lundi 7 janvier 2019

منشور موجه إلى السادة رؤساء المؤسسات التربوية حول إملاء الدروس.



هادي بوحوش
تقدم المدونة البيداغوجية هذا الأسبوع منشورا أصدره مدير التعليم العمومي سنة 1904 موجه إلى رؤساء المؤسسات التربوية بالبلاد التونسية يشهر فيها بممارسة كثيرة الانتشار بين المدرسين و يدعوهم للإقلاع عليها و هي  إملاء الدروس على التلاميذ.  لكثرة عيوبها من جهة  و "تعارضها مع نص البرامج الجديدة وروحها".

ورغم مرور قرابة القرن والربع عن صدور هذا المنشور فإننا لن نبالغ إذا قلنا أنه مازال صالحا حتى يومنا هذا إذ أغلب المدرسين في جل المواد يواصلون الاعتماد على الإملاء في تدريسهم رغم  التنبيه إلى عقمها  وسلبياتها.


نص المنشور
" لم نفوّت، في مختلف المناسبات ، الفرصة  كي  نلفت انتباهكم الى النتائج المؤسفة   لعادة  إملاء الدروس على التلاميذ، وكنّا قد طلبنا  منكم  التخلّي عنها.
و خلال زيارتهم الأخيرة إلى البلاد التونسية لاحظ لنا السادة المتفقون العامّون ،  أنه  في بعض الفصول من مدارسنا الكبرى ، يواصل بعض الأساتذة  القيام  بإملاء الدروس  على تلاميذهم وأعربوا عن الرغبة في  التخلي التام عن هذه الممارسة، التي لا تمثل سوى عيوب فقط و تتعارض أيضا مع نص البرامج الجديدة وروحها.
إنه ممّا لا شكّ فيه أن ساعات التعليم لا يجب أن تستخدم لفرض عمل ميكانيكي بحت على التلاميذ لا يكتسي أي فائدة لتكوين عقولهم. فالتلميذ الذي يكون منغمسا في القيام بمهمة الناسخ، و التي ينجزها في كثير من الأحيان بشكل رديء لن يكون لديه الوقت للاهتمام بمعنى ما  كان بصدد كتابته. و عندما  يعيد قراءة مذكراته التي دوّنها على عجل ( مع العلم أنه لا يراجعها دائما)  فإنه يتوقّف على كلّ سطر بسبب سهو عن كلمات أساء فهمها  أو هي مشوهة، مما يجبره على  إضافة مهمّة أخرى أكثر جهدا  إلى  المهمّة الأولى عديمة الفائدة.
و نتيجة لمثل تلك الممارسة لم يعد القسم  ذلك المكان الذي  ينبغي أن يكون  عليه  أي فضاء لنشاط  دائم للعقل  الذي يبقى  في حالة يقظة مستمرة.  ويفقد عمل المدرّس كلّ فعاليّة  ولم تعد كلماته  تشدّ انتباه التلميذ  ، تلك الكلمات التي كان يتابعها بعناية و انتباه  عندما كان المعلّم يحاول تفسير ما استعصى فهمه ، أو حين يساعده على الفوز بما فاته من أفكار و معان ، أو عندما يعينه على  تذوّق جمال نص من النصوص، وتسلسل الوقائع التاريخية، ودقة البرهنة .
و أمّا من   جهة  أخرى فلا تعوزنا  الكتب المدرسية المناسبة  للتعليم الموجهة لكافة أقسام  مؤسّساتنا. و بإمكان أيّ معلّم   أن يختار  من بينها الكتاب الذي يبدو له أكثر اتساقا مع وجهات نظره الشخصية والأكثر ملاءمة لتلامذته،  حتى وإن رأى  إضافة   ما يراه مفيدا إليه  أو طرح ما اعتبره دون ذلك .
ونتيجة لذلك، يشرّفني  أن أطلب منكم  دعوة الأساتذة في مؤسّستكم إلى  الامتناع عن إملاء  أيّ درس من الدروس من هنا فصاعدا  .
تونس، 2 ديسمبر 1904
.
مدير االتعليم العمومي : لويس ماشول.
النشرة الرسمية للتعليم العام، أكتوبر، نوفمبر، ديسمبر 1904 - رقم 46

حيرة مدرسة  مبتدئة   أمام مسألة   إملاء الدروس من عدمه و ردّ  ( 10 سبتمبر 2016)

لقد أنهيت للتو أسبوعي الأول من التدريس وأنا مندهشة لرؤية أن أقسام تضم ، من الناحية النظرية ،  تلاميذ جيدين  و يحذقون اللغة الفرنسية ،  تبقى تائهة إذا لم أقم بإملاء الدرس. وعلى ما يبدو هذا هو الحال في جميع المواد. كيف تتصرفون مع أقسامكم ؟ هل  الوضع هو نفسه في كل مكان؟
إنني لا أعرف كيف سأدير درس  فلسفة ، هل سأجبر على  التوقف كل 30 ثانية لتكرار كل عبارة  ثلاث مرات (وكتابة كلمات بسيطة  على السبورة أو تهجئتها  وكأن التلامذة   سمعوها لأول مرة... ) إنني لا أعلم ماذا سأفعل.

إجابة مدرس محنك

مسألة التدوين الذاتي  من قبل التلميذ هي إشكال حقيقي.
أنا  أعتمد على الإملاء بدرجات متفاوتة   حسب الأقسام ، أعني أنني أقضي وقتًا متفاوتا حسب الحالة  في صياغة حصيلة ما  شرحناه  . ويحصل  ، بالنسبة للأقسام  التي لديها أكثر صعوبة ، أن أطلب من التلاميذ أن يدونوا  بأنفسهم الحصيلة  وأقوم بالتجوال بين الصفوف   للاطلاع على  ما كتبوا . أنا أتحدث هنا عن الفصول التي تجد صعوبة في معرفة متى يجب عليهم التدوين  (بغض النظر عما يجب تدوينه). بالنسبة للآخرين ، فإن  المسألة  تحل تدريجيا  على مدار السنة.
من ناحية أخرى ، فإن الأمر المؤكد أننا لا نتعامل مع طلبة الجامعة فهم لا يعرفون كيف يسجلون حين يتكلم الأستاذ وهم في مرحلة تعلم الطريقة وبصراحة أنا لم أكن أعرف كيف أفعل ذلك.
أما في خصوص المفردات فقد تبدو بالتأكيد البعض منها غريبة أحيانا ( في الأسبوع الماضي سألني تلميذ ما هو القصب؟) ولكني أفضل أن يطرح عليّ التلاميذ الأسئلة.

http://www.neoprofs.org/t105402-dicter-le-cours

تعريب وتعليق الهادي بوحوش والمنجي عكروت، متفقدان عامّان للتربية متقاعدان وابراهيم بن عتيق أستاذ مميز متقاعد
تونس 2016.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire