dimanche 10 novembre 2019

خطاب السيد ماشيوال في الجلسة الختامية للمؤتمر الثالث و العشرون للرابطة الفرنسية للتعليم[1]



هادي بوحوش
تقدم المدونة البيداغوجية هذا الأسبوع  نص الكلمة التي ألقاها لويس ماشوال ، مدير التعليم العمومي [2] في الجلسة الختامية للمؤتمر الثالث والعشرون للرابطة الفرنسية للتعليم الذي انعقد بمدينة تونس سنة 1903 أي بعد مرور حوالي 20 سنة عن تأسيس إدارة التعليم العمومي ، لقد فكرنا أن هذه الكلمة تلخص فكر لويس ماشوال وتساعد القارئ على التعرف على هذه الشخصية التي  كان لها دور كبير في وضع أسس المدرسة التونسية.


التأم أيام 12 و 13 و 14 أفريل الماضي بمدينة تونس المؤتمر الثالث و العشرون للرابطة الفرنسية للتعليم  برئاسة  السيد فاردينان بويسون  M. Ferdinand Buisson  المدير الشرفي  للتعليم الابتدائي بوزارة  التعليم العمومي  و نائب مدينة باريس.
وإنّ إطار هذه النشرة  لا يسمح  بتقديم مفصل لفعاليات جلسات هذا المؤتمر و التي نقلت بشكل وفي من قبل الصحافة المحلية  و صحافة الوطن الأم و مختلف النشريات البيداغوجية.
و سنكتفي بنشر خطاب السيد ماشيوال في الجلسة الختامية للمؤتمر  وهو الذي كلفه السيد وزير التعليم العمومي بتمثيله فيه,


  سيداتي سادتي
 إن وزير التعليم العمومي، بتعييني لتمثيله في مؤتمركم قد شرفني و هو شرف أعتز به، لكني أشعر بجسامته ، فقد أراد بهذه اللفتة اللطيفة  التي أبديت امتناني له بها ، أن يتولى الرائد المتواضع الذي قام  منذ عشرين عاما بتنظيم التعليم على هذه الأرض التونسية التي أصبحت أرضا عزيزة علينا  جميعا، استقبال أعضاء رابطة التعليم  نيابة عنه  و هم الذين لم يترددوا  عن عبور بحيرتنا المتوسطية  كي يُقدموا لنا  عطفهم  وتشجيعاتهم  و كي نستفيد  من خبرتهم ومعرفتهم ... ، أيها السيدات والسادة، مرحبا بكم  جميعا
مما لا شك فيه أن السيد وزير التعليم العمومي قد قدر أنني مؤهل بعض الشيء  كي أشكر نيابة عنه أعضاء الهيئة التونسية لرابطة التعليم التي تابعت  أشغالها. وبالفعل لقد كنت شاهدا يقظا على الجهود الخارقة التي بذلوها لإنجاح هذا المؤتمر. فتنظيم فعاليات بهذه الأهمية  حتى في مدينة كبيرة في فرنسا هو أمر صعب بالفعل. وإنجازه بنجاح في تونس، في وقت قصير، والتغلب على جميع الصعوبات، وتجاوز كل العقبات، هو أمر يستحق التنويه .
وكي ينجح هذا الأمر فهو يتطلب  كل الإيمان المتقد من قبل السيد كومينو ، رئيس الاتحاد التونسي ،" جان ماسي افريقيا"[3]  كما قال السيد روبلان. كما يتطلب كل التفاني المستنير من السيد توماس الذي لا يعرف التعب عندما يتعلق الأمر بنصرة فكرة علمانية و كل نشاط متعاونيه  . يجب أن يشعر جميع هؤلاء المدافعين عن المسألة العلمانية بالرضا إذ وجدوا في نجاح أعمالهم نجاحا فاق كل التوقعات المكافأة المشروعة لمجهوداتهم، إني أشكرهم من أعماق القلب على كل ما أنجزوه وأتوجه إليهم بخالص تهانينا.
وإني أتساءل، سيدي الرئيس، إن كان السيد  وزير التعليم، حين كلفني بأن آخذ الكلمة  في هذه الجلسة الختامية  فكأنني به يريد أن يختبرني أمامكم . لأنكم مسؤولون إلى حدّ ما عن أفعالي  فإذا كنت  أنا المسؤول عن الإدارة. واذا كانت أمور التعليم بالبلاد التونسية  لم تتخذ الاتجاه اللازم  أو التطور الذي  كنا  نأمله، أفلا نتقاسم نحن  الاثنان ثقل المسؤولية؟ ... إن ما استطيع أن أؤكده  لكم أنني كنت دوما  منشغلا  بخدمة القضية العزيزة عليكم ، والتي تمثلونها هنا اليوم فقد كانت خدمة مصالح الأمة الفرنسية حاضرة دائما  نصب عيني  كما كانت تحدوني الرغبة في أن أكون في مستوى  ثقتكم التي كانت بمثابة البوصلة في كل ما أفعل ...
يستعرض ماشوال حصيلة  انجازاته على رأس إدارة التعليم العمومي مع إشارة إلى جول فيري الذي اعتبره أب السياسة الفرنسية بالبلاد التونسية ، سياسة جعلت " المعلم يرافق الجندي" واعتبر ماشوال أنه قد نجح في "تنظيم الكفاح السلمي ضد الجهل والتعصب"

كيف كانت وضعية تعليم اللغة الفرنسية في تونس قبل  عشرين عامًا عندما جئتم لأول مرة؟ لا شيء ، أو لا شيء تقريبًا. لقد أردتم ، مع المواطن الكبير الذي قمتم ، سيداتي وسادتي ، بتحية تمثاله[4]  باحترام وحماس عند وصولكم إلى هذه الأرض التي جعلها فرنسية ، لقد أردتم ، كما قلت ، أن يرافق المعلم الجندي واخترتم ابن المعلم[5] لتنظيم الكفاح السلمي ضد الجهل والتعصب. كانت المهمة صعبة ، لكنكم كنتم بجانبه لتوجيه خطواته المتعثرة ، لاتقائه من الفشل و لمساعدته بدعمكم القوي.
في ذلك الزمن البعيد ، كان مصير البلاد التونسية بين يدي رجل متميز ،  ووطني متحمس ومستنير، وصديق للتعليم ،  إنه السيد بول كامبون[6] ، اسمحوا لي بهذه المناسبة أن أذكره بكل  تأثر وتقدير ، لا ننسى ،  انه من أسس أول مؤسسة لائيكية (علمانية) للتعليم العمومي ، مدرستنا العلوية ، حاضنة معلمينا ، التي  سيرها منذ 12 عامًا جامعي قريب منكم سيدي الرئيس ، والذي قام بمهمته بتفان لا يضاهيه سوى لطفه الفياض ... إنه يعرف من أين استلهم ذلك .
حسب ماشوال ما تم انجازه أمر مميز "114 مدرسة ابتدائية عمومية و 5 مدارس ابتدائية عليا و مدرسة ترشيح المعلمين و معهد و مدرسة ثانوية للبنات مع قسم لترشيح المعلمات ومدرسة إسلامية و مدرسة مهنية و مدرسة للموسيقى و كرسي عمومي للغة  العربية" ..." إن العدد الجملي للتلاميذ بمدارسنا يبلغ 18000 تلميذ منهم 15000تلميذ من الأولاد والبنات قي مدارسنا العمومية وحدها. إن الأساتذة والمعلمين والمعلمات اللائكيين  يتجاوز عددهم 300"

منذ ذلك الحين ، وبفضل جهود المقيمين العامين[7] الذين أولوا عناية قصوى لتطوير التعليم في هذا البلد ، تم إنشاء العديد من المدارس العمومية ، جميعها ( لائيكية) علمانية ، في مختلف التجمعات في البلاد  التونسية ، نحن نعد اليوم 114 مدرسة ابتدائية عمومية و 5 مدارس ابتدائية عليا و مدرسة ترشيح المعلمين و معهد و مدرسة ثانوية للبنات مع قسم لترشيح المعلمات و مدرسة إسلامية و مدرسة مهنية و مدرسة للموسيقى و كرسي عمومي للغة  العربية.
وقمنا في الكثير من الجهات بإنشاء  مطاعم مدرسية ومكتبات شعبية ودروس للجمباز ودروس للغة العربية.  ولكن لسوء الحظ ، فإن عدد مدارسنا لا يلبي احتياجاتنا. في كل مكان ، نطالب بفتح مدارس جديدة ، وفي كل مكان تغص فصولنا بالأطفال ونحن مضطرون  لعدم قبول المزيد. سيكون هذا الوضع مقلقًا  في المستقبل لو لم يكن لدينا في الإقامة الفرنسية  رجل  مناصر للتعليم، وزير له أفكار تقدمية وسخية ، وديمقراطي يعرف أننا لا نستطيع توجيه الرجال و قيادتهم إلى التقدم إلا عن طريق التعليم. ثقوا بأن السيد بيشون[8] سيوفر لنا بالتأكيد الفرصة لاحترام  الديْن الذي تحملته فرنسا إزاء سكان هذا البلد حين زرع  به رايتها ؛ سيوفر لنا السيد بيشون الإمكانيات الضرورية لإنشاء مدارس جديدة والتي لايمكن أن تكون سوى لائكية  ، هل من الضروري التذكير بذلك ؟  
إن العدد الجملي للتلاميذ بمدارسنا يبلغ 18000 تلميذ منهم 15000تلميذ من الأولاد والبنات قي مدارسنا العمومية وحدها. إن الأساتذة والمعلمين والمعلمات اللائكيين  يتجاوز عددهم 300.
ماشوال يثمن مجهود المدرسين الذين يعملون بالمدارس التونسية ، هم " نخبة رائعة من المتعاونين المخلصين الذين لا يكرمون رئيسهم  فحسب بل فرنسا التي قدمتهم لنا  ولكم جميعا رغم الظروف التي ينجزون فيها مهمتهم ووصفهم ماشوال  بالمبشرين اللائكيين (العلمانيين) في تونس الذين أنجزوا مهمة رائعة خلال بضع سنوات تفوق ما أنجزه مبشرو الكنيسة"
اسمحوا لي أن أقدم لكم هذه النخبة الرائعة ، هؤلاء المتعاونين المخلصين الذين لا يكرمون رئيسهم  فحسب ، بل فرنسا التي قدمتهم لنا  ولكم جميعا ، سيداتي وسادتي ، زملائهم في الوطن الأم، لا أحد يعرف أكثر مني التفاني اللامحدود لديهم في إنجاز مهمتهم ، وأينما تم إرسالهم ؛ لا أحد يعرف أفضل مني  مستواهم العلمي  ، والشجاعة التي يظهرونها في المواقف الصعبة ، والمثال المفيد والمطمئن الذي يقدمونه لسكاننا التونسيين من خلال حياتهم الكريمة  كلها تضحيات مرفوقة بالتواضع والتواصل؛ لقد أظهروا لهؤلاء السكان التونسيين ما كان لهم من تأثير سريع على الأولياء والتلاميذ بما وضعوه لخدمة الطفولة من وقت ومعارف وتجربة وعطايا.
... كثيرا ما يتم إخبارنا بتفاني المبشرين وعدم اهتمامهم به. "أنا على استعداد لتصديق ذلك ، لأنني معجب بالجميل والخير أينما كانا عندما يكونان صادقين ؛ لكن ما المبشرين ، أسألكم ، يمكن مقارنتهم مع المبشرين اللائكيين (العلمانيين) في تونس الذين أنجزوا مهمة رائعة خلال بضع سنوات ، لأنهم ، بدون ضوضاء ، وبدون شوفينية ، وبدون بهرج ، يزرعون الأفكار الفرنسية ، أي أفكار العدالة والتقدم والتضامن ، لأنها أكسبت فرنسا وجمهوريتنا الحب والاحترام. هذا وكما قال لكم رئيسكم يوم الأحد ، لقد أعدوا بشكل مثير للإعجاب الأرضية التي تتحركون عليها اليوم بكل سهولة ... أيها السيدات والسادة ، يمكنكم مصافحة زملائكم من تونس. إنهم يستحقون تعاطفكم.
من خلال الاطلاع على قائمة الرغبات المطروحة للدرس من قبلكم ، نشعر بالدهشة من حيث عددها وأهميتها ، ومن خلال حضور اجتماعاتكم ، نلاحظ غبظة الأفكار والمشاعر العالية التي تلهم المتحدثين ، وحرصهم الدائم لتسهيل تعليم الأطفال وتوسيع نطاقه ، وتجويد ثقافتهم الأخلاقية وإلهامهم حب الخير واحترام الشخصية الإنسانية. ورأيت بفخر أن أساتذتنا التونسيين قد قدموا خلال الجلسات  مجموعة محترمة من الأسئلة والمقترحات.
كان ماشوال رجل إدارة ولكنه لم ينسى أنه رجل بيداغوجي باعتباره معلم في الأصل ومختص في تعليم اللغات فقد أقدم على انتقاد وضعية تدريس اللغة الفرنسية داعيا إلى تبسيط النحو خاصة بالنسبة إلى التلاميذ غير الفرنسيين" كم سيكون سرورنا كبير أن نرى اختفاء بعض القواعد القديمة  والتي تعقد تعلم اللغة ، وتتسبب في بطئ اكتسابها "
إن من بين الرغبات التي تم تبنيها من قبل هيئتكم ، هناك رغبة أتمنى تحقيقها سريعًا: تلك التي تتعلق بإصلاح الإملاء. ، إننا نلاحظ هنا وربما أكثر من أي مكان آخر ، الصعوبات التي ترافق دراسة لغتنا و الجهد الذي  يحتاج إليه الأجنبي لتذكر هجائنا (orthographe )، ، وقواعدنا النحوية التي هي في بعض الأحيان بعيدة عن المنطق.
كم سيكون سرورنا كبير أن نرى اختفاء بعض القواعد القديمة  والتي تعقد تعلم اللغة ، وتتسبب في بطئ اكتسابها على حساب معارف أخرى.
إذا أردنا أن تحافظ لغتنا على التفوق الذي كانت عليه في العالم ، هذا التفوق الذي أصبح ربما الآن مهددا ، دعنا نسعى لتبسيط الإملاء وتخليص النحو من القواعد المعقدة وغير الضرورية.
للأسف إن لغتنا تتشوه بسرعة  في مستعمراتنا وفي الخارج ؛ لنتخذ إجراءات لوقف الداء ؛ إن أوكد  الأمور و أشدها إلحاحًا هو بالتأكيد إصلاح الإملاء وتبسيط النحو ، شريطة ألا يؤثر هذا الإصلاح على عبقرية لغتنا.
 أيها السادة لقد أعربتم أيضًا عن الرغبة  ، في أن يتم تمكين تلاميذ المدارس الثانوية من الوسائل اللازمة للقيام بالأعمال اليدوية المفيدة  وتشجيعهم على القيام بذلك.
سادتي،لقد شرعنا في ذلك منذ فترة طويلة ، ولعل من يقيم منكم بمعهد كارنو قد  لاحظ  قاعة  كبيرة جهزناها بأدوات  وإن لا تزال غير كافية بلا شك ، ولكنها يمكن أن تعطي التلاميذ المبادئ الأولية للعمل اليدوي ، و حب الأدوات واحترام الشخص الذي يعمل بها.
يبدو من الصعب أن نجعل هذا التعليم اإلزاميا طالما  لم تتقنع الأولياء بفوائد هذا التجديد ،
أيها السيدات، لا ينبغي أن تعتقدن أيضا - كما قد يوحي بذلك إحدى الرغبات المقدمة في هذا المؤتمر- أننا أهملنا مسألة تعليم "التدبير المنزلي". فعلى العكس من ذلك ، إنه يحتل مكانة مشرفة في انشغالاتنا ، وهو يقدم  خاصة في المدرسة الثانوية للفتيات .
أيها السيدات إنني ألتمس  شهادة اللاتي استقررن بتلك المؤسسة ، ولن أبوح سرا  حين أعلمكم أن تلامذتنا المقيمات  ، اللاتي كن يرغبن في استقبالكن على أحسن وجه  ، قد عقدن العزم ، قبل ذهابهن في إجازة ، على إعداد بعض الحلويات ورحيق مضاد للحمى ، وقد وجد ذلك  لدى المقيمات بالمعهد على ما يبدو الترحاب والاستحسان.
اسمحوا  لي بملاحظة  في هذا الصدد ، لا نبالغ في أي شيء عندما يتعلق الأمر بالتربية والتعليم. الكل في كل شيء ، صحيح أننا لسنا ملزمين بتعليم كل شيء لتلامذتنا وعلينا أن لا نثقل برامجهم فإن لديهم الكثير للتعلم!
فالمهمة ، أيها السادة والسيدات ، هي مهمة صعبة على أساتذتنا ومعلمينا . إنكم في تونس منذ بضعة أيام ولكنكم شعرتم جميعًا أننا هنا لسنا في الظروف العادية  الموجودة بفرنسا ، وأن هناك شيئًا مختلفًا عما اعتدتم عليه وعشتموه . المناخ والوسط الاجتماعي والظروف الاقتصادية التي نعيش فيها ؛ العادات والتقاليد والمعتقدات والخرافات الخاصة برواد مدارسنا متنوعة ومتجذرة لدرجة أن دور المربي حساس للغاية.
يجب عليه أن يتصرف ، بلا شك ، بحزم وثبات ، ولكن أيضًا بحكمة وبراعة!
إن الرغبة في التطبيق الكامل للتنظيمات وبرامج العاصمة ستكون  غباء وخطأ ؛ لا أتردد في إخباركم بكل صدق ما يمكننا القيام به. ستدركون أيضًا ما يحتاج إليه مدرسونا ، للقيام  بدورهم كمربين ونيل رضا الجميع  ،إنهم في حاجة  لكل التشجيع ، و مشاركة الجميع  ، وكل الدعم. وبالخصوص دعم  رابطة التعليم ؛ أيها السادة  إن عملكم جاء في وقته  ؛ يجب أن يساهم بقوة في تطوير نفوذنا المعنوي وتأمينه في هذا البلد.
des élèves tunisiens après leur sortie de l'école afin d'éviter que " l'influence salutaire du maître français ne s'efface petit à petit". il appelle à "Grouper nos anciens élèves, développer leur instruction pratique, leur créer des intérêts et des débouchés, afin de les maintenir dans l'atmosphère des idées françaises, leur faire apprécier et aimer nos institutions républicaines inspirées des idées les plus nobles à la fois et les plus humaines"
ختم ماشوال عرضه بتقديم توصيتين  تتمثل الأولى في دعوة الرابطة إلى اتخاذ مبادرات لفائدة التلاميذ التونسيين بعد مغادرتهم مقاعد الدراسة حتى لا"  تتعرض فائدة التعليم الذي تلقوه للخطر ويتلاشى تدريجيا تأثير المعلم الفرنسي" ويدعو ماشوال الرابطة إلى " تجميع خريج المدرسة ، وتطوير تدريبهم العملي ، وخلق اهتمامات وفرص عمل ، لإبقائهم في مناخ الأفكار الفرنسية ، لجعلهم يقدرون ويحبون مؤسساتنا الجمهورية المستوحاة من أنبل الأفكار والأكثر إنسانية"

اسمحوا  لي ، في هذا الصدد ، أن أطرح عليكم  مسألتين  يجب ، في رأيي ، أن تستقطبا اهتمامكم بشكل خاص. فإذا استطعتم  تحقيقهما ، فسوف تساهمون في عظمة فرنسا ونشر أفكارها ... يمكننا بسهولة متابعة تلامذتنا الفرنسيين إلى نهاية تعليمهم الابتدائي  ؛ لكنهم لا يمثلون سوى أقلية في مجتمعنا المدرسي وإنهم لا يخرجون عن إدارتنا  وتأثيرنا. ولكن الأمر يختلف مع الأطفال الأجانب ، الذين عندما يغادرون مدارسنا ، فإنهم يتفرقون ، وينقطع كل اتصال مع  معلميهم القدامى أو مع رفاقهم الفرنسيين ، بحيث  تتعرض فائدة التعليم الذي تلقوه للخطر ويتلاشى تدريجيا تأثير المعلم الفرنسي.
هناك أعمال بعد المدرسة يجب تأسيسها ويتعين على مجتمعكم أخذ زمام المبادرة لأن بإمكانه  أن ينجز ما هو أفضل مما يمكن أن ننجزه بالوسائل الإدارية. عليكم  تجميع خريجينا ، وتطوير تدريبهم العملي ، وخلق اهتمامات وفرص عمل ، لإبقائهم في مناخ الأفكار الفرنسية ، لجعلهم يقدرون ويحبون مؤسساتنا الجمهورية المستوحاة من أنبل الأفكار والأكثر إنسانية.  أليست هذه مهمة جديرة بنشاطك الذكي والوطني ، فإذا تابعتم هذا العمل  بشكل منظم ومتواصل ، فإنكم  تستجيبون لأفكار راعيكم  ، أليس الأمر كذلك؟
التوصية الثانية تتجاوز الإطار المدرسي وتهم كامل السكان الأصليين حيث نادى ماشوال باعتماد سياسة تهدف إلى الارتقاء الاقتصادي والمعنوي بالأهالي الذين يعيشون ظروفا لا تشرف فرنسا " ألا وجب  التفكير بجدية في مستقبل السكان الأصليين؟ ألا ينبغي علينا أن نبذل قصارى جهدنا لتجنب مزيد من تفاقم التفقير في صفوفهم ، فذلك أمر مهينً  لكرامتنا ويعرض نفوذنا للخطر "
l

المسألة الثانية  التي لن أتردد في لفت انتباهكم إليها هي التالية: لدينا هنا سكان أصليون مهمون من حيث العدد ،  ينمون بسرعة في ظل رايتنا ، إن هؤلاء السكان يعيشون في جهل ويواجهون صعوبة  الحياة ، لأن المهن التي كانوا يعملون فيها ، والصناعات القليلة التي كانت قائمة قبل وصولنا تأثرت بعمق بالظروف الاقتصادية الجديدة التي فرضها وجودنا في هذا البلد لا محالة .
ألا وجب  التفكير بجدية في مستقبل السكان الأصليين؟ ألا ينبغي علينا أن نبذل قصارى جهدنا لتجنب مزيد من تفاقم التفقير في صفوفهم ، فذلك أمر مهينً  لكرامتنا ويعرض نفوذنا للخطر . هل يجب تعليم السكان الأصليين ؟ بأي معنى  وأي درجة ؟ المسألة على غاية من الحساسية، إنها تستحق دراسة عميقة.
سيقول لنا البعض إن من الخطر تعليم الأهالي ويرى آخرون أن تعليمهم  أقل خطورة من تركهم في الجهل. أين هي الحقيقة؟
إذن ! أيها السادة ، أدرسوا هذه المسألة الخطيرة بكل الاهتمام ، أؤكد لكم  إنها تستحق عناية جمعيتكم العظيمة والسخية. قوموا بدراستها كمواطنين صالحين يسعون إلى تحقيق مصلحة بلدهم ، دون الانسياق  لنظريات ، وإن كانت سخية ، لكنها أحيانًا غير ذات بالٍ ؛ ولكن أيضا دون أن تعوقكم المواقف المسبقة المرتجلة أو المشاعر التي لا تليق بأمة عظيمة مثل فرنسا.
إذا تمكنتم من النجاح في حلّ هذين المسألتين ، تكونون  قد صنعتم سلامًا يتوافق تمامًا مع تطلعات مجتمعكم ، وتكونون قد قدمتم لفرنسا أكبر الخدمات من خلال المساعدة على جعلها محبوبة أكثر من قبل أبنائها بالتبني ؛ وبالطبع ، لن يجد أي شخص أنه من الخطأ أن نرغب في رؤيتها  فرنسية  اللسان و فرنسية الأفكار ، هذه الأرض حيث وضعنا الكثير من نشاطنا و عبقريتنا و ثروتنا و قلبنا ، و لجعلها أجمل جوهرة من تراثنا الاستعماري.هذه هي رغبة التي ينهي بها  مندوب وزير التعليم العمومي كلمته.
Source : Bulletin officiel de l’enseignement public , N°37 - avril- mai 1903 - 17ème  année - imprimerie française-  B.Borrel .Tunis .
تقديم وترجمة وتعليق المنجي العكروت متفقد عام للتربية متقاعد وابراهيم بن عتيق أستاذ متميز متقاعد.
تونس ، نوفمبر 2019



[1]  أعلن جون ماسي يوم 15 نوفمبر 1866 عن تأسيس  رابطة  التعليم الفرنسية التي حددت كهدف " ارساء مرفق عمومي للتعليم بعيدا عن تأثير الكنيسة ، تعليم لايكي في محتواه وفي مدرسيه ومفتوح للجميع بفضل اجباريته ومجانيته "
[2]  لويس ماشوال  أول مدير التعليم العمومي بتونس من 1883 إلى 1908  يعتبر مؤسس المدارس الفرنسية العربية بالبلاد التونسية و كان من أبرز المستعربين.

[3]  جون ماسي  ( 1815/ 1894 ) بيداغوحي و مدرس وصحفي  ورجل سياسي من وسط عمالي ومنتمي للحركة الماسونية و أحد مؤسسي رابطة التعليم  - - Wikipédia -
[4]  ماشوال يقصد هنا تمثال جول فيري التي كان منتصبا بشارع الحبيب بورقيبة  
[5]  المقصود هو ماشوال .
[6]  بول كامبون كان الوزير المقيم العام بتونس بين 1882 و1986 ساهم في إحداث إدارة التعليم العمومي والفنون الجمالية .

[7]   المقيم العام هو ممثل فرنسا بالبلاد التونسية  وكان الماسك الحقيقي بالسلطة و كان الباي يكتفي بإمضاء القوانين والأوامر.

[8] ستيفان بيشون بين 1901 و1906


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire