dimanche 18 octobre 2020

صداقة عريقة

 

 

محمد نجيب عبد المولى 

 
تواصل المدونة البيداغوجية للأسبوع الثالث نشر ورقات  تكريما لروح فقيد المدرسة التونسية عامة والفلسفة خاصة محمد نجيب عبد المولى وتفسح المدونة المجال هذا الأسبوع للمتفقد العام للفلسفة الصديق محمود بن جماعة التي تربط بالفقيد 'صداقة عريقة' ليحدثنا عن تلك الصداقة وعن مناقب الرجل الذي عاشره على امتداد أكثر من 40 سنة.

 وقد نشر الأستاذ محمود بن جماعة هذه التأملات على صفحته الخاصة بمناسبة أربعينية الفقيد وقد لبى طلب المدونة وسمح لنا بإعادة نشرها فله كل الشكر والتقدير على ثقته.


   جمعتني بالفقيد، الصديق العزيز، محمد نجيب عبد المولى صلات تربوية وفكرية عريقة تعُود إلى الثمانينات من القرن الماضي حيث كان يدرّس الفلسفة في  المعهد الثانوي مجيدة بوليلة بصفاقس، شابا منفتحا على الجديد في البيداغوجيا، ولاسيما الطريقة النشيطة بما فيها حركية المجموعات واستغلال مستندات متنوعة حتى يكُون القسم فضاء لتدريب التلميذ على التفلسف. عرفتُه فيما بعد متفقدا في مادة الفلسفة يقوم بدور أساسي في صياغة البرامج وإعداد الكتب المدرسية منذ أوائل التسعينات. ثم لم ينقطع هذا الدور، بل ازداد اتساعا بحكم التجربة وارتقائه إلى رتبة متفقد عام للتربية، خاصة عند تجديد برامج الفلسفة سنة 2006. ولا يفوتني هنا الإشارة إلى تحمسه في الأثناء لإحداث نقلة نوعية في تدريس الفلسفة من حيث آليات التحليل والتفكير في معالجة النصوص، قديمها وحديثها، وفي تقييم المقالة الفلسفية وترسيخ

الإصلاح المزدوج (حيث كان أساتذة الفلسفة هم السباقين إلى إنجازه)،  ومراجعة نوعية الاختبارات بحسب الشعب.                             
   تجاوز إشعاعُ الراحل محمد نجيب عبد المولى حدود المعهد إلى مجال أرحب، وهو مجال المدينة بالمعنى الواسع للكلمة، منذ أن اضطلع بأمانة المال ثم الرئاسة في فرع الجمعية التونسية للدراسات الفلسفية بصفاقس. فانعقدت بإشرافه العديد من الندوات الجهوية والعالمية حول قضايا فلسفية راهنة مثل المقدس و"العنف واللاعنف"... ثم كانت تجربة "المقهى الفلسفي" التي انعقدت لقاءاته في المركز الثقافي محمد الجموسي. هذا وازداد دور الفقيد في التنشيط التربوي بتحمله لعدد من السنوات رئاسةَ وداديةِ متفقدي التعليم الثانوي حيث تدعمت العلاقات فيما بينهم للتحرك في سبيل إصلاح التعليم واحترام قانونهم الأساسي وتحسين ظروف عملهم وشروط المناظرة لمختلف رتب التفقد.         .
   وباختصار، كان صديقي الراحل مثال المثقف الملتزم بقضايا التربية والثقافة، المتابع في آن واحد للشأن العام والمنخرط فيه دون تعصب. وليس أدل على ذلك من إنجازه لبرامج إذاعية ذات رهانات فكرية، بل أكثر من ذلك، يشهد على مدى التزامه تقلدُه رئاسة النيابة الخصوصية لبلدية صفاقس في ظرف عصيب بعد الثورة، وعملُه محليا وعربيا في مجال التربية على المواطنة والحريات، في تناغم تام مع مشاريع المعهد العربي لحقوق الإنسان.                         
   ولا يسعني في الأخير إلا أن أشير إلى ما أنجزه، فضلا عن المحاضرات والمقالات، من أعمال في الترجمة : تعريب كتاب صديقنا الفرنسي الفيلسوف هنري بانا- رويس "دروس في السعادة" (منشورات معهد تونس للترجمة)، وإسهامه في تعريب كتاب سارتر "الوجودية مَنْزَعٌ إنساني" ( منشورات دار محمد علي).  
   تحية خالصة لذكرى صديق حميم غادرنا فجر الخميس 13 أوت 2020 بعد صراع مرير مع المرض. ولروحه السلام. 

                              
محمود بن جماعة، متفقد عام للتربية سابقا (اختصاص فلسفة)                                                                                                       
15/8/2020

للاطلاع على النسخة الفرنسية ، أضغط هنا

 

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire