dimanche 24 avril 2022

مقتطفات من مناقشات اللجنة الاستشارية[1] حول مسألة تعليم أبناء الأهالي ( الجزء 4)

 


الهادي بوحوش

تواصل المدونة البيداغوحية تقديم  مقتطفات مختارة من تدخلات متضادة بمناسبة مناقشة ميزانية إدارة التعليم العمومي سنة 1908 كان مدارها أي تعليم للتونسيين؟ و تخصص ورقة هذا الأسبوع إلى تدخلات ممثلين آخرين عن الجالية الفرنسية الذين عبروا عن مواقف معتدلة   
  فيقول مثلا أحدهم وهو السيد لافيت  M.Lafitte     " أنه لا يشارك أفكار  السيد الزاوش  (للعودة إلى كلمته اضغط هنا ) و لا أفكار السيد دي كارنيار أيضا    "  لكنه " يعتقد عندما يلجأ إلينا ممثلو السكان الأصليين ويقولون : "أعطونا الوسائل لتعليم أطفالنا!" » فإن  من حقهم قول ذلك  و من واجبنا وشرفنا أن نلبي رغبتهم "  و يضيف " دعونا نقوم بعمل تحديثي وديمقراطي من خلال تنظيم مدارس التي ستحول أبناء وطن السيد زاوش إلى رجال عمليين قادرين على كسب لقمة العيش".

ملخص كلمات  مندوبين فرنسيين مثل السيد لافيت   و السيد غاليني يعارضون فيه موقف دي كارنيار و أوماسة (للرجوع إلى الموقفين اضغط على اسم كل منهما)

 

« ... يقول السيد لافيت  M.Lafitte أنه لا يشارك أفكار  السيد الزاوش  و لا أفكار السيد دي كارنيار أيضا  ويطلب الإذن للتعبير عن أفكاره : " إنه  يعتقد عندما يلجأ إلينا ممثلو السكان الأصليين ويقولون: "أعطونا الوسائل لتعليم أطفالنا!" » فإن  من حقهم قول ذلك  و من واجبنا وشرفنا أن نلبي رغبتهم . لقد جئنا إلى تونس من أجل هذا . وليس علينا حتى معرفة ما إذا كان السكان الأصليون يرغبون بصدق في تعليم أطفالهم و إذا كانوا لا يريدون ذلك ، فعلينا أن نعطيه لهم بالرغم منهم.

 ويضيف السيد لافيت إنه  مقتنع بأننا سنجد في نخبة السكان العرب عقولا  منفتحة بما فيه الكفاية ، و لهم من الذكاء  يكفي لإقناع  مواطنيهم بضرورة التعليم وفائدته.  أما في خصوص  أي  تعليم يجب أن نقدمه لهم ؟ هنا سيختلف  السيد لافيت قليلاً عن رأي السيد زاوش. فهو يخشى أن يكون رأي السيد الزاوش مستوحى أساسا من اعتبارات  حبّ الذات ، التي لا يمكن أن نُشيّد على أسسها  مبانٍ صلبة . لقد استحضر السيد زاوش ثورتنا العظيمة و من حقه أن يفعل ذلك، لأننا قد جعلنا ثورتنا شيئا عظيما  بحيث يمكن للبشرية جمعاء تبنيها. لكن عندما يقول أن انجازات الثورة  في مجال  التعليم لم يكن مكتملا.

إن الثورة قد وجدت نفسها عالقة في زوبعة  و في مواجهة اضطرابات داخلية ومخاطر خارجية ، لدرجة أنها لم تكن قادرة على إنجاز المهمة ... ، ربما أنها  قد وضعت إطارًا ، لكنها لم تستطع  صد  تسرب  داخل هذا الإطار ممارسات المدرسية القديمة التي تميزت ببصمة رجال الكنيسة  على امتداد فترة طويلة جدًا من الزمن.  بالإضافة إلى ذلك ، فإنّ الأنظمة السياسيّة التي قامت اثر الثورة  قد عملت كل ما في وسعها  للقضاء على بذور الثورة التي يمكن أن تبقى في التعليم. و لم نستطع إلا  في السنوات الأخيرة من إدخال مبادئ التجديد  والتحديث في المدرسة . لقد أقيم التعليم الابتدائي نفسه من قبل رجال نشئوا في تلك المدرسة القديمة  فبقي هذا التعليم يشكو من نفس الداء . نحن محظوظون في هذا البلد ( تونس)  لأننا لا نواجه  عادات روتينية قديمة في التعليم  لأنه ببساطة لم يكن موجودا  وأننا في وضع مواتي  لأننا نقوم  بإنشاء تعليم غير موجود بعد.  دعونا نقوم بعمل تحديثي وديمقراطي من خلال تنظيم مدارس التي ستحول أبناء وطن السيد زاوش إلى رجال عمليين قادرين على كسب لقمة العيش.

إذا لم يتأخر عن هذا العمل الجبار ، بسبب التقاليد و العادات  التي يجب تغييرها ، فإن (السيد لافيت) سيطالب للأطفال الفرنسيين على وجه التحديد بالمدارس التي نريد فتحها للسكان الأصليين.

 إنّه لا ينوي بأيّ شكل من الأشكال أن يضل صغار الأهليين محاصرين دون أي أفق في هذه المدارس بل على العكس من ذلك ، يجب على الإدارة أن تبحث ، في هذه البيئة ، عن الأطفال الذين يظهرون مؤهلات فكرية لتسهيل مسار دراستهم في المؤسسات العليا أي المدرسة الصادقيّة و المدرسة العلويّة و معهد كارنو.

 وأضاف أنه سيكون سعيدًا في اليوم الذي  يظهر فيه السكّان الأصليون مثل هذه الرغبة في التعلم فيما يتعلق ببناتهم.حينها  سيكون، كما قال السيّد  دي كارنيار ، مسألة  الاندماج أو  على الأقل التقارب بين الأعراق ، قد أنجزت خطوة كبيرة.

في انتظار ذلك ، إنه يعتقد أن التعليم المهني سيكون ذا فائدة كبيرة لأطفال السكان الأصليين .

يقول السيد غاليني إنه بالتأكيد ليس معاديا للسكان الأصليين ،فقد سبق أن قدم لهم  العديد من الأدلة  على تعاطفه معهم. ومع ذلك ، فهو لا يعتقد أنه يمكن أن يوافق على رغبة السيد زاوش.

فبينما يعمل الفرنسيون ويفكرون باسم عقل متفوق ومستنير ، فإن  السكان الأصليين يعتمدون  في كل شيء على الدين ، وبالتالي لا يمكنهم أبدًا أن يصبحوا أناس بالمعنى الفلسفي للكلمة. إنهم يحتاجون إلى تعليم يتناسب مع عقليتهم ، أي تعليم مهني قبل كل شيء  الذي يمكن أن يتواصل إلى درجة متقدمة في التكوين. ولذلك فإن السيد غاليني  يشارك وجهة نظر السيد دي كارنيار  ، لكنه   يحتج على المصطلحات التي يستخدمها هذا الأخير في توصيف التعليم الفرنسي العربي.

قال السيد الزاوش في رده على السيد أونيسا أن هذا الأخير لم يدرك حجم مطالب  التي قدمت باسم السكان الأصليين بما أنه يتحدث عن كلفة تقدر بثلاث وثمانين مليونا كما صرح بأن فرنسا لم تأتي للبلاد التونسية لتكوين محامين وأطباء . ولكن ليست تلك هي القضية  فإن لدى المندوبين التونسيين  ما يكفي من الوعي يمكنهم من أنه لا يمكن توفير العدد الكافي من المدارس لاستقبال كل الأطفال في سن الدراسة  بين عشية وضحاها ، إنهم قدموا برنامج للتعليم الابتدائي  الذي يرضي رغبات جميع السكان ويتمنون بأن تتفضل الحكومة بتجسيمه على المدى القصير بالمدارس الموجودة و أن تسعى  بكل ما في وسعها بعد ذلك  و في حدود ما تسمح به الميزانية إلى بناء في كل سنة مدارس جديدة.

أما في خصوص مثال الجزائر الذي استشهد به السيد أوماسة M. Omessa ، فهو ليس بأفضل مثال يحتذى به . فإذا كانت نسبة  التمدرس  لم تتجاوز  4٪ من السكان الأصليين في المستعمرة المجاورة ، فهذا أمر مؤسف بالتأكيد ، ويمكننا القول إنه هذا المجال  لم نقم بواجبنا . لكن هذا الوضع لم يغب عن أنظار الحاكم العام الحالي ،و تعمل إدارته الآن على تدارك الوضع.

لم يقدم لنا السيد أوماسة Omessa برنامجًا دقيقًا يمكن أن يكون بمثابة أساس للناقش. يقول فهو يدعي أن المعلمين من الأهالي  في الجزائر يتلقون تعليما خاصا. يبدو أنه مخطئ في هذه النقطة. فردا على سؤال حول التكوين الذي يتم في المدرسة الترشيح  الأهلية  في بوزارية ، قال السيد لوث ، مدير المدرسة  العلوية  ، بأنها مدرسة ترشيح  حيث يتم إعداد التلاميذ للحصول على البروفي  الابتدائية و البروفي العالي . إن  مندوبين الأهالي لا يطلبون شيء غير  أن يتم تكوين المعلمين المحليين جيدا ليدرسوا في المدارس الفرنسية العربية.

يعتقد السيد دي كارنيار   M. de Carnières أنه إذا لم يكن هناك المزيد من الأطفال العرب في مدارس البلاد التونسية ، فذلك لأن أوليائهم  لا يرسلون إليها أطفالهم.

و أضاف غاليني  قائلا :   « إذا حدثت أشياء مثل هذه في جهة ما ، فإن ذلك ، بالتأكيد ، يمثل  استثناءً ، لأنه يستطيع أن يشهد لزملائه أنه في تبرسق وطبربة وزغوان وأماكن أخرى ، يتم رفض أطفال السكان الأصليين باستمرار بسبب عدم وجود أماكن. ففي زغوان كان هناك في السابق خمسة وعشرون تلميذًا من الأهالي   لا يوجد  الآن سوى  خمسة أو ستة تلاميذ ، وكان على الآخرين إفساح المجال  ليس للأطفال الفرنسيين ، ولكن للأبناء الأجانب من الإيطاليين والمالطيين.

إذا أراد السيد دي كارنيير تحمل عناء استجواب زملائه الأهليين  ، فسيخبرونه بالإجماع أنهم في جميع المراكز  التي يمثلونها  يتم رفض الأطفال  بسبب عدم وجود أماكن في المدارس.

 إنه سأل في يوم من الأيام  مندوب القيروان عند قدومه  إلى اللجنة الاستشارية  ، وهو شيخ لم يتعلم إلا اللغة العربية ، عن مطلب  جهته  . أجاب : مدارس تدرس فيها الفرنسية والعربية! " هذا الشيخ  لا يمكن القول أنه من جماعة " الشباب التونسي "؟

 

 

 

 

والدليل ، بالنسبة إلى السيد دي كارنيار M. de Carnières ، على أن الآباء الأهالي  لا يهتمون بتعليم أطفالهم اللغة الفرنسية يكمن في أن عدد التلاميذ الأهليين  في المدارس الفرنسية العربية في انخفاض ملموس.

وذكر السيد دي كارنيار M. de Carnières هذه الظاهرة بشكل خاطئ لدعم أطروحته. في عام 1897 ، بعد حملة صحفية عنيفة ضد تعليم أبناء الأهليين  - وهي حملة كانت في الواقع موجهة أكثر ضد المقيم العام في ذلك الوقت - قررت الإدارة إغلاق المدارس الفرنسية العربية في الجنوب التي كان يرتادها تلاميذ الأهليين  فقط، وبقينا ننتظر  تدخل رجل حازم  الذي لم يدخر جهده من أجل قضية السكان الأصليين ،- وعين السيد ألبين روزيت - لكي يتم إعادة فتح  البعض من هذه المدارس! وهذا بالضبط هو السبب في أن المدارس العمومية لا تعد اليوم سوى عدد  من الأطفال  الأهليين  مقارنة بما كان عليه قبل عشر سنوات. أما بالنسبة للتعليم المهني الذي دافع عنه السيد لافيت سابقًا ، فهو يعرف أكثر من أي شخص الخدمات التي يمكن أن يقدمه لمواطنيه. لكنه يعتقد أن هذا الصنف  من التعليم وحده لا يمكن أن يحل محل كل الأصناف الأخرى  وأن السكان الأهليين  ، يحتاجون أيضًا  إلى جرعة معينة من التعليم العام.

وهذا هو تحديدًا الحد الأدنى من التعليم ، أي التعليم الابتدائي المتاح للجميع ، وهو ما يطالب به مندوبو ألأهالي الآن .

قال السيد  لي كور - كاربونتياي Lecore-Carpentier أنه يعيش في إفريقيا لمدة 37 عامًا ، منها 20 عامًا في البلاد  التونسية ، فإنه يعتقد أنه مؤهل للمساهمة  في هذا النقاش.

 إنه يعترض على المنطق الذي يتمثل في أخذ الفئة  الأقل تطورا من بين السكان الأصليين كمثال وتقديمها  على أنها تمثل عقلية كل السكان الأصليين. ففي الأرياف ، كان المعمرون على اتصال بالفلاح الأمي و المنهكين نتيجة  الاستغلال  العبودية على مدى عدة قرون ، ففي المدن ، على العكس من ذلك ، نجد برجوازية عربية ذات عقلية متطورة   ومستنيرة . وفوق هذه البرجوازية ، ولا سيما في مدينة تونس ، يتمتع أبناء العائلات الكبيرة التي استقرت في البلاد منذ فترة طويلة بأخلاق مبادئها لا تقل في شيء عن مبادئ الأخلاق الأوروبية. بجانب هؤلاء ، و في نفس الصف ، يمكننا وضع السكان الأصليين الذين يسعون إلى  إقامة تقارب بين مواطنيهم والفرنسيين.

لقد قيل إن الأمر بتطلب عدة قرون حتى يصل  العرب إلى العقلية الفرنسية ؛ إن السيد زاوش هو أحسن دليل على بطلان هذا الرأي.  بالتأكيد ، لا يشكل السكان الأصليون الذين يشبهونه غالبية السكان ، لكن من الضروري أن نظهر بوضوح أن الأمر ممكن ولا يستغرق الكثير من الوقت.

في ظل هذه الملاحظات ، لن يتردد  المتدخل في دعم الاقتراحات التي قدمها السيد دي كارنيار بتصويته ، لأن كل ما هو مطلوب هو إصلاح البرامج التعليمية بحيث يحصل الفرنسيون والسكان الأصليون على أقصى  مقدار من التعليم الذي يمكن أن يعطى لهم...»

 

ترجمة و تعليق المنجي العكروت، متفقد عام للتربية متقاعد وابراهيم بن عتيق، أستاذ متميز متقاعد

تونس - أفريل 2022

للاطلاع على النسخة الفرنسية - اضغط هنا.

 



 [1]  الجمعية الشورية

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire