lundi 10 décembre 2018

الاحتراف في مهن التربية - الجزء الأول-



هادي بوحوش
تخصص المدونة البيداغوجية عدد هذا الأسبوع وعدد الأسبوع القادم لنشر نص مداخلة قيمة حول "واقع الاحتراف في مهن التربية" قدّمها  الدكتور البشير المكّي عبد اللاوي  المتفقد العام للتربية والأستاذ الباحث بمركز الدراسات الإسلامية بالقيروان في ندوة "التعليم وبناء الدولة الوطنية" التي نظمها المعهد  أيام 2و3و4 ماي 2018 بمدينة القيروان ونظرا لأهمية المداخلة طلبنا من صاحبها أن يسمح لنا بنشرها بالمدونة وقد قبل ذلك فشكرا له على الاستجابة وعلى ثقته في المدونة .


مقدمة:
لئن حقق النظام التربوي في تونس نتائج إيجابية تظهر خاصة في نشر التمدرس في أغلب الأوساط الاجتماعية، وتوفير ما تحتاجه الدولة من موارد بشرية في مختلف الاختصاصات، فإن التقييمات الداخلية والخارجية للمنظومة التربوية التونسية بيّنت أن هذا النظام لا يخلو من نقائص جعلت مردوديته محدودة ودون المأمول منه، إذ لم تتحقّق إلا بعض الأهداف التي تم ضبطها في مختلف القوانين منذ 1958 إلى 2002.
ولعلّ من أبرز تلك النقائص "غياب الاحتراف" كما عبّرت عن ذلك وزارة التربية في التقييم الذي ضمنته في كتيب "الإصلاح التربوي الجديد: الخطة التنفيذية لمدرسة الغد 2002 - 2007". فماذا نعني بالاحتراف؟ وما طبيعة حضوره في منظومتنا التربوية؟ وما أهميته؟ وكيف نحقّقه في المجال التربوي؟
                         I.            مفهوم الاحتراف
1.    لغة:
المادة اللغوية لكلمة "الاحتراف" هي (ح، ر، ف)، ولكن الاحتراف مشتق من الفعل المزيد بحرفين، فيقال احترف أي اتخذ عملا معيّنا حرفة له، ولذلك قال ابن منظور إن الحرفة هي اسم من الاحتراف وهو الاكتساب؛ ويقال: يحرف لعياله ويحترف بمعنى يكتسب لهم رزقا من خلال عمله.
. ويلاحظ متتبع الدلالات اللغوية لهذه المادة أنها لا تقف عند هذا المعنى، وإنما ترتقي في اتجاه كسب ما تحتاجه حرفة معينة من مهارات، ولذلك اعتبر ابن منظور المحترف صانعا، كما اعتبر الحرفة صناعة، ويستدعي ذلك كسبا وطلبا واحتيالا، أي بذل جهد مخصوص لتحقيق مقتضيات تلك الحرفة[1].
ويعد التمهين من العبارات البعيدة عن الاحتراف في جذرها اللغوي، ولكنها قريبة منه في معناها. فالــــمَهنة، بفتح الميم، هي الخدمة والعمل، يؤكد ذلك ما ورد في الحديث: «مَا عَلَى أَحَدِكُمْ لَوِ اتَّخَذَ ثَوْبَيْنِ لِجُمُعَتِهِ، سِوَى ثَوْبَيْ مَهْنَتِهِ»[2]. ويحمل هذا الدال حسب ما ورد في المعجم معنى إضافيا وهو حذق الخدمة والعمل ونحوهما[3]. ولذاك تداولت الأدبيات الصادرة عن وزارة التربية المصطلحين أعني الاحتراف والتمهين.
2.    اصطلاحا:
وإذا كان مصطلح الاحتراف والتّمهين كثير التداول في المدونة الغربية، فإنه قليل التداول في المدونة العربية، ولعلنا لا نبالغ إذا قلنا إن الاحتراف في العالم العربي لم ينتشر إلا في مجالي الغناء والألعاب الرياضية. أما في سائر الحرف، وفي التعليم على وجه الخصوص، فقد أثبتت تقييمات وزارة التربية أن الاحتراف غائب عن كل الموارد البشرية العاملة في القطاع التربوي. وهو ما جعل مدرسة الغد التي عمل على إرسائها إصلاح 2002 تضع الاحتراف أحد الرهانات التي تسعى المنظومة التربوية إلى تحقيقها[4].
ويستدعي ذلك بيان مفهوم "الاحتراف" حتى يكون معناه معلوما من قبل المتدخّلين في العملية التربوية ومن سواهم. ولما كان استعمالنا لهذا المصطلح نابعا من المدونة الغربية، فإنه ينبغي أن نعود إليها لتحديد مدلوله عندهم، ومعرفة العبارات القريبة منه استكمالا لمقتضيات فهمه وإدراك حدوده.
يقابل الاحتراف في اللغة الفرنسية  Professionnalitéوهو يعني تحصيل مجموعة من المهارات المهنية اللازمة لممارسة عمل معين.
أما المحترف فيقابلها Professionnel وهو الإنسان الذي يحصّل تلك الكفايات المهنية، وبإمكانه توظيفها في إنجاز عمله، ومواجهة السياقات المتغيرة وغير المستقرة في عالم العمل، ولهذا فإن المحترف ليس له حد ينتهي عنده، ولا يمكن اكتساب الاحتراف بشكل نهائي، بل تتم تنميته بشكل مستمر في ظل وضعيات مختلفة.
أما الاحترافية أو التّمْهِين فهي Professionnalisation أو Professionnalisme فتعني تلك العملية التكوينية التي تستهدف الفرد والمجموعة من أجل تطوير قدراتهم ومعارفهم المهنية مما يجعلهم مؤهّلين للاحتراف، ولذلك يصحّ أن نقول إن الاحترافية هي عمليّة التدريب التي تفضي إلى الاحتراف.
واستفادة من دلالة المصطلحات السابقة يمكن أن نُعرِّفَ الاحتراف بأنه توفّر الكفايات المهنية اللازمة للعاملين في المجال التربوي[5]، سواء كان مأتى تلك الكفايات التجربة المهنية أو التكوين المبرمج أساسيا كان أو مستمرا.
وقد أثار المصطلحان بعض اللَّبْسِ انطلاقا من دلالتيهما اللغوية، فقد أحال معنى الاكتساب باعتباره من دلالات الاحتراف على معنى سلبي وهو الاسترزاق، ويدعى المسترزق مرتزقا أيضا، وهو طلب الرزق بأي طريق كان، أي الذي يقدم خدمة لغيره بمقابل بغض النظر عن نوعية العمل أو الهدف منه. وغالبا ما يطلق هذا الاسم على من يخدم في القوات المسلحة لبلد أجنبي من أجل المال. ولا شك أن هذا مستبعد تماما من اهتمامنا لأننا نتحدث عن المربي والمعلّم الذي يُعدُّ صاحبَ رسالة، ومع نبل عمله وسمو غايته يحتاج إلى مجموعة من القدرات التي تؤهله للنجاح في المهمة التي اختارها.
كما أثار مصطلح التّمْهِين في إحدى دلالاته معنى الامتهان والابتذال، ولا شك أن هذا المعنى غير مقصود في عبارة التّمْهِين التي وردت في الخطة التنفيذية لمدرسة الغد، لأن اشتراك العبارات في المادة اللغوية لا يعني بالضرورة التلاقي في المعنى. وقد سبق أن التّمْهِين الذي نعنيه يدل على حذق صناعة معينة، وليس في ذلك ما يهين بل يعز صاحبه.
3.    غياب الاحتراف:
يفيد التقييم الذي قامت به وزارة التربية سنة 2002 أن الاحتراف غائب أو يكاد في المنظومة التربوية التونسية، فقد جاء في الخطة التنفيذية لمدرسة الغد ما يلي: "يتوقّف تحسين مردود النظام التربوي على تَوفُّر موارد بشرية رفيعة الأداء (مدرسين، إطار إشراف بيداغوجي، وإداري وقيمين) ذلك لأن تسيير المؤسسات التربوية وتنظيم شؤونها يتطلب فضلا عن التحمّس لمثل هذه المهن درجة عالية من الاحتراف مما لا يتوفر حاليا، إذ لا يتلقى المربون على اختلاف أصنافهم أي تكوين أساسي في هذا الصدد"[6].
والسؤال الذي يتبادر إلى الذهن هنا ما المقصود بالاحتراف الغائب؟ هل هو الاحتراف القائم على التجربة الذاتية والموروثة، أم الاحتراف المتأتي من تكوين مؤسساتي هادف؟ لا شك أن المقصود هو ذلك الاحتراف الناشئ عن التكوين المهيكل لكل المقبلين على المهن التربوية، أما الاعتماد على التجارب الذاتية والاستئناس بتجارب السابقين من المعلمين والأساتذة فلا يغيب عن أحد من المدرسين وإن بدرجات متفاوتة من الوعي والنضج.
ولهذا يفيد التأمل في تاريخ المدرسة التونسية أن غياب الاحتراف ليس كليّا، بدليل أن المدرسين يعتمدون التجربة الذاتية والحدس الخبري والعصامية في التكوين، والاستئناس بتجارب الآخرين. وهذا عام في كل الحرف، نراه في أمناء الأسواق وفي بعض الحرف الأخرى كالنجارة والحدادة التي يتعلمها الأطفال بالحضور مع آبائهم أو غيرهم من أصحاب الصنائع.
ويستفاد من ذلك أن الاحتراف المنشود هو الذي يعوّل فيه على التجربة ولا يقف عندها، بحيث يأخذها ويضعها ضمن هيكل يجمع تلك العناصر ويؤلّف بينها، ويضيف إليها ما استجد في عالم المهن عموما وفي مهنة التعليم على وجه الخصوص. ويصبح التكوين بذلك مقصودا ومقنَّنا، معلومة معالمه ومحددة أهدافه، ضمن استراتيجية تجعل الاحتراف قاعدة كل مهنة من مهن التربية تتحقّق وفق تمشّ تكويني وإشهادي بمعايير مضبوطة.
ولذلك فإن هيكلة الخبرة ضمن مجموع الكفايات المهنية لا يعني القطع مع الخبرات السابقة في عالم التربية، لأن التربية ليست معبدا وإنما ورشة، مما يجعل للخبرات السابقة أهمية بالغة، ولكنها لا تقبل في شكل ركام ولا على علّاتها. ويتبيّن مما تقدّم أن الحرفيّة المقصودة عندنا لا يعوّل فيها على التجربة فقط ولا على البحوث النظرية فحسب، وإنما تلك التي تجمع في تلاق خلاّق بين العقل والتجربة، على خلاف ما ذهب إليه Philippe Perrenoud [7] الذي يرى أن "مرجعية ممارساتنا التربوية تشكو من إفراط في العقلانية"[8]، ولعل ذلك تعبير منه عن محيطه الثقافي والتربوي، لذلك نراه يعدّل رأيه بعد ذلك ويقول إن الاحترافية "ليست نظيرا لعقلانية شاملة وإنما مزاوجة ناجحة بين العقل والذاتية"[9]. وبهذا يتأكد ما أشرنا إليه سابقا وهو أن الاحتراف يتطور في ظل الحرية والاستقلالية المقترنة بالمسؤولية في إطار خطة تربوية معلومة الأهداف بيّنة الوجهة.
ولعل أهم ما يستهدفه هذا التلاقي بين العقلاني والتجريبي هو الاحتراف الذي يعني الاستعداد لغير المتوقّع وحسن التصرّف مع غير المنتظر، وذلك بالتعامل مع الوضعيات الطارئة بقدر من الذكاء يسمح له باستنفار معارفه وقدراته لمعالجة ما يستجد من الوقائع، ولعل ذلك ما قصده Perrenoud, Philippe عندما عنون كتابه بـــ: «Enseigner: agir dans l’urgence».
ولئن كان التوجه نحو الاحتراف حاضرا قبل الاستقلال وبعده كما سنرى لاحقا، فإن الغائب اليوم هو ذلك التكوين الذي تتولاه مؤسّسات مختصّة تجمع بين التجارب الذاتية والتكوين العلمي المبرمج وفق ضوابط منهجية صارمة.
4.    مظاهر غياب الاحتراف: ويمكن بيان بعض علامات غياب الاحتراف في مظاهر كثيرة منها:
أ- يباشر أغلب المدرسين في مختلف اختصاصاتهم ومستوياتهم وفي كل مراحل التعليم من الروضة إلى التعليم العالي مهامهم بمجرد تخرجهم من المعاهد والكليات دون تكوين صناعي يؤهلهم لمباشرة تلك المهام، رغم تدريس مادة التربية وطرق التدريس وعلم النفس التربوي في السنة الأخيرة ولكن بحيز زمني محدود وضارب ضعيف لا يعطيها المكانة الجديرة بها[10]، ورغم إحداث مدارس ترشيح المعلمين ودار المعلمين العليا، غير أن عملها كان غير منتظم كما سنبيّن ذلك لاحقا، مما جعل أغلب المنتدبين للتعليم في كل مراحله الابتدائي والثانوي والعالي يفتقدون الكفايات المستوجبة لممارسة مهنة التعليم، كما أن أغلب الروضات يعمل بها من ليس له أي تكوين علمي، فضلا عن أن يكون لهم اختصاص في رعاية الأطفال.
واشتدّ هذا الانخرام أخيرا في التعليم الثانوي، حيث سمحت وزارة التربية لحاملي الشهادات العليا بالمشاركة في مناظرة من أجل الدخول في مرحلة التكوين في نطاق الماجستير المهني تفضي لانتدابهم في التعليم دون مراعاة الاختصاص العلمي والتكوين الأساسي، فقد أجازت لكل أحد أن يترشح في الاختصاص الذي يريده، دون التقيّد بالاختصاص الذي تكوّن فيه والذي يحمل فيها شهادة علمية. وسيهدّد هذا التوجه سلك مدرسي الثانوي ويلحقه بالهاوية التي تردّى فيها سلك المدرسين في الابتدائي. ولا نملك الآن تعليلا لهذا التوجه، ولكننا نملك تفسيره، وهو اندراجه في الفوضى التي غلبت على المؤسسات الحكومية ومنها وزارة التربية في هذه المرحلة من تاريخ البلاد[11].
أما مدرسو التعليم العالي فحدث ولا حرج، فالصناعة عندهم غائبة تماما، بل كل حديث عنها في الوسط الجامعي يقابل بالاستغراب والاستهجان la ، ولذلك ترى الفوضى تعم كل مجال من مجالات هذا التعليم. ولعل نتائج جامعاتنا على المستوى الدولي تنبئ بذلك وتغني عن كل تعليق.
ب- أما المتفقدون قبل 2004 فقد كانوا يجتازون مناظرة كتابية وتطبيقية وشفوية، ثم يتلقون تكوينا صناعيا سريعا يلتحقون إثره بعملهم، ورغم ذلك كان أداؤهم مقبولا، ومردودهم حسنا. أما من جاؤوا بعد هذا التاريخ، وإن أجريت لهم مناظرة فإنّه تمّ فتح عدد كبير من المراكز ممّا اضطرّ سلطة الإشراف إلى قبول مجموعة ضعيفة في تكوينها العلمي والشخصي والمهني، فيكفي أن يعلم القارئ أن كثيرا ممن نجح منهم تحصل على درجات متدنية في المناظرة.
ولئن أُقرّ لهذا الجيل الجديد من المتفقدين برنامج تكويني لمدة سنتين يؤهّلهم للاحتراف[12]، ثم أصبح يتم في سنة واحدة[13]، فإن بعضهم نجح بالإسعاف بعد التكوين، كما أن البعض الآخر منهم لم يُثَبَّتْ في رتبة متفقد إلا بصعوبة نظرا للضعف العلمي والمهني الذي أبدوه أثناء دخولهم إلى الميدان العملي وممارستهم لمهنة التفقد. ولعل سبب ذلك يعود إلى ضعف التكوين الأساسي العلمي والشخصي كما تقدم من جهة، وإلى التكوين نفسه الذي لا يخلو إنجازه من إشكالات من جهة أخرى، منها أن وزارة التربية عزمت سنة 2002 على العمل بالمقاربة بالكفايات،
وطلبت من المتفقدين تعميم التكوين فيها على كل الأساتذة، وبعد سنة من التكوين، وبعد ضغط من النقابات تم التراجع عن هذه المقاربة، مما اضطر الوزارة إلى مطالبة المتفقدين بتنقية البرامج والكتب المدرسية من كل ما يحيل إلى المقاربة بالكفايات، وتم ذلك بالفعل ولكن بدرجات متفاوتة حسب قناعة المتفقدين، فإذا قامت بعض المواد وبعض المتفقدين باستئصال كل ما يتصل بهذه المقاربة، فإن مواد أخرى والبعض الآخر من المتفقدين أبقى على روح المقاربة وإن أزال بعض المصطلحات التي تحيل إليها. ورغم التراجع الرسمي عن الكفايات، فقد تم تكوين المتفقدين الجدد على أساس أنها معتمدة في التعليم. وقد أدى هذا الوضع إلى نتيجتين:
النتيجة الأولى: إن هذا التكوين عرف اضطرابا حيث يتلقى التلامذة المتفقدون دروسا نظرية وفق المقاربة بالكفايات، وإذا وضعوا مشروع برنامج أو مشروع درس جاء وفق المقاربة بالأهداف التي كانت قائمة قبل تبنّي الكفايات، والغريب أن المكوِّنَ يطّلع على ملفّات التلامذة المتفقدين أثناء تقييمها ويضع ملاحظة "ممتاز"[14].
النتيجة الثانية: أحدث تخرّج هؤلاء اضطرابا في المشهد التعليمي سواء في علاقتهم بزملائهم القدامى من جهة، أو في صلتهم بالمدرسين من جهة ثانية، أو في تعاملهم مع الإدارة من جهة ثالثة. فبعد أن كان يتم قبول الواحد والاثنين من المتفقدين فيتفاعلون بإيجابية مع زملائهم القدامى ويتعلمون منهم أصول العمل، دخل هؤلاء بعدد كبير مما جعلهم أغلبية، فتحكموا في المشهد مع قلة خبرتهم وضبابية تكوينهم فضاعت بسبب ذلك كثير من التقاليد المهنية التي جرى عليها هذا القطاع.
ج- أما القيّمون فحدث ولا حرج فهم مزيج غير متجانس يضُمّ عمال الحظائر والحاملين للأستاذية، ويستوي جميعهم في غياب أي تكوين صناعي، وأصبحت وظيفتهم مقتصرة على ترسيم التلاميذ في بداية السنة الدراسية، وفي تسجيل الحضور في الساحة في راحتي العاشرة صباحا والرابعة بعد الظهر.
ولعلّ المعطيات الواردة في الجدول التالي الذي يضم عدد المعلمين في المدارس الابتدائية حسب الشهائد العلمية في مندوبيتين جهويتين للتربية تكشف حقيقة تحصيلهم للكفايات المستوجبة لمهنة التدريس:
الشهادة
الاختصاص
العدد
ختم الدروس الثانوية الترشيحية
-
المندوبية 1
المندوبية 2
545
459
ختم الدروس بالمعاهد العليا لتكوين المعلمين

884
639
باكالوريا
كل الشعب
1129
792
شهادة التقني

31
75
الأستاذية أو الإجازة
 أو الماجستير
الأستاذية
1091
967
الإجازة
272
77
السنة الثالثة
31
18
الشهادة الجامعية للمرحلة الأولى
96
15
ما بعد الأستاذية
04
11
الشهادة الوطنية للهندسة
3
3
شهادة تعليم عالي
1
89
المجموع

4254
3153
نسبة المحترفين

 33.59 %
 34.82 %

إذا اعتبرنا خريجي مدارس الترشيح والمعاهد العليا لتكوين المعلمين محترفين، فإنهم يمثلون ثلث المعلمين المباشرين في المندوبيتين الجهويتين للتربية اللتين اخترتهما، أما الثلثان فيجمعان اختصاصات غير متجانسة وغير ملائمة للقطاع الذي يشتغلون فيه، ولم يُهَيَّؤُوا لمهنة التعليم علميا ولا صناعيا ولا نفسيا.
ويعبّر هذا الجدول عن خلل فادح في إعداد إطار التدريس، كما يكشف عن سياسة تعليمية تغيب عنها الحرفيّة، ويخضع انتداب المدرسين فيها إلى الفوضى، وعلامة ذلك إلغاء المدارس الترشيحية والمعاهد العليا لتكوين المعلمين، ودور المعلمين العليا، رغم الحاجة الملحة لها، ثم سد تلك الحاجة عبر انتداب أناس لا صلة لهم بالتعليم مثل التقنيين في التصوير الطبي والتحليل البيولوجي والتبنيج والرسم والهندسة المدنية والتمريض والفلاحة[15]، وكل من ملك المال لشراء الوظيفة مهما كانت شهادته واختصاصه، ولهذا فإن الذين نتعامل معهم اليوم على أساس أنهم معلمين ليس لهم من هذه الصفة غير الاسم، وهذا ما يفسّر ضعف النتائج وظاهرة التوتّر بينهم وبين التلاميذ والأولياء، مما أدى إلى سقوط صورة المعلم في الهاوية.
وإذا كان ذلك هو حال الاحتراف في المنظومة التربوية الآن، فكيف كان قبل الاستقلال وبعده؟
5.    تاريخ صناعة التعليم في تونس قبل الاستقلال: بدأت العناية بإطار التدريس في تونس قبل الاستقلال، ويبدو ذلك في مظاهر كثيرة منها:
تعهُّد مؤدبي الكتاتيب: كان التعليم الشائع في تونس يتم في مؤسسات أهلية وشبه حكومية تعرف بالكتاب وبالمدارس، يتولى التدريس فيها مؤدّبون، يتوارثون التجارب أو يصنعون تجربتهم الذاتية. وحدث أن طلبت حكومة الصادق باي[16] سنة 1875م - 30 محرّم 1292هـ من قوّاد المناطق تقريرا عن وضعية التّعليم بجهاتهم، وبناء على ما وصلها من تقارير اتّجهت الحكومة منذ جانفي 1876 إلى إتباع إجراءات مناسبة لذلك الزمن وأحواله تتمثل أساسا في عدم تولّى التدريسَ بالكتاتيب إلاّ لمنْ يُدلي بشهادة من الأهالي، أو من نقابة المؤدّبين تنُصّ على الرّضى به مؤدّبا للصّبيان. ولم يتم الاكتفاء بتلك الإجراءات حيث عمدت الحكومة إلى إرساء نظام مراقبة إداريّة وبيداغوجيّة على الطلبة والمدرّسين.
المدرسة العلوية: وبعيد الاحتلال الفرنسي وعملا بنتيجة التشخيص لواقع التعليم الذي أجرته الحكومة تأسست المدرسة العلوية بمنطقة القرجاني بمدينة تونس سنة 1302ه - 1884م في عهد علي باي[17] على أنقاض مبان على ملك الشيخ "ابن ملوكة" كان ينوي تخصيصها لإيواء طلبة العلم، ونسبت المدرسة إلى هذا الباي ولذلك سميت العلوية. وكان الهدف القريب من تأسيسها "تخريج معلمين، مؤهّلين بما حصلوا عليه من تكوين، وما تمّ لهم من تجربة، للتعليم في كامل أنحاء المملكة"[18]. أما الهدف البعيد بالنسبة إلى الفرنسيين فهو معرفة الثقافة العربية وكيفية عملها من أجل التحكم فيها[19].
وكانت هذه المدرسة تضطلع بمهمّة التكوين الأساسيّ للمعلّمين العرب والفرنسيّين وغيرهم لأنها كانت مفتوحة لجميع الجنسيات ولجميع الدّيانات الموجودة بالبلاد. وكان تعليم الفرنسيين يرتكز على تعليم الدارجة عبر دروس يؤمنها مدير التعليم العموميّ لويس ماشُويل Louis Machuel [20] بنفسه، وذلك بهدف تعريفهم عادات وتقاليد العرب، وإعانتهم على كيفية التعامل معهم، وكان التدرُّج المهني لهؤلاء المعلمين مرتبطا بمدى  توفقهم بهذه الدّروس[21].
واستمرت المدرسة العلوية في القيام بعملها إلى أن تم تَعَهُّدها بالإصلاح بداية من سنة 1909 حيث أخرجت منها الشعب التي لا صلة لها بتكوين المعلمين، مثل الشّعبة المهنيّة التي أحدثت لها مدرسة صناعيّة خاصّة بها، وهي مدرسة لوي لوباي ( معهد 9 أفريل بتونس حاليا). كما أخرجت شعبة التعليم الابتدائيّ العالي إلى فضاء خاصّ بها وهو مدرسة ابتدائيّة عليا تضمّ شعبة تجاريّة تعِدّ التلاميذ للعمل في الإدارة والترجمة. كما أخرجت أقسام التعليم الابتدائيّ، بعد تخصيص مدرسة ابتدائيّة لها. ولم يبقَ للمدرسة العلويّة سوى وظيفتها الأساسيّة وهي تكوين المعلمين[22].
المدرسة التأديبية: لما أدركت إدارة المعارف الخلل في تكوين المؤدّبين غير المتخرجين من العلوية، تداركته بإدخال نظام على الكتاتيب الذي يقتضي أن يكون المؤدب متخرّجا من مدرسة خاصة، وهي "المدرسة التأديبية" التي تعرف أيضا بـــ "المدرسة العصفورية" التي أنشأت لهذا الغرض سنة 1312ه - 1894مـ[23]، وكان الهدف من إنشائها إعدادَ المعلّمين الذين سينهضون بهذا التعليم، فقد جاء في الفصل الثاني من الأمر العلي ليوم 11 من جُمادى الأولى سنة 1312هـ الموافق لليوم الثامن من نوفمبر سنة 1894م ما يلي "تتمثّل رسالة هذه المدرسة في إعداد مؤدّبين لا ينالون هذه الصّفة -مؤدّب -إلاّ بعد خضوعهم لامتحان مُحدّدةٌ شروطُه"[24]. وكان أوّلُ مدير لها الشّيخُ إسماعيل الصَّفائحيّ[25].
إدماج المدرسة التأديبية في المدرسة العلوية: استمرت المدرسة التأديبية في القيام بعملها إلى أن صدر أمر عليٌّ مؤرخ في 5 أكتوبر 1908 الموافق للتاسع من رمضان 1326هـ ويقضى في فصله الثاني بإدماج "مدرسة المؤدبين المعروفة بالمدرسة التأديبية مع هذه الشعبة الأهلية"، ويعني بالشعبة الأهلية تلك الشعبة التي أحدثت في العلوية بهدف احتكاك المعلمين ببعضهم، وتخريج جيل متجانس رغم اختلاف الاختصاص. وقد أتى هذا التغيير في هيكلة التعليم بناء على تشخيص قامت به لجنة خاصة، وبتوصية منها. حيث رأت سلطات الاحتلال أن هذه المدرسة حققت نتائج على خلاف المنتظر منها[26].
ويفيد متابعة الحوار الذي تم في مجلس التعليم العمومي أن المقصود بالنتائج غير المتوقعة ليس العجز العلمي ولا البيداغوجي للمتخرجين، ولكنه معارضة هؤلاء المعلمين لمشروع الاحتلال الفرنسي[27]، مما يقتضي في نظرهم العمل على تغيير عقلياتهم[28].
ويتضح بهذا العرض أن المحتل الفرنسي له هدف معلن وهو تكوين مدرّسين مؤهّلين، وهدف غير معلن وهو تكوين مدرّسين مختلفين عن المدرسين السّابقين، حتى لا يُقيموا أبدا في وجه المشروع الحضاري للمحتل الحواجزَ ذاتَها التي أقامها المؤدّبون القدامى. وقد نوّه مدير التعليم العمومي بخطوة الدمج هذه باعتبارها مندرجة في إطار تنظيم التعليم في تونس وتحسين أدائه، والأهم من ذلك أنه يرى أن "للنظام الجديد مزيتان، أن تنأى بمدرسة ترشيح المعلمين عن أي تعليم لا هوتي مهما كان، وأن تفرز تلاميذ معتدلين عارفين باللغة العربية"[29].
ونلاحظ من زاوية أخرى أن التحوّل في هيكلة المؤسسات التربوية المتعلقة بتكوين المعلّمين يعبّر عن تحوّل في السياسة الفرنسية إزاء مستعمراتها، فقد كانت السلطة الفرنسية تريد الإبقاء على التعليم التقليدي للأهالي كما هو لأنه ملائم لهم حسب عبارة جوليان[30]، حتى لا يتطور، وحتى لا يتعلموا معاني الحرية والمساواة، ولا يقرؤوا ما ينشر باللغة الفرنسية، وبالمقابل يبقى التعليم الفرنسي نموذجا بعيد المنال عن التونسيين، بسبب سياسة المنع التي مارستها فرنسا ضد انتشار التعليم بين الأهالي، بل اعتبرت إقبال التونسيين على التعليم تكالبا ينبغي إيقافه، وقد تم ذلك فعلا كما يفيده تراجع عدد التلاميذ من 4656 سنة 1897 إلى 2927 سنة 1903، وفي سنة 1901 أغلقت عشر مدارس[31]. ثم أصبحت السياسة الفرنسية بعد ذلك تقتضي إدماج الأهالي في المنظومة التربوية من أجل نشر المشروع الحضاري، ومنع كل ما يعيق تحقيق الأهداف الاستعمارية. أي أصبحت تهدف إلى نشر التعليم عبر برامج تهيئ المتعلمين لقبول المشروع الحضاري الفرنسي.
واستمر هذا التقلّب في سياسة الاحتلال الفرنسي حتى بلغ إلغاء نشاط مدارس الترشيح بتونس بين  ديسمبر 1941 (أمر 11 ديسمبر 1941) وديسمبر 1943 (أمر 2 ديسمبر 1943) بعد قرار حكومة فيشي الفرنسيّة غلق مدارس ترشيح المعلمين في فرنسا ومُستعْمراتها[32].

انتهى الجزء الأول - يتبع

البشير المكي عبد اللاوي متفقد عام للتربية وأستاذ باحث





[1]- ابن منظور، لسان العرب، ج 2 ص 839.
[2]- مالك، الموطأ، كتاب الصلاة، باب الهيئة، وتخطي الرقاب، واستقبال الإمام يوم الجمعة، ج 1 ص 166.
[3]- ابن منظور، لسان العرب، ج 16 ص 4290.
[4]- الخطة التنفيذية لمدرسة الغد 2002 - 2007، ص 90.
[5]- هم المتفقدون والمدرسون والمديرون والقيمون والعملة.
[6]- الخطة التنفيذية لمدرسة الغد 2002 - 2007، ص 22.
 [7]- Philippe Perrenoud est un sociologue né en 1944 en Suisse. Il est titulaire d'un doctorat en sociologie et anthropologie. De 1984 à 2009, il a été chargé de cours à l'Université de Genève. Dès 1994, il est professeur ordinaire à l'Université de Genève dans le champ du curriculum, des pratiques pédagogiques et des institutions de formation. Il est professeur honoraire depuis octobre 2009. Il co-anime le Laboratoire de recherche sur l'innovation en formation et en éducation.   https://fr.wikipedia.org/wiki/Philippe_Perrenoud_(sociologue)
[8] -Perrenoud, Philippe. Enseigner : agir dans l’urgence, décider dans l’incertitude Savoirs et compétences dans un métier complexe. Paris, ESF, 1996, 2e éd. 1999. Résumé de l'ouvrage sur web: http://www.unige.ch/fapse/SSE/teachers/perrenoud/php_main/php_livres/php_urgence.html
[9] -Perrenoud, Philippe. Enseigner : agir dans l’urgence, décider dans l’incertitude Savoirs et compétences dans un métier complexe. Paris, ESF, 1996, 2e éd. 1999. Résumé de l'ouvrage sur web: http://www.unige.ch/fapse/SSE/teachers/perrenoud/php_main/php_livres/php_urgence.html
 [10]- لما كنت طالبا بالسنة الرابعة من التعليم العالي خلال السنة الجامعية 1987 - 1988 وهي سنة الحصول على الأستاذية، تلقينا مادة عنوانها "علم النفس التربوي" تضمنت تمهيدا حول التربية قديما وحديثا، كما تضمنت مقاربة مفهومية وتاريخية لعلم النفس التربوي، إضافة إلى التعليم وطرقه، وشخصية المدرس كمرب. يمكن التوسع في معرفة تفاصيل هذا البرنامج بالعودة إلى "النشرة العلمية للكلية الزيتونية للشريعة وأصول الدين" السنة الأولى، العدد الأول 1391 – 1971. ص 308، 309.
[11]- كانت الإدارات الجهوية تسمح بقبول نواب غير مختصين، وكان المتفقدون يرفضون ذلك إلا عند الضرورة القصوى، وبعد القيام بزيارة أو أكثر حتى يطمئن المتفقد لتوفر حدود دنيا علمية وبيداغوجية تسمح باستمرارهم إلى حين عودة الأستاذ المتغيب أو انتداب من يملأ الشغور. أما الآن فأصبح عدم مراعاة الاختصاص مشروعا بتصريح من الوزارة استكمالا للفاجعة التي يمر بها التعليم.
[12]- قرار من وزير التربية مؤرخ في 11 أكتوبر 2004 يتعلق بضبط نظام مرحلة تكوين متفقدي المدارس الإعدادية والمعاهد الثانوية بالمركز الوطني لتكوين المكونين في التربية. الرائد الرسمي عدد 83 المؤرخ في 15 أكتوبر 2004. ص 3031.
[13]- قرار من وزير التربية مؤرخ في 17 سبتمبر 2009 يتعلق بضبط نظام مرحلة تكوين متفقدي المدارس الإعدادية والمعاهد الثانوية بالمركز الوطني لتكوين المكونين في التربية. الرائد الرسمي عدد 77 المؤرخ في 25 سبتمبر 2009. ص 3340.
[14]-. لدي عدة نماذج من هذه الملفات، وهي دالة على سوء التكوين وعلى عدم جدية المكون
[15]- قمت بتفقد لمركز اختبار انتداب المعلمين بالمهدية سنة 2008 تقريبا، وتبيّن لي بالاطلاع على هوية المترشّحين أن أغلب اختصاصاتهم كانت على النحو المذكور أعلاه، ولا علاقة لها -  كما لا يخفى - بالتربية والتعليم.
[16]- محمد الصادق باي، هو أحد بايات تونس. ولد سنة 1229هـ - 1814م، وتوفي سنة 1299هـ - 1882م. حلت في آخر أيامه بتونس كارثة (الحماية) الفرنسية 1881م، بعد فتن واضطرابات. (الزركلي، الأعلام، ج 6 ص 104).
[17]- علي باي الثاني، ولد  بتونس سنة 1233هـ - 1817م، ولي إمارتها بعد وفاة أخيه الباي محمد الصادق. وهو الذي أمضى اتفاقية المرسى التي كرّست الهيمنة الفرنسيّة على دواليب الدولة التونسيّة، ولذلك كانت كل الأعمال في أيامه في أيدي الفرنسيين، وليس له إلا الإمضاء على الأوامر التي يعدها المقيم العام والوزراء الفرنسيون، توفي سنة 1320هـ - 1902م.  (الزركلي، الأعلام، ج 4 ص 281.)
[18]- قال محمد الفاضل ابن عاشور" كان أوّل عمله ( يقصد لويس ماشويل) أن أنشأ دارَ معلمين، لتكوين معلمين ابتدائيّين للغة الفرنسيّة من التونسيّين". الحركة الأدبيّة والفكريّة في تونس. راجعه ووضع فهارسه محمد المختار العبيدي. طبعة بيت الحكمة تونس، 2009. ص 54.
[19] -Il y a ici toute une vie intellectuelle qu’il est de notre intérêt de bien connaître pour arriver à la diriger. Cortier Claude, Conquête par l’école et réalités du terrain : quelques aspects de l’action de l’alliance française dans le bassin méditerranéen 1883 – 1914.
    https://journals.openedition.org/dhfles/2552
[20]- لوي ماشويل Louis Machuel مستشرق فرنسي. كانت إقامته ووفاته في تونس. استظهر القرآن الكريم. وتولى إدارة مدرسة تونس مدة طويلة، وكان يعلم العربية فيها. وصنف لها كتبا مدرسية، منها "دليل الدارسين" و"منتخبات تاريخية وأدبية" وعني بلهجات العامة في تونس ومراكش، ونشر بها روايات فكاهية. توفي سنة 1340هـ - 1922م.    (الزركلي، الأعلام، ج 5 ص 246.)
[21] -Cortier Claude, Conquête par l’école et réalités du terrain : quelques aspects de l’action de l’alliance française dans le bassin méditerranéen 1883 – 1914.    https://journals.openedition.org/dhfles/2552
[22]- المنجي العكروت والهادي بوحوش، المدرسة العلويّة أولى مؤسّسات تكوين المعلمين بتونس. مقال منشور بالموقع التالي:
[23]- ابن عاشور، أليس الصبح بقريب، ص 99.
 [24]- Cette medraça sera destinée h former des moueddebs qui n'obtiendront ce titre qu'a la suite d'un examen subi conformément aux articles 4, 5 et 9 ci-après.  Bulletin Officiel de l’enseignement publique, N° 59 , A 9. février 1895. Décret 8 novembre 1894 / 11 djoumadi - el- aoual  1312. sur l'organisation d'une Medraça de moueddebs. p 292.
 [25]-  Bulletin Officiel de l’enseignement publique, N° 59 , A 9. février 1895. Décret 6 janvier 1895 / 10 redjeb 1312. p 292.
 [26]- Or, cette institution, appelée, selon toutes prévisions, à réaliser un sérieux progrès, n'a pas donné les résultats que l'on en attendait: l'Administration s'est souvent trouvée dans l'impossibilité d'utiliser ces jeunes gens qu'elle avait tenté de former à son usage. Bulletin Officiel de l’enseignement publique, N° 28 , A 23. Juin 1909. p 618.
 [27]- les mouderrès ainsi formés ne seront plus les mêmes hommes et n'opposeront plus les mêmes obstacles que les anciens moueddebs à notre action civilisatrice.   Bulletin Officiel de l’enseignement publique, N° 28 , A 23. Juin 1909. p 621.
 [28]- de modifier la mentalité de ces jeunes gens.    Bulletin Officiel de l’enseignement publique, N° 28 , A 23. Juin 1909. p 621.
 [29]» -Ce système aura le double avantage de dégager l'Ecole normale d'un enseignement théologique quelconque et de la fournir des élèves -mouderrès sachant la langue arabe et a qui il ne conviendra plus que de donner une bonne méthode d'enseignement«.   Bulletin Officiel de l’enseignement publique, N° 28 , A 23. Juin 1909. p 620.
[30]- شارل أندري جوليان، المعمرّون وحركة الشباب التونسيّ. تعريب محمد مزالي، والبشير بن سلامة. نشر الشركة التونسية للتوزيع. الطبعة الثانية 1986. ص 97.
[31]- شارل أندري جوليان، المعمرّون وحركة الشباب التونسيّ. تعريب محمد مزالي، والبشير بن سلامة. نشر الشركة التونسية للتوزيع. الطبعة الثانية 1986. ص 92.
 [32]- المنجي العكروت والهادي بوحوش، المدرسة العلويّة أولى مؤسّسات تكوين المعلمين بتونس. مقال منشور في الموقع التالي:
 http://akroutbouhouch.blogspot.com/2014/01/blog-post.html

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire