الله أكبر ، الله أكبر ،
الله أكبر ، وإنّا لله وإنّا إليه راجعون
أيّها الملأ الكريم ــ نودّع اليوم الوداع
الأخير الأخ العزيز والصديق الرفيق، والمربّي الفاضل ، المتفقّد البيداغوجي رضا بن
سعيد ، نودّعه ونحن نودّع فيه رجل الصداقة والمؤاخاة ، ورجل النصيحة والمواساة
يرحل عنّا اليوم الأخ رضا بن سعيد رجلا ولا ككلّ
الرجال، نفسا كريمة وقلبا سخيّا ويدا مبذولة أبدا، حتى لكأنّ روحه اشتقت من معدن
العشرة الطيبة والألفة الحميمة إقامة على الودّ وحفاظا على العهد.
ــ يغادرنا اليوم الأخ رضا
بن سعيد ونحن نودّع فيه المدرّس الناجح الذي يعترف له وإلى اليوم كلّ من جلس إليه
ودرس على يديه ، يعترفون له بالكفاءة العلمية والمهارة الصناعية وحسن الرعاية ،
الأمر الذي جعل الجهات التربوية الرسمية تلحقه بمعهد تكوين المعلّمين بمجرّد دخوله
معاهد صفاقس فحقق فيه النتائج الباهرة وتخرّجت من معطفه أجيال من الطلبة والإطارات
التي شرّفت البلاد والعباد.
ـــ نودّع اليوم الأخ العزيز
رضا بن سعيد ونحن نودّع فيه المتفقّد البيداغوجي المخلص لمهنته ولمنظوريه وللمدرسة
التونسية العمومية ولوطنه تونس. كان يبذل في سبيلهم جميعا جهده وروحه بلا كلل ،
ويقطع من أجلهم جميعا عشرات الآلاف من الكيلومترات لا يبالي في ذلك مشاق السفر ولا
الظروف الطبيعية القاسية حرّا وقرّا ليكون في مهمته عند حسن ظنّ جميع من وثق به
واطمأنّ إلى علمه وإلى أخلاقه المهنية والإنسانية .
ــ مارس الأخ رضا بن سعيد
التفقّد البيداغوجي وارتقى في رتبه باستحقاق مشهود وساهم من خلاله في بناء برامج
العربية وامتحاناتها الوطنية إلى أن بلغت الثقة به حدّ تكليفه بالإشراف على مراكز
الباكلوريا وخاصة مركز التجميع في هذه الامتحانات وما أخطرها مهمّة ، صار بفضلها
الأخ رضا عنوانا على الانضباط في العمل، والدقة في التسيير وحفظ أسرار المهنة ،
نال بسبب كلّ ذلك تقدير وزارة التربية وجميع رؤسائه في إدارة البرامج والامتحانات
الوطنية.
ـ ومثلما عرفنا الأخ رضا بن
سعيد مدرسا ومتفقّدا بيداغوجيا موفقا أيما توفيق عرفناه مناضلا سياسيا قوميا منذ
مطلع شبابه وزمن النضال الطلابي في سبعينيات القرن الماضي فكان ينافح عن الفكرة
القومية بلا انقطاع وينتصر للقضية الفلسطينية عقلا ووجدانا ويفرغ همّته لكلّ
القضايا الإنسانية العادلة يعالجها في غير مجاهرة أو مكابرة .
وفضلا عن التزامه السياسي
عرفنا الأخ رضا بن سعيد نقابيا أصيلا ومدافعا عنيدا عن المدرّسين والمدرّسات
بالتعليم الثانوي عندما تولّى المسؤولية في النقابة الجهوية للتعليم الثانوي
بصفاقس ، كما وقفنا على خلاله حين لم يتوان يوما في الدفاع عن القيادة الشرعية
للاتحاد العام التونسي للشغل بعد أحداث 26 جانفي 1978 ، فقاطع المنصّبين وساهم
بماله وفكره في المحافظة على الهياكل النقابية الشرعية .
ــ وإلى هذا جميعه ، كان
الأخ رضا بن سعيد بما هو المثقف النابه، عضوا نشيطا في المجتمع المدني ، فساهم في
تأسيس جمعية الدراسات الأدبية في سبعينيات القرن الماضي صحبة ثلة من المثقفين
والجامعيين ، وانخرط في الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان فرع صفاقس
الشمالية فكان فيها صاحب الرأي المسموع والفكرة الإنسانية الراجحة يعطف على
المحتاجين ويدافع عن المظلومين.
- ولعلّه لهذه الخصال التي
ارتفع رسمها بين الناس وأدركت الخاصّ والعامّ منهم ، وثق به أهالي ساقية الدائر
فولّوه منصب رئيس النيابة الخصوصية ببلدية هذه الجهة في ظرف تاريخي من أصعب الظروف
التي مرّت بها تونس وساقية الدائر تحديدا، فأصلح ما كان فاسدا ورعى الذمم ، وعدل
بين الناس ، كانت بوصلته في قيادة هذه المؤسسة المحلّية إحقاق الحقّ وإبطال الباطل
بما يرضي الله والوطن والضمير.
ـ وفي
خضمّ هذه الأنشطة الكثيفة والمتنوعة التي عاشها فقيد التربية والثقافة ، لم يكن
الأخ رضا بن سعيد يدّخر جهدا في تكوين نفسه علميا ومعرفيا فأقبل على البحث العلمي
، وأنجز الدراسات العديدة وقدّم المحاضرات المفيدة في المجالات التربوية
والإنسانية نشر البعض منها في الدوريات التونسية ونشرت له دار علاء الدين دراسة
جامعية نال بها استحسان كل من كان يعرفه من الجامعيين والمثقفين.
ــ هذه بعض من مآثر الأخ رضا
بن سعيد التي عرفناها فيه على مدى ستّين سنة أو يزيد وهي الخصال التي جعلت منه
الصديق الذي يحبّه الجميع ويطمئنون إليه وجعلت منه المسؤول التربوي الذي يحترمه
كلّ من تعامل معه أو وثق به في مهمة من المهام .
ــ نحن اليوم ننصاع للقضاء والقدر ولا نملك إلا مؤونة الصبر على
ما نحبّ وعلى ما نكره تعازينا الحارة للأخت رشيدة في هذا المصاب الجلل وصبرا جميلا
لأبنائه الدكتورة يسرى والدكتورة وفاء والأستاذ المهندس كريم ، ونقول لهم إنّما
تُعرف الشجرة بثمارها وأنتم نعم من خلّف والدكم ، نعم الثمر لأفضل شجر .ورحم الله
أخانا رضا بن سعيد وشمله بعفوه وغفرانه إنّه السميع المجيب . وإنّا لله وإنّا إليه
راجعون.
ابراهيم بن صالح، متفقد عام للتربية
صفاقس 22 /12/2024
رحم الله الأخ والزميل الفاضل رضا بن سعيد وأكرم مثواه، ما من أحد من زملائه إلّا ناله شيء من طيب معشره ودماثة خلقه. تعازي الحارة لأسرته وكافة زملائه، وإنا لله وإنا إليه راجعون
RépondreSupprimer