lundi 25 juin 2018

متابعة أثر تغيير ماهية اختبار التاريخ والجغرافيا في امتحان البكالوريا


انطلق العمل بداية من دورة 2017 بماهية جديدة لاختبار التاريخ والجغرافيا في امتحان شهادة الباكالوريا، أردنا أن نخصص ورقة هذا الأسبوع لدراسة أثرها في نتائج المترشحين، وقد خيّرنا في هذه الدراسة الاعتماد على نتائج تلاميذ المعاهد العمومية دون سواهم في الدورة الأخيرة ومقارنتها بدورتين سابقتين. ( انظر المدونة البيداغوجية  ، 20 جويلية 2015- ماهية اختبار التاريخ والجغرافيا في امتحان الباكالوريا  (  



1.   تذكير بالتجديدات الصادرة في شهر أكتوبر 2016

صدر في شهر أكتوبر 2016 منشور[1]  عن إدارة البرامج و التكوين المستمرّ حدّد: " مواصفات جديدة لاختبار التاريخ والجغرافيا في امتحان الباكالوريا لشعبتي الآداب و الاقتصاد و التصرف  ومن أبرز  تلك التجديدات ما يلي: ( انظر المدونة البيداغوجية )
§       اعتماد تركيبة جديدة للمواضيع المقترحة على المترشحين تجبرهم على تحرير مقال في المادة الأولى من الاختبار (التاريخ أو الجغرافيا) ودراسة وثيقة / وثائق في المادة الأخرى وإنجاز خريطة والتعليق عليها إذا كانت الجغرافيا هي المادة الثانية. ويهدف هذا التعديل إلى إضفاء نوع من الشمولية على عملية التقييم وذلك عبر تقييم كفاية تحرير مقال من ناحية و كفاية التعامل مع الوثائق التاريخية والجغرافية والقدرة على التعبير خرائطيا عن الظواهر الجغرافية من ناحية ثانية، ذلك أن ماهية الاختبار قبل هذا التعديل كانت تسمح للمترشح باختيار مقال أو دراسة وثائق في المادتين وهو الأمر الذي لا يسمح بتقييم حقيقي وشامل لمختلف الكفايات المستهدفة في تدريس المادتين.

§       وجوب طرح مقالين يتطلبان تخطيطا مختلفا (مثال: في مادة التاريخ يكون المقال الأول في صيغة مقارنة بينما يتطلب المقال الثاني تخطيطا كرونولوجيا...)
§       التخلي عن مطالبة المترشح بتحرير إجابة مسترسلة أثناء دراسته للوثائق وذلك بدعوته إلى الإجابة عن الأسئلة المصاحبة للوثيقة أو الوثائق بصفة منفصلة، فقد نصّ المنشور المذكور أعلاه على أن " تقع الإجابة عن كل سؤال على حدة، لا في شكل تحرير مسترسل".

§       تحديد عدد الأسئلة المصاحبة للوثيقة / الوثائق ومضمونها: يتراوح عددها بين 4 و5 أسئلة مرتبة حسب منهجية المادة وتستهدف قدرات متنوعة ومتدرجة من البسيط إلى المعقّد يكون مضمونها كما يلي:

* السؤال الأوّل :  يخصّص لجزء من التقديم ( وضع النص في سياقه التاريخي ، تحديد إشكاليته.(
* السؤال الثاني : يخصّص لتعريف المفاهيم و المصطلحات و الأعلام الواردة في الوثيقة/ الوثائق (تم ضبط قائمة في أهم المفاهيم والمصطلحات والأحداث والأعلام  التي يمكن أن تكون موضوع سؤال(
* السؤال الثالث : يتعلّق بعمل مهاري (إنجاز سلّم زمني أو رسم بياني، إتمام خريطة في التاريخ أو في الجغرافيا ...و يمكن استثناء دراسة النص أو دراسة الوثائق في التاريخ من العمل المهاري إذا لم تستجب طبيعة الوثائق لهذا السؤال).
*السؤالان الرابع و الخامس : يرتبط كلّ منهما بالقدرة على استخراج معطيات تاريخية و جغرافية وشرحها، بناء موقف، مقارنة بين معطيين.....
§       النقاط  المستندة للجانب المنهجي في دراسة الوثيقة / الوثائق : 04  نقاط توزّع على الأسئلة التي تتطلب إجابات مفتوحة وهي الأسئلة الأخيرة من الاختبار والتي تتّصل بتقييم القدرة على التحليل والتأليف ...
§       ضبط مواصفات مواضيع إنجاز الخرائط في الجغرافيا :
-          تحديد عدد الأسئلة المصاحبة للخريطة (3 أسئلة: يتعلّق السؤال الأول بالتعبير خرائطيا عن ظاهرة أو ظواهر جغرافية  بينما يتناول السؤال الثاني والثالث وصف الظاهرة أو الظواهر المجسدة على الخريطة والتعليق عليها).
-          ضبط قائمة مرجعية بأهمّ الخرائط التي يمكن إدراجها كليّا أو جزئيّا أو يتقاطع بعضها مع بعض  في امتحان البكالوريا .
§       التنصيص على وجوب إرفاق نصّ الاختبار بمقياس إسناد الأعداد وعلى السماح للمترشحين باستخدام الآلات الحاسبة المؤشر  عليها من قبل المؤسسات التربوية.

§       ضبط آلية التقييم وإسناد العلامات وتمثل في وضع شبكة تضبط المجالات والمعايير والمؤشّرات وتوزيع النقاط عليها .
علقنا في السنة الماضية على هذه التجديدات بالقول " إنّها تحمل عدّة إيجابيات وتمثّل تطوّرا حقيقيا بالنسبة إلى المادّتين، وقد يحتاج تطبيقها على أحسن وجه وقتا طويلا وجهدا تكوينيا ومرافقة، ودراسة نتائج الدورة الأخيرة التي طبقت المواصفات الجديدة جاءت لتؤكد قولنا.

2.   قراءة في نتائج المترشحين في اختبار التاريخ والجغرافيا
أ‌-     في شعبة الآداب
اخترنا دورة بعيدة نسبيا ( 2001) و دورة قريبة  (2015 ) لنقارن نتائجهما في اختبار التاريخ والجغرافيا بنتائج دورة 2017  التي اعتمدت فيها الماهيات الجديدة أو المنقحة.

رسم : توزع أعداد المترشحين في اختبار  التاريخ و الجغرافيا في دورات 2001- 2015 و 2017





ان ملاحظة الرسم أعلاه يُمكّن من بعض الاستنتاجات من أهمها:
§       تقارب كبير بين الملمحين العامين لنتائج دورتي 2015 و 2017 حتى أنه يمكن القول بأن الماهيات الجديدة تبدو عديمة الأثر، فنسبة التلاميذ الذين كانت أعداهم دون 6 من 20  هي نفسها تقريبا في الدورتين ( %46.46  في دورة 2015 و  %46.70  في دورة 2017(
§       ضعف عدد المترشحين الذين تحصلوا على أعداد تساوي أو تفوق 16 من 20، فهو لم يتجاوز ثمانية ( 8) من مجموع قرابة 22 ألف مترشح) و هو نفس العدد  لدورة  2015 من نفس المجموع .
§       ارتفاع نسبة المترشحين المتحصلين على المعدل في دورة 2017 مقارنة بدورة 2015 (14.8% عوضا عن 10.16 % ) وهو الفرق الأبرز بين الدورتين لكن رغم ذلك تبقى هذه النسبة ضعيفة جدا.
§       انهيار نتائج المترشحين لامتحان البكالوريا في اختبار التاريخ والجغرافيا في دورتي 2015 و 2017 مقارنة بدورة    2001، إذ أن توزع أعداد دورة 2001 جاء على شكل منحنى غوس  نموذجي قمته تتموقع بين مجالي 8/9.99 و 10/11.99 بينما توجد قمة منحنى دورة 2017 بين مجالي 4/5.99 و 6/7.99
أ‌-    في شعبة الاقتصاد و التصرف

توزع أعداد مترشحي شعبة الاقتصاد و التصرف في اختبار التاريخ والجغرافيا ( دورات 2010-2015 و 2017)



يبدو وضع شعبة الاقتصاد والتصرف أسوء حالا من شعبة الآداب حيث نلاحظ أن جل المؤشرات سلبية وتبعث على الانشغال لأنها تتّسم بِ:
-       ارتفاع نسبة التلاميذ الذين تحصلوا على أعداد دون 6 من 20 إلى 72,46% في الدورة الأخيرة بعد أن كانت 56,63% في دورة 2015 وأقل من ذلك في دورة 2001 (21,69%).
-       انخفاض نسبة المتحصلين على المعدل إلى مستوى محيّر، إذ لم تتجاوز   3,54%    في دورة 2017  بينما كانت في حدود 29,39% في  دورة 2001 و4,76% في دورة 2015.
-       انزياح قمم المنحنيات في اتجاه الأعداد المتدنية بشكل منتظم: ففي دورة 2001 كانت قمة المنحنى تقع في المجال 6/7.99  وفي دورة 2015 انتقلت القمة إلى المجال الأدنى 4/5.99  وفي دورة 2017 نجد القمة في مجال 2/3.99 .

-       انخفاض لافت للنظر في عدد المترشحين المتحصلين على عدد يساوي أو يفوق 16 من 20، إذ من بين قرابة 27 ألف مترشح في دورة  2017 لم يتحصّل  سوى مترشح وحيد على عدد يساوي أو يفوق  16 من 20 (بينما كان هذا العدد 12 في دورة 2001).

خاتمة:
إن الاستنتاج الذي يفرض نفسه  بعد هذه القراءة أن الماهيات الجديدة لم تغير الوضع  الذي  زاد سوءا  وبالخصوص في شعبة الاقتصاد و التصرف، فإن كان الغرض من الماهيات الجديدة هو تحسين أداء المترشحين فإن ذلك الهدف لم يتحقق في هذه الدورة، والأمر ليس غريبا لأن التغيير يحتاج إلى وقت وتمرين، لكن هذا لا يمنعنا من القول بأن تراجع النتائج قد لا يكون مصدره ( الوحيد ) ماهية الاختبارات  وأنه بمجرد تغيير هذه الأخيرة ستتغير النتائج، لذلك لا بد من الانكباب على هذه المسألة و تكليف لجنة يرأسها متفقد عام للتربية وأستاذ جامعي لإعداد تقرير مفصل في الغرض يشخّص واقع تدريس المادتين ويساعد على استكشاف الحلول الكفيلة بتجويد نتائج المتعلمين.  

ملحق
مقتطف من النص   الصادر عن الإدارة العامة للبرامج والتكوين المستمر
" يتكون اختبار التاريخ والجغرافيا في امتحان الباكالوريا من قسمين:
§       القسم الأول ( 20 نقطة) يتكون من مقالين في التاريخ أو في الجغرافيا يختار المترشح أحدهما.
§       القسم الثاني ( 20 نقطة) يتعلق بالمادة التي لم يشملها القسم الأول و يتكون من موضوعين يختار المترشح أحدهما :
-       بالنسبة إلى مادة التاريخ : دراسة نص أو دراسة وثائق.
-       بالنسبة إلى مادة الجغرافيا: دراسة إحصائيات أو دراسة وثائق أو إنجاز خريطة.


منجي عكروت و خليفة لحمر ، متفقدا التاريخ و الجغرافيا  و ابراهيم بن عتيق أستاذ مميز

تونس أفريل 2018





[1]  منشور 81- 10-2016  مؤرخ في 16 أكتوبر 2016 موضوعه : التوزيع البيداغوجي و نظم المراقبة المستمرة ومواصفات الاختبارات بكافة مواد التدريس بالمرحلة الإعدادية و التعليم الثانوي.
http://www.administration.education.gov.tn/2016-10-26/circulaire_81102016.pdf








[

2 commentaires:

  1. اعتقد ان العديد من العوامل التي تظافرت ادت الى تدني نتائج المادتين منها : استهتار التلميذ بالمادة - الضارب - ماهية الاختبار - غياب اشغال تطبيقية لرسم الخرائط و التمرن على المنهجيات (المواضيع +الوثائق ....)- طول البرنامج - اشكالية دروس التاريخ حيث ان نتائج مادة التاريخ ضعيفة جدا يعود الى عدم فهم المطلوب و الخروج عن المواضيع .و الدروس الخصوصية خارج المعاهد في فترة قياسية من اخر السنة و التي تركز على المعلومة دون غيرها و تغييب المنهج المعمول به حديثا

    RépondreSupprimer
  2. شكرا للزملاء الكرام.. أرى أنّ التكوين والتقييم في مختلف الموادّ والمستويات ينبغي أن يحدّ من المنحى الكمّي تقصّيا للمعارف الصريحة ويركّز أكثر على بناء المهارات وتقييمها

    RépondreSupprimer