"كان التعليم الزيتوني بصفاقس عبر القرون خاصا بالذكور وفي سنة 1954 كان
مدير الفرع الزيتوني بصفاقس الشيخ العالم أحمد بن الشيخ أحمد بن الشيخ أحمد
الفراتي باش مفتي صفاقس.
فكر الشيخ المدير في فتح الباب للبنت الصفاقسية لتتعلم تعليما زيتونيا وما فكر
فيه بعث فيه رسالة إلى شيخ الجامع الأعظم وفروعه الإمام محمد الطاهر ابن عاشور
يطلب موافقته وجاء الرد بالموافقة .
أعد الشيخ الفراتي محل التعليم في دار وفكر في جراية المدرسين وميزانية إدارة فرع
للبنات ،عر ض الموضوع على أهل الفضل فوافقوا على التبرع وعرض الموضوع على المدرسين
فوافقوا على أن تكون جرايتهم من طريق الساعات الزائدة .
ذاك الحل كان للسنة الأولى من فتح الفرع وتقرر أن يطلب الشيخ المدير أحمد
الفراتي من المسؤولين بتونس تخصيص ميزانية للفرع صلب ميزانية التعليم الزيتوني ،
قدم المدير الطلب ،وافق عليه الشيخ محمد الطاهر ابن عاشور ،لكن الكاتب العام
للحكومة التونسية ،وهو فرنسي ،رفض الطلب فما هو الحل حتى لا تحرم البنت المسلمة في
صفاقس من التعليم الزيتوني ؟
فكر الشيخ ابن عاشور ،وقرر القيام بزيارة للكاتب العام الفرنسي وفتح حوار معه
وأخذ الشيخ ابن عاشور معه الشيخ الفراتي ومترجما ،وزاروا الكاتب العام الفرنسي وهو
في عهد الحماية صاحب القول والطول ،وفتح الحوار ،وتساءل الشيخ ابن عاشور عن أسباب
الرفض فقال إن قانون التعليم الزيتوني ينص على أنه تعليم للأولاد بسرعة أجاب الشيخ
ابن عاشور قفال ونحن نفتح بصفاقس فرعا لتعليم الأولاد ،قال الكاتب العام ،أنتم
تفتحونه للبنات ،قال الشيخ ابن عاشور، والأولاد كلمة في لغتنا العربية
وفي القرآن الكريم تطلق على الذكور والإناث ،قيل ،اندهش الكاتب العام من جواب
الشيخ ابن عاشور ثم وافق على بعث الفرع ،وتخرجت منه متعلمات مدرسات وموظفات ،وتم
إغلاقه يوم تقرر في عهد الاستقلال إلغاء التعليم الزيتوني ،وبه وضعت نهاية القصة
لتبقى في التاريخ تروى.
شهادة
الصديقة أسماء بقلوطي كانت أختي نعيمة البقلوطي
من ضمن التلميذات المنتميات لما
كان يسمّى في خمسينات القرن الماضي ب"الجامع" وهو الفرع الزيتوني
المخصّص للفتيات بصفاقس وذلك خلال سنوات 55و 56. لقد استقرت هذه المؤسسة
التعليمية في منزل فسيح من دور المدينة التاريخية في جوار زاوية سيدي علي النوري
وذلك على وجه الكراء.بعد سنتين من الدراسة الزيتونية في مؤسسة "الجامع"وتنفيذا لنصيحة الأستاذ
المبجّل أحمد الزغل مدير معهد الحي الزيتوني آنذاك ومعهد 15 نوفمبر حاليا
تمّ تحويل تلكم التلميذات الى
معهد الفتيات بشارع الحبيب بورقية حاليا معهد الحبيب بورقيبة أين يدرّس تعليما
حديثا. وفي سنة 1959 لمّا
سُمح لتلميذات المتفوقات الالتحاق بمدرسة ترشيح المعلمات في العاصمة التحقت أختي
بتلك المدرسة بمعيّة مجموعة من صديقاتها أتذكر منهنّ فوزية السلامي التي كانت
تسكن في المدينة العتيقة قرب زاوية سيدي علي النوري ونزيهة الزغل وهي تسكن في
طريق تنيور ونجاة
ذويب وكانت تسكن قريبا من حمام السلطان
ومنجية عشيش أخت المرحوم عبد العزيز عشيش و دلندة كمون مع
الآنستين مزيد ومنيف. كانت كل التلميذات تتحولن الى العاصمة في لواج في الصباح
الباكر وسائقها كان يجوب الجنان والأحياء في المدينة لتسهيل سفرة التلميذات نحو
العاصمة. و تخرجت أختي معلمة اختارت اللغة العربية لتدريسها مثلها مثل صاحباتها
متعهن بكل خير وربي يمنحها الصحة والعافية ولأختي الغالية الصبر خاصة بعد وفاة
زوجها أخيرا، المربي عبد الرزاق الكرّاي الله رحمه الله ونعمه. أسماء
بقلوطي، أستاذة جامعية |
محمد الحبيب السلامي أوت 2024 متفقد تعليم ثانوي
صفاقس – أوت 2024
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire