الهادي بوحوش |
يوم 12 فيفري 2024 ، قامت وزارة الاقتصاد و التخطيط و المعهد الوطني للإحصاء ومنظمة اليونسيف بعرض نتائج المسح الوطني العنقودي متعدد المؤشرات الذي أنجز سنة 2023.
ما هو المســح العنقودي متعدد
المؤشرات ( MICS) [2]؟ "هــو برنامــج دولـي تـم تطويـره بدعـم
مـن منظمة اليونيسـف لإجراء مســوح تمكّــن مــن تقييــم وضــع الأطفال
والنســاء ولمتابعـة التقـدم المحـرز فـي
إنجــاز أهـداف التنميـة المسـتدامة على مستوى الدول" وقــد تــمّ إجـراء 363
مســحا فــي أكثــر مــن 120 دولــة خلال 29 ســنة.
تــم
إنجــاز هــذا المســح مــن قبــل المعهــد الوطنــي للإحصاء تحــت إشراف وزارة
الاقتصاد والتخطيــط بدعــم مــن اليونيســف وبمســاهمة ماليــة مــن الوكالــة
الأمريكية للتنميـة الدوليـة و البنـك الألماني للتنميـة.
و قد سبق أن أنجزت البلاد التونسية 4
مسوحات سنوات 2000 و 2006 و 2012 و
2018 وهذه هي النسخة الخامسة التي شـملت
" عينـة متكونـة مـن 11.000 أسرة
موزعــة علــى كامــل تــراب الجمهوريــة : 7326 أســرة في المناطق الحضرية الريفيــة، و 3674 بالمناطق الريفية وبلغــت نســبة
الاستجابة 90 %".
و
أنتج المسح 183 مؤشرا يتعلق بوضعية الأم و الطفل و ستهتم المدونة في هذه الورقات
بالمؤشرات التي تتعلق بالتربية و التعليم التالية[3]:
- نسب الالتحاق بالبرامج التّربوية للطفولة المبكرة بالنسبة إلى الأطفال
التي تتراوح أعمارهم بين 3 و 4 سنوات و نسب المشاركة في التعليم الرسمي (سنة واحدة أصغر من
العمر للالتحاق بالمدرسة الرسمية الابتدائية) السنة التحضيرية.
- النسب الصافية للالتحاق بالتعليم الابتدائي و المرحلة
الثانية من التعليم الأساسي و التعليم الثانوي.
- معـدلات
الإنهاء الدراسـي فـي المرحلـة الابتدائية و المرحلة
الثانية من التعليم الأساسي والتعليم الثانوي.
- نسب تملك المهارات الأساسية في القراءة و في الحساب
بالنسبة إلى الأطفال بين 7 و 14 سنة.
سمح لنا تحليل نتائج المسح بالحصول على عدة استنتاجات أغلبها مزعجة و قليلها مرضية.
أولا - الظواهر المزعجة
أكّد المسح التطور المقلق للغاية الذي تشهده المدرسة التونسية في السنوات الأخيرة، حيث تظهر مقارنة نتائج مسح 2023 مع نتائج مسح 2018 تراجع أغلب المؤشرات..
الجانب الأول: انخفاض أداء المنظومة التعليمية الذي يتجلى من خلال :
1) تراجع النسبة الصافية[4] للالتحاق بالتعليم الابتدائي والإعدادي.
وقد شمل هذا الانخفاض جميع
الأوساط و الفئات السكانية: الحضرية والريفية منها، والأسر الأكثر ثراءً والأشد
فقراً، والأطفال الذين تابعت أمهاتهم التعليم الجامعي وأولئك الذين كانت أمهاتهم
بدون مستوى تعليمي. وأخيرا، أثر هذا الانخفاض على الأولاد والبنات على حدّ السواء.
و
لم يستثن من هذا التراجع سوى التعليم الثانوي الذي شهد استقرارًا بين 2018 و 2023
2) تراجع معدلات الإنهاء
الدراسـي
سجل معدل الإنهاء الدراسـي[5] تراجعا بين عامي 2018 و2023 و شمل هذا التراجع المراحل التعليمية الثلاث، لكن إذا كان التراجع ضئيلا وغير دال بالمرحلتين الابتدائية والإعدادية (إلّا 2.5 نقطة و إلّا 1.4 نقطة على التوالي)، فقد كان مرتفعا في مستوى التعليم الثانوي (-13.3 نقطة).
شمل تراجع معدل الإنهاء الدراسي في المرحلة الثانوية بين عامي 2018
و2023 جميع الفئات، لكنه كان واضحا بصفة خاصة بين الأسر الأغنى إذ سجلنا الانخفاض
الأكبر (انتقل المعدل من 79.8% إلى 59.4% أي تراجع بــ 20.4 نقطة)، كما كان
التراجع أعلى في المناطق الحضرية (-15.7
نقطة) منه في المناطق الريفية (-6.8 نقطة)، وأخيرا، فهو أعلى في صفوف الذكور مما
هو بين الفتيات (-15 نقطة مقابل -10.6
نقطة).
(3 تراجع طفيف للمهارات
الأساسية في القراءة و تحسن طفيف للمهارات الأساسية
في الحساب
وسعى المسح إلى تقييم
مهارات القراءة والحساب الأساسية لدى الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 7 إلى 14
عاماً، وأظهرت النتائج انخفاضاً طفيفاً في نسـبة الأطفال الذيــن يمتلكــون
مهــارات أساســية فــي القــراءة ســنة 2023
( %64) ) مقارنــة بســنة 2018
(%66).أي (- 2 نقطة)، و قد شمل هذا التراجع كل الأوساط و الفئات باستثناء أطفال
الأسر الأكثر فقراً حيث ارتفعت نسبة من يتملك المهارات الأساسية في القراءة من
45.2 عام 2018 إلى 46.8% عام 2023.
وهكذا
فإن مسح 2023 قد أكد لنا إحدى تناقضات نظامنا التعليمي وأحد مظاهر فشله، فقد
سبق أن ذكرنا أعلاه بأن معـدل
الإنهاء الدراسـي فـي المرحلـة الابتدائية كان مرتفعا جداً يتجاوز 90%،
غير أن المسح أظهر لنا أن 64% فقط من
الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 7 و14 عامًا (أي أن نسبة منهم قد أكملت نظريًا
التعليم الابتدائي) تملكوا المهارات الأساسية في القراءة وأن 31.7% فقط تملكوا
المهارات الأساسية في الحساب ، مما يعني
أن 7 من كل 10 أطفال تقريبًا لا يتملكونها .
ومع ذلك، نعلم أن التلميذ الذي يبدأ تعليمه الإعدادي دون أن يكون
قادرا لا على قراءة نص بسيط و لا على
فهمه، فهو مهدد بالتعثر في
دراسته و غالبا ما ينتهي به الأمر إلى
الانقطاع دون أن يكتسب المهارات الأساسية الضرورية للحياة، و قد بيّن لنا المسح أن
7 فقط من بين كل 10 تلاميذ يستكملون دراستهم الإعدادية وأن أقل من 4 فقط من بين كل 10 تلاميذ يستكملون دراستهم الثانوية، وتؤكد الإحصائيات
الرسمية لوزارة التربية هذه البيانات حيث أنه في نهاية العام الدراسي 2021/2022،
34.7% من تلاميذ السنة السابعة أساسي هم
في حالة إخفاق (23.9% أعادوا السنة
و10.8% غادروا مقاعد الدراسة ، أي حوالي
24,230 تلميذا).
مقتطف من تقرير مهمة دعم وزارة التربية لتعميق التحليل
القطاعي وتطوير الخطة الإستراتيجية – التحليل القطاعي – نوفمبر 2022 –
اليونسيف. “يكشف العديد من الملاحظين والفاعلين في القطاع عن وجود نسبة
معينة من الأمية بين التلاميذ الذين يصلون إلى المرحلة الإعدادية، ويستنكرون
عدم وجود تدابير مرافقة عند اعتماد خيار الانتقال شبه الآلي من سنة إلى أخرى في
المدرسة الابتدائية، والالتحاق بالتعليم الإعدادي مما يقلل بشكل مصطنع معدلات التسرب من
الدراسة ولكن على حساب المؤهلات الكافية. تبدأ مشاكل النجاح
الدراسي في المرحلة الإعدادية حيث لا يكمل ربع التلاميذ المرحلة الإعدادية وتزداد في المرحلة الثانوية حيث لا يكمل نصف
التلاميذ المرحلة ... ...تحقق الفتيات أداء
أفضل من الفتيان مع اتساع فجوة الأداء من 17% في المرحلة الإعدادية إلى 43% في
المرحلة الثانوية. ويترجم ذلك أيضًا ارتفاع معدل التسرب بين الفتيان في المدارس المتوسطة وفي المعاهد الثانوية. إن الفوارق في النجاح
حسب البيئة وحسب مستوى العيش، والتي تظل محدودة في المرحلة الابتدائية، تصبح
واضحة وبارزة في المرحلتين الإعدادية و
الثانوية. وبالتالي، فإن التلميذ من الأسر الأكثر فقراً لديه فرصة واحدة من كل
اثنين تقريبًا لاستكمال التعليم الإعدادي وفرصة واحدة من كل أربعة لإكمال
التعليم الثانوي. وتبلغ هذه النسب على التوالي 95% و75% للتلاميذ من الأسر
الأغنى.
وبالتالي، فإن الفوارق الاجتماعية والاقتصادية تميز بقوة
النجاح المدرسي وأداء التلاميذ. يتم الحفاظ على هذا التفاوت من خلال ظاهرة
المؤسسات النموذجية و الدروس الخصوصية .... اليونيسف – مهمة دعم لوزارة التربية والتعليم لتعميق
التحليل القطاعي وتطوير الخطة الإستراتيجية – التحليل القطاعي – نوفمبر 2022 |
انتهى القسم الأول – يتبع
المنجي عكروت متفقد
عام للتربية متقاعد و إبراهيم بن عتيق، أستاذ أول متميز
تونس – فيفري 2024
POUR ACCEDER A LA VERSION FR, CLIQUER ICI
[1] https://www.ins.tn/evenements/atelier-pour-la-diffusion-des-resultats-de-lenquete-mics
[2] MICS: Multiple Indicator Cluster Surveys
[3] سنعتمد المصطلحات التي جاءت في
الوثيقة الرسمية التي نشرتها اليونسيف
[4] النسبة الصافية
للالتحاق بالتعليم هو عدد التلاميذ في السن الرسمي لمتابعة التعليم في مستوى
تعليمي ما المسجلين في أي مستوى تعليمي
على مجموع الفئة الفئة العمرية الرسمية
الموافقة لذلك المستوى .https://uis.unesco.org/fr/glossary-term/taux-net-total-de-scolarisation
[5] معدل الإنهاء الدراسـي
يعطينا عدد الأطفال من فئة عمرية معينة الذين أنهوا المستوى التعليمي المقابل
للفئة.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire