الهادي بوحوش |
نواصل هذا الأسبوع دراسة المسالة اللغوية بالمدرسة التونسية منذ الاستقلال ونخصص ورقة هذا العدد للفترة 1958 - 1968 وهي الحقبة التي توافق بداية تنفيذ إصلاح 1958 و قد اتسمت باقرار مبدأ التعريب باعتباره مطلبا شعبيا و لكن مع تأجيل التنفيذ
للعودة
إلى الفترة الأولى من القسم الثالث - اضغط هنا
إصلاح 1958 لم يتناول المسألة على مستوى النص
يوم 4 نوفمبر 1958 نُشر قانون إصلاح
التعليم بالرائد الرسمي ونلاحظ أن مسالة اللغة العربية كانت مغيبة تماما ، أكان
ذلك سهوا أم اختيارا عن قصد ومدروسا؟ وقبل نشر القانون بأشهر نظّم كاتب الدولة
للتربية القومية ندوة صحفية بمناسبة العودة المدرسية كشف خلالها التوجهات
الكبرى للإصلاح الجديد وأعلن عن القرارات التي ستدخل حيز التنفيذ بداية من السنة
المدرسية 1958-1959 ، ففي خصوص اللغة تمثلت أبرز الإجراءات فيما يلي :
▪
بالنسبة إلى التعليم الابتدائي تقرر:
-
تعريب كامل للسنتين
الأولى والثانية وتقليص الوقت الأسبوعي إلى 15 ساعة وتدريس كل المواد باللغة
العربية .
-
انطلاقا من السنة
الثالثة يصبح التعليم ثنائي اللسان مع تفوّق للغة الفرنسية على مستوى التوقيت كما
يجسمه الجدول الموالي:
كامل التوقيت الأسبوعي |
التوقيت
المخصص للفرنسية |
|
25 س
و45 د |
14 س
و25 د |
السنتان
الثالثة والرابعة |
25 س |
13 س
و45 د |
السنتان الخامسة والسادسة |
جدول : التوقيت المخصص للفرنسية بالسنوات 3و4و5 و6
ابتدائي سنة 1958
▪
بالنسبة إلى التعليم الثانوي الطويل
أقر
إصلاح 58 إحداث 3 مسالك أو شعب في التعليم الثانوي الطويل وشعبتين في التعليم
الإعدادي( انظر الملحق عدد...)
-
الشعبة (أ) باللغة العربية : تكون فيها اللغة
العربية لغة التثقيف و اللغة التي تعلم بها مواد العلوم و تكون فيها "اللغة
الفرنسية اللغة الحيّة الأولى الإجبارية" و حسب تصريح كاتب الدولة هذه الشعبة ستعمم بعد فترة طويلة فهي إذن
الشعبة القارة وهو ما يستجيب لرغبات أنصار التعريب وانتظاراتهم.
-
الشعبة ب : وهي شعبة ثنائية
اللسان، تكون فيها اللغة الفرنسية اللغة التي تدرس بها العلوم أما العربية فهي
تدرس كلغة أساسية وكأداة لتدريس بعض المواد الاجتماعية مثل التاريخ في المرحلة الأولى والتربية الإسلامية، هذه الشعبة بتلك الملامح هي امتداد التعليم
الصادقي والشعبة التونسية وقد قدمها كاتب الدولة في الندوة على أنها شعبة انتقالية
ستندثر حين تتوفر للبلاد إطارات تحذق تدريس كل المواد باللغة العربية.
تستقبل
الشعبتان -ا- و- ب- التلاميذ الناجحين في
مناظرة الدخول للتعليم الثانوي وكانوا قد زاولوا تعليمهم الابتدائي
باللغتين.
-
الشعبة - ج - وهي
شعبة وقتية حيث يكون التدريس باللغة
الفرنسية أما اللغة العربية فهي تدرس باعتبارها لغة حية أولى إجبارية وتستقبل هذه الشعبة التلاميذ الذين تخرّجوا من
المدارس الابتدائية الفرنسية بحيث لا
يمكنهم مستوى تملكهم للغة العربية من متابعة التعليم بالشعبة - أ - و لا حتى
الشعبة - ب - مصير هذه الشعبة هو الانقراض
على الأمد المتوسط.
▪
للتعليم الإعدادي : إنشاء شعبتين:
- الشعبة - ب- التي تعتمد
اللغتين فاللغة العربية هي لغة التثقيف والفرنسية هي اللغة المعتمدة في تدريس جل المواد (المواد العلمية والتقنية)
، ويوجه لهذه الشعبة التلاميذ الذين
تابعوا التعليم الابتدائي في المدارس التي تستخدم اللغتين العربية والفرنسية.
-الشعبة - ج - حيث يتم التدريس باللغة الفرنسية وحيث
يتم تدريس اللغة العربية كلغة حية ، تستقبل
هذه الشعبة التلاميذ الذين لم يتابعوا تدريس اللغة العربية أثناء تعليمهم
الابتدائي.
مما سبق ، يمكننا
استخلاص الاستنتاجات التالية حول لغة التدريس:
في خصوص التعليم الابتدائي:
- تبنّي الإصلاح التربوي ثنائية اللغة في التعليم
الابتدائي ، ابتداء من السنة الثالثة ،
مع تعريب بالكامل للسنتين الأولى
والثانية.
- تتمتع اللغة الفرنسية بحيز زمني يساوي نصف
الساعات الأسبوعية على الأقل في فصول الثالثة والرابعة والخامسة والسادسة.
أما في خصوص للتعليم الثانوي
- أصبحت
العربية هي اللغة الأساسية للتعليم (فهي لغة التثقيف والتعليم) ؛ كما تم
استبدال دراسة الأدب الفرنسي و اللغة الفرنسية باللغة اللغة والأدب العربيين .
- من المنتظر أن تنتشر الشعبة - أ - التي ستكون
الشعبة الدائمة الوحيدة - حسب توفر المدرسين الأكفاء ، في حين أن الشعبة - ب - حيث
تستمر اللغة الفرنسية في مشاركة "
اللغة العربية وظيفة تدريس عدد من المواد "(المسعدي ، صفحة 32) فمآلها في
النهاية الاختفاء لصالح الشعبة -أ - خاصة أن اللغة العربية قد أصبحت لغة التدريس في العديد من المواد حتى في الشعبة
- أ - مثل التربية الدينية والمدنية ، والتاريخ في السنوات الأولى والثانية
والثالثة من التعليم الثانوي.
- أعطى إصلاح 1958
اللغات الأجنبية مكانًا جيدًا ، حيث أنه بالإضافة إلى اللغة الفرنسية ، يجب على كل
تلميذ أن يتعلم بداية من السنة الثانية - حسب اختياره - لغة حيّة أخرى (الإنجليزية
أو الألمانية أو الإسبانية) ، لذلك لتزويد التلميذ التونسي من أدوات للتواصل مع
الشعوب الأخرى و التيارات الثقافية الأخرى.
- تعتبر اللغة الفرنسية اللغة الأجنبية
الأولى: وقد كتب محمود المسعدي في
هذا الصدد قائلا : "اللغة الفرنسية هي مجرد لغة حية ، يجب على الشباب تعلمها
وإتقانها ، إلى جانب لغة حية ثانية" .
خلاصة القول ، كان موقف المسؤولين عن إصلاح عام
1958 هو استعادة منزلة اللغة العربية والحضارة العربية الإسلامية في المنظومة التربوية، من خلال الانخراط في التعريب التدريجي ، والمحافظة بشكل مؤقت على ثنائية اللغة وتمكين اللغة الفرنسية من المحافظة على المكانة التي اكتسبتها منذ عقود ولكن كيف يفسر هذا الاختيار ، الذي يتعارض مع انتظارات عامة التونسيين والنخبة كما يتعارض مع الخطاب الرسمي لبورقيبة نفسه حسب محمد المزالي . في الواقع ، هناك عدة عوامل لعبت في نفس الوقت دورا في ذلك منها:
-
كان هناك أولاً وزن
قدماء الصادقية في الساحة السياسية ، بمن فيهم بورقيبة في الطبقة السياسية الحاكمة
(60٪ من المكتب السياسي للحزب الدستوري الجديد) "فهذه النخبة التي كان تكوينها ثنائي اللسان كانت ترغب في
المحافظة على مكانة اللغة الفرنسية في
المدرسة التونسية" رغم أنها كانت تؤمن بضرورة التعريب "(النفاتي. ) [1]،
-
السياق التاريخي: عندما
سُئل محمد مزالي [2] عن
سبب عدم مواصلة مشروع التعريب الذي شرع في
تنفيذه الوزير لمين الشابي ، تهرب من السؤال ولم يعط إجابة واضحة ، واكتفى
بالقول أن السياق التاريخي هو الذي كان
وراء كل هذا ، في تلك الفترة كانت مواقف بورقيبة تتعرض لهجمات عنيفة قادمة من الخارج (الدول العربية)
ومن الداخل (خاصةً من أنصار التعليم التقليدي) ، إن تفسير الذي قدمه المزالي وإن كان فيه الكثير من الوجاهة فإنّه يبدو لنا
غير كافية فقد لعبت عوامل أخرى دورا لا يستهان به في تحديد الاختيارات، منها:
-
الضغوطات الفرنسية من أجل الإبقاء على اللغة الفرنسية في المدرسة التونسية
(انظر شروط اتفاقية 3 جوان 1955
-
الدور الذي لعبه تقرير جان ديبيس
(الأستاذ السابق والمتفقد العام السابق في تونس في نهاية الحماية) و"قد كلف
من قبل الدولة التونسية بإعداد تقرير حول إصلاح التعليم في تونس و قد أنحز العمل المطلوب وقدم تقريره في شهر جانفي
1958. .. تعرض التقرير إلى ما أسماه بـ"الصعوبات اللغوية" التي تجعل
تدريس العلوم بالعربية ينطوي على "مخاطرة" لأن اللغة العربية ،في نظره،
"ليست مهيأة لذلك ثم " أشار إلى حاجة تونس إلى موارد مالية خارجية وإلى
أن تعلم التونسيين للفرنسية سيجعل في إمكانهم إرسال مائة ألف عامل إلى فرنسا كل
سنة !! وانتهي إلى أن الازدواجية في التعليم هي وحدها التي تستجيب لحاجيات الدولة
الفتية مذكرا بالتعليم "الصادقي" ودوره في تكوين النخبة التونسية"[3]
▪
بورقيبة واختيار التعريب التدريجي.
بعد
مرور عام على بدء العمل بإصلاح 1958 ، رأى بورقيبة أنه من الضروري تبرير هذا
الاختيار في خطاب ألقاه في بداية العام الدراسي[4]. "لقد
قررنا ، في البداية ، التخلص التدريجي من جميع الأنواع القديمة من التعليم ، لم
يكن اهتمامنا - كما قد يتصور البعض - القضاء على التعليم الزيتوني وحده ، لقد
حذفنا في نفس الوقت التعليم الفرنسي العصري ، والتعليم الثنائي اللغة العصري على النمط الصادقي ، وأخيراً التعليم الزيتوني
التقليدي. . فجميع هذه الأصناف من التعليم
غير المتجانسة وغير الملائمة أو الهجينة قد تم حذفها لتفسح المجال لتعليم
وطني واحد. "...
"
إن التعليم الثانوي يتكون من شعبتين:
- الشعبة - أ - العادية ، حيث تكون لغة التدريس لجميع
المواد التعليمية هي اللغة العربية وسنطورها بالتوازي مع تطور إمكانياتنا لى تدريس
المواد العلمية باللغة العربية ، اليوم توجد
هذه الشعبة في العديد من المعاهد مثل معاهد ابن شرف وابن رشد في تونس
وصفاقس والقيروان و المنستير ومنزل تميم و معهد نهج الباشا للبنات الخ.
- الشعبة - ب - الانتقالية
، حيث لا تزال اللغة الفرنسية تستخدم مؤقتًا كلغة لتدريس المواد العلمية
على وجه الخصوص ولكن للغة العربية في هذه
الشعبة مكانة بارزة فهي اللغة الأساسية للثقافة وللتكوين. ".
في
هذا الخطاب ، يبدو أن بورقيبة يريد أن يبرر نفسه في وجه الانتقادات التي صدرت بعد
قرار إلغاء التعليم التقليدي الذي تديره زيتونة وقرار تقاعد عدد معين من المعلمين
(زيتون سابقون) ، وفي الوقت نفسه ، أكد أن اللغة العربية ستكون اللغة المشتركة
لجميع المواد في القسم "أ" ، والتي ستكون القسم العادي ، لكنه أضاف أن
تطورها سيكون مع تقدم البلد. ستتاح الفرصة لتدريس المواد العلمية باللغة العربية
"هي وسيلة لإطالة استخدام اللغة الفرنسية ، بالنظر إلى عجز الجامعة التونسية
الشابة عن تدريب المعلمين الضروريين القادرين على تدريس المواد العلمية تم تقديم
التقنيات والتقنيات باللغة العربية منذ التعليم العالي باللغة الفرنسية ، ولم تسمح
تقارير بورقيبة مع الدول العربية ولا لإرسال الطلاب التونسيين للدراسة في الشرق
ولا لاستخدام المعلمين من هذه البلدان.
في
هذا الخطاب ، يبدو أن بورقيبة يريد أن يبرر اختياراته أمام الانتقادات التي صدرت
بعد قرار إلغاء التعليم الزيتوني وقرار إحالة
عدد من المعلمين الزيتونيين ، فأكد أن اللغة العربية ستكون لغة تدريس كل
المواد في الشعبة "أ" ، وأن هذه الشعبة هي الشعبة العادية والدائمة ، لكنه أضاف أن تطورها رهين توفر الإطار المؤهل لتدريس المواد العلمية
باللغة العربية " وقد رأى البعض في هذا الخطاب تبرير لتواصل استخدام اللغة
الفرنسية ، بالنظر إلى عجز الجامعة التونسية الفتية عن تكوين العدد الضروري من المدرسين القادرين على تدريس المواد
العلمية والتقنية باللغة العربية بما أن
التعليم العالي يواصل الاعتماد على اللغة الفرنسية ، وأن علاقة بورقيبة بالدول
العربية لم تكن تسمح بإرسال الطلبة التونسيين للدراسة في الشرق أو لاستقدام مدرسين
من هذه البلدان للتدريس بالمعاهد التونسية.وكأننا ببورقيبة يقول نعم ، سنقوم
بالتعريب لكن سيتم ذلك عندما يكون لدينا مدرسون مؤهلون.
▪
الشعبة -ا- تواجه صعوبات
في
سنة 1961 أصدر كاتب الدولة للتربية القومية منشورا [5] أشار فيه إلى ظاهرة
عزوف التلاميذ عن الشعبة ( أ) " فقد لاحظت في بحر السنتين الأخيرتين
عدول التلامذة عن اختيار الشعبة ( أ) من التعليم الثانوي و ميلهم إلى اختيار
الشعبة (ب) من هذا التعليم. و فعلا فإنّ جل المترشحين لمناظرة الدخول إلى السنة
الأولى من التعليم الثانوي يختارون الشعبة (ب) ولا يقيمون أي وزن للشعبة
(أ)".
قد
رأى كاتب الدولة بأن يذكر ""أن الشعبة (أ) أحدثها إصلاح التعليم منذ 1958
في نفس الوقت الذي أحدثت فيه الشعبيتين (ب) و (ج) و الشعبة (أ) هي الشعبة القارة
أما الشعبيتان (ب) و (ج) فهما انتقاليتان و ستحل الشعبة (أ) في يوم من الأيام محل
هاتين الأخيرتين.
وتجدر
الإشارة إلى أن الشعب الثلاث من التعليم الثانوي تطبق برنامج واحد و لا يوجد فرق
بينها إلّا في اختيار اللغة التي تدرّس بها المواد - فاللغة العربية هي التي تدرس
بها جميع مواد العلوم في الشعبة (أ) و اللغة الفرنسية هي التي تدرس جميع مواد
العلوم في الشعبيتين (ب) و (ج)''.
وفي
خاتمة المنشور دعا مديرات ومديري المدارس الابتدائية للقيام بما يجب " لإفهام المترشحين و
أولياءهم كل هذه المعطيات عند اختيار
الشعبة.
و
سعيا إلى طمأنة الأولياء في خصوص نوعية الدروس التي تقدم في هذه الشعبة أكد كاتب الدولة " أنه لا يقع إحداث أقسام
الشعبة ( أ) إلّا "بعد انتداب أساتذة
متخرجين من جامعات عصرية و محرزين على الشهائد الجامعية المطلوبة ( الإجازة على
الأقل ) و قادرين على التعليم باللغة العربية".
أول تقييم لإصلاح 1958 يقر الثنائية اللسانية ويعلن نهاية الشعبة - أ
-
اللجنة المكلفة بالتقييم تفشل في الحسم في
المسألة اللغوية وتقرر الإبقاء على الوضع
في عام 1967 ، قررت الحكومة تقييم
لصلاح 1958 وأوكلت المهمة إلى اللجنة
الوطنية لإصلاح التعليم التابعة للحزب الحاكم آنذاك[6] ؛ و قد قدمت اللجنة على إثر انتهاء أشغالها عدة توصيات ؛ سنركز هنا على تلك المتعلقة
بالمسالة اللغوية: تبين أن أعضاء اللجنة
لم يتمكنوا من الاتفاق على المسألة
وانقسموا إلى تيارين : يدعو الأول
لتدعيم التعريب أما الثاني فكان مع مواصلة اختيارات المعسدي والحفاظ على ثنائية
اللغة ، وفي النهاية أصدرت اللجنة
التوصيات التالية:
▪
بالنسبة إلى للتعليم الابتدائي
أكدت
اللجنة من جديد " وفائها لمقومات الحضارة العربية الإسلامية المتأصلة في روح
الشعب التونسي وفي تقالديه ... وتأكيدا
لمنهج هذه الروح ترى اللجنة المحافظة على
الاختيار الأساسي الذي جعل من تعريب التعليم
هدفًا قوميا يضمن إبراز الشخصية التونسية والأصالة الحضارية لدى الأجيال
المتعلمة كما أن اللجنة تؤمن بضرورة
تفتح حضارتنا على الآفاق الانسانية عن طريق تلقين اللغات الحية وآدابها. كما ترى اللجنة أن
"اتعمال اللغة الفرنسية في تلقين العلوم أمر ضروري يحتمه الواقع في الفترة الانتقالية حتى يتم
تركيز الجامعة التونسية وتدعيم هياكل
التعليم القومي ".
"لذلك
تقترح اللجنة:
1- المحافظة على تعريب السنتين الأولى والثانية من التعليم
الابتدائي ؛
2- الاستمرار في استعمال اللغتين في بقية السنوات ، بعد أن
يكون الطفل قد تدرب على استعمال لغته القومية ؛
3 - اشتراط شهادة في اللغة العربية أو دراسة جامعية باللغة
العربية في مختلف الإجازات ، سواء منها
إجازات الآداب أو العلوم حتى يتوفر إطار
جامعي يستطيع تدريس جميع العلوم والتأليف
فيها باللغة العربية ، بذلك يتوفر إطار للتدريس
باللغة العربية بالمعاهد الثانوية
و الجامعية "[7]
▪
بالنسبة إلى للتعليم الثانوي
لم
تكن اللجنة التي نظرت في التعليم الثانوي بنفس دقة لجنة التعليم الابتدائي ، ولم
تتطرق للمسألة اللغوية بالتفصيل ، واكتفت بدعوة كتابة الدولة " من الآن إلى بدراسة موضوع
تعريب التعليم الثانوي وأن
تستنبط لمعالجة هذا الموضوع اتجاها
جديدا منبثقا من الاتجاه الذي تأسست
عليه شعبة - أ- و لبلوغ هذا الهدف ، تقترح اللجنة إعداد مخطط
مضبوط و والقيام بعمل سريع لتكوين رجال التعليم الثانوية في الحال والمستقبل "[8]
في الحقيقة ، لم يتمكن أعضاء اللجنة
من التوصل إلى اتفاق ، ،مما أجبر أحمد بن صالح ، رئيس اللجنة للتدخل لوضع حد
للناقش قائلا : "سنترك هذه المسألة الخلافية
للرئيس بورقيبة ليحسم فيها ، "أوضح تعقيد المشكلة ، حسب قوله"
هناك - إلى جانب المشكل البيداغوجي ، صعوبة ثانية سياسية ونفسية ، فالكثير من التونسيين في حالة ترقب لمعرفة كم سنوات ، سيستغرق تعريب
التعليم ما أثر ذلك على تعريب الإدارة
والقطاعات الأخرى ... أعتقد أن هذه الرغبة في التعريب متأتية من الإحساس بالظلم لدى أولئك الذين لهم تكوين
باللغة العربية فقط ، لأنهم يعتبرون أنه
ليس أمامهم العديد من الأبواب المفتوحة على عكس أولئك الذين يحذقون العربية والفرنسية... أعتبر أنه
لا أحد في هذه اللجنة قد شكك حتى الآن ثنائية اللغوية ، على العكس ، هناك قال أن
اللغة العربية الفصحى هي لغة غريبة عن التلميذ مثلها مثل اللغة الفرنسية. "(ادريس
العباسي).
المفاجأة الكبرى في الخريف: التخلي عن الشعبة "أ" وتعميم
الشعبة "ب"
في
الندوة الصحفية المنعقدة بمناسبة العودة
المدرسية 1967-1968 ، أعلن محمود المسعدي
نهاية الشعبة "أ" والإبقاء على الشعبة
"ب" التي كانت كما رأينا
أعلاه شعبة انتقالية سنختفي يومًا ما ؛
بهذا القرار ، يبدو أن الدولة تتجه نحو التخلي عن اختيار تعريب التعليم الثانوي
لصالح ثنائية اللغة ، وقد تناول رئيس الجمهورية الموضوع بطريقة غير مباشرة في خطاب
ألقاه في مدينة بنزرت 10 أكتوبر 1968 أي
بعد أيام قليلة من بداية العام الدراسي متخذا موقفا واضحا لصالح استخدام الفرنسية
في التعليم التونسي ، مؤكدا - للرد على مختلف المعارضين -: " أنّ استخدام اللغة الفرنسية لا يمثل اعتداء
على سيادتنا القومية وضربة لإخلاصنا للغة العربية ؛ لكنه سيسمح لنا بانفتاح واسع
على العالم المعاصر ؛ وإذا اخترنا اللغة الفرنسية ، كأداة للتدريس ، فلأن ذلك يهدف
إلى تمكيننا من الاندماج بشكل أفضل في التيارات الحضارية المعاصرة ، واللحاق
بالدول المتقدمة " . بهذا الخطاب
حسبنا أن المسألة اللغوية قد حسمت وأغلق ملفها نهائيا ؛ لكننا سنرى أن
الأمر لم يكن كذلك ، فمسألة التعريب كانت في قلب المناقشات على مدار العقدين
المقبلين.
يتبع - العودة
إلى الفترة الأولى اضغط هنا
الهادي بوحوش والمنجي العكروت متفقدان عامان للتربية متقاعدان وإبراهيم بن عتيق أستاذ مميز متقاعد
تونس 2015.
للاطلاع على النسخةالفرنسية أضغط هنا.
للعودة للورقات السابقة
التي تناولت موضوع لغة التدريس اضغط على الروابط أسفله الجزء
الأول اضغط هنا - الجزء
الثاني اضغط هنا - الجزء الثالث اضغط هنا - الجزءالرابع
اضغط هنا - الجزء الخامس اضغط هنا - الجزء
السادس اضغط هنا . الجزء السابع اضغط
هنا - الجزء الثامن اضغط
هنا
[1] Naffati, H. Le Français en Tunisie : Etude
sociolinguistique et lexicale ; Thèse ,Université de provence- www.Unice.fr/ILF-CNRS/of caf/18/intro16,pdf
[2] محمد
مزالي متحدثا عن تجربته مع
الأمين الشابي في مؤسسة التميمي للبحث العلمي والمعلومات : لا أدين المسعدي ولا
أتهمه بإفشال خطة تعريب التعليم لكن أدعو لقراءة علمية للموضوع
حياة السايب -
نشر
في الصباح يوم 01 - 03 - 2009
[3] كمال الساكري: تعريب التعليم في تونس منذ إصلاح 1958
http://democratiemaintenant.over-blog.net/article-13222723.html
[5] منشور عدد 66 بتاريخ 3 فيفيري 1961 حول شعب التعليم الثانوي.
[6] في 17 جانفي
1967 أحدث الحزب الاشتراكي الدستوري الحاكم ضمن لجنة الدراسات الدستورية لجنة فرعية
يرئسها أحمد بن صالح الكاتب العام
المساعد للحزب و أوكل لها مهمة تقييم
وضع التعليم واقتراح ما يحب المحافظة عليه و ما يجب تغييره . تواصلت أشغال اللجنة
الفرعية 3 أشهر ( دراسة تقارير و اقتراحات الجهات، دراسة تقارير المدرسين
والأولياء و إطارات الحزب وإحصائيات كتابة الدولة للتربية القومية ) ثم أصدرت
اللجنة تقريرها الأول الخاص بالتعليم الابتدائي
و نشر في غرة جويلية على صفحات
جريدتي الصباح و الشعب ثم تلاه تقرير في
شهر سبتمبر بتعلق بالتعليم الثانوي
[7] تقرير حول التعليم الابتدائي - مجلة التربية
الشاملة ، عدد 5 و 6 - ديسمبر 1967 - 94
نهج شارع الحرية ، تونس.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire