح بتونس".

بالإضافة إلى ذلك ، اتخذت إدارة التعليم العمومي عدة إجراءات  تهدف إلى "تحسين وضع هؤلاء الموظفين الخصوصيين وذلك بترفيع الراتب ومنحة السكن  و إدراج الترقيات ، وما إلى ذلك" (تقرير  موجه إلى رئيس الجمهورية - سنة  1910) ، في انتظار إنشاء إطار من المعلمين المدربين تدريباً خاصاً لتعليم اللغة العربية ، والذي سيتم تنفيذه انطلاقا من عام 1910 من خلال إصلاح مدرسة الترشيح وإنشاء شعبة العربية التي تتكون من فرعين ، يكوّن الفرع الأول  معلمي اللغة العربية والثاني معلمي اللسانين .

وأفاد تقرير 1912 بحصول تقدّم في مجال تدريس اللغة العربية بالمدارس الفرنسية العربية وكذلك في خصوص تحسين وضعية معلمي اللغة العربية « فقد ارتفع عددهم من 75 إلى 100 معلم بالمدارس العمومية  وتزامن ذلك مع  تعميم تطبيق برامج  تعليمية أكثر تطورا وعقلانية... وانطلقت دراسة مشروع النظام الأساسي لمدرسي التعليم الابتدائي والذي سيدخل حيز التنفيذ بداية من جانفي 1913، ويتضمن النظام الجديد تحسينات ملموسة لوضعية هؤلاء الموظفين الذين تم انتدابهم بعناية مما ينبئ بحقبة رقي للمدرسة الابتدائية في وسط الأهالي... كما تشهد سنة 1912 وصول الدفعة الأولى من التلاميذ المدرسين خريجي مدرسة ترشيح المعلمين بتونس   ليتولوا تعليم الفرنسية و العربية بالمدارس الفرنسية العربية» [4]

نقطة التحول في الأربعينات من القرن الماضي: اللغة العربية  تسجل تقدما:

مع أربعينات القرن العشرين و تغير السياق العام  على الصعيدين الدولي والوطني  تغيراً كبيراً : توطدت الحركة الوطنية ؛ أضرّت الحرب العالمية الثانية بصورة فرنسا مما  أجبرها  على مراجعة سياستها في المستعمرات. وقد تجسم هذا التحول في الدعوة التي توجّه بها ممثل حكومة فيشي بتونس أثناء الحرب إلى وزارة الخارحية يؤكد فيها على « ضرورة مواجهة الدعاية الألمانية التي تستهدف العرب  وذلك من خلال قبول تدريس الشباب المسلم باللغة العربية مع تعليمهم اللغة الفرنسية » [5] وهو ما رفضته نقابة المعلمين الفرنسيين[6].( العياشي ، 2003)

 وفي هذا المناخ العام انعقد اجتماع  هام بالجزائر العاصمة في 10 أكتوبر 1943 ، ضمّ كلاّ من المقيم العام بتونس و المقيم العام بالمغرب وحاكم الجزائر ، برئاسة الجنرال دي غول ،  واتخذ عددًا من القرارات المتعلقة بالتعليم ، من ذلك الحاجة إلى إدخال إصلاحات تلبي رغبات السكان المحليين.

وتجسيما لهذا التوجه الجديد ، سعت سلطات الحماية بتونس إلى "إعطاء اللغة العربية مكانًا أكثر أهمية في المدرسة الابتدائية الفرنسية العربية". وتجسد ذلك في  البداية بمشروعي  ماست ( Mast ) وديبيسي (( DEBIESSE  سنة  1944.

 ففي عام 1944 ، اقترح الجنرال ماست ، المقيم العام لتونس (1943-1947) مشروعًا لإصلاح المدرسة الابتدائية الفرنسية العربية يهدف  إلى تحسين وضع اللغة العربية من خلال زيادة الوقت المخصص لها في السنة الأولى من التعليم الابتدائي، مع المحافظة على أفضلية اللغة الفرنسية.  وفي السنة نفسها ، قدّم ديبيس ، مدير التعليم الابتدائي في تونس ، تقريراً تضمن خطة خماسية لتطوير التعليم العمومي في تونس. اقترحت هذه الخطة ، الطموحة للغاية ، إنشاء مرحلتين  في "المدرسة التونسية": مرحلة أولى تدوم ثلاث سنوات مُعرّبة كليّا ، ولا يشرع في تدريس اللغة الفرنسية إلا بداية من السنة الثالثة ؛ ومرحلة ثانية مدّتها ثلاث سنوات تستعيد فيها اللغة الفرنسية مكانتها كلغة تدريس[7].

تم رفض هذا المشروع من قبل جميع الأطراف، منهم قادة الحركة الوطنية و كذلك من قبل ممثلي المستوطنين الفرنسيين . كما عارضه المقيم العام نفسه  الذي رفض فكرة إنشاء مرحلة  تمهيدية في المدارس الفرنسية العربية ، حيث تكون اللغة العربية هي لغة التدريس الوحيدة ".[8]

كما رفضته نقابة المعلمين التونسيين [9] « التي اتخذت موقفا راديكاليا كردّة فعل على موقف النقابات الفرنسية اللائكية التي نادت في مؤتمرها المنعقد في شهر جوان 1944 بأن تبقى اللغة الفرنسية هي اللغة الوحيدة للتعليم بالمدارس الابتدائية للتونسيين والفرنسيين وتمثل موقف النقابة التونسية في المطالبة بإجبارية تدريس العلوم الصحيحة  باللغة العربية كما هو معمول به في مصر والبلدان العربية التي كانت تحت الاستعمار البريطاني » (العياشي، 2003). وانخرطت الصحافة الوطنية في حملة الدفاع عن اللغة العربية غير مكتفية بالمطالبة بتعريب التعليم   لتشمل تعريب الإدارة.

وفي عام 1947 ، أعدت إدارة التعليم العمومي مشروع إصلاح جديدا ، عرض على أنظار مجلس التعليم العمومي في 17 جوان 1947. ينص على :

- تعريب الدرجة التحضيرية كلّيا ؛

- زيادة توقيت اللغة العربية  لتصل إلى 14 ساعة في السنتين الأولى والثانية و 9 ساعات في الدرجة الوسطى والدرجة العليا.

- التمديد في فترة الدراسة الابتدائية بسنة  تخصص لإعداد التلاميذ التونسيين لاجتياز مناظرة السادسة العصرية أو الكلاسيكية أو الفنية ، حيث يكون التدريس باللغة الفرنسية . [10]

رفض الأعضاء التونسيون بالمجلس الأعلى للتعليم العمومي المشروع ، لأنه يكرّس - في نظرهم-  ثنائية اللغة غير المتكافئة وهيمنة اللغة الفرنسية  من جهة وبقاء اللغة الفرنسية لغة التعليم الثانوي من جهة ثانية. فكان هذا الرفض هو السبب الرئيسي في التخلي عن المشروع.

في شهر أفريل من عام 1949  ، قدمت إدارة التعليم العمومي مقترحا جديدًا بمناسبة الأسبوع البيداغوجي إلى الجامعة  الوطنية للتعليم ، تتمثل مكوناته الرئيسية  في :

- إصلاح برامج وتوقيت المدارس الابتدائية الفرنسية والمدارس الفرنسية العربية في اتجاه تعزيز مكانة اللغة العربية ( زيادة في التوقيت واستخدام اللغة العربية لتدريس بعض المواد الأساسية).

- مراجعة برامج مدارس الترشيح.

- مراجعة نظام التعليم الثانوي الفني.

تم تقديم هذا المشروع إلى المجلس الأعلى للتعليم العمومي في دورة  22 سبتمبر 1949 ، الذي اعتمد التدابير التالية:

-  مراجعة برنامج وتوقيت  المدارس الفرانكو العربية لتعزيز مكانة اللغة العربية (زيادة الوقت واستخدام اللغة العربية لتدريس الحساب في السنتين الأولى والثانية  ودروس الأشياء والتاريخ والجغرافيا في المستويات الأخرى.

 - الحفاظ على اللغة الفرنسية في نفس المستوى لإعداد التلاميذ لمناظرة السادسة دون اللجوء لسنة إضافية.

-  إدراج تدريس اللغة العربية في المدارس الابتدائية الفرنسية. (كان هذا الصنف من المدارس يضم  6546 مسلما تونسيا في عام 1949 ، ما يمثل 13.75 ٪ من إجمالي تلاميذ هذه المدارس).

انطلق تجسيم هذا المشروع في العودة المدرسية في أكتوبر 1949   بصدور منشور  في 3 أكتوبر 1949 أقرّ تعريب الحساب ودروس الأشياء  بالنسبة إلى السنة الأولى (الدرجة التحضيرية) على أساس تجريبي في عدد من المدارس، وفي  السنة الموالية صدر منشور جديد (3 أكتوبر 1950) قرر مواصلة  التعريب ليشمل السنة الثانية  في نطاق  التجربة أيضا ، وفي العودة المدرسية  1952-1953  تم تعميم التعريب ليشمل  السنتين الأولى والثانية بكل المدارس الفرنسية العربية التي يكون كل روادها  من الأطفال التونسيين (المنشور المؤرخ في 27 سبتمبر 1952) (لأول  مرة تستخدم  إدارة التعليم العمومي مصطلح تلاميذ تونسيين بدلا من مصطلح تلاميذ الأهالي المسلمين).( انظر الجدول أسفله)

بالإضافة إلى تعريب الحساب ودروس الأشياء في الدرجة التحضيرية، تقرر تعريب الجغرافيا والتاريخ في  الدرجة المتوسطة.

جدول أوقات النظام الجديد  للغة العربية المعتمد منذ أكتوبر 1949 بعد قرار تعريب دروس الحساب ودروس الأشياء

 

الدرجة التحضيرية

الدرجة الابتدائية

قرآن

أخلاق وتربية دينية

ساعة و20د

40د

ساعتان

ساعة و20د

40د

ساعتان

قراءة

4 ساعات

3 ساعات ونصف

خط

ساعتان

ساعة

دروس اللغة

ساعتان ونصف

3 ساعات و20د

إملاء

-

 د30

نحو

-

ساعة و10د

الكلمة والجملة

30د

-

تعبير

ساعة و 20د

-ساعة و10د

محفوظات

40 د

30د

إنشاء

-

-

أناشيد

ساعة

30 د

حساب

ساعتان و40د

3 ساعات

درس الأشياء

-

50د

المجموع

14س و10د

14س و10د

تم تعزيز هذا التوجه بإجراءين اثنين دعّما مكانة اللغة العربية في المدارس الفرنسية العربية ، وهما:

- استخدام كتب مدرسية باللغة العربية: فقد دُعيت لجنة الكتب المدرسية باللغة العربية خلال اجتماعها في 28 سبتمبر 1954 ، لإعطاء رأيها في الكتابين التاليين: "دروس الأشياء في اللغة العربية" للدرجة الابتدائية من وضع محمد بكير ، متفقد اللغة العربية والمدارس القرآنية العصرية ومنجي غولة وعمر الجمالي وكتاب "الدروس الجديدة للأشياء" في الدرجة الابتدائية من إعداد  الصادق صبعي وأحمد صفر ، متفقدي اللغة العربية والمدارس القرآنية العصرية " وكان رأي اللجنة إيجابيًا  وأوصت باستخدامهما في المدارس الابتدائية والمدارس القرآنية العصرية "[11]

  -  برمجة اختبار إجباري في اللغة العربية الفصحى بالنسبة إلى  تلاميذ المدارس الفرنسية العربية في امتحان السادسة للقبول في المدارس الثانوية الشعب الكلاسيكية والعصرية والفنية والشعبة التونسية ، و الصادقية و القسم التكميلي[12]. ويكون الاختبار في " شكل نص بسيط يتكون من 10 إلى 12 سطرًا ، مصحوبا بثلاثة أسئلة تتعلق بفهم النص والمفردات والقواعد النحوية " ، مع إضافة  تحرير  إنشاء باللغة العربية (تقوم على الوصف أو السرد) بالنسبة إلى المرشحين لامتحان القبول في السادسة التونسية أو السادسة من مدرسة الصادقية .

 

على الرغم من التقدم الحاصل الذي مثلته هذه الإجراءات إلا أنها جاءت متأخرة كثيرا مقارنة بانتظارات  الوطنيين ومطالبهم ، والتي ترجمها « مشروع التعريب الذي قدمه  محمود المسعدي رئيس  الجامعة الوطنية للتعليم التونسية في المؤتمر الرابع للاتحاد العام التونسي للشغل في شهر أفريل  1951 و كان البرنامج "يهدف إلى تخفيف عبء ثنائية اللغة عن التلميذ في السنوات الأولى  من أجل تجنب أي تشتت في الجهد الفكري وتعريب جزء من المواد العلمية ، وقال المسعدي : ذلك هو برنامجنا - الذي ينص في المرحلة الأولى على تعريب السنتين الأوليين من التعليم الابتدائي وتعريب الحساب ودروس الأشياء والتاريخ والجغرافيا في كامل المرحلة الابتدائية كما ينص برنامجنا على  تكييف البرامج التعليمية  مع المجتمع العربي الإسلامي... يري العياشي (2003) "أن برنامج جامعة التعليم قد ابتعد عن النموذج الصادقي لأنه يتوقع تعريب العلوم الفيزيائية والرياضيات والتاريخ والجغرافيا في التعليم الثانوي مع تخصيص مكانة  هامة لتعلم اللغة الفرنسية "حتى يتسنى لحاملي البكالوريا مواصلة دراساتهم العليا في العواصم الأوروبية دون عائق ... هذا البرنامج  هو في الواقع أطروحة مضادة للخيار الإصلاحي لبداية القرن الذي كان شعاره" التعليم باللغة الفرنسية وتعلم اللغة العربية ". . "(العياشي ، 2003 ، ص 88).

 

تتويجا لهذا القسم نورد شهادة أحد أطراف التجربة الإصلاحية في تلك الحقبة وهو لوسيان باي ، آخر مدير للتعليم العمومي قبل الاستقلال الذي كتب في أطروحة [13] حول التعليم في البلاد التونسية يقول :« بوصفي مدير التعليم العمومي بالبلاد التونسية منذ أكتوبر 1948 لم يكن بإمكاني  عدم الاكتراث بمطلب التعريب وكان عليّ أن أدرس وجاهته ونتائجه وكان لا بدّ من القيام بدراسة المسألة وهو ما تمّ فعلا سنة 1949 غير أن الاضطرابات السياسية التي برزت منذ 1952 قد عطلت تجسيم نتائجها»(ذكره العياشي،2003،ص 87)

         التهميش في مستوى التوقيت

من الناحية النظرية  كان من المفروض أن يكون  التوقيت المخصص للغتين العربية والفرنسية في المدارس الفرنسية- العربية هو نفسه ، كان بالفعل متساويا في بعض الفترات وبالنسبة إلى بعض المستويات، ولكن ظلت اللغة  الفرنسية هي  السائدة على الرغم من بعض التعديلات على مرّ السنين:

         فخلال السنوات الأولى من الحماية، "كان التوقيت متساويا بالأقسام الصغرى (ثلاث ساعات للغة الفرنسية في اليوم وثلاث ساعات لدراسة اللغة العربية والقرآن يوميا"، لكن "في الأقسام العليا، تخصص ست ساعات في اليوم للغة الفرنسية." (تقرير إلى رئيس الجمهورية 1905).

         وفي عام 1909 قرّر مجلس التعليم العمومي في دورته العادية تخصيص  ساعتين في اليوم للغة العربية في جميع الأقسام  أي  10 ساعات في الأسبوع من جملة 30 ساعة.

         ثم في عام 1923، سجّلنا بعض التحسّن، إذ تقرر أن لا يقل عدد الساعات المخصصة للعربية عن 5 ساعات ولا تتجاوز 15 ساعة أسبوعيا، ولكن في الممارسة العملية استمرت المدارس  في العمل بنظام  ساعتين  في اليوم أي 10 ساعات في الأسبوع  وظل جدول الأوقات الرسمي المعمول به  إلى حدود عام 1948 يخصص للغة العربية والقرآن 9 ساعات في الأسبوع بالنسبة إلى كل الأقسام مقابل   19 ساعة و20 دقيقة  للغة الفرنسية والمواد التي تدرس بها (يجب أن نضيف 1 ساعة و40 للراحة للحصول على مجموع 30ساعة).

         ومثلت سنة 1949  ، كما رأينا ذلك في الفقرة السابقة، نقطة تحول بالنسبة إلى وزن اللغة العربية في المدرسة الفرنسية العربية، حيث دخل التوقيت الجديد حيز التنفيذ في السنة الدراسية 1949/1950 بشكل تدريجي وباعتماد  مرحلة تجريبية بالدرجة الأولى (تم اختيار 20 قسما للتجربة). يضمن  التوقيت الجديد التكافؤ التام بين اللغتين في الدرجتين الابتدائية (CP)  والمتوسطة(CM ) إذ تم تخصيص 14 ساعة و10 د في الأسبوع لكل لغة.

بعد المرحلة التجريبية  دخل التوقيت الجديد حيز التنفيذ في جميع أقسام السنوات الأولى في العام الدراسي 1952- 1953 ثم شمل السنوات الثلاثة الأولى من المدرسة الابتدائية الفرنسية العربية حيث  أصبح هناك تساو بين العربية والفرنسية ؛ وقد أثر الإصلاح  على بقية المستويات (المتوسطة والعليا) مما أدى إلى تقليص الفجوة بين اللغتين ولكن مع الحفاظ على أفضلية اللغة الفرنسية (انظر جدول  أوقات  السنة الأولى من الدرجة المتوسطة ​​  الذي دخل حيز التنفيذ في سبتمبر 1952).

 

التوقيت و المواد بالقسم المتوسط - سنة أولى

مدارس فرنسية عربية ريفية للذكور والبنات صنف أ

مدارس فرنسية عربية حضرية للذكور

 

الفرنسية

العربية

الفرنسية

العربية

المادة

 

 

قرآن

2س و30د

2س و30د

قراءة

4 س و50د

4 س و50د

لغة

30 د

 

30 د

 

أناشيد

 

4 س

 

حساب

 

1 س30 د

 

1 س30 د

دروس الأشياء

1 س

1 س30 د

1 س30 د

تاريخ وجغرافيا

1 س30 د

 

1 س30 د

 

تصوير وأشغال يدوية

 

1 س

 

تربية بدنية

18 س30د

9س و50د

17 س

11س 20 د

المجموع

1 س40 د

1 س40 د

راحة

30 س

30س

المجموع العام

 

المصدر : منشور 17 ديسمبر 1952 متعلق بتدريس العربية بالمدارس الفرنسية العربية نظام جديد لسنة 1949

خلاصة القول ، فإن الإصلاح الذي بدأ عام 1949 قد أعطى جدولًا جديدًا في المدارس الفرنسية العربية أكثر توازناً دون المساس من تفوق اللغة الفرنسية ، والجدول الزمني الجديد للمدارس الابتدائية الفرنسية العربية جاء على  النحو التالي:

جدول   2 : توقيت المدارس الابتدائية بعد إصلاح 1949[14]

الدرجتان المتوسطة والعليا

الدرجة الابتدائية

الدرجة التحضيرية

اللغة

11ساعة و  20د

14 ساعة و10د

14 ساعة و10د

العربية

17 ساعة

14 ساعة و10د

14 ساعة و10د

الفرنسية

ساعة و 40 د

ساعة و 40 د

ساعة و 40 د

 استراحة

30 ساعة

30 ساعة

30 ساعة

المجموع

 

بعد نقاش طويل ، ساهمت الإجراءات  التي تمخّض عنها إصلاح 1949 في تعويض الصيغة القديمة لثنائية اللغة ، حيث كانت اللغة الفرنسية هي المهيمنة بشكل مطلق،  بثنائية لغوية جديدة أكثر توازنًا بين اللغتين (العربية والفرنسية) على مستوى السنوات الثلاثة الأولى من المدرسة الفرنسية العربية الابتدائية وسمحت بتدريس بعض المواد باللغة العربية. كيف وصلنا إلى هذه النتيجة ؟ كيف كانت مواقف الإصلاحيين التونسيين وغيرهم من إنشاء مدارس فرنسية عربية ؟ وما هي الحلول التي تصوّروها للدفاع عن مكانة اللغة العربية في المجتمع وفي المدرسة ؟ سنتطرق لهذه الأسئلة في الجزء الثالث من هذا الفصل.

يتبع للعودة إلى الأجزاء السابقة، اضغط هنا  الجزء الأول - الجزء الثاني - الجزء الثالث- الجزء الرابع .

 الهادي بوحوش والمنجي العكروت متفقدان عامان للتربية  متقاعدان وإبراهيم بن عتيق أستاذ مميز متقاعد

تونس 2015.

للاطلاع على النسخة الفرنسية أضغط هنا.

 

 



[1]  عاش ماشوال بالبلاد الجزائرية وزاول تعليمه بالمدرسة الفرنسية العربية التي كان يديرها والده . وقد تأسس هذا الصنف من المدارس سنة 1850 لاستقبال الأطفال العرب والأطفال التونسيين و"كانت تهدف إلى تعليم اللغة العربية للفرنسيين واللغة الفرنسية للأهالي" ( ميرانتي ،1930). غير أنها فشلت بما أنه تقرر الفصل من جديد بين الجاليتين في ثمانينات القرن التاسع عشر وتواصل الفصل إلى سنة 1949 حين تقرر بمقتضى أمر 5 مارس تأمين تعليم موحد للجاليتين.

[2]  كانت ثنائية اللسان المزمع  إقامتها ثنائية غير متكافئة و مرحلية لأن  في النهاية كان المشروع هو فرض تفوق الفرنسية على العربية و جلب الأهالي نحو الحضارة الفرنسية وقد كتب جانتري دي بوسي وهو سياسي فرنسي Genty de Bussy    مؤلفا سنة 1835 تحت عنوان :  استقرار الفرنسيين بالجزائر وسبل تحقيق الرخاء عبّر فيه عن هذا التوجه حين قال : '  إن تمكين الأهالي من لغتنا  أكثر تأكدا من تعلمنا نحن لغتهم  فالعربية بالنسبة إلينا لن تفيدنا إلا في علاقاتنا بالأفارقة أما بالنسبة إليهم فالفرنسية علاوة على أنها تمكنهم من التواصل معنا فهي بالنسبة إليهم المفتاح الذي يمكنهم من ولوج  المعبد  وتجعلهم على اتصال بكتبنا و أساتذتنا وحتى العلوم ، فبعد العربية ليس هناك سوى اللغة أما بعد الفرنسية هناك كل المعارف الإنسانية وكل  تطور الذكاء الذي تراكم على مدى سنوات عديدة"  أوردته دليلة مرسلي في كتابها : المدارس العربية الفرنسية بالجزائر المستعمرة  : تجربة تعليم ثنائي اللسان.

http://www.projetpluri-l.org/publis/Morsly%20-%20Les%20Ecoles%20Arabes%20Francaises%20Dans%20l%20Algerie.pdf

 

[3]  تقرير لجنة دراسة البرامج والطرق في التعليم الابتدائي . مجلس التعليم العمومي - جلسة 28 ماي 1909 . النشرة الرسمية للتعليم العمومي . جوان 1909 عدد 28.

 

[4]  تقرير لرئيس الجمهورية حول الوضعية بالبلاد التونسية  في عام 1912.

 

[5]   العياشي  ( مذكور سابقا)

[6] اتخذ هذا الموقف في مؤتمر جامعة النقابات الفرنسية للتعليم اللائيكي المنعقد بالجزائر في 17 ماي 1944 وقد طالب المؤتمرون حذف تدريس الثقافة الإسلامية في التعليم الثانوي بتونس . ( أورده العياشي في أطروحته).

[7]  ذلك هو ما أقره تقريبا إصلاح 1958.

[8]نورالدين سريب( 1993) ايديلوجية المدرسة بالبلاد التونسية المستعمرة، مجلة العالم الإسلامي والبحر الأبيض المتوسط. ص 252.

[9]  عن مؤتمر المعلمين التونسيين المنعقد أيام 13و14و15 أوت 1944 ( العياشي).

[10] نور الدين سريب ( المرجع السابق)

[11]  منشور 14 فيفري 1954 متعلق  بالكتب المدرسية باللغة العربية.

[12] منشور 14 مارس 1950 يتعلق بامتحان الدخول للسنة السادسة سنة 1950.

[13] لوسيان باي (Lucien Paye ): وثائق حول نتائج تدريس اللغة الفرنسية بالمؤسسات المدرسية بالبلاد التونسية. أطروحة تكميلية نوقشت سنة 1957.

[14]  سريب ( المصدر السابق ص.57)

 

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire