في السنوات الأخيرة ، تزايد
العمل بآلية التعاقد في مجال
التعليم على حساب المعلمين المنتدبين بصفة دائمة في العديد من البلدان منخفضة الدخل في جنوب شرق
آسيا وشمال افريقيا ، وافريقيا جنوب
الصحراء الكبرى وأمريكا اللاتينية ، وكذلك
في بعض البلدان مرتفعة ومتوسطة الدخل مثل فرنسا أو الولايات المتحدة الأمريكية و
بريطانيا .
إنّ آلية التعاقد تمثل شكلا من أشكال
التشغيل الهش لأن العقد الذي يربط المعلم بالإدارة يكون لفترة محددة ويمكن إنهاؤه
في أي وقت.
وتجدر الإشارة إلى أن هذه الآلية ليست
جديدة، ولكن الجديد هو أنها تميل إلى أن تصبح الطريقة الرئيسية لانتداب المعلمين
في العديد من البلدان.
وفقًا لبوردون (Bourdon )[1]،
اختارت العديد من دول إفريقيا جنوب الصحراء الاستخدام المكثف للمعلمين العرضيين.
على سبيل المثال في النيجر في عام 2000 ، مثلت هذه الفئة ما يقرب من 50٪ من هيئة
التدريس بالابتدائية.
في البنين "وفقًا لبيانات جزئية في عام
2003 ، 72٪ من المعلمين يعملون بموجب عقود محلية جديدة و خلال العام الدراسي
2007-2008 ، تم تعيين 53٪ فقط من المعلمين من قبل الدولة (وزارة التعليم الابتدائي
والتعليم الثانوي ، 2008(.[2]
وفي
السنغال
، وفقًا لأوغستين كالانو (2012) ، في عام 2008 ، "كان هناك 19.26٪ من
المعلمين المرسمين ، و 41.74٪ من المعلمين المتعاقدين و 18.19٪ من متطوعي التعليم الوطني؛ أي أن معدل
معلمي "السلك الناشئ"[3] يبلغ 59.93٪ "[4]
كما انتشرت هذه الظاهرة بدول في شمال
إفريقيا الثلاث: المغرب والجزائر وتونس.
ففي المغرب ، منذ عام 2016 ، تبنت وزارة التربية
الوطنية سياسة جديدة لتوظيف المعلمين ، مع الاستخدام المكثف للتعيين عن طريق
التعاقد . كانت هذه السياسة جزءًا من الإطار العام لإصلاح نظام التعليم ، الذي
يندرج ضمن"خيار استراتيجي لا رجعة فيه" ، وقد جاء في سياق الانخفاض الحاد في عدد المعلمين فلم
يعد يواكب احتياجات النظام التربوي المتزايدة
ولا مع إحداث الخطط الجديدة
في إطار قوانين المالية . إن اللجوء إلى صيغة التعاقد أملته أيضًا اعتبارات
الميزانية ،إذ أن السيطرة على كتلة الأجور أصبحت مسألة رئيسية بالنسبة إلى الحكومة
المغربية ، بل إنها تندرج ضمن التزام من
المغرب تجاه صندوق النقد الدولي ... « في عام 2018 ، بلغت كتلة الأجور 108.8 مليار
درهم ، مسجلة زيادة بنسبة 55٪ في عشر سنوات. لذلك ، تعهدت الحكومة المغربية
بالحفاظ على كلفة رواتب القطاع العمومي ، بما في ذلك المساهمات الاجتماعية ، دون
عتبة 10.5٪ من الناتج المحلي الإجمالي على المدى المتوسط مقابل نسبة 12٪ حاليًا
».[5]
و قد برمج قانون المالية لعام 2022
انتداب 15.000 متعاقد في عام 2022 في قطاع
التعليم سينضافون إلى الــ 102.000 معلم
متعاقد الذين تم تعيينهم بين عامي 2017 و
2021 ، وبالتالي يمثل المتعاقدون ما يقرب من ثلث المعلمين وفقًا لمجلة
" جون إفريقيا"[6].
إن الوضع الهش الذي يعيشه المعلمون
المتعاقدون دفعهم إلى تنظيم أنفسهم من أجل تحسين وضعهم ، فتم إنشاء تنسيقية وطنية
للمعلمين المتعاقدين (CNPCC) لبدء
المفاوضات مع الوزارة لكن دون نجاح كبير.
و مع انطلاق العام الدراسي 2021/2022 ، قامت التنسيقية بوضع « برنامج
خاص للنضال ، لتأكيد حقوق المتعاقدين و
أعلنت في بيان صحفي ، عن إضراب جديد من 12 إلى 16 أكتوبر«[7]
أمّا في الجزائر، فقد نمت ظاهرة التعاقد بشكل كبير
منذ سنوات. فبحسب رئيس النقابة الوطنية
المستقلة لمعلمي التعليم الثانوي والتقني الجزائري ، يوجد « بين مدرّس و مدرسين اثنان متعاقدان في كل مدرسة
، وقال المسؤول النقابي إن هناك حاليا الآلاف يعيشون في هذا الوضع الغامض» .[8]
ويفسر المسؤول النقابي انتشار الظاهرة
بعاملين يذكّران بالوضع المغربي ، وهما النقص الكبير في المراكز المبرمجة في الميزانية
، وعدم قدرة المدارس المتخصصة في تكوين
المعلمين على تلبية كل الاحتياجات ، مما جعل
« وزارة التربية والتعليم تلجأ إلى
التعويل على المتعاقدين وعلى العرضيين
الأفراد، لكن هذا الحل الذي من المفترض أن يكون مؤقتًا ، استمر لسنوات
بالنسبة إلى البعض » و صحيح أنه « في عام 2012 ، أقدم وزير التربية الوطنية السابق ، بن بوزيد ،
بتسوية وضعية المدرسين المتعاقدين ولكن
منذ 10 سنوات ، لم يتم فعل أي شيء » بحسب
المسؤول النقابي[9].
أدى هذا الوضع إلى حركات تعبئة
واحتجاج من قبل المتعاقدين (اعتصام ، مسيرة ، إضراب عن الطعام لعدة أسابيع ، الخ.)
الذين طالبوا بالتسوية و دامت هذه التحركات أشهرا عديدة ، قررت الوزارة على
إثرها فتح مناظرة تعدّ
52.000 وظيفة مخصصة لتسوية وضعية المتعاقدين .
انتهى الجزء الثاني، يتبع دراسة ظاهرة
التعاقد بالبلاد التونسية
المنجي العكروت متفقد عام للتربية
وإبراهيم بن عتيق أستاذ مميز
تونس ، نوفمبر 2022
للاطلاع على النسخة الفرنسية – اضغط هنا
[1] Jean Bourdon. Coût et financement de l’éducation primaire en Afrique Subsaharienne. PILON Marc (IRD). Défis du développement en Afrique subsaharienne : l’education en jeu, CEPED, pp.123-145, 2006, Rencontres.
[2] Opt cité
[3] Le « Corps émergent » fait référence aux catégories des Volontaires de
l’Éducation (0-2 ans de service) et des Maîtres Contractuels (plus de 2 ans de
service sans formation professionnelle initiale).
[4] Le « Corps émergent » fait référence aux catégories des Volontaires de
l’Éducation (0-2 ans de service) et des Maîtres Contractuels (plus de 2 ans de
service sans formation professionnelle initiale).
[5] Le métier de l'enseignant au Maroc à l'aune de la comparaison internationale, rapport préparé en 2021 par le Conseil supérieur de l'éducation, de la formation et de la recherche scientifique et l'instance nationale d'évaluation du système d'éducation , de formation et de recherche scientifique.
https://www.csefrs.ma/wp-content/uploads/2021/11/30-11-Rapport-me%CC%81tier-de-lenseignant-V-Fr.pdf
[6] Nina Kozlowski. Maroc : les enseignants contractuels, une épine dans le pied de Chakib Benmoussa. 29 octobre 2021
https://www.jeuneafrique.com/1258376/politique/maroc-les-enseignants-contractuels-une-epine-dans-le-pied-de-chakib-benmoussa/
[7] Chaimaa Barki . Enseignants contractuels : La grogne pèse sur la rentrée scolaire, L'Opinion ; 12scolaire_a19610.html
[8] De source syndicale
le nombre des contractuels en 2022
avoisine les 18 000 enseignants
Lynda Louifi ( 2022):Recrutement d’enseignants sur concours en décembre prochain-Le jeune indépendant 30 juillet 2022
https://www.jeune-independant.net/recrutement-denseignants-un-concours-est-prevu-en-decembre-prochain/
[9] Wafa Sifouane. Enseignants
contractuels : la fin du calvaire, in l'Algérie aujourd'hui. 13/3/2022.
https://lalgerieaujourdhui.dz/enseignants-contractuels-la-fin-du-calvaire/
شكرا أخي المنجي على المجهودات المبذولة للمساهمة في كتابة تاريخ التربية في تونس... اعانك الله و وفقك...
RépondreSupprimer