lundi 17 décembre 2018

الاحتراف في مهن التربية - الجزء الثاني-



هادي بوحوض
تنشر المدونة البيداغوجية هذا الأسبوع الجزء الثاني ( للاطلاع على الجزء الأول - اضغط هنا)  من نص مداخلة قيمة حول "واقع الاحتراف في مهن التربية" قدّمها  الدكتور البشير المكّي عبد اللاوي  المتفقد العام للتربية والأستاذ الباحث بمركز الدراسات الإسلامية بالقيروان في ندوة "التعليم وبناء الدولة الوطنية" التي نظمها المعهد  أيام 2و3و4 ماي 2018 بمدينة القيروان ونظرا لأهمية المداخلة طلبنا من صاحبها أن يسمح لنا بنشرها بالمدونة وقد قبل ذلك فشكرا له على الاستجابة وعلى ثقته في المدونة .


لئن حقق النظام التربوي في تونس نتائج إيجابية تظهر خاصة في نشر التمدرس في أغلب الأوساط الاجتماعية، وتوفير ما تحتاجه الدولة من موارد بشرية في مختلف الاختصاصات، فإن التقييمات الداخلية والخارجية للمنظومة التربوية التونسية بيّنت أن هذا النظام لا يخلو من نقائص جعلت مردوديته محدودة ودون المأمول منه، إذ لم تتحقّق إلا بعض الأهداف التي تم ضبطها في مختلف القوانين منذ 1958 إلى 2002.
ولعلّ من أبرز تلك النقائص "غياب الاحتراف" كما عبّرت عن ذلك وزارة التربية في التقييم الذي ضمنته في كتيب "الإصلاح التربوي الجديد: الخطة التنفيذية لمدرسة الغد 2002 - 2007". فماذا نعني بالاحتراف؟ وما طبيعة حضوره في منظومتنا التربوية؟ وما أهميته؟ وكيف نحقّقه في المجال التربوي؟

1.    تاريخ صناعة التعليم في تونس بعد الاستقلال:
إن الانتباه إلى الغايات القريبة والبعيدة لسلطة الحماية الفرنسية، ينبغي أن لا يجعلنا غافلين عن الفوائد التي حققها للتعليم في تونس خاصة على المستوى الصناعي المهني البيداغوجي. فقد أسهمت التنظيمات الفرنسية في تطوير التعليم بالقطع مع بعض التقاليد التعليمية التي تجاوزها الزمن، ومع بعض المعارف التي فقدت فاعليتها بمرور الوقت[1]. 
ولعل من مظاهر ذلك فرض التنظيمات الفرنسية للنظام والانضباط في كل ما يتصل بمهنة التعليم من التعلم إلى ممارسة التعليم، مثل البرامج والكتب وتكوين المدرسين علميا وصناعيا. ولعل من طريف ما ألزمت به الترشيحيين اللياقة البدنية التي تجعله صالحا لمهنة التعليم، على خلاف ما نلاحظه اليوم في بعض المدارس العليا لتكوين المعلمين[2].
ويفيد تأمل النصوص القانونية وعي الدولة التونسية بأهمية التعليم عموما وبإطار التدريس خصوصا[3]، ولذلك نجدها تبادر بمجرد الحصول على الاستقلال إلى دعم المؤسسات القائمة والمختصّة في تكوين معلمي التعليم الابتدائي، وبعث مؤسسات جديدة مختصة في تكوين أساتذة التعليم الثانوي.
أ- صناعة التعليم في المرحلة الابتدائية: استمرت المدرسة العلوية في العمل، وتدعّمت بإحداث فرع لتكوين المعلمات بمدرسة جول فيري سنة 1911 الذي تحول إلى مدرسة ترشيح المعلمات سنة 1917. فورثت دولة الاستقلال المدرستين ودعمتها بعدة مدارس للمعلمين والمعلمات. ولكن لما كانت تلك المدارس لا تفي بحاجة المؤسسات التربوية إلى المدرسين خاصة مع حرص الدولة على جعل الإطار تونسيا فقط، فقد اتجه إصلاح 1958 إلى بعث شعبة في التعليم الثانوي اسمها "شعبة ترشيح المعلمين"، غير أن هذه التجربة لم تستمر، لأن وجود الترشيحيين مع سائر التلاميذ منع عنهم أي تميز علمي أو تربوي أو تنظيمي. وقد كانت تلك السلبية سببا لدعم مدارس ترشيح المعلمين.
غير أن مدارس الترشيح وإن عرفها الأمر الصادر سنة 1961 "مؤسّسات عمومية عُدّت لتكوين معلّمي ومعلّمات المدارس الابتدائية"[4]، فإن ضغط الطلب على المدرسين جعلها عاجزة عن تلبية حاجة المدارس الناشئة، مما جعل انتداب المعلمين يشمل ثلاثة أصناف: أولهما الترشيحيون المتخرجون من المدارس الترشيحية. وثانيهما المحرزون على شهادة الباكالوريا، أو شهادة انتهاء الدروس الصادقية، أو شهادة التحصيل من جامع الزيتونة. وثالثها المدربون الذين اجتازوا امتحان تأهيل يضبط بقرار[5].
وقد برّر هذا الواقع تنقيح الأمر الصادر سنة 1961 بأمر آخر صدر سنة 1963 ووسّع مهام المدارس الترشيحية حسب ما يقتضيه الفصل 33 منه، وجاء فيه أن "مدارس الترشيح وشعب الترشيح بالمعاهد الثانوية معدة لتكوين معلّمين ومعلمات ومدربين ومدربات للتعليم الابتدائي"[6]. وتم بمقتضاه بعث شعبة لتكوين مدربين ومدربات، فتوسعت مهام المدارس الترشيحية وأصبحت لها ثلاث وظائف: أولها تكوين التلامذة المعلمين والتلميذات المعلمات لمدة ثلاث سنوات. وثانيهما تكوين التلامذة المدربين والتلميذات المدربات لمدة سنتين. وثالثها تنظيم حلقات تربص بيداغوجي وتكوين مهني إي صناعي من أجل التأهيل لمهنة التدريس[7].
ويلاحظ المتتبع للتطور التربوي وما رافقه من نصوص قانونية أن نسق سياسة الاحتراف لم يسر على وتيرة واحدة ولا على نظام واحد، فقد رافق ذلك انطلاق المدارس الترشيحية، ثم شعب ترشيحية بمعاهد التعليم الثانوي، ثم أضيفت شعبة للمدربين داخل مدار الترشيح، ثم تم قبول أصحاب شهائد أخرى مختلفة وأُخضعوا إلى تكوين بيداغوجي سريع، وتم تطويل مدة التكوين مرة واختصارها مرة أخرى. ولكن كل ذلك لم يثن الدولة عن الاجتهاد في بعث مدارس الترشيح، وتكثيف عددها، إلى أن بلغ سنة 1975 - 1976 ثمانية عشرة مدرسة كما يوضح ذلك الرسم البياني التالي[8].


وقد أعقب ذلك التوسع في إنشاء مدارس الترشيح، والرفع من طاقة استيعابها من خلال التوجيه القصري لنسبة تتراوح بين  25 و30% من التلاميذ الذين أنهوا المرحلة الأولى من التعليم الثانوي، ومن خلال انتخاب أحسن العناصر من بين التلاميذ الذين أنهوا تعليمهم بالشعبة العامّة من التعليم الإعدادي للالتحاق بمسلك ترشيح المعلّمين، أعقب ذلك تراجع حاد واضطراب من علاماته غلق مدارس ترشيحية، ثم إعادة فتحها بعد سنة أو سنتين، ثم غلقها مرة أخرى. ولا شك أن نزول الخط البياني لهذه المدارس كما يوضحه الرسم يدل على عدم وضوح الاختيارات، وعلى عدم ملاحظة النمو الديموغرافي للمجتمع.
 ولم يتوقف هذا الاضطراب إلا مرحلة الاستقرار الوزاري مع محمد مزالي وفرج الشاذلي   من 1976 إلى 1986 حيث حافظ الثاني على سياسة سلفه نظرا للاتفاق الحاصل بينهما. فارتفع عدد المدارس وعدد التلاميذ الموجهين إليها.
ولم يمنع ذلك التحسن استمرار الجدل حول تقييم أداء هذه المدارس ومستقبلها، فلئن ظهرت وجهة نظر تدعمها وتسعى لابتكار وسائل لتشجيع النجباء على التوجه إليها سواء أثناء مرحلة التعلم أو أثناء مرحلة العمل، فإن وجهة نظر أخرى تسعى لإنهائها معلّلة ذلك بضعف الإقبال عليها، وبارتفاع كلفة التكوين فيها. وظهرت وجهة نظر ثالثة ترى إنشاء معاهد عليا لتكوين المعلمين يتم توجيه التلاميذ إليها من الناجحين في امتحان الباكالوريا، غير أنّ هذا التصوّر لم ير النور إلاّ في بداية التسعينات مع الإصلاح التربوي لسنة 1991.
واستمرت تلك المدارس فاعلة وحاملة لقاطرة التعليم في البلاد حتى وقت قريب حيث أطاح الفساد بتلك الصروح وضرب المنظومة التربوية في مقتل حتى أن التدارك اليوم والسير في طريق الإصلاح في غاية الصعوبة، لا من جهة المستوى المتدني للمدرسين فقط، ولكن من جهة صعوبة التعامل مع هذه الشريحة التي ليس لها من شخصية المعلم شيء. فقد تم التخلي عن مدارس الترشيح سنة 1991 – 1992، وحل محلها بداية من 1989 - 1990 المعاهد العليا لتكوين المعلمين[9]، ثم سرعان ما تم التخلي عنها هي الأخرى[10]،
وتم اللجوء لانتداب المعلمين من اختصاصات مختلفة بعد أن يتم تكوينهم لمدة محدودة في "معاهد مهن التربية" التي أحدثت لهذا الغرض[11]. ولئن أسندت إلى معاهد مهن التربية مهمة إكساب المترشحين لمهن التدريس والتأطير البيداغوجي والتسيير الإداري في التعليم الأساسي والتعليم الثانوي والتكوين المهني المؤهلات المستوجبة في هذه المهن والوظائف، واستكمال التكوين المعرفي الأساسي للمتكونين، والإسهام في التجديد البيداغوجي[12]، فإن العمل فيها مناسباتي، ويتقاطع مع مؤسسات أخرى تقوم بنفس الدور مثل المراكز الجهوية للتربية والتكوين المستمر، والمركز الوطني للتجديد البيداغوجي، والمركز الوطني لتكوين المكونين في التربية بقرطاج وغيرها من المؤسسات التي تضطلع بنفس المهمة[13].
مما يدعونا إلى التساؤل عن جدوى بعث هذه المعاهد، وعن الأسباب الحقيقة الكامنة وراء إحداثها. ولا شك أن هذا التذبذب في إحداث المؤسسات والتخلي عنها يثير الاستغراب، ويبعث على الحيرة، ويتأكد السؤال عن هذه المسألة إذا علمنا أن الشأن نفسه حدث في بلاد إسلامية أخرى مثل الجزائر.
ب- صناعة التعليم في المرحلة الثانوية: تأخر ظهور المدارس المتخصصة في تكوين مدرسي التعليم الثانوي إلى ما بعد الاستقلال، على خلاف المدارس المتخصصة في تكوين المعلمين فقد ظهرت بمجرد الاحتلال الفرنسي لتونس كما تقدّم بيانه. وقد عرف ظهور دور المعلمين العليا عدة أطوار نختصرها في ما يلي[14]:
دار المعلمين العليا بتونس: بادرت الدولة بإحداث "دار المعلمين العليا" في مفتتح أول سنة دراسية بعد الاستقلال، أي في أكتوبر 1956، من دون انتظار صدور النص القانوني المنظم لعمل هذه الدار. ثم صدر أمر رقم 201 لسنة 1958 مؤرخ في 28 صفر 1378هـ / 13 سبتمبر 1958م يقضي بتأسيس معهد للتعليم العالي يدعى "دار المعلمين العليا"[15]. وتدعمت بذلك مؤسسات التعليم العالي التي كان بعضها قائما زمن الاحتلال بهذه المؤسسة النوعية، حيث حدّد الفصل الأوّل من الأمر المنظم لها أن مهمة دار المعلمين العليا هي "تكوين أساتذة التعليم الثانوي".
واستمرت هذه الدار في النهوض بمهمتها قائمة بذاتها في البداية باعتبارها مؤسسة لها استقلالها الإداري والمالي، إلى إن تم إدماجها بين 1960 و1973 في كلية الآداب والعلوم الإنسانيّة بالنسبة للمختصين في هذا الفرع العلمي، وفي كلية العلوم بالنسبة للمختصين في هذا الفرع العلمي، ويتحصل المتخرج  على شهادته من الكلية التي يتبعها.
ثم عرفت دار المعلمين العليا بتونس الاستقلال مرة أخرى خلال 1973 و1982، وأصبح مقرها في البناية التي يوجد بها الآن المعهد الأعلى للتربية والتكوين المستمرّ بتونس العاصمة، عملا بنظام أساسي جديد ومتطور ومتعدد الاهتمامات بالنظر إلى القانون السابق[16]. ونص الفصل الثاني من الأمر المنظم لها على مهمتها التي يمكن حصرها في ما يلي:.
§         تكوين أساتذة لمعاهد التعليم الثانويّ ومدارس ترشيح المعلّمين، وإطارات للتعليم العالي والبحث العلميّ.
§         تكوين متفقّدي التعليم الابتدائيّ والثانويّ والمنشّطين البيداغوجيّين.
§         تنظيم تعليم أساسيّ لتلاميذها في الاختصاص الذي اختاروه علميا كان أو أدبيا، إلى جانب إعدادهم للقيام بالرسالة التربويّة.
§         تمكين تلاميذها من ثقافة عامّة وتكوين مدنيّ يؤهلانهم لمهامّهم التربويّة.
§         تكوين تلاميذها تكوينا بيداغوجيّا، وقد تتولّي نفس المهمّة بالنسبة إلى سائر الطلبة الذين يختارون مهنة التعليم
§         الإشراف على "ندوات بيداغوجيّة" و"دروس تكميليّة" لتجديد المعلومات لفائدة أساتذة التعليم الثانوي المباشرين ومتفقدي التعليم الابتدائيّ والثانويّ.
§         الإسهام في وضع الدراسات والبحوث ذات الصبغة البيداغوجية.
ثم عرفت دار المعلمين العليا بتونس طورا جديدا، حيث تم حذفها تماما من منظومة التعليم العالي من سنة 1982 إلى سنة 1991، بمقتضى الفصل 132 من قانون الماليّة لسنة 1983 ونصّه "حُذفت مدرسة ترشيح المعلمين العليا بتونس، وتقع إحالةُ مكاسبها للمعهد الأعلى للتربية والتكوين المستمرّ، الذي أحدث بمقتضى الفصل 130 من هذا القانون"[17].
دار المعلمين العليا ببنزرت وسوسة: تم سنة 1980 - 1981 إحداث دار المعلمين العليا ببنزرت[18]، وإحداث دار المعلمين العليا بسوسة[19]. ولئن عُهد إلى دار المعلمين ببنزرت تكوين الأساتذة في مجال العلوم، فقد عُهد إلى دار المعلمين بسوسة تكوين الأساتذة في مجال اللغات والآداب والعلوم الإنسانيّة. وتشترك المؤسستان في القيام بثلاث مهام: أولها تكوين أساتذة التعليم الثانوي وأساتذة مدارس ترشيح المعلمين والمعلمات ضمن شعب الدراسة الخاصة بكل مدرسة. وثانيها الإسهام في إعداد برامج التعليم الثانويّ. وثالثها الاضطلاع بمسؤولية الرّسكلة والتكوين المستمرّ[20].
ولئن اتجهت مهام دار المعلمين العليا ببنزرت وسوسة نحو التركيز والتخصص بالمقارنة مع المهام المنصوص عليها في تنظيم دار المعلمين العليا بتونس التي تم حذفها، فإن تلك المهام مازالت في حاجة إلى الضبط، فما معنى أن يتولى معهد عال لتكوين المدرسين إعداد برامج التعليم الثانويّ؟ ولعل ذلك يعود إلى عدم وجود مؤسسات متخصصة وعدم وجود إطارات مؤهلة لذلك الغرض في تلك الفترة من تاريخ البلاد.
حذف دار المعلمين العليا ببنزرت وسوسة: تم بمقتضى أمر حذف "دار المعلمين العليا" بسوسة ونقل مكاسبها والتزاماتها إلى كلية الآداب بسوسة[21]، كما تم بمقتضى أمر أيضا حذف "دار المعلمين العليا" ببنزرت ونقل مكاسبها والتزاماتها إلى كلية العلوم ببنزرت[22]. وطُوي بذلك ملف المدارس المتخصصة لصناعة التعليم، ولم يبق بالبلاد مؤسسات لتكوين المدرسين.
دار المعلمين العليا بتونس (1): عادت دار المعلمين العليا بتونس للظهور مرة أخرى، وعرفت مرحلتين أثناء هذا الظهور، ولذلك أشرت برقم واحد لهذه المرحلة الأولى التي بدأت سنة 1996. فقد نص القانون المؤسس لها على بعث "دار المعلمين العليا" مقرها تونس العاصمة وتخضع لإشراف وزارة التعليم العالي[23]. فاحتضنها الفضاءُ الكائن ببطحاء الخيل، بحيّ القرجانيّ، مقرُّ مدرسة ترشيح المعلمين بتونس سابقا، ثمّ المعهد الأعلى لتكوين المعلمين بتونس سابقا، ولكن بصورة جديدة ومهام مختلفة عن تلك التي كانت لها في الأطوار السابقة.
وبيّن الفصل الثاني من هذا القانون أن مهمة هذه الدار تتمثل في:
§       تكوين مدرسين ذوي مستوى رفيع في مختلف الاختصاصات ممن تحتاج إليهم مؤسسات التعليم الثانوي ومؤسسات التعليم العالي والبحث العلمي.
§       تمكين تلاميذها من تكوين أكاديمي يؤهلهم للاضطلاع بدور ريادي في النهوض بمستوى التربية والتعليم والبحث في مختلف المؤسسات.
§       إعداد تلاميذها لاجتياز مناظرة التبريز للتعليم الثانوي، وذلك بتنمية إمكانياتهم المهنية وقدراتهم المهنية وما يتطلبه البحث من استعداد.
§       تنظيم كل نشاط بحث من شأنه أن يسهم في تنمية التربية والتعليم بالبلاد.
§       تنظيم كل أنواع الأنشطة التي من شأنها أن تنمي الثقافة العامة لتلاميذها وتكوينهم الاجتماعي.
ويتبيّن من خلال النظر في هذه المهام، ومن خلال النظر في نظام الدراسة المعمول به في دار المعلمين العليا في ثوبها الجديد، وفي طرائق انتساب الطلبة إليها، أن هذه الدار لم تعد مهمتها منحصرة في تكوين أساتذة محترفين للتعليم الثانوي، فقد أضيف لها إعداد مدرسين للتعليم العالي من خلال الإعداد لمناظرات التبريز.
ويتبيّن من خلال النظر في طرق التحاق التلاميذ بهذه المؤسسة، أن التلاميذ لا يلتحقون بدار المعلمين العليا عن طريق التوجيه الجامعي أو عن طريق مناظرة تجرى للراغبين من حاملي شهادة الباكالوريا، وإنما عبر مناظرة تفتح للطلبة المتابعين لدراستهم في كليات أخرى. فيتم قبول عدد معين من المتناظرين الذين اجتازوا بنجاح المرحلة الأولى من التعليم العالي. كما يتم قبول طلبة السنة الثانية من الأقسام التحضيرية لمناظرات الدخول لمدارس المهندسين[24].
ويتبيّن من خلال الاطلاع على عدد المراكز المفتوحة سواء لقبول التلاميذ للدراسة، أو لقبول مواصلة بعضهم التبريز، أن عدد المصرح بقبولهم محدود جدا بالنظر إلى حاجة المدارس الإعدادية والمعاهد الثانوية ومؤسسات التعليم العالي إلى المدرسين.
وندرك من خلال الملاحظات السابقة أن تكوين دار المعلمين العليا في ثوبها الجديد لمدرّسين للتعليم الثانويّ لم يعد من أولوياتها. يؤكد ذلك أن التكوين لا يتم داخل دار المعلمين العليا وإنما في مؤسسات جامعية أخرى يحددها وزير التعليم العالي. وبيان ذلك أن الدراسة بدار المعلمين العليا تدوم 3 سنوات تتوزع كما يلي: سنتان يتابع فيها الطالب دراسته بإحدى مؤسسات التعليم العالي التي يعينها وزير التعليم العالي، ولذلك يتعيّن عليهم التسجيل بهذه المؤسسة لأن شهادة التخرج يتسلمونها منها. وسنة ثالثة مخصصة لإعداد مناظرة التبريز[25]. ولا تضمن دار المعلمين العليا لفائدة تلاميذها إلا دروسا تكميلية في اختصاصاتهم وفي اختصاصات مرتبطة بها، بهدف تعميق التكوين الأكاديمي، واكتساب اللغات الأجنبية، والتكوين البيداغوجي وخاصة في تعلميّة المواد والتمكّن من تقنيات العرض والاتصال، والتكوين في تقنيات الإعلامية[26].
ويتأكد الانحسار في مهام دار المعلمين العليا في نظامها الجديد أن الاختصاصات التي تهتم بها تشمل المواد الأدبية، والعلوم الإنسانية، وكذلك العلوم الأساسية التي تنظم فيها مناظرة التبريز. وعندما ندقق الأمر نجدها تهتم بمواد اللغة والآداب عربيّة والفرنسية والإنجليزيّة، والتاريخ، والجغرافيا، والرياضيات، والفيزياء والكيمياء، والعلوم الطبيعيّة، ثم ألحقت بها الفلسفة، مما يعني أنها لم تهتم بتكوين مدرسين في كل الاختصاصات التي يحتاجها التعليم الإعدادي والثانوي في ذلك الوقت[27].
ونتيجة لهذا الانحسار في المهام وفي عدد المتكونين وفي المواد المقبولة، أصبح الانتداب في التعليم الثانوي قائما أساسا على المتخرجين من الكليات والمعاهد العليا المختلفة، دون أن يكون لهم الاستعداد العلمي والصناعي المتخصص. وقد أثر ذلك تأثيرا سلبيا في مستوى التعليم، وفي ملامح المتخرجين منه، وفي مستواهم، بما لا يخفى على الناظر المتبصر.
وبما تقدّم تكون دار المعلمين العليا في نظامها الجديد قد حافظت على الاسم القديم للمؤسسة كما أحدثت في البداية، واشتركت معها في بعض الأهداف، ولكنها على مستوى النظام وطريقة القبول ومنهجية التكوين مختلفة تماما، مما يعني إفراغ المؤسسة من مضامينها الأساسية. وتعد هذه الخاصية سمة أساسية لأغلب المؤسسات التي تم إنشاؤها منذ أن تولى زين العابدين بن علي السلطة سنة 1987.
دار المعلمين العليا بتونس (2): بينا في ما تقدم أن عودة دار المعلمين العليا للظهور مرة أخرى مرت مرحلتين، وبعد أن بيّنا ملامح المرحلة الأولى، نبيّن الآن ملامح المرحلة الثانية التي أشرت إليها برقم اثنين والتي بدأت سنة 2001. حيث استعادت دارُ المعلمين العليا في هذه الفترة استقلالها وخصوصيّتها، وصارت تنتدبُ المدرّسين الذين يؤمّنون التدريسَ بها كامل الوقت، وأصبحت الدروس تجري بقاعات المؤسّسة نفسها، على خلاف ما كان حاصلا في المرحلة الماضية. كما أصبحت الدار تسند بنفسها شهائد التخرّج للناجحين في الامتحانات النظرية والتطبيقية، ويطلق على هذه الشهادة "شهادة دار المعلمين العليا"[28]. وفتحت مناظرة لقبول طلبة السنة الثانية الناجحين إلى السنة الثالثة في نظام "إمد" في الاختصاصات التالية: الرياضيات، والفيزياء والكيمياء، والآداب العربية والفرنسية والانجليزية، والتاريخ والجغرافيا، والفلسفة[29].
ولئن عرفت شروط القبول اختلافا من سنة إلى أخرى[30]، فإن الهاجس المادي ظل متحكما في كل القرارات المتخذة من سلطة الإشراف فعوض التكوين الذي يرافق الطالب منذ دخوله الجامعة، يتم قبول الطلبة المنهين للمرحلة الأولى من التعليم العالي حتى تكون تكلفة التكوين أقل. وبهذا يكون الاستثمار في التربية محكوما بالتوازنات المالية التي لا تجعل من التعليم أولوية وطنية، ولا تعبّر عن استراتيجية تعليمية وعلمية بعيدة المدى، وهو ما يفسر التدني المستمر لمستوى التربية والتعليم بتونس حتى أصبح المتخرج من الجامعة والمقبل على التدريس لا يجهل فقط طرق التدريس بل لا يتحكم في مادة اختصاصه وفي لغة تدريسها عربية كانت أو فرنسية أو انجليزية.
وما يهمّنا في هذا السرد التاريخي التأكيد على النقاط التالية:
الأولى: عزم الدولة على إقامة مؤسسات مختصة لتخريج المعلمين والأساتذة القادرين على الاضطلاع بمهامهم على الوجه الأفضل، واختيار هيئة تدريس لهؤلاء التلاميذ المعلمين من بين أفضل المدرسين. غير أن غياب سياسة تعليمية واضحة، واللجوء إلى الحسابات المالية، جعلت العزم على إنشاء جيل من المدرسين المحترفين يفتر، بل يتراجع تماما بإغلاق المدارس المختصة، واللجوء إلى الفوضى، وتقديم التشغيل على التعليم والمعرفة.
الثانية: إن تجربة إنشاء مدارس لتكوين المعلمين والأساتذة وإن لم تكن مثالية، فإنها عبّرت عن وعي النخبة التونسية بضرورة تمهين المدرسين، ونجد نموذجا لهؤلاء وهو محمد الطاهر ابن عاشور الذي أكد في بداية القرن العشرين على ضرورة "أن تدرّس صناعة التعليم قبل انتخاب المدرس للتدريس"[31]، من أجل تخريج معلّمين جدد يستجيبون للتطور ويقدرون على مسايرة تبدل الأحوال. ولئن كانت نتائج هذه المدارس محدودة بالنظر إلى طاقة الاستيعاب في علاقتها بالحاجيات الحقيقية، فقد عبّرت عن عزم الرواد في الدولة التونسية على تأسيس نواة لبعث مؤسسات مختصة في صناعة التعليم على حد عبارة ابن خلدون. ولكن الجيل الذي خلف هؤلاء الرواد لم يكن في مستوى المسؤولية فلم يستفد من تلك التجربة، بل طمسها من أجل حسابات ضيقة لا تعبر عن الشعور بالمسؤولية العلمية والوطنية.
الثالثة: اهتدت وزارة التربية منذ سنتين إلى بعث مؤسسات تعليم عال مختصة في تكوين المعلمين، فأقبل عليها خيرة الناجحين في الباكالوريا، غير أن هذه المبادرة على أهميتها لابستها مجموعة من الهنات بسبب عدم الاستعداد الجيد على مستوى البرامج وعلى مستوى إطار التدريس المؤهل مما يهدّد مستقبلها[32]. كما اهتدت الوزارة إلى بعث شعبة ماجستير مهني يتكون فيها المقبلون على التدريس في التعليم الثانوي غير أنها باءت بالفشل نتيجة ضغوط من المقبلين على التكوين وهي سابقة خطيرة كما قال السيد وزير التربية في مجلس نواب الشعب، لأن ذلك يعبر عن عدم وعي بأهمية هذه الخطوة في إصلاح المنظومة التربوية.
الرابعة: إن نتائج هذا التذبذب في سياسة التكوين والانتداب في غاية الخطورة على حاضر المنظومة التربوية ومستقبلها. ونلاحظ علامات ذلك في الضعف اللغوي والمعرفي وتدني المستوى الأخلاقي لخريجي المدرسة، ومن ذلك أنه تم بث برنامج في إحدى القنوات التلفزية التونسية، ومما ورد فيه أن القناة قامت بتصوير ما كتب في السبورة من قبل معلم نائب ما يلي: "Les enfant prépare ses valise"، فسأله الصحفي: "هل تعلم أن الجملة فيها أخطاء؟"، ارتبك "المُعلم النائب" وأجابه: "أنا فقط أريد أن أدرسهم نطق الحروف". إن الاطلاع على ما يرسم للتلاميذ، وسماع جواب المعلم يعطي عينة تسهم في إجراء تشخيص دقيق لواقع التعليم ببلادنا، وتبرهن على عمق الفاجعة التي لحقت منظومة التعليم في تونس التي أُغدق عليها من الأوصاف ورُفع فيها من الشعارات ما يبشر بثورة ثقافية، غير أنها لم تؤد إلا إلى تدهور المستوى اللغوي والعلمي والأخلاقي.

انتهى الجزء الثاني - يتبع  - للاطلاع على الجزء الأول اضغط هنا 

البشير المكي عبد اللاوي متفقد عام للتربية وأستاذ باحث






 [1]- de donner une bonne méthode d'enseignement. En résumé, l'étude de la langue arabe à l'École normale aura surtout pour objet de réformer, de rendre plus claire, d'aérer pour ainsi dire et de rendre pédagogiquement utilisable la culture précédemment donnée en d'autres milieux.    Bullانتهى الجزء الأول - يتبع
البشير المكي عبد اللاوي متفقد عام للتربية وأستاذ باحث
Pour accéder à la version FR , cliquer icietin Officiel de l’enseignement publique, N° 28 , A 23. Juin 1909. p 621.
 [2]- Constitution physique : Le candidat devra produira un certificat médical constatant son aptitude physique aux fonctions de l'Enseignement. Il sera soumis en outre à un examen médical au moment do son concours.    Bulletin Officiel de l’enseignement publique, N° 28 , A 23. Juin 1909. p 622.
 [3]- يقول الحبيب بورقيبة أول رئيس للجمهورية التونسية بعد الاستقلال في 25 جوان 1958 في كلمته بمناسبة الإشراف على ختم السنة الدراسية وتوزيع الجوائز بالمدرسة الصادقية "ولتنجح هذه البرامج لابد من وجود أساتذة ومعلمين تتوفر فيهم شروط المقدرة والكفاءة والإخلاص. ولقد أعددنا لهذا الغرض مدارس للتكوين المهني حتى نقوِّم المعوج ونكمل الناقص". من كتاب "التعليم في تونس". وهو يضم خطبا ومقالات للحبيب بورقيبة ولمحمود المسعدي كاتب الدولة للتربية القومية. طبع كتابة الدولة للأخبار والإرشاد. ص 20.
 [4]- الفصل 25 من الأمر عدد 14 لسنة 1961 المؤرخ في 3 جانفي 1961 المتعلق بالتعليم الابتدائي.
[5] - الفصل 38 من الأمر عدد 15 لسنة 1961 المؤرخ في 15 رجب 1380 الموافق لـــ 3 جانفي 1961 المتعلق بالقانون الأساسي الخاص بأعضاء هيئة التعليم الابتدائي.
[6] - الفصل 33 من الأمر عدد 342 لسنة 1963 المؤرخ في 4 رجب 1383 الموافق لـــ 20 نوفمبر 1963 المتعلق بالتعليم الابتدائي.
[7] - الفصل 25 و33 من الأمر عدد 342 لسنة 1963 المؤرخ في 4 رجب 1383 الموافق لـــ 20 نوفمبر 1963 المتعلق بالتعليم الابتدائي.
 [8]- الرسم البياني مقتبس من: المنجي العكروت والهادي بوحوش، تاريخ موجز لمدارس ترشيح المعلّمين والمعلّمات في البلاد التونسية منذ الاستقلال : الجزء الثاني. مقال منشور في الموقع التالي:  http://akroutbouhouch.blogspot.com/2017/02/blog-post_12.html
[9]- تم حذف مدرستي ترشيح المعلمين بقفصة وسبيطلة، وعوضتا بمعهدين عاليين لتكوين المعلمين بمقتضى الفصل 98 من القانون عدد 98 لسنة 1991 المؤرخ في 31 ديسمبر 1991. المتعلق بقانون المالية لسنة 1992. الرائد الرسمي عدد 90 السنة 134. الثلاثاء 25 جمادي الثانية 1412 هـ - 31 ديسمبر 1991.
أحدثت ثلاثة معاهد عليا لتكوين المعلمين بالقيروان وقفصة والكاف، بمقتضى القانون عدد 108  لسنة 1990 المؤرخ في 26 نوفمبر 1990.
[10]- تم حذف المعهد الأعلى لتكوين المعلمين بصفاقس في غرة سبتمبر 1996. وأحيلت مكاسبها إلى "مدرسة الفنون الجميلة بصفاقس". قانون عدد 88 لسنة 1996. مؤرخ في 6 نوفمبر 1996.
تم حذف المعهد الأعلى لتكوين المعلمين بتونس، بمقتضى القانون عدد 30 مؤرخ في 5 ماي 1997. الرائد الرسمي عدد 37، السنة 148، مؤرخ في الجمعة 2 محرم 1418هـ - 9  ماي 1997. ص 828.
تم حذف المعهد الأعلى لتكوين المعلمين بجندوبة وقابس، بمقتضى أمر عدد 448 مؤرخ في 23 فيفري 1998. الرائد الرسمي عدد 18، مؤرخ في 3 مارس 1998. ص 433.
تم حذف ثلاثة معاهد عليا لتكوين المعلمين بالقيروان وقفصة والكاف، بمقتضى أمر عدد 669 لسنة 2007 مؤرخ في 22 مارس 2007. الرائد الرسمي عدد 26، مؤرخ في 30 مارس 2007. ص 1052.
تم حذف المعهد العالي لتكوين المعلمين بسبيطلة بمقتضى أمر عدد 4276 لسنة 2007 مؤرخ في 27 ديسمبر 2007. الرائد الرسمي عدد 2، السنة 151. الجمعة 26 ذو الحجة 1428هـ - 4 جانفي 2008م. ص 96.
[11]- أحدثت ثلاثة معاهد بكل من قربة وسوسة وصفاقس بمقتضى الأمر عدد 2116 لسنة 2007. المؤرخ في 14 أوت 2007 المتعلق بإحداث معاهد مهن التربية والتكوين وبضبط تنظيمها وطرق تسييرها. الرائد الرسمي عدد 68 مؤرخ في 24 أوت 2007. ص 3207.
[12]- الفصل الثاني من الأمر عدد 2116 لسنة 2007. المؤرخ في 14 أوت 2007 المتعلق بإحداث معاهد مهن التربية والتكوين وبضبط تنظيمها وطرق تسييرها. الرائد الرسمي عدد 68 مؤرخ في 24 أوت 2007. ص 3207.
[13]- قال لي مدير عام لأحد هذه المعاهد أن الموظفين في مؤسسته يعيشون بطالة مقنعة، إذ يكتفون بتسجيل الحضور، ثم يغادرون.
 [14]- يمكن لمزيد التوسع في معرفة تاريخ دور المعلمين العليا وتنظيمها ومهامها العودة إلى: المنجي العكروت والهادي بوحوش، تاريخ موجز لدار المعلّمين العليا: الجزء الأول. مقال منشور في الموقع التالي:   http://akroutbouhouch.blogspot.com/2017/01/blog-post_23.html
وانظر أيضا الجزء الثاني من نفس المقال السابق، وهو منشور في الموقع التالي:   http://akroutbouhouch.blogspot.com/2017/01/blog-post_23.html
 [15]- الرائد الرسمي عدد 74، السنة 102، الثلاثاء 2 ربيع الأول 1378 الموافق لــــ 16 سبتمبر 1958.
 [16]- الأمر عدد 257 لسنة 1972، المتعلق بإعادة تنظيم دار المعلمين العليا، المؤرّخ في 12 أوت 1972. صدر بالرائد الرسميّ عدد 35، السنة 115، بتاريخ 25 و29 أوت 1972. ص 1279.
 [17]-  القانون عدد 91 لسنة 1982 مؤرخ في 31 ديسمبر 1982 يتعلق بقانون المالية لسنة 1983 - الرائد الرسمي عدد 84 السنة 125 المؤرخ في 31 ديسمبر 1982. ص 3093.
 [18]-  القانون عدد 37 لسنة 1981 المؤرّخ في 9 ماي 1981 بعد أن كانت  فتحت أبوابها في غرّة أكتوبر 1980. الرائد الرسمي عدد 33 السنة 124. الجمعة 15 ماي 1981. ص 1208.
 [19]-  القانون عدد 38 لسنة 1981 المؤرّخ في 9 ماي 1981 بعد أن كانت  فتحت أبوابها في غرّة أكتوبر 1980. الرائد الرسمي عدد 33 السنة 124. الجمعة 15 ماي 1981. ص 1208.
 [20]-  الفصل الثاني من الأمرين عدد 1210 وعدد 1211 لسنة 1985، المؤرّخين في 27 سبتمبر 1985. الرائد الرسمي عدد 70 السنة 128. الثلاثاء 8 أكتوبر 1985. ص 1333، 1335.
 [21]- الفصل عدد 32 من القانون  عدد 127 لسنة 1994 مؤرخ في 26 ديسمبر  1994 المتعلق بقانون المالية لسنة 1995.  الصادر بالرائد الرسمي عدد 103، السنة 137، بتاريخ 30 - 31 ديسمبر 1994. ص 2189.
 [22]- الفصل عدد 33 من القانون  عدد 127 لسنة 1994 مؤرخ في 26 ديسمبر  1994 المتعلق بقانون المالية لسنة 1995.  الصادر بالرائد الرسمي عدد 103، السنة 137، بتاريخ 30 - 31 ديسمبر 1994. ص 2189.
 [23]- قانون عدد 87 لسنة 1996 مؤرخ في 6 نوفمبر 1996 يتعلق بإحداث دار المعلمين العليا. الرائد الرسمي عدد 90، السنة 139. الجمعة 26 جمادي الثاني 1417 – 8 نوفمبر 1996. ص 2561.
 [24]- الفصل الثالث من الأمر عدد 449 لسنة 1997 مؤرخ في 3 مارس 1997. يتعلق بضبط شروط وطرق تنظيم مناظرة قبول التلاميذ بدار المعلمين العليا. الرائد الرسمي عدد 20، السنة 140. الثلاثاء 2 ذو القعدة 1417 – 11 مارس 1997. ص 427.
 [25]- الفصل الثاني من الأمر عدد 451 لسنة 1997 مؤرخ في 3 مارس 1997. يتعلق بضبط الإطار العام لنظام الدراسات والتربصات بدار المعلمين العليا. الرائد الرسمي عدد 20، السنة 140. الثلاثاء 2 ذو القعدة 1417 – 11 مارس 1997. ص 429.
 [26]- الفصل الثالث من الأمر عدد 451 لسنة 1997 مؤرخ في 3 مارس 1997. يتعلق بضبط الإطار العام لنظام الدراسات والتربصات بدار المعلمين العليا. الرائد الرسمي عدد 20، السنة 140. الثلاثاء 2 ذو القعدة 1417 – 11 مارس 1997. ص 429.
 [27]- يصدر كل سنة أمر ينظم مناظرة الالتحاق بدار المعلمين العليا. انظر مثلا: الفصل الثاني والثالث من الأمر عدد 449 لسنة 1997 مؤرخ في 3 مارس 1997. يتعلق بضبط شروط وطرق تنظيم مناظرة قبول التلاميذ بدار المعلمين العليا. الرائد الرسمي عدد 20، السنة 140. الثلاثاء 2 ذو القعدة 1417 – 11 مارس 1997. ص 427.
 [28]- الأمر عدد 2494 لسنة 2001 المؤرخ في 31  أكتوبر 2001 يتعلق بتنقيح الأمر عدد 451 لسنة 1997 المؤرخ في 3 مارس 1997 والمتعلق بضبط الإطار العام لنظام الدراسات والتربصات بدار المعلمين العليا. الرائد الرسمي عدد 89، السنة 144. المؤرخ في يوم الثلاثاء 20 شعبان 1422هـ - 6 نوفمبر 2001. ص 4555.
 [29]- قرار وزير التعليم العالي والبحث العلمي مؤرخ في 2 ماي 2011 يتعلق بفتح مناظرة قبول التلاميذ بدار المعلمين العليا في المواد الأدبية والعلوم الإنسانية والعلوم الأساسية بعنوان السنة الجامعية 2011 – 2012. الرائد الرسمي عدد 32، السنة 154. المؤرخ في يوم الجمعة 2 جمادي الثانية 1432هـ - 6 ماي 2011. ص 615.
 [30]- يمكن ملاحظة ذلك بالاطلاع على قرارات وزارة التعليم العالي والبحث العلمي التي تتخذ في كل سنة لفتح مناظرة قبول التلاميذ بدار المعلمين العليا.
 [31]- ابن عاشور، أليس الصبح بقريب ص 201.
 [32]- درست خلال السنة الجامعية 2017 – 2018 هؤلاء الطلبة، وكانت فرصة لأطلع عن قرب على هذه التجربة، ولاحظت تخبط وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، حيث يصل المدرسين أكثر من برنامج دراسي خلال السنة، إضافة لاضطراب التوقيت واختلاف لغة التدريس من مؤسسة إلى أخرى، والأهم من ذلك عدم وجود إطار تدريس أصلا مما يجعل الطلبة لا يدرسون مادة أو أكثر مما هو مقرر لهم، وأحيانا كثيرة تستدعي الإدارة مدرسين غير مؤهلين علميا وبيداغوجيا للقيام بالمهمة الموكولة إليهم. ويكفي أن أضع بين يدي القارئ الكريم هذا النموذج من الاختبارات المقدمة في مادة تعلمية التربية الإسلامية. قدّم أحد المدرسين نصا حول السيرة النبوية دون توثيق كامل، وأردفه بالأسئلة التالية: الأول: ما هي مميزات السيرة النبوية؟ الثاني: أذكر ثلاثة واجبات لابد للمعلم أن يقوم بها عند تدريس السيرة. الثالث: ما المقصود بتعلمية السيرة؟. ثم طلب هذا المدرّس من الطلبة تحرير مقال انطلاقا من هذا الموضوع: "السيرة النبوية نبع متدفق ومهم للغاية في البناء النفسي والانفعالي لأبنائنا إذا أحسنا استخدامها بطريقة منهجية موظفة. حلل أبعاد هذا القول".
ويدرك من له دراية بالتعلمية عموما وتعلمية التربية الإسلامية خصوصا أن طرح هذا الموضوع ينبئ عما تم تدريسه للطلبة في هذه المادة، وهو كما لا يخفى بعيد الصلة بالمطلوب. ويتأكد ذلك بأجوبة الطلبة التي لا يتسع المجال لنقلها هنا.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire