lundi 1 décembre 2014

تاريخ مناظرة الدّخول إلى السّنة الأولى من المرحلة ما بعد الابتدائيّة الجزء الثالث: تطوّر مناظرة الدخول إلى السّنة الأولى من التعليم الثانويّ

تصدير

في نطاق اهتمامنا بملفّ مناظرة الدخول إلى السّنة الأولى من التعليم الثانويّ، نواصل هذا الأسبوع كتابة تاريخ هذه المناظرة الذي شرعنا فيه في الورقتين السّابقتين، هذه المناظرة  التي رافقت تلاميذ المدارس التونسيّة على امتداد ثلاثة أرباع قرن. لقد فكّرنا أنّه من المفيد أن ندوّن تاريخ هذا الامتحان الذي هو جزء من ذاكرة المدرسة التونسيّة. إنّنا واعون بأنّ هذا العمل قد يشوبه بعض النقص أو السّهو لذلك ندعو زملاءنا الذين أشرفوا على سير المناظرة في فترة مّا، وفي أيّ موقع من المواقع إلى المساهمة في إثراء هذا العمل أو تصحيح بعض الجوانب منه بشهاداتهم وملاحظاتهم.


تذكير
"مناظرة الدّخول إلى السّنة الأولى من المرحلة ما بعد الابتدائيّة"[1]، أي إلى التعليم الإعداديّ والتعليم الثانويّ، أو السّيزيام، يجتازها التلامذة في موفّى السّنة السّادسة من المرحلة الابتدائيّة. فمتى أحدثَ هذا الامتحان؟ كيف ومتى وفد على بلادنا؟ كيف تمّ تطويعُه وتطويره؟ لماذا ألغي؟

تطوّر مناظرة الدخول إلى السّنة الأولى من التعليم الثانويّ

 منذ الاستقلال، شهدت مناظرة الدّخول إلى السّنة الأولى من التعليم الثانويّ عدّة تطوّرات وتقلبَات انتهتْ باختفائها في مرحلة من المراحل، ثم ّانبعثت في صيغة جديدة.
1. من 1956 إلى 1963: مرحلة انتقاليّة من النّظام الذي وضعتْه الحماية وعُرف بتعدّد الأنظمة التعليميّة (عموميّ / خاصّ -مدرسة فرنسيّة/ مدرسة عربيّة فرنسيّة ومدرسة قرآنيّة عصريّة) إلى نظام في حالة مَخاض وتأسيس، وهو نظام تعليم موحّد. ويبدو أنّه، في تلك الفترة، تواصل العمل بامتحان السّادسة حسَب الصّيغة المعتادة، دون تغيير يذكر إلى حدود سنة 1963 ووصول الدّفعة الأولى من تلاميذ إصلاح 1958، وكان عددٌ من التلاميذ الذي يتابعون تعلمهم بالمدارس التونسيّة يشاركون في مناظرة الدّخول إلى السّنة الأولى من التعليم الثانويّ، وفي امتحان السّيزيام الذي تنظمه البعثة التعليميّة الفرنسيّة.

2. من 1963 إلى 1968: السّيزيام يشارك الشّهادة في بعض الاختبارات  
بمناسبة دورة 1963، أعيد تنظيمُ مناظرة السّيزيام[2] لأسباب لعلّها كانت تنظيميّة ومادّيّة بالدّرجة الأولى، فتمّ الجمعُ بينها وبين امتحان شهادة ختم التعليم الابتدائيّ في امتحان واحد يتضمّن قسمين:
-        قسم مشترك بين مناظرة الدّخول وبين شهادة انتهاء الدّروس الابتدائيّة، يضمّ موادّ اللغة العربيّة وموادّ اللغة الفرنسيّة والحساب.
-        وقسم خاصّ بالشّهادة يضمّ " المعارف العمليّة والتاريخ والجغرافيا والتصوير والحساب الذّهنيّ".

اختبارات مناظرة الدخول إلى السّنة الأولى سنة 1963[3]
الضارب
المدة
ماهية الاختبار

1
1



1,5

20 د
20 د



50 د
اختبار اللغة العربية يتكوّن من:
أ‌-        شكل: يكون نصّ الشكل بسيطا، لا يتجاوز الستة أو السبعة أسطر
ب‌-    3 أسئلة خاصّة بنصّ الشكل وتشمل:
- سؤالا عن فهم النصّ
- سؤالا في اللغة
- سؤالا في الصّرف
ت‌-    إنشاء
ينبغي أن يكون موضوع الإنشاء مقتبسا من نصّ الشكل لكن يقع اختياره بصفة لا تسمح للمترشّح باستعمال جمل النصّ نفسه عند تحرير الموضوع.

1

1



1



20 د




40 د

اختبار اللغة الفرنسية يتكوّن من:
إملاء:
يكون نصّ الإملاء بسيطا لا يتجاوز العشرة أسطر.
أسئلة: 3 اسئلة تتعلق بــ:
- فهم النصّ
- اللغة
-النّحو
تحرير: يجب أن يُستوحى الموضوع من نصّ الإملاء لكن يقع اختياره بصفة لا تسمح للمترشّح باستعمال جمل النصّ نفسه عند تحرير الموضوع،

2
60 د
اختبار اللغة الحساب
تشتمل مادة الحساب على مشكليْن يمكّن مجموعُهما من معرفة:
- ما حصل عليه المترشّح من معلومات في الحساب والنظام المتريّ والهندسة.
- كفاءة المترشح للقيام بالعمليات ذات الصبغة الخاصّة (تحويل عمليات بسيطة على الكسور إلخ...)
يجب أن يشتمل أحد المشكلين على رسم شكل هندسيّ بسيط مُبيّن للحلّ.


المصدر: قرار 31 ماي 1963، الصّادر بالرّائد الرّسميّ عدد 27 بتاريخ 4 -7 جوان 1963

3. 1969 -1992: عودة المناظرة إلى صيغتها الأصليّة
بعد إنهاء العمل بامتحان شهادة ختم التعليم الابتدائيّ، عادت مناظرة الدخول إلى السّنة الاولى من التعليم الثانويّ والإعداديّ إلى صيغتها الأصليّة كامتحان قائم بذاته. والجديد يتمثل في تعويض التعليم الإعداديّ بالتعليم الثانويّ المهنيّ.
4.     قانون 1991 يضع مناظرة السّيزيام في مأزق
أقام القانونُ الجديد المتعلق بالنظام التربويّ لسنة 1991 [4]  بُنية تعليميّة جديدة تقوم على حلقتيْن تعليميتيْن منفصلتيْن:
-         أولاهُما للتعليم الأساسيّ الذي " يكوّن حلقة قائمة بذاتها"، وهو إجباريّ من سنّ السّادسة إلى سنّ السّادسة عشرَة، ومدّته تسعُ سنوات، مقسّمة إلى مرحلتين متكاملتين، مرحلة أولى أو ابتدائيّة تدوم ستّ سنوات، ومرحلة ثانية أو إعداديّة مدّتها ثلاث سنوات، ويختم بامتحان وطنيّ يحصل الناجحون فيه على " شهادة ختم التعليم الأساسيّ".
-         والثانية للتعليم الثانويّ وتدوم 4 سنوات وتتوّج بامتحان وطنيّ هو البكالوريا.
فهل بقي من دور لمناظرة السّيزيام في هذه المنظومة الجديدة؟ نظريّا، يُفترض أن تكون الإجابة بالنفي، ولكنْ في الواقع لم يكن من السّهل التخلي عن مناظرة من ذلك الحجم، وقد تمّ اعتمادُ التدرّج والانتقال من المنظومة القديمة إلى المنظومة الجديدة عبر مراحل تمثلت في تقليص مكانة المناظرة تدريجيّا لتحُلّ محلها نتائج المراقبة المستمرّة.   
المرحلة الأولى: المناظرة تفقد احتكار التقييم الختاميّ وقرار الارتقاء من السّنة السّادسة إلى السنة الأولى من التعليم الثانويّ
 بداية من العام الدّراسيّ 92/ 93، اُتّخذت الوزارة قراريْن تغيّر بمقتضاهما نظام التقييم والارتقاء[5] من قسم السّنة السّادسة من المدرسة الابتدائيّة إلى السّنة الأولى من التعليم الثانويّ، ويتمثل القراران في:
§       إرساء " امتحان تجريبيّ في مستوى دائرة التفقد في شهر ماي" و " امتحان نهائيّ في شهر جوان ". وكان من المقرّر أن يحلّ هذا الامتحان الأخير محلّ مناظرة الدّخول إلى السّنة الأولى من التعليم الثانويّ،" وهو ما يعلن رسميّا على نهاية تلك المؤسّسة.
ويختبر التلاميذ في الاختبار النّهائيّ في عدد محدود من الموادّ، كما هو مبيّن في الجدول الآتي:
جدول عدد 1: اختبارات الامتحان النهائيّ

المواد
الاختبارات
1,5
تعبير كتابي بالعربية
2
دراسة نص عربيّ
2.5
 حساب  
1
تعبير كتابي بالفرنسية
2
دراسة نص فرنسيّ وإملاء
1
ايقاظ علميّ
0,5 لكل مادة
مواد اجتماعية (تربية إسلامية-تربية مدنية -تاريخ -جغرافيا)


§       القرار الثاني يتمثل في إدراج النتائج المتحصَّل عليها خلال السّنة الدّراسيّة في احتساب المعدّل السّنويّ النهائيّ، إلى جانب نتائج الامتحان النهائيّ الذي صار مكوّنا هامّا من مكوّنات نظام التقييم والارتقاء بالتعليم الأساسيّ، ولم يعدْ المحدّد الوحيد للنجاح من عدمه، إذ أصبح المعدّل السّنويّ يحتسب طبقا للصّيغة التالية:

معدّل سنوي =} م ث1 + م ث 2 + معدل امتحان تجريبيّ + (معدّل الامتحان النهائيّ) × 3{/ 6
   م ث1: معدل الثلاثي الأول -م ث 2: معدل الثلاثي الثاني.
الامتحان التجريبيّ والامتحان النهائيّ يمثلان معا الثلاثيّ الثالث.
          
هذه الصّيغة تعطي وزنا هامّا للتقييم الخارجيّ (الامتحان التجريبيّ والامتحان النّهائيّ) الذي يحظى بضارب 4، أي ضعف ضارب التقييم الداخليّ.
ويرتقي إلى السّنة الأولى من التعليم الثانويّ (السّابعة من التعليم الأساسيّ لاحقا) كلّ منْ كان معدّله السّنويّ يساوي على الأقلّ 5 من 10[6].
لم يدخل هذا النظام الجديد دفعة واحد، بل تمّ تطبيقه تدريجيّا، وأدمجت نتائج المراقبة المستمرّة تدريجيّا في المعدل النهائيّ، حسب المرحلية التالية (الفصل 7):
§       في السّنة الأولى من التطبيق (1992 -1993): تواصل العمل بمناظرة الدّخول إلى السّنة أولى من التعليم الثانويّ في صيغتها الأصليّة، والشّروع في إدخال نتائج المراقبة المستمرّة بنسبة الخمُس في احتساب المعدل النّهائيّ، وذلك حسب الصّيغة التالية:
المعدل النهائيّ = [المعدل السّنويّ + (معدّل المناظرة ×4)]/5
المعدل السنويّ= م ث 1 + م ث 2 + م الاختبار التجريبيّ.

§       في السّنة الثانية من التطبيق (1993 -1994): تواصل العمل بمناظرة الدخول إلى السّنة أولى من التعليم الثانويّ في صيغتها الأصليّة، مع التقليص من وزنها، مقابل دعم نتائج المراقبة المستمرّة بنسبة الخُمسيْن في احتساب المعدل النّهائيّ، بحسب الصّيغة التالية:
المعدل النهائيّ = [(المعدل السنويّ×2) + (معدّل المناظرة ×3)]/5
المعدّل السنويّ= م ث 1 + م ث 2 + معدّل الاختبار التجريبيّ.

§    المرحلة الثانية: تعويض المناظرة بالاختبار الجهويّ ودعم مكانة المراقبة المستمرّة
في السّنة الدراسيّة 1995-1996، تمّ التخلّي عن المناظرة أو الاختبار النهائيّ وتعويضها بالاختبار الجهويّ، بعد صدور قرار جديد[7] لنظام التقييم والارتقاء بالتعليم الأساسيّ سنة 1996 يُعدّل قرار 1992 السّابق.  ومن أبرز ما جاء به القرار الجديد:
- إنهاء العمل الفعليّ بمناظرة الدخول إلى السّنة الأولى من التعليم الثانويّ وتعويضها " بالاختبار الموحّد على مستوى الجهة في نفس الموادّ التي كانت تجرى في المناظرة، مع إضافة الموادّ الاجتماعيّة  [8] كما ورد تماما في قرار 1992.  
و قد حافظ الاختبار الجهويّ على تنظيم المناظرة نفسه (إعداد المواضيع من قبل لجان تشتغل مركزيّا بالإدارة العامّة للامتحانات، إصلاح التحارير بمراكز إصلاح في كلّ الإدارات الجهويّة، مع مزج التحارير و تبادلها، إعلان النتائج مركزيّا...) و بذلك يكون الامتحان قد حافظ شكليّا على ناموسه.
- حذف الامتحان التجريبيّ.
- التسوية بين مكانة التقييم الداخليّ (المراقبة المستمرّة) وبين التقييم الخارجيّ (الاختبار الجهويّ)، إذ أصبح المعدل النهائيّ يحتسب حسب الصّيغة التالية:
المعدّل النهائيّ = [(المعدل السنويّ×2) + (معدل الاختبار الجهويّ×2)]/4
المعدل السنويّ= م ث 1 + م ث 2

مثّل نظامُ التقييم الجديد الذي أفرزه إصلاحُ 1991 قطيعة مع الأنظمة القديمة للتقييم والارتقاء: فقد وضع حدّا للامتحان الختاميّ الذي " يكرم فيه المرءُ أو يهان" وقلص من وزن التقييم الخارجيّ. وفي المقابل، ثمّن التقييم الداخليّ المستمرّ.
إنّ هذا التوجّه ينخرط في مسار التوجّه الحديث للتقييم المدرسيّ، وهو لا يخلو من وجاهة. غير أنّه شهد انحرافات في مستوى التطبيق لعدة أسباب (انظر الورقة حول تقييم تجربة الاختبار الجهويّ)  
فكانت له تأثيرات، في ظاهرها إيجابيّة، وفي باطنها سلبيّة وخطرة على المنظومة التربويّة التونسيّة، يمكن تلخيصُها فيما يلي:
- الانعكاسات الإيجابيّة ظاهريّا: ارتفاع نسب النّجاح والارتقاء بصفة واضحة شارفت على 80 % في نهاية التسعينات، بعد أن كانت تراوح في مستوى 40%، كما يجسّمه الجدول أسفله.
جدول عدد 2: تطوّر نسبة الارتقاء مع تغيّر الآلية المعتمدة
الدورة
نسبة الارتقاء
آلية الارتقاء
1991
44,91
المناظرة في صيغتها الأصليّة
1993
55,93
المناظرة: 5/ 4 -المراقبة المستمرة: 5/1
1994
60,07
المناظرة 5/ 3 -المراقبة المستمرة 5/2
1996
64
الاختبار الجهوي 2/ 1 -المراقبة المستمرة 2/1
آخر دورة للاختبار الجهويّ
2000
76,27








-        الانعكاس السّلبيّ الباطنيّ: يتمثّل في تدهور مستوى نسبة هامّة من المرتقين إلى السّنة السّابعة من التعليم الأساسيّ، بما أنّ ارتفاع نسبة النجاح جاء نتيجة لتغيير آليات الارتقاء، وليس نتيجة لتحسّن في مستوى التكوين فقط: فقد انعكس ذلك بشكل مباشر على المستوى التلاميذ في المرحلة الثانية من التعليم الأساسيّ و ارتفعت نسب الرّسوب و الانقطاع في السّنة السابعة، و بلغت مستوى مفزع. (انظر الجدول التالي).
جدول عدد 3 : تطوّر نسب الرّسوب والانقطاع بالسّنة السابعة أساسيّ
السنة الدراسية
نسبة الرسوب
نسبة التسرب
مجموع الرسوب
1984– 1985
15 .7
6.3
22
2004 – 2005
22 .8
12.7
35 .5
2010 - 2011
26
14 .3
40 .3




§                                               المرحلة الثالثة: إلغاء الامتحان الجهويّ

 تواصل العمل بهذه الصّيغة التي وضعت منذ دورة 1996، وتواصل صعود نسب النجاح والارتقاء رغم الدّعوات للتعقل والحكمة: ففي دورة 2000 فاقت نسب النجاح 80 % في ستّ ولايات، ووصلت في إحداها 91,82%، وأصبح أغلب التلاميذ متأكّدين من الارتقاء قبل الدخول للامتحان الجهويّ الذي فقد الكثير من بريقه وهيبته. و تقرّر التخلي عنه، فكانت دورة 2000 آخر دورة للاختبار الجهويّ ( الوزير أحمد عياض الودرني)، و منذ ذلك الوقت أصبح الاستناد إلى نتائج التقييم الداخليّ و قرار مجلس المعلمين  في الارتقاء و الالتحاق بالمرحلة الثانية من التعليم الأساسيّ، بعد صدور  قرار في ماي [9]2001 نقح قرار 96 و نصّ على أنّه " يرتقي من السّنة السّادسة إلى السّابعة كلّ تلميذ يتحصّل على معدّل سنويّ عامّ يساوي أو يفوق 4.5 من 10،  شرط أن يتحصّل على معدّل سنويّ لا يقلّ عن 5 في العربية و الفرنسيّة والرّياضيات معا"، وهو ما زاد في تردّي مستوى المتخرّجين من المدرسة الابتدائيّة.

5. قانون 2008 المنقح للقانون التوجيهيّ لسنة 2002 يعيد الرّوح للمناظرة
وسّع قانون 2008 المنقّح للقانون التوجيهيّ[10] من قائمة المؤسّسات التعليميّة بالتعليم الأساسيّ، وذلك بإضافة صنف " المدارس الإعداديّة النّموذجيّة" التي يلتحق بها التلامذة، بناء على مناظرة اختياريّة تجرى في نهاية السّنة السّادسة من المرحلة الابتدائيّة، أطلقَ عليها" مناظرةُ الدخول إلى المدارس الإعداديّة النموذجيّة"[11]، وهي إعداديّات تطبّق البرامج الدراسيّة الوطنيّة، مع إمكانيّة تدريس بعض المواد (العلميّة والتكنولوجيّة) باللغة الإنكليزية أو اللغة الفرنسيّة. (الفصل 21 من قرار المناظرة).
هكذا، أُريد لمناظرة السّيزيام أن تُبعث من جديد، بعد أن غابتْ عن المشهد التعليميّ لسنوات طويلة، منذ ألغيَ الاختبارُ الجهويّ لتلامذة السّنة السّادسة، ولكنّها عادت في ثوب جديد:
§       فهي مناظرةُ انتقائيّة، إذ لا يشارك فيها إلاّ التلامذةُ:
-         الذين لم يرسبوا في المرحلة الابتدائيّة بأكملها،
-        ولم يتجاوزوا سنّ الثالثةَ عشرةَ، سنةَ المناظرة.
§       وهي مناظرة انتقائية من حيث اختباراتُها التي رُكّزت على الموادّ الأداتيّة، أي اللغات والعلوم: فالتلامذةُ المترشّحون للالتحاق بها يُمتحنون في ثلاث لغات ومادّتيْن علميّتيْن، كما يفصّل ذلك الجدول اللاحق[12]، بحيث غُيّبتْ الموادُّ الاجتماعيّة التي كانت حاضرة بقوّة في الاختبار الجهويّ لتلامذة السّنة السّادسة، والتي كانت تتدخّل في النجاح النهائيّ بنسبة لا بأسَ بها، ممّا يخوّلَ لعدد من التلامذة الارتقاءَ دون امتلاك المعارف الأساسيّة في الرّياضيات واللغة، العربيّة والفرنسيّة على حدّ سواء.  
§       وهي مناظرة سوّت بين الموادّ من حيث مدّة الاختبارات والضوارب.
جدول عدد 4: اختبارات المناظرة
الاختبارات
الحصص
الضوارب
1. عربيّة
ساعة
1
2. فرنسية
ساعة
1
3. رياضيات
ساعة
1
4. انقليزيّة
45 دقيقة
1
5. إيقاظ علميّ
ساعة
1

وبالرّغم من صيغتها الانتقائيّة هذه، تظلّ هذه المناظرةُ الأداةَ الموضوعيّة الوحيدة، تقريبا، لتقييم المكتسبات الأساسيّة للتلاميذ في موفّى المرحلة الأولى من التعليم الأساسيّ، فبفضلها يمكن للوزارة وللباحث أن يَستخلصا صورة عن مردود المرحلة الابتدائيّة ومكتسبات المتعلمين، وإنْ كانت مستندة إلى شريحة من التلامذة يُفترض أنّها ذاتُ نتائج جيّدة من زاوية التقييم الداخليّ، وترغبُ في الدراسة بالمدارس الإعداديّة النموذجيّة، باعتبارها مؤسّسات لنخبة التلامذة، تؤمّن ظروفا تُحفّز إلى الدراسة، وتشجّع على امتلاك لغات أجنبيّة، عبر تدريس بعض الموادّ بواسطتها.

الخاتمة
بعد مرور عشرين سنة، عرف امتحان السّنة السّادسة أو السيزيام مصير امتحان شهادة ختم التعليم الأساسيّ نفسه، وغاب عن السّاحة المدرسيّة وزال معه حاجز مهمّ أو مصفاة، وفتحت أبواب المرحلة الإعداديّة واسعة أمام النّسبة الكبرى من تلاميذ المدرسة الابتدائيّة، فقد تجاوزت نسبة الارتقاء في السّنة السّادسة 90%   منذ السّنة الدّراسيّة 2004 – 2005، بينما لم تتجاوز تلك النّسبة 45 % زمن مناظرة الدّخول في السّنة الأولى. ولمّا كان هذا الارتفاع لا يعكس تطوّرا حقيقيا في مستوى التلاميذ تدفقت أفواج عديدة من التلاميذ على المدارس الإعداديّة، دون أن تتملك الكفايات التي تساعدها على مواصلة التعلم، فارتفعت نسبة الفشل والإخفاق وما يرافقها من انحراف في السّلوك.  

الهادي بوحوش والمنجي عكروت، متفقّدان عامّان للتربية متقاعدان.
سبتمبر 2013

تونس، نوفمبر 2014.


مقالات سابقة ذات علاقة

كيف كان التلامذة يلتحقون بالتعليم الثانويّ في نهاية الأربعينات؟

هلْ من المصلحة إحياءُ مناظرة السّيزْيام؟

دراسة عن نتائج تلاميذ السّنة السّادسة من التعليم الأساسيّ بين1996 و 200



 امتحان الدّخول إلى السّنة السّادسة بعد الاستقلال







 [1] نستعمل مصطلح المرحلة ما بعد الابتدائيّة مصطلح بسبب تغير تسمية المرحلة على مرّ الزمن: ففي الحقبة الاستعماريّة كانت يوجد التعليم الثانويّ والقسم التكميليّ العامّ والتعليم الفنيّ والشعبة الصادقية أو التونسيّة. و بعد الاستقلال تفر  ع تعليم المرحلة ما بعد الابتدائيّة ( قانون 58) إلى تعليم ثانوي طويل  و تعليم إعداديّ عُوض منذ 1968 بالتعليم الثانويّ المهنيّ ومنذ إصلاح 91 أصبحت المرحلة تسمي بالمرحلة الثانية من التعليم الأساسيّ

[2]   قرار 31 ماي 1963، والصّادر بالرّائد الرّسميّ عدد 27 بتاريخ 4 -7 جوان 1963.
[3]  نفس المرجع أعلاه.
[4]   هو الأمر عدد 65 لسنة 1991 المؤرّخ في 29 جويلية 1991.
[5]  قرار 26 ماي 1992 الضّابط لنظام التقييم والارتقاء بالتعليم الأساسيّ. بالرائد الرسميّ عدد35 بتاريخ 2-5 جوان 1992.
 نفس القرار المذكور سابقا[6]   
 [7]  القرار المؤرّخ في 15 ماي 1996 المتعلق بنظام التقييم والارتقاء بالتعليم الأساسيّ الصادر بالرائد الرسميّ عدد 2 بتاريخ 24 ماي 1996.
 [8]  ويتضمّن مكوّن المناظرة الاختبارات التالية: تعبير كتابيّ بالعربيّة- دراسة نصّ عربيّ- تعبير كتابيّ بالفرنسيّة- دراسة نصّ فرنسيّ و إملاء -  تربية إسلامية تربية مدنيّة - تاريخ جغرافيا رياضيات و ايقاظ علمي    .
[9]  قرار 26 ماي 2001 المتعلق بضبط نظام التقييم و الارتقاء بالتعليم الأساسيّ - الرائد الرسميّ عدد 45  المؤرّخ في 5 جوان 2001،  و قد صدر القرار في عهد الوزير المنصر الرويسي.
[10]  القانون عدد 9 لسنة 2008 المؤرّخ في23 فيفري 2008 المتعلق بتنقيح القانون عدد 80 لسنة 2002 بتاريخ 23 جويلية 2002، علما أنّ الإعداديّات النموذجيّة انطلقت سنة 2007 وأنّ الدورة الأولى للمناظرة جرت في جوان 2007 على أساس منشور وزاريّ أعلن عن نيّة فتحها وضبط شروط المناظرة واختباراتها.
[11]  القرار المؤرّخ في 14 ماي 2008 المتعلق بضبط مقاييس بمناظرة الدخول إلى المدارس الإعداديّة النموذجيّة ونظام الدراسة بها، الصادر بالرائد الرسميّ عدد 42   لسنة 2008 بتاريخ 23 ماي 2008.
[12]  الفصل التاسع من قرار المناظرة.


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire