lundi 6 juillet 2020

لأي شيء تصلح شهادة البكالوريا ؟


السيدة رياض الزغل
تنطلق بعد يومين اختبارات الدورة الرئيسية لامتحان البكالوريا التي ستجرى في ظروف استثنائية  فرضتها جائحة كورونا (كوفيد 19)، نتمنى أن تكون الظروف المناخية مرفقة بالنسبة إلى المترشحين وإلى لجان الامتحانات التي ستتولى عملية إصلاح التحارير في ظروف صعبة.
بهذه المناسبة تتولى  المدونة البيداغوجية نشر مقال من تأليف السيدة رياض الزغل الأستاذة الجامعية الفخرية طرحت فيه مقاربة مهمة اختارت له عنوانا مستفزا : لأي شيء تصلح شهادة البكالوريا ؟ وقد سبق نشر المقال في مجلة ليدرز بتاريخ 1 ماي 2020.

بعد انتقاد الإجراءات التي أقرتها الوزارة لإنهاء السنة الدراسية دعت السيدة الزغل  إلى مراجعة امتحان البكالوريا وذلك بالحد من عدد الاختبارات لأن كثرة المواد في نظرها لا يضفي على الامتحان  مصداقية أكبر وبالامكان الاكتفاء بعدد صغير من المواد وقدمت أمثلة من أنظمة تربوية أخرى مع الاشارة إلى أن ما ذهبت إليه السيدة الزغل قد دعا إليه وزير التربية السابق الأستاذ حاتم بن سالم اثر الاعلان عن نتائج دورة 2018 كما دعا إليه تقرير فرنسي منذ سنوات.
المدونة تتقدم بالشكر للسيدة رياض الزغل التي سمحت لها بإعادة نشر هذا المقال.




اليوم ، وبعد سقوط  روزنامة الامتحانات الوطنية التي وضعتها وزارة التربية في بداية السنة الدراسية  بسبب جائحة كوفيد-19  والحجر الصحي  وما انجر عنه من تعطل الدروس وغلق المؤسسات التعليمية ، يمكن اغتنام الفرصة لإعادة النظر في نظام التعليم والتكوين في بلادنا على جميع المستويات والبحث في غائيات المدرسة. بدلاً عن ذلك ، يبدو أن الفاعليين السياسين يلجئون إلى الحلول الترقيعية . بالنسبة لمستويات معينة ، نقوم ببرمجة الامتحانات  بحصر الاختبارات على ما تم تدريسه في الثلاثيتين الأول والثاني من العام الدراسي ، وأما بالنسبة لمستوى البكالوريا  فإن الوزارة نخطط لاستئناف الدروس في موسم الحرارة إضافة  للأقنعة في قاعات غير المكيفة مع تلاميذ مدرسين ملكهم الاحباط  بعد حوالي شهر ونصف من الحجر. وستغطي امتحانات البكالوريا جميع مواد برنامج السنة النهائية ، وسيتعين على التلاميذ مراجعتها بالكامل ونعلم تحت أي ظروف سيتم ذلك للكثيرين من التلاميذ الذين يعيشون وضعا اقتصاديا هشا تفاقم  بسبب التوقف القسري لأنشطة والدتهم أو والدهم أو كليهما في نفس الوقت.
دعونا نطرح على أنفسنا السؤال التالي : هل من الضروري حقًا أن ننجح في اختبارات جميع المواد للنجاح بعد ذلك في المسار الجامعي ؟ وإذا كانت بعض المواد تساهم على تحسين المعدل ​​العام بينما في امتحان البكالوريا  بينما يبقى  مستوى  المترشح في المواد الرئيسية دون المطلوب، فما منفعة ذلك إذا كان التلميذ على سبيل المثال يخطط للتخصص في المجال الذي يوافق  شعبة التي اختارها في المرحلة  الثانوية أو التي وجه إليها؟
هناك دول عديدة  تنظم امتحان ختم التعليم الثانوي للالتحاق بالجامعة بطريقة مختلفة. ففي بريطانيا العظمى ، تتعلق الامتحانات ببرامج السنتين الدراسيمين الأخيرين من التعليم الثانوي ويختار المترشحون 4 أو 5 مواد لاجتيازها  ، وفي إيطاليا يشمل الاختبار اختبار في الثقافة العامة ،و في الولايات المتحدة الأمريكية لا تسمح شهادة ختم التعليم الثانوي للجامعة. إن إعطاء المترشح إمكانية اختيار المواد التي يريد أن يختبر فيها  تمنحه المسؤولية وتساعد على توضيح ميولاتها ورغبته ، إن اختبار في الثقافة العامة وتقييم التلميذ على مكتسبات السنتين الأخيرتين من التعليم الثانوي تسمح  بتقييم قدرة التلميذ على  مدى تملك المعارف ودمجها في معرفة مستديمة.
إن هذا التوجه هو نقيض ما يصطلح على تسميته باللغة الفرنسية بالباشوتاج bachotage  ، أو ما يسميه  بوريس سيرولنيك " العمل الببغائي"« perroquetage », ، بعبارة أخرى حفظ تلك الدروس التي لا تتطلب في الامتحان سوى استحضار المحتويات كما قدمت من قبل المدرس  وفقًا للمقولة التونسية الشهيرة  "هذه بضاعتكم ردت إليكم" ، كما لو أن المعرفة التي قدمها المدرسة هي ملكا له. أما بالنسبة للمواد الدراسية التي لا تتلائم مع الحفظ عن زهر قلب كالرياضيات على سبيل المثال ، فإن المترشح يكثر من التدرب على الأنماط الدارجة  ، ويتابع الدروس الخاصة ، حتى يطور نوعا من الإلية الفكرية ويوم الاختبار  يتناول المسائل المقدمة بالنسج الآلي  على ما تدرب عليه مع جميع مخاطر الخطأ لعدم الانتباه إلى التفاصيل في الأسئلة المطروحة . ومع ذلك ، فإننا نلاحظ تفضيلا  "لآلية الحفظ" وتشجيعها  نتيجة اللجوء إلى الدروس الخصوصية التي تعطي الأفضلية  إلى إعادة إنتاج الخطاب على حساب  التفكير والتعمق والتفكير النقدي والخيال.
ماذا يمكن أن ننتظر من مثل هذا النهج التربوي الذي يشجع السلبية بدلاً من المسؤولية ، وعلى إعادة الإنتاج بدلاً من الإبداع و تنمية المواهب ، وعدم المساواة الاجتماعية بين أولئك الذين يتلقون دعما اكاديميا "جيدا" - أو بالأحرى دعما يضمن النجاح في الامتحانات - وأولئك الذين لا يستطيعون الوصول إليه؟ علينا أن لا ننسى أن المدرسة كانت سابقا تعمل كمصعد اجتماعي في بلادنا ، فقد استقطبت الذكاء والمواهب  من المناطق النائية و الأكثر فقرا  ، لأن الذكاء هو الشيء الأكثر تقاسما بين البشر غير أن البعض كانت لديهم الطريقة الصحيحة وتطويره ، والبعض الآخر لم تتوفر لهم الظروف المناسبة لذلك.
إن امتحان البكالوريا مع تعدد المواد المنغلقة عن بعضها البعض ، ودون اختبار شفوي ودون اختبار في الثقافة  العامة  هي يمنح  حقًا جوازا  للدراسات الجامعية المؤهلة؟ هل الشباب الذين يجتازون هذا الامتحان قد تم إعدادهم بالشكل المطلوب لعالم العمل الذي ينتظرهم عندما يضطرون إلى كسب العيش؟
إذا كان يتعين على جميع حاملي البكالوريا الوصول إلى التعليم العالي وبالتالي إلى الوظائف  العليا أو المهن الحرة أو يتوجوهون إلى ريادة الأعمال ، فسيتعين عليهم الاندماج في اقتصاد المعرفة الذي هو اقتصاد اليوم. إن اقتصاد المعرفة إنما هي نتاج البحث العلمي والبحث والتطوير والتجديد ، والذي ينجز بشكل عام في إطار فرق وشبكات  ومن أجل الاندماج والتطور في مثل هذا الاقتصاد فإن المعرفة المتخصصة  لم تعد كافية ، فهناك حاجة إلى القدرة على فهم المنظومات ، والقدرة على العمل التشاركي في إطار متعدد التخصصات ، والتواصل بأكثر من لغة و عدة مهارات عامة  أخرى« soft skills » .
إنه من الواضح أننا لا نستطيع مراجعة نظامنا التعليمي على الفور. ولكن نظرًا للظروف الصعبة التي ستُجرى فيها اختبارات البكالوريا هذه السنة  ، يمكننا ، دون الكثير من التغييرات التي يحظرها الجو العام المحافظ ، إدخال جرعة صغيرة من التبسيط عن طريق تقليل عدد المواد الإجبارية والتركيز على المواد الأساسية (المميزة) لكل شعبة من الشعب ، وجرعة صغيرة من المسؤولية من خلال السماح للمرشحين باختيار مادة أو مادتين من بين بقية المواد التي يميلون إليها أكثر. ما نخشاه إن لم نفعل شيئًا أن نشهد تفاقم التسرب المدرسي ، وهو خطر لا يمكن لبلدنا ، الذي راهن دائمًا على رأس ماله البشري ، أن تسمح به.
السيدة رياض الزغل أستاذة فخرية  في علوم التصرف بكلية العلوم الاقتصادية والتصرف بصفاقس.
ترجمة المنجي العكروت متفقد عام للتربية وابراهيم بن عتيق أستاذ متميز
تونس، جوان 2020
Pour accéder à la version FR, Cliquer ICI


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire