الهادي بوحوش
نواصل
هذا الأسبوع نشر الدراسة التي تتعلق بمسألة لغة التعليم بالمدرسة التونسية فبعد
تناولنا في الأعداد الفارطة الباب الأول المخصص لفترة ما قبل الحماية الفرنسية ثم
بدأنا في تقديم العنصر الأول من الباب
الثاني الذي يُعْنى بفترة الحماية الفرنسية على البلاد التونسية نواصل هذا الأسبوع
دراسة تلك الحقبة وبالتحديد العنصر المخصص لدراسة وضع العربية بالتعليم ما بعد
الابتدائي والتعليم العالي والتعليم الموجه للكبار.
للرجوع إلى الجزء الأول
اضغط هنا وإلى الجزء الثاني وإلى الجزءالثالث اضغط هنا. وإلى الجزء الرابع اضغط هنا وإلى الجزء الخامس اضغط هنا
الباب الثاني: لغة
التدريس زمن الحماية: الازدواجيّة اللسانيّة المفروضة مع هيمنة اللغة الفرنسية
I - أسس السياسة اللغوية للحماية ( اضغط هنا
للاطلاع على هذا العنصر الأول(
II - تطور منزلة اللغة العربية بالمؤسسات التعليمية
العمومية التي أحدثتها إدارة العلوم والمعارف.
أولا- منزلة
اللغة العربية في التعليم الابتدائي
ثانيا
- الوضع
بالمدارس الفرنسية العربية : ثنائية لسانية مفروضة وغير متكافئة
ثالثا
- مكانة اللغة
العربية في المرحلة الثانية أو المرحلة ما بعد الابتدائي
لم
يكن التعليم ما بعد المرحلة الابتدائية
متطوراً في عهد الحماية فكان ممثلا
ببضع الوحدات مركزة في مدينة تونس والمدن
الكبرى حيث تتواجد جاليّة
فرنسية هامة من حيث العدد إلى حدّ ما ،
مثل بنزرت وسوسة وصفاقس ... وكان هذا
الصنف ممثلا في التعليم التكميلي والمعاهد
الثانوية والمدارس التقنية ومدرستي
الترشيح للبنين والبنات.
1.
اللغة العربية بالمعاهد
الثانوية.
لسوء الحظ ، ليس لدينا بيانات كاملة ومفصّلة حول مكانة اللغة
العربية في المرحلة الثانية ، يقدّم نورالدين سريب معلومات عامة تُبيّن أنه في
جميع المعاهد الثانوية حيث يُمثّل العنصر الفرنسي الغالبية العظمى من
التلاميذ يكون تفوّق اللغة الفرنسية بدون
منازع ، وتستحوذ على معظم التوقيت الدراسي
مع بعض الاختلافات حسب نوع التعليم والمراحل
والشعب ، عموما احتلت اللغة
العربية مكانًا ثانويًا ، كما يقول سريب. "
إذا كانت اللغة الفرنسية تستعمل
في تدريس كل المواد كما هو الحال في
معاهد فرنسا فإن اللغة العربية تُدرّس
كلغة كما تُستعمل لتدريس
الأدب العربي والتاريخ والجغرافيا في
العالم الإسلامي و تعاليم إسلامية و ترجمة النصوص الإدارية و التربية المدنية و
الخط العربي"[1]
و مع ذلك ، تمكنّا من الحصول
على معلومات حول وضع اللغة العربية التي تهم بعض المدارس الثانوية سنقدّمها في
الفقرات الآتية.
▪
تدريس اللغة العربية بمعهد كارنو[2]
:
كانت اللغة العربية تدرس بمعهد كارنو وقد اختارت إدارة المعهد أن تدرس العربية
الدارجة في أقسام المرحلة الأولى ( السنة السادسة و السنة الخامسة[3]
) بسبب وجود تلاميذ من جاليات مختلفة (فرنسيين، أهالي
مسلمين ، أهالي يهود...) ولا يشرع في
تعليم العربية الفصحى إلا بداية من السنة
الرابعة ، وقد ترتب على هذا الوضع بقاء التلاميذ المسلمين على هامش درس العربية
طيلة سنتين ، ولتجاوز هذا الوضع تقرر الفصل بين التلاميذ وإحداث درس خاص بالتلاميذ
الأوروبيين في المرحلة الأولى قبل الالتحاق ببقية التلاميذ لمتابعة دروس العربية
الفصحى.
▪
الشعبة التونسية : محاولة لإعادة الاعتبار للغة
العربية:
في شهر جوان 1944 تمّ - بمقتضى
منشور[4] صادر عن
إدارة التعليم العمومي- الإعلان عن إحداث
شعبة تونسية "في أقسام السادسة بالمدرسة
العلوية في تونس وبمعهدي الذكور بسوسة وصفاقس انطلاقا من غرة أكتوبر 1944. في الواقع قد انطلق العمل بهذه الشعبة حسب بعض المصادر قبل ذلك
وقد يكون ذلك سنة 1942 في عهد لوتورنو مدير التعليم العمومي آنذاك (1941/43) [5]
هذه الشعبة التي بُعثت بشكل موازي
للشعبة الكلاسيكية والشعبة العصرية في
النظام الفرنسي بمعهد كارنو تسمح للتلاميذ الذين يختارونها باكتساب تكوين مماثل لتكوين زملائهم في المدرسة
الصادقية . وتحتل فيها اللغة العربية
في السنتين السادسة والخامسة مكانة هامة [6]. أما باقي المواد فهي نفسها المقررة في برامج الشعبة العصرية ،
ويبدأ تعلم اللغة الإنجليزية بداية من السنة الرابعة. وتفضي الدراسة في هذه
الشعبة إلى شهادة البكالوريا و الديبلوم
الصادقي.
في
الواقع ، لم تكن الدراسة في هذه الشعبة المستحدثة تختلف عن التعليم الفرنسي سوى بإدراج اللغة العربية وآدابها التي تتمتع
بتوقيت يتراوح بين 26 و 47٪ من إجمالي الساعات ، مما يمثل خطوة للأمام على الطريق
نحو إعادة الاعتبار للغة العربية في التعليم الثانوي (انظر الجدول أدناه).
نسبة العربية في التوقيت |
المجموع |
توقيت
العربية |
توقيت
الفرنسية |
المستوى |
45.59% |
27 س |
11س و30 د |
15س و 30د |
الخامسة والسادسة |
31.14% |
30س30 د |
9 س30 د |
21 س |
الرابعة كلاسيكي |
31.66% |
30س30 د |
9 س و 30د |
20 س 30 د |
الرابعة عصري |
32.81% |
32 س |
10 س 30 د |
21 س 30 د |
الثالثة كلاسيكي |
35.48% |
31 س |
11 س |
20 س |
الثالثة عصري |
44.64% |
28 س |
12 س 30 د |
15 س 30 د |
الثالثة خاص |
28.57% |
31 س 30
د |
9 س |
22 س 30 د |
°2كلاسيك أ و ب |
26.08% |
34 س 30
د |
9 س |
25 س 30 د |
2° كلاسيك
ج |
29.5% |
30 س 30
د |
9 س |
21 س 30 د |
2° عصري |
47.05% |
27 س 30
د |
12 س |
15 س 30 د |
2° خاص |
27.27% |
33 س |
9 س |
24
س |
°1 كلاسيك أ و ب |
32.72% |
36 س 30
د |
9 س |
27
س 30 د |
°1كلاسيك ج |
27.69% |
32
س 30 د |
9 س |
23
س 30 د |
°عصري1 |
43.3% |
30
س |
13 س |
17
س |
1 ° خاصة |
المصدر : ن.سريب ( مذكور أعلاه .ص 58).
يندرج إنشاء هذه الشعبة في سياق
السياسة الاستعمارية الجديدة للحكومة الفرنسية في نهاية الحرب العالمية الثانية ،
وقد تم تصميمها لإرضاء الوطنيين التونسيين وكذلك لتقليل الضغط على المعهد الصادقي
ومعهد كارنو الفرنسي باقتراح مسلك بديل للشباب التونسي يُمثل امتدادًا للمدارس
الابتدائية الفرنسية العربية.
و
لكن يبدو أن الشعبة الجديدة قد واجهت بعض الصعوبات في البداية بسبب إحجام
الأولياء ، مما أجبر إدارة التعليم العمومي إلى إصدار وثيقة عام 1946 بإمضاء
العابد المزالي المدير المساعد للتعليم العمومي لتبديد مخاوف التلاميذ والأولياء[7] وقد جاء في الوثيقة ما يلي :" من المهم أن يعلم تلاميذ هذه الشعبة ، وكذلك أولياء أمورهم ، أن هذه الشعبة لا تؤدي
إلى طريق مسدود ، وهي ليست شعبة هامشية. وإذا كان هناك سوء فهم فقد يكون نتيجة
لبعض التفسيرات الخاطئة ، فمن الأهمية بمكان أن يكون الجميع على علم بطبيعة
التدريس الذي يتم إعطاؤه في هذه الشعبة والإمكانيات التي تعرضها
بادئ ذي
بدء ، في السنتين السادسة والخامسة للشعبة
التونسية وباستثناء دروس العربية ، يجب أن تكون بقية المواد متطابقة تمامًا مع تلك التي تدرس في قسم السادسة من الشعبة العصرية
وانطلاقا
من السنة الرابعة ، يدعى التلاميذ لدراسة
لغة حية ثانية ، مثل زملائهم في الشعبة العصرية.
وبالتالي
فإن التلاميذ المسجلين في الشعبة التونسية يتلقون في نفس الوقت ثقافة فرنسية عامة
أو علمية وثقافة عربية متينة مماثلة
للتكوين الذي يتلقاه تلاميذ الصادقية.
وبطبيعة
الحال ، سيقودهم هذا التعليم إلى امتحان الباكالوريا وسيضع بعضهم ، إن لم يكن
جميعهم ، في وضع يسمح لهم بالمشاركة في الامتحانات الأخرى مثل شهادة بروفاي
العربية الأساسية وشهادة انتهاء التعليم الثانوي ".
ساهم هذا التوضيح في إعطاء دفع هام
للشعبة التونسية التي عرفت نجاحا كبيرا،
لاسيما منذ عام 1950 ، ففي عام 1953 بلغ عدد أقسام الشعبة 90 فصلًا موزعة على
المعاهد الثانوية والأقسام التكميلية التي تؤمّن هذا التعليم التونسي ( أ. لويس .ص
10) [8] وقد تضاعف
عدد رواد الشعبة التونسية ستة أضعاف
تقريبًا بين عامي 1945 و 1954 ، حيث بلغ 4854 وهو ما يمثل 72.6 ٪ من التلاميذ
التونسيين المسلمين بالتعليم الثانوي. (انظر الجدول التالي)
النسبة |
مجموع التونسيين بالتعليم الثانوي |
المسجلون
بالشعبة بالشعبة التونسية |
السنة |
68.17% |
1213 |
827 |
1945 |
67.37% |
3197 |
2154 |
1949 |
72.64% |
6682 |
4854 |
1954 |
جدول : تطور
عدد رواد الشعبة التونسية والتعليم
الثانوي
2.
تدريس اللغة العربية
بالتعليم الفني
في التعليم الفني تمّت برمجة بين 3
أو 4 ساعات للغة العربية
بحسب الأقسام ، وكما هو الشأن للتعليم الابتدائي تُعطى دروس اللغة العربية الفصحى للتلاميذ التونسيين
والعربية الدارجة للتلاميذ الأوروبيين و قد عثرنا على مذكرة حول تعليم اللغة
العربية في مدرسة بول كامبون للبنات خلال
العام الدراسي 1952/1953 يُستنتج منها أن
التلميذات التونسيات المسلمات يتابعن دروس اللغة العربية الفصحى ودروسا في الثقافة الإسلامية (التاريخ والفقه) ، أما
التلميذات الأوروبيات فإنهن يتابعن
دروس الدارجة ، وتهم تلك الدروس جميع مستويات المدرسة من السادسة حتى
القسم الثاني ، ويتراوح التوقيت بين 2 و 5
ساعات في الأسبوع حسب المستوى والقسم
3.
اللغة العربية في مدرسة
ترشيح المعلمين
كان التدريس في مدرسة
ترشيح المعلمين بتونس عند إنشائها تعليماً مصمما لتكوين معلمي اللغة
الفرنسية ، ولكن، كان المعلمون يتلقون
تكوينا لتعلم العربية الدارجة قبل
الالتحاق بمراكز عملهم ؛ ومنذ عام 1908 ، أصبح هذا التكوين يدوم سنة كاملة . وفي عام 1909 ، أصبحت مدرسة ترشيح
المعلمين مدرسة ثنائية اللسان تقوم بتكوين معلمين باللسان الواحد (مدرسي اللغة
الفرنسية ومدرسي اللغة العربية) ومعلمين للغتين في نفس الوقت الذين يمكنهم التدريس
باللغتين في نفس الوقت .
في عام 1953[9] ، أعيد تنظيم المدرسة وإحداث
قسمين: قسم اللغة الفرنسية وقسم اللغة العربية الذي يضم
فرعين: القسم الفرعي -أ- الذي يكون معلمين ثنائي اللسان و القسم الفرعي - ب
- لتكوين مدرسي اللغة العربية .
وتبرز دراسة
برامج مختلف الشعب اهتمام المشرفين على المدرسة بإعطاء جميع
الطلاب تكوينا ثنائي اللسان يسمح
لهم بالتخاطب باللغتين ، وهكذا نجد :
- في قسم الفرنسية ، من مجموع 34 ساعة أسبوعيًا ، تُخصص
للغة العربية ساعتان ونصف في السنة الأولى و3 ساعات في الثانية ، ساعتان في السنة الثالثة و ثلاثة ساعات في
السنة الرابعة.
-
في قسم العربية ، (القسم الفرعي أ) ، يتم التكوين باللغتين مع غلبة اللغة العربية
، فمن مجموع 34 ساعة في الأسبوع ،
تخصص 6 ساعات في الثلاث سنوات للغة و الأدب
الفرنسي ، و 8 ساعات للغة العربية في السنة الأولى و 8 ساعات ونصف في السنتين
الثانية والثالثة ، بالإضافة إلى ذلك يتلقى التلاميذ دروسا باللغة العربية تخص
التعليم الديني والتشريع الإسلامي ، والحساب ، والعلوم الطبيعية ، و الفيزياء
والكيمياء ( ساعتان ونصف) ، وفي السنة الرابعة يتابع التلاميذ المعلمين باللغة العربية درسا في علم النفس (3 ساعات في
الأسبوع) ودرسا في علم الاجتماع (2 ساعة) ، والأخلاق (1 ساعة) والبيداغوجيا الخاصة
(1 ساعة) ، والحساب (1 ساعة) ، والعلوم
الطبيعية والنظافة (ساعة) ، كما يتابعون
باللغة الفرنسية درسا في علم نفس الطفل (3 ساعات) وفي الأخلاقيات
والتشريعات المهنية (1 ساعة) ودرسا في البيداغوجيا الخاصّة بالمواد المختلفة.
قسم اللغة العربية ، (القسم الفرعي "ب") ،
يتم التكوين باللغة العربية بالكامل (30 ساعة) ، لكن جدول الأوقات للقسم الفرعي - ب-
يتضمن درسا في اللغة الفرنسية (ّ 3 إلى 5 ساعات في الأسبوع حسب المستوى الأوّلي للتلاميذ
في اللغة الفرنسية) ؛ كما تم بالكامل تعريب السنة الرابعة المخصصة للتدريب المهني (30 ساعة في الأسبوع)
مع 4 ساعات مخصصة للغة الفرنسية.
ثالثا - تعليم الفرنسية والعربية للكبار
ا - تعليم الفرنسية للكبار
سعت إدارة التعليم العمومي لنشر اللغة الفرنسية بين الكبار ، فنظمت دروسا
للعموم ، يشرف عليها المعلمون ، وفتحت
هذه الدروس في العديد من المدن مثل تونس وبنزرت
وسوسة والقيروان وصفاقس ونابل. وكتب
ماتشويل في كتابه حول التعليم العمومي في المملكة
التونسية بمناسبة المعرض العالمي لعام
1889 أن " 508 شخصا قد سجلوا في هذه الدروس ، من بينهم 180 أوروبيًا و
348 من الأهالي ، تابع حوالي الثلثين الدروس بانتظام . ويحتوي برنامج هذه الدروس القراءة والكتابة واللغة و الحساب. أما في مدينة
تونس ، فكانت الدروس أكثر شمولاً
في مدرسة واحدة ، وتضمنت قواعد اللغة
الفرنسية (مع تمارين تطبيقية) ، والحساب ، والهندسة ، والعلوم الفيزيائية
والطبيعية والتاريخ وتتحمل إدارة التعليم العمومي تكلفة هذه الدروس ".
ب- إحداث الكرسي العمومي
للعربية
بعد ثلاث سنوات من انتصاب نظام الحماية ، قررت إدارة التعليم العمومي إنشاء كرسي عمومي
للعربية في تونس (1884) بهدف تعليم اللغة العربية للفرنسيين الذين يأتون للاستقرار
في تونس ، ولكن سرعان ما فتح دروس الكرسي أمام جميع
الجنسيات وخاصة المسلمين التونسيين والإيطاليين. ويتكون التعليم في كرسي اللغة
العربية من ثلاث درجات ، كل درجة مخصصة لجمهور معين وتعد للحصول على دبلوم معين:
الدرجة الأولى مختصة في تعليم اللغة العربية الدارجة.
" تعدّ
دروس هذه الدرجة لشهادة معرفة الدارجة ،
وهي دروس" عملية بشكل أساسي موجهة
للأشخاص الذين هم على اتصال مباشر
بالسكان الأصليين بحكم مركزهم أو
احتياجاتهم و الذين كانوا يرغبون في
الوصول بأسرع ما يمكن لفهم العرب والتواصل معهم " [10] في نهاية هذه الدرجة ، يجتاز
متابعوها امتحانًا للحصول على شهادة معرفة الدارجة [11].
الدرجة الثانية مختصة في الدروس الأساسية في اللغة
العربية الفصحى.
"تعدّ
هذه الدرجة للحصول على البروفي الأساسي
للغة العربية ، وهي شهادة تفيد بأن الشخص الذي تحصل عليها لديه معرفة كافية بمبادئ
قواعد اللغة العربية وأنه قادر على التواصل شفهيًا مع المواطنين الأصليين ، وكذلك على قراءة وفهم نصوص محررة باللغة العربية
الفصحى ، ولترجمة نص فرنسي من النوع البسيط والمألوف إلى اللغة العربية [12]"
الدرجة الثالثة. - دورة عليا في اللغة العربية
"الغرض
من هذه الدرجة هو:
أولا :
تمكين روادها من معرفة معمقة لمبادئ اللغة العربية ؛
ثانيا: إيناسهم
بالثقافة الفكرية الإسلامية العليا وتغذية
الميل للآداب العربية من خلال دراسة آثار الأدب العربي البارزة
من شعر ونثر ؛
ثالثا : منحهم
المفاهيم الأولية للغة العربية ، لتسهيل فهمهم للروائع الشعرية لهذه اللغة ؛
رابعا : إعطاؤهم
أيضًا المفاهيم الأولية عن الشريعة الإسلامية (المذهب المالكي، المذهب
الحنفي) وتدريبهم على قراءة وترجمة
الوثائق القضائية وعقود العدول ".
"هذه
الدروس تعدّ لامتحان الدبلوم العالي في اللغة العربية. وهو دبلوم يشهد بأن الشخص الذي حصل عليه لديه معرفة عميقة
باللغة العربية لترجمة نص إلى اللغة الفرنسية
يحتوي على صعوبات ، وقادر على
التحرير في أسلوب عربي سليم في أي موضوع
كان ... كما أنه متمكن من مفاهيم واسعة حول بناء الجملة العربية
والمفاهيم الأساسية حول التشريع الإسلامي ، والأدب العربي والإدارة الحكومية في
الإيالة ( ماشوال).
في البداية ، كانت دروس كرسي العربية تقدّم ليلًا في مدينة تونس فقط
، وبعد ذلك فتحت فروع لتعليم العربية الأساسية في بنزرت وصفاقس كما فتحت
إمكانية إعداد امتحانات اللغة العربية عن طريق المراسلة لفائدة الأشخاص
الذين يقيمون خارج مدينة تونس ، حيث يمكنهم
الحصول على الدروس والتمارين المنزلية والتوجيهات عن طريق ملحق خاص في كل
عدد من أعداد النشرة الرسمية للتعليم العمومي والتي يتم
إرسالها إلى المعنيين بالأمر. "ويوجه متابعو الدروس بالمراسلات تمارينهم إلى أستاذ كرسي العربية بتونس ، عن طريق إدارة
التعليم العمومي ، ويتم إرجاع عملهم إليهم
بنفس الطريقة ، مع كل الإصلاحات والشروح والملاحظات الضرورية "ماشوال" ، و يتكون هؤلاء المتابعون من معلمين ومديري مدارس
ومراقبين مدنيين وكتبة المراقبين المدنيين و البلديات وقباض البريد و موظفي
الشرطة والمترجمين.
رابعا - اللغة العربية بالتعليم العالي
أ - المدرسة العليا للغة
والآداب العربية
في عام 1910 ، تم تحويل كرسي العربية بتونس إلى مدرسة عليا
للغة والآداب العربية بموجب قرار[13] (انظر الملحق
8) ، وكانت "الوظيفة الخاصة
للمدرسة العليا للغة والآداب العربية هي نشر معرفة اللغة العربية كتابة ومشافهة
على درجات مختلفة ، بين مواطنينا[14]"
حافظت المؤسسة الجديدة على نفس تنظيم كرسي اللغة العربية ،
وتواصل تأمين دروس الدرجات الثلاث (شهادة اللغة الدارجة ، وبروفاي اللغة العربية
ودبلوم اللغة العربية)
في الدرجة الابتدائية ؛ تعدّ لشهادة اللغة الدارجة ،
وتستغرق الدراسة بها عامين وتسمح لمتتبعيها "بإجراء محادثة بسيطة
باالدارجة التونسية. وتتوجه دروس هذه
الدرجة لفئات مختلفة من مواطنينا التي
تتكون من المعمرين والتجار والجنود ، والموظفين
من جميع الأصناف ، إلخ. "
الدرجة المتوسطة
تعدّ للحصول على بروفاي العربية ، ويرتاد
هذه الدرجة أساسا الطلاب التونسيون
الذين يسعون للحصول على شهادة فرنسية تفتح
أمامهم آفاقا جديدة في الإدارة.
الدرجة العليا
تتوّج بدبلوم اللغة العربية ، وتسمح بإتقان اللغتين العربية والفرنسية
وتملك "معرفة كافية بالتنظيم الإداري والقضائي للإيالة ، والمؤسسات وتاريخ
الإسلام . و يُعدّ الطلاب الذين يدرسون برامج هذه الدرجة إجازة العربية التي تنظمها جامعة الجزائر "،
ويأسف تقرير رسمي يعود إلى عام [15]1919 لقلة
الإقبال على هذه الدرجة " فلم يكن
عدد الفرنسيين الذين يتقدمون للحصول على الدبلوم مرتفعا ولم يتجاوز الأربعة أنفار في دورة 1918/1919 "، ويفسر عدم
إقبال المستعربين المحترفين بكون "
الشهادة التونسية لا توفر فرصًا للعمل في قطاع التدريس خارج الإيالة "(تقرير
موجه إلى الرئيس ، سنة 1919) ، كما أنه لا يسمح لأصحابها بالمشاركة في شهادة الكفاءة
للتدريس بالمعاهد الثانوية وفي مناظرة التبريز واعتبر التقرير نفسه أن هذا الأمر
"غير معقول وغير مبرر" ، خاصةً
أنّ"المدير الحالي للمدرسة (و. مارساي) الذي درّس في الجزائر وباريس
وتونس ، وشارك في لجان هذه المراكز
الثلاثة ، يؤكد أن دبلومنا العالي يحظى بقيمة مساوية لديبلوم الجزائر العاصمة و
ديبلوم مدرسة اللغات الشرقية بباريس " [16] وأن" حضور عدد
كبير من شباب السكان الأصليين في دروس المدرسة العليا يجعل الدراسة في مستوى عالٍ
؛ و تقدم بعض الدروس باللغة العربية ، وهو
أمر لا يوجد على ما يبدو في أي مدرسة فرنسية أخرى مستشرقة ". [17]
في عام 1913 ، عُهدت إدارة المدرسة
إلى المستشرق ويليام مارساي ( الذي يعتبره البعض مؤسسها الحقيقي) الذي بعث فيها ،
من بين ما بعث ، كرسيا لتاريخ تونس وإفريقيا الشمالية وأُسند إلى حسن حسني عبد
الوهاب الذي خلف محمد بلخوجة [18]الذي كان " من بين زمرة من
المحاضرين والمدرسين والصحافيين الذين عملوا من أجل مشروع مشترك ألا وهو تأسيس ودراسة وجود وطن
تونسي عريق ، فإلى جانب أسلمته ، فإن إحدى علامات تونسة التاريخ تكمن في إعادة إحياء اسم إفريقية ،
الاسم القديم لتونس في العصور القديمة ". [19].
ب - معهد الدراسات العليا بتونس وإنشاء إجازة اللغة العربية
استفاد التعليم العالي أيضًا من انفتاح أربعينات القرن
العشرين ، حيث مثّل عام 1945 نقطة تحول مع فتح أبواب معهد الدراسات العليا بتونس ،
[20] وقد عُهدت إدارته إلى وليام مارساي المدير السابق للمدرسة العليا
للغة والآداب العربية ، والمعهد الجديد هو
عبارة عن جامعة محليّة تابعة علميًا
وإداريًا لأكاديمية باريس ، وقد ألحق بالمعهد التكوين الذي كانت تؤمّنه المدرسة العليا للغات والآداب العربية والدروس
التي كان يؤمّنها مركز الدراسات القانونية[21].
كان للمعهد أربعة تخصصات
وهي الدراسات القانونية والإدارية والاقتصادية ؛ الدراسات الفيلولوجية
واللغوية التي "تعدّ الشهادات الثلاث
لإجازة اللغة العربية (الأدب- الفيلولوجيا أو فقه اللغة- الدراسات العملية) ، كما يُعدّ المعهد للحصول على الدبلوم العالي في اللغة العربية
بدلاً عن المدرسة العليا للغة والآداب العربية[22] و الدراسات العلمية و
الدراسات الاجتماعية والتاريخية.
وكان المعهد ينظم تلك الشهادات تحت إشراف جامعة باريس ، مثل
إجازة العربية منذ عام 1946 التي أشرف
عليها محمود المسعدي من 1948 إلى 1955 ، ثم دبلوم علم الآثار في عام 1951 ، وإجازة
القانون باللغة العربية (1953). وقد سجل عدد طلبة المعهد ارتفاعا سريعا من 611 في السنة الجامعية 1945-1946 إلى 1088 في السنة الجامعية 1952-53. كانت أغلبيتهم من
الطلبة الفرنسيين (57 ٪ في 1948-1949 و 61 ٪ في 1951-52) ، وفي نفس الفترة كانت
نسبة المسلمين التونسيين تميل إلى الانخفاض (من 25 إلى 21 ٪).
في
الختام ، أي حصيلة يمكننا أن نسجل ؟ وما
هي نتيجة أكثر من نصف قرن من النضال من أجل إعلاء منزلة اللغة العربية في ظل
الاستعمار الفرنسي ، إن الآراء والمواقف متباينة فالبعض يرى بأن الحصيلة سلبية بما
أن ثنائية اللسان غير المتكافئة قد فرضت
بالمدرسة التونسية وفي المقابل يرى شق آخر بأن الحصيلة ايجابية بما أن اللغة
العربية قد عرفت تطورا لا يستهان به في الفترة الاستعمارية وقد أشار إلى ذلك
الباحث والمؤرخ مختار العياشي في أطروحته التي أشرنا إليها أعلاه بقوله :« إنه من
المدهش أن نلاحظ البون الشاسع بين الخطاب السياسي الوطني وبين الوضعية
الحقيقية التي كانت عليها اللغة العربية التي عرفت مع الاستعمار بداية من
الثلاثينات تجديدا كبيرا وهاما يتماشى مع التحولات الاجتماعية التي شهدها المجتمع
التونسي» ( العياشي ، ص( 83).
يتبع للعودة إلى
الأجزاء السابقة، اضغط هنا الجزء الأول -الجزء الثاني - الجزء الثالث- الجزء الرابع - الجزء الخامس.
الهادي بوحوش والمنجي العكروت متفقدان عامان
للتربية متقاعدان وإبراهيم بن عتيق أستاذ
مميز متقاعد
تونس 2015.
للاطلاع على النسخة الفرنسية أضغط هنا.
[1] نورالدين سريب : مكانة
اللغة الفرنسية و وظيفتها بالبلاد التونسية . وثائق حول تاريخ الفرنسية كلغة
أجنبية أو ثانية
[En ligne], 25 | 2000, mis en ligne
le 04 octobre 2014, consulté le 01 août 2016. URL :
http://dhfles.revues.org/2927
[2] تقرير موجه إلى رئيس
الجمهورية الفرنسية حول الوضعية بالبلاد التونسية سنة 1922.
[3] السنة السادسة هي السنة الأولى من التعليم الثانوي فقد
كان ترتيب الأقسام تنازلي : 6° - 5°
-4°....1° - الأٌقسام النهائية التي يجري فيها امتحان البكالوريا
[4]. منشور غرة جوان 1944 حول إحداث شعبة
تونسية بالمؤسسات التعليم الثانوي للذكور
[5] ذكره ميشال لونق : التراث الإسلامي بالتعليم التونسي
بعد الاستقلال . أطروحة دكتورا نوقشت بجامعة بروفانس في 20 فيفري 1970.
(بالفرنسية)
[6] الشعبة التونسية : التوقيت الأسبوع المطبق
بداية من غرة أكتوبر 1950. ( النشرة الرسمية
لإدارة التعليم العمومي عدد 4 .ص.ص. 41 و42
[7] تعليمات 13 ماي 1946
خاصة بالشعبة التونسية . النشرة الرسمية لإدارة التعليم العمومي عدد 14 . أفريل -
ديسمبر 1946 . السنة 60.
[8] ذكره ميشال لونق ( ذكر
أعلاه)
[9] نظام مدرسة ترشيح المعلمين بتاريخ 11 جويلية
1951 و منشور 10 فيغري 1953 متعلق بدور وتنظيم مدرسة ترشيح المعلمين بتونس . .
النشرة الرسمية لإدارة التعليم العمومي
عدد 11 . جانفي /فيفري / مارس 1953 .
السنة 67. ص.ص 57-61.
[10] ل.ماشوال : التعليم العمومي بالمملكة
التونسية
.
https://gallica.bnf.fr/ark:/12148/bpt6k56242621/f12.item.texteImage
[11] أمر علي
مؤرخ في 15 رجب 1305 الموافق لــ 7 مارس
1888 الضابط مختلف شهائد اللغة العربية التي يسلهما مرسي اللغة العربية.
[12] ماشوال .
نفس المصدر السابق
[13] قرار 22
نوفمبر 1911 القاضي بتحويل الكرسي العمومي للغة العربية لمدينة تونس إلى مدرسة
عليا للغة والآداب العربية.
[15]تقرير إلى
رئيس الجمهورية حول الوضعية بالبلاد التونسية في عام 1919
[16] تقرير إلى رئيس الجمهورية حول الوضعية بالبلاد
التونسية في عام 1920
[17] تقرير إلى رئيس الجمهورية حول
الوضعية بالبلاد التونسية في عام 1920
[18]
أصول التعليم العالي التونسي
أكاديميا
التعليم العالي وتكوين النخب من قرطاج إلى تأسيس الجامعةhttps://hctc.hypotheses.org/232#_ftn4
[19] قمر بندانة : محمد بلخوجة ( تونس، 1869-1943) مؤرخ تحت الاحتلال - بالفرنسية
Revue
d'Histoire des Sciences Humaines 2011/1
(n° 24), pages 17 à 34
[20] "أمر صادر
عن الباي وقرار الحكومة الفرنسية بتاريخ غرة أكتوبر 1945 المحدث معهد الدراسات العليا بتونس ولكن ليس لدينا حتى
الآن الوثائق التحضيرية لإحداث هذه المؤسسة الجديدة والتي كانت تساعدنا على التعرف على الدوافع التي
جعلت السلطة تقدم على بعث هذه المؤسسة " ن. سريب : من الزيتونة إلى الجامعة التونسية
: تحول مؤسسة تقليدية
https://books.openedition.org/iremam/262?lang=fr
[21] أصول التعليم العالي التونسي
أكاديميا
التعليم العالي وتكوين النخب من قرطاج إلى تأسيس الجامعةhttps://hctc.hypotheses.org/232#_ftn4
[22] نورالدين سريب ( المرجع المذكور أعلاه).
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire