dimanche 14 avril 2024

قراءة في نتائج المسح الوطني العنقودي متعدد المؤشرات - MICS[1] (القسم الثاني )

 

 

الهادي بوحوش

تنشر المدونة هذا الأسبوع القسم الثاني و الأخير من  " القراءة  في نتائج
المسح الوطني العنقودي متعدد المؤشرات، 

و للعودة إلى القسم الأول – اضغط هنا.

   يوم 12 فيفري 2024 ، قامت وزارة الاقتصاد و التخطيط و المعهد الوطني للإحصاء ومنظمة اليونسيف  بعرض نتائج المسح الوطني العنقودي متعدد المؤشرات   الذي أنجز سنة 2023.

ما هو المســح العنقودي متعدد المؤشرات  ( MICS) [2]؟  "هــو برنامــج دولـي تـم تطويـره بدعـم مـن منظمة اليونيسـف لإجراء مســوح تمكّــن مــن تقييــم وضــع الأطفال والنســاء   ولمتابعـة التقـدم المحـرز فـي إنجــاز أهـداف التنميـة المسـتدامة على مستوى الدول" وقــد تــمّ إجـراء 363 مســحا فــي أكثــر مــن 120 دولــة خلال 29 ســنة.


تــم إنجــاز هــذا المســح مــن قبــل المعهــد الوطنــي للإحصاء تحــت إشراف وزارة الاقتصاد والتخطيــط بدعــم مــن اليونيســف وبمســاهمة ماليــة مــن الوكالــة الأمريكية للتنميـة الدوليـة و البنـك الألماني للتنميـة.

 و قد سبق أن أنجزت البلاد التونسية  4  مسوحات  سنوات 2000 و 2006 و 2012 و 2018 وهذه هي النسخة الخامسة   التي شـملت " عينـة متكونـة مـن 11.000  أسرة موزعــة علــى كامــل تــراب الجمهوريــة : 7326 أســرة  في المناطق الحضرية الريفيــة،  و 3674 بالمناطق الريفية وبلغــت نســبة الاستجابة 90 %".

و أنتج المسح 183 مؤشرا يتعلق بوضعية الأم و الطفل و ستهتم المدونة في هذه الورقات بالمؤشرات التي تتعلق بالتربية و التعليم التالية[3]:

- نسب الالتحاق بالبرامج التّربوية للطفولة المبكرة بالنسبة إلى الأطفال التي تتراوح أعمارهم بين 3 و 4 سنوات و نسب المشاركة في التعليم الرسمي (سنة واحدة أصغر من العمر للالتحاق بالمدرسة الرسمية الابتدائية) السنة التحضيرية.

- النسب الصافية للالتحاق بالتعليم الابتدائي و المرحلة الثانية من التعليم الأساسي و التعليم الثانوي.

 - معـدلات الإنهاء الدراسـي فـي المرحلـة الابتدائية و المرحلة الثانية من التعليم الأساسي والتعليم الثانوي.

- نسب تملك المهارات الأساسية في القراءة و في الحساب بالنسبة إلى الأطفال بين 7 و 14 سنة.

سمح لنا تحليل نتائج المسح بالحصول على عدة استنتاجات أغلبها مزعجة و قليلها مرضية.

الجانب الثاني: تفاقم أوجه عدم المساواة على المستوى الجغرافي والاجتماعي والاقتصادي.

أما الجانب الثاني ولعله الأخطر فهو يتعلق بانتهاك مبدأي العدالة وتكافؤ الفرص المعلنة بصوت عالٍ وواضح في جميع الخطابات والتقارير والوثائق الرسمية التي تصدرها الوزارة، وقد قدّم  مسح  2023 الأدلّة  على ذلك التي سنستعرضها في ما يلي:

 

تستند التوجهات العامة لقطاع التربية إلى المبادئ الأساسية التي كرّسها دستور تونس الجديد ( 2014)  و التي تؤكذ عل تأمين الفرص المتكافئة لجميع المتعلمين 

 مقتطف من  المخطط الاستراتيجي القطاعي التربوي 2016-2020)

 

 

 (1  أطفال الريف  هم عموماً أقل حظا من أطفال الحضر، و يتجلى ذلك في كل المؤشرات

أ) على مستوى مدى الاستفادة  من برامج التعليم قبل المدرسي


وأظهر المسح أن 35.4% فقط من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 3 و4 سنوات في المناطق الريفية يستفيدون من برنامج التعليم قبل المدرسي مقارنة بـ 54.6% من الأطفال الذين يعيشون في المناطق الحضرية،  أما من حيث المشاركة في السنة التحضيرية الرسمية فإن  الفجوة بين البيئتين أقل وضوحا (انظر الرسم أعلاه)  و يعود ذلك إلى أن التعليم الموجه للأطفال بين 3 و 4  سنوات يؤمّن من قبل القطاع الخاص بمقابل و عادة لا يتوفر بكثافة في الوسط الريفي لعدة أسباب أما السنة التحضيرية فإنها تؤمّن من قبل القطاع الخاص و القطاع العمومي داخل المدارس الابتدائية و قد كان بمقابل 15 د شهريا و لكن منذ العودة المدرسية 2023 تقرر التخلي عنه و تم الاكتفاء بمطالبة الأولياء بدفع رسوم التسجيل السنوي ( 4 د).

هذا وقد أظهرت الدراسات أهمية التعليم المبكر (المصمم بشكل جيد) فهو يعزز النمو المعرفي واللغوي والعاطفي والحركي والاجتماعي للأطفال إلا أن مسح 2023 يبيّن لنا أن أكثر من 6 من كل 10 أطفال في الريف لا يستفيدون  بالتعليم المبكر، مما يشكل عائقاً  له انعكاسات على مسيرتهم الدراسية مقارنة بأطفال الحضر.

 

 

مقتطف من تقرير اليونسيف ( نوفمبر 2022).

ويبدو أن أداء القطاع العمومي في مجال تعليم الأطفال في عمر 5 سنوات قد تباطأ خلال العقد الماضي، وأصبح أكثر وضوحا خلال السنوات الخمس الماضية. وبالفعل، تظهر بيانات 2022 أن 58.325 طفلا مسجلون بالمدارس الابتدائية العمومية في السنة التحضيرية.  وهم يمثلون 26.3% من الأطفال في سن الخامسة. في عام 2013،  كان هذا المعدل 27% وبالتالي فإن التقدم الذي تم إحرازه قبل عام 2010 (ارتفع معدل المسجلين بالسنة التحضيرية بالمدارس العمومية من 8.6% في عام 2003 إلى 25 % في عام 2010) لم يستمر خلال العقد الماضي. وهذا يبين الطريق المتبقي الذي يتعين قطعه في منظور تعميم السنة التحضيرية وكذلك التعليم قبل المدرسي برمته.

وتؤكد الاعتمادات  الموجه للسنة التحضيرية في المدارس العمومية هذا التباطؤ في المجهود الاستثماري العام في السنة التحضيرية و بالفعل فإن نسبة المدارس الابتدائية التي تضم قسما للسنة   التحضيرية يزيد (52.8٪) لم تتغير بشكل ملحوظ خلال العقد الماضي".

 

اليونيسف – مهمة دعم وزارة التربية لتعميق التحليل القطاعي وتطوير الخطة الاستراتيجية – التحليل القطاعي – نوفمبر 2022

https://www.unicef.org/tunisia/media/6436/file/analyse-sectorielle-education-2022.pdf

 

ب) على مستوى النسبة  الصافية  للالتحاق بالتعليم

 


 

إن كان على مستوى المدرسة الابتدائية، لا يوجد فرق كبير في صافي معدلات الالتحاق بالمدارس بين المناطق الحضرية والريفية بل أن معدل الالتحاق في الوسط الريفي بالتعليم الابتدائي يفوق معدل الوسط الحضري،  فإن الوضع يتغير عندما ننتقل إلى المرحلة الإعدادية،  وخاصة إلى المرحلة الثانوية، إذ تصل الفجوة إلى   13.2  نقطة بالمرحلة الإعدادية و16.5 نقطة في المرحلة الثانوية . ونتيجة لذلك، أقل من نصف أطفال المناطق الريفية يلتحقون بالتعليم الثانوي بينما تتجاوز هذه النسبة 60 % في الوسط الحضري.

إن هذا وضع يبعث على القلق لأنه ربما يعكس فقدان الثقة في جدوى مواصلة التعليم الثانوي، خاصة بين التلاميذ في المناطق الريفية، ولكن أيضًا بين التلاميذ في المناطق الحضرية ولو بدرجة أقل.

 

ج-  تفاوت  كبير في معدل الإنهاء الدراسي بين الوسطين الريفي و الحضري 

 إن أطفال الأوساط الريفية الذين  ينجحون في الالتحاق بأي مرحلة تعليمية  ليس لهم نقس الحظوظ  لإنهائها  إذ تعد معدلات إنهاء الدراسة أفضل بكثير في المناطق الحضرية سواء في المرحلة الابتدائية (95% مقابل 86.5%) أو في المرحلة الإعدادية (  (79.6%مقابل 58.4%) وخاصة في التعليم الثانوي حيث يكون احتمال إكمال التلميذ الذي يعيش في منطقة حضرية


ضعف احتمال إكمال الدراسة للتلميذ الذي يعيش في وسط ريقي (41.3% مقابل 22.8%).

ففي المرحلة الإعدادية ، 4  تلاميذ فقط من كل 10 تلاميذ  من المناطق الريفية يستكملون  دراستهم مقابل  8 تلاميذ من كل 10 من المناطق الحضرية ، و يتفاقم الوضع في المرحلة الثانوية حيث لا يكمل حوالي 8 من كل 10 تلاميذ  من الريف دراستهم مقابل 6 من كل 10 تلاميذ من الحضر.

د – على مستوى تملك المهارات الأساسية في القراءة و في الحساب : يتقن التلاميذ الذين تتراوح أعمارهم بين 7 و14 عامًا في المناطق الريفية مهارات القراءة والحساب الأساسية بشكل أقل من تلاميذ الحضر



لقد رأينا في القسم الأول من هذه الورقة  أن  مسح 2023 قد بيّن بأن نسـبة  الأطفال الذين تتراوح أعمارهـم بيـن 7 و14 ً عامـا الذين يتملكون  المهارات الأساسية  قد تراجعت مقارنة بسنة 2018 و أنها في مستوى متدنّ   و بين مسح 2023  أنها تتأثر  بشكل واضح بالجغرافيا إذ نسجل تفاوتا واضحا بين النسبة  المسجلة بالوسط الحضري و تلك المسجلة في الوسط الريفي في القراءة ( فارق يصل إلى 20.4 نقاط)  و فارق أقل لكنه يظل  هاما في الحساب ( فارق يصل إلى 9.2 نقاط) بحيث أن 5 أطفال من 10  في الريف لا يتملكون المهارات الأساسية في القراءة ( مقابل 3 من 10 في صفوف تلاميذ الحضر) وفي الحساب 8 من 10 لا يتملكون المهارات الأساسية ( مقابل 6 من 10 تلاميذ الحضر ).

2)  الوضع المادي للعائلة يؤثر كثيرا على مسار الأطفال.

أ- الثروة  تؤثر  كثيرا في المعدلات الصافية للالتحاق بالتعليم



 

إذا كان معدل التحاق أطفال الأسر أكثر فقرا في المدارس الابتدائية يتجاوز معدل التحاق أطفال الأسر الأكثر ثراء، فإن الوضع يتغير عندما ننتقل إلى مستوى الإعدادي  وخاصة  إلى مستوى الثانوي أين تصل الفجوة بين أطفال الأسر الأكثر فقرا وأطفال الأسر الأكثر ثراء 40 نقطة، أي أن أكثر من 6 من كل 10 أطفال الفئة الأولى لا يكملون تعليمهم الثانوي بينما  تكون نسبتهم أقل من 3 من كل 10 أطفال من الفئة الثرية . وهذا وضع مقلق للغاية وربما يعكس فقدان الثقة في فائدة التعليم الثانوي المستمر بين أطفال الأسر الأكثر فقراً، كما ذكرناه أعلاه.

ب – إن حظوظ أبناء العائلات الأكثر فقرا في إنهاء تعلمهم أقل من أبناء العائلات الغنية.

 

 

وإذا اهتممنا بمعيار إكمال الدراسة، فإن عدم المساواة يصبح أكثر وضوحا، فإذا كان أكثر من 9 تلاميذ من كل 10  تلاميذ ينتمون للأسر الأكثر ثراء يكملون  دراسة المرحلة الإعدادية ، فإن الأمر مختلف كثيرا بالنسبة إلى أطفال العائلات الأكثر فقرا (  أقل من 5  تلاميذ من كل 10) ؛ وتتعمق الفجوة  بالمرحلة الثانوية  (6 تلاميذ من كل 10  تلاميذ ينتمون للأسر الأكثر ثراء مقابل أقل من 2 من كل 10 تلاميذ من العائلات الأكثر فقرا).  في هذه الحالة هل يجوز أن نتحدث عن تكافؤ الفرص ؟

ج) يتقن أطفال الأسر الثرية مهارات القراءة والحساب الأساسية بشكل أفضل



وإذا نظرنا إلى المعيار الأخير المتعلق بإتقان مهارات القراءة والحساب الأساسية نجد وضعا مشابها للمعيار السابق، إذ نجد 8 من كل 10 تلاميذ من العائلات الأكثر ثراء يتقنون مهارات القراءة الأساسية فإنهم في الأسر الأكثر فقرا  أقل من 5 من 10 ؛ والوضع متطابق في مهارات الحساب الأساسية (ما يقرب من 5 من كل 10 تلاميذ من العائلات الأكثر ثراء مقابل أقل من 2 من كل 10 تلاميذ من الأسر الأكثر فقرا  ”.

4 ) المستوى التعليمي للأمهات  يؤثر بشكل واضح في المسار التعليمي للأطفال

أ) تتأثر معدلات الالتحاق بالمدارس بشكل مباشر بمستوى تعليم الأمهات.


 


ب) يتأثر تملك المهارات الأساسية بمستوى تعليم الأمهات

 



 

خلاصة القول إذا تجمعت آثار الجغرافيا و الوضع الاجتماعي للعائلة و المستوى التعليمي للأمهات تكون النتيجة سلبية على أداء المنظومة التربوية من حيث  الإنصاف و تساوي الفرص بين التلاميذ و لكن ما هي السبل للحد من تلك الآثار ؟

الجانب الإيجابي

في واقع الأمر لم يفرز مسح 2023 سوى جانب ايجابي وحيد  و هو يخص أداء الفتاة المتميز،  فهي تتفوق على الذكور بالرجوع  إلى جميع المؤشرات  سواء في نسـب الالتحاق الصافيـة بالمـدارس الابتدائية و الإعدادية و الثانوية   أو في معدلات  الإنهاء الدراسي أو في اكتساب  المهارات الأساسية  في القراءة و الحساب كما تجسمه الرسوم البيانية التالية.

 

أ- النسب  الصافية للالتحاق للتعليم

 


 

ب - -  معدل إنهاء الدراسة



 

ج – تملك المهارات الأساسية في القراءة و الحساب



 

 

المنجي عكروت متفقد عام للتربية متقاعد و ابراهيم بن عتيق، أستاذ أول متميز

تونس – فيفري 2024.

Pour accéder à  la version FR, cliquer ici



[1] https://www.ins.tn/evenements/atelier-pour-la-diffusion-des-resultats-de-lenquete-mics

[2] MICS: Multiple Indicator Cluster Surveys

[3] سنعتمد المصطلحات التي جاءت في الوثيقة الرسمية  التي نشرتها اليونسيف

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire