lundi 11 mars 2019

الخطة التنفيذية لمدرسة الغد 2002/2007 المقتطف الثالث: الباب الثاني : موقع النظام التربوي التونسي عالميا




هادي بوحوش
نواصل هذا الأسبوع نشر مقتطفات من وثيقة الخطة التنفيذية لمدرسة الغد 2002/2007 ويقدم هذا المقتطف نتائج مقارنة أوضاع النظام التربوي التونسي مع أنظمة تربوية  أخرى " سعيا إلى تحديد موقع النظام التربوي التونسي بالنظر إلى أهم الاتجاهات العالمية في مجال التربية والتعليم وقع ضبط قاعدة المقارنة باختيار عيّنة تضم قرابة عشرين نظاما تربويا تغطي كافة بلدان الاتحاد الأوربي وفنلندا وبعض البلدان من أمريكا الشمالية وأستراليا  وزيلندا الجديدة. وهي بالذات الأنظمة التي تمثل اليوم مرجعا لبقية بلدان العالم في التقييمات والمقاربات الدولية.

تقديم
لم تمرّ مدة طويلة على صدور قانون ثان للإصلاح التربوي في تونس ( القانون  عدد 65 لسنة 1991  المؤرخ في 29 جويلية 1991  والمتعلق بالنظام التربوي)   حتى شرع في التفكير في  مشروع إصلاح جديد  عُرف بمشروع مدرسة الغد،  ففي عام  1995  جاءت  الدعوة من قبل رئاسة الجمهورية  إلى"  التفكير المنظم في تجدد رسالة المدرسة  في عالم ينتظر أن يشهد تحولات عميقة على تركيبة المجتمعات وبنية المعرفة وأساليب العمل ووسائل الإنتاج " وعلى إثر ذلك   تكونت سنة 1998 "لجنة مدرسة الغد "  أُسندت رئاستها للأستاذ رافع بن عاشور رئيس جامعة تونس 2 في ذلك الوقت،  وقد نظمت وزارة التربية  ندوة دولية حول مدرسة الغد يومي 4 و 5 ماي 1998 بالتعاون مع البنك الدولي ثم عرضت نتائج عملها على استشارة وطنية انبثقت عنها مقترحات لتأهيل المدرسة التونسية.
وتواصل التفكير في الموضوع  و اشتغلت لجان في مستوى وزارة التربية على امتداد أكثر من 4 سنوات تُوّج مجهودها الضخم بإصدار وثيقة مهمة جدا   نشرت منها النسخة العربية  في شهر جوان 2002 ( قبل صدور القانون التوجيهي بشهر )  تحت عنوان  : نحو مجتمع المعرفة  - الإصلاح التربوي  - الخطة التنفيذية  لمدرسة الغد 2002/2007  أما  النسخة الفرنسية فقد صدرت   في شهر أكتوبر 2002 [1]
ونظرا لقيمة هذه الوثيقة التأسيسية  التي مثّلت محطة فارقة في تاريخ الفكر التربوي في بلادنا ، أردنا أن نستغل المدونة البيداغوجية لتقديم مقتطفات منها حفاظا  على ذاكرة المدرسة التونسية  و تكريما للفريق الذي  صاغها وهو فريق من  إطارات الوزارة كان يتكون من عبد الملك السلامي  متفقد أول للتعليم الثانوي في مادة  الفرنسية ونجيب عياد  مدير المعهد القومي لعلوم التربية  و عمران البخاري مدير عام  البرامج و مصطفى النيفر متفقد أول  للتعليم الثانوي في مادة  الفرنسية وقد كان قائد هذا الفريق الوزير منصر الرويسي .
تقديم الوثيقة.

كتيب من الحجم الصغير يضم 120 صفحة  و يتكون من مقدمة  وخمسة أقسام و ملاحق ( 8 جداول )
تقديم الوثيقة.
كتيب من الحجم الصغير يضم 120 صفحة  و يتكون من مقدمة  خمسة أقسام و ملاحق ( 8 جداول )
      I.            الإطار الاستراتيجي للإصلاح التربوي الجديد
    II.            موقع النظام التربوي التونسي عالميا
 III.            التقييمات المنجزة منذ 1992
IV.            التوجهات الكبرى للإصلاح التربوي الجديد
  V.            مراحل تنفيذ الخطة الخاصة بالبرامج

الباب الثاني II : موقع النظام التربوي التونسي عالميا
يمكن تقييم أي نظام تربوي:
§       من الداخل وذلك بالوقوف على مدى بلوغه الأهداف التي رسمت له وبتحديد المسافة التي تفصل بين أدائه الفعلي كمّا ونوعا وبين أدائه المنشود كما ضبطته المخططات التربوية خلال فترة معينة.
§       كما يمكن تقييمه من الخارج بمقارنته بأنظمة تربوية أخرى خاصة منها تلك التي  يشهد لها بالأداء الجيّد والمردود الرفيع.
وسعيا إلى تحديد موقع النظام التربوي التونسي بالنظر إلى أهم الاتجاهات العالمية في مجال التربية والتعليم وقع ضبط قاعدة المقارنة باختيار عيّنة تضم قرابة عشرين نظاما تربويا تغطي كافة بلدان الاتحاد الاوربي وفنلندا وبعض البلدان من أمريكا الشمالية وأستراليا  وزيلندا الجديدة. وهي بالذات الأنظمة التي تمثل اليوم مرجعا لبقية
بلدان العالم في التقييمات والمقاربات الدولية.
وتدور المقارنة بين النظام التربوي التونسي وهذه الأنظمة حول:
- الهيكلة العامة
- مسالك التعليم وشعبه
- محتويات التعلم وتوقيت المواد
- البرامج

II  - 1. الهيكلة العامة
يلاحظ تشابه كبير في الهيكلة العامة للأنظمة التربوية التي تكون العينة فالسلم التعليمي الأكثر تداولا في مرحلة ما قبل الجامعي له الخصائص التالية:
- تدوم الدراسة 12 سنة
-ينقسم التعليم إلى ثلاث مراحل (ابتدائي/إعدادي/ثانوي
- يدوم التعليم الإجباري 9 سنوات
- التعليم الإجباري مجاني
- تطور التربية قبل المدرسية وبلوغ نسبة تغطية شبه كاملة.

وعموما تنطبق هذه الخصائص على النظام التربوي التونسي باستثناء ما يتعلق منها بطول مدة الدراسة إذ تبلغ في بلادنا 13 سنة وكذلك الشأن بالنسبة إلى التربية قبل المدرسية فهي حديثة العهد وهي اختيارية وبمقابل ولا تزال نسب التغطية فيها ضعيفة.
وقد شهدت التربية قبل المدرسية خلال القرن العشرين تطورا هائلا في كل البلدان المتقدمة ويلاحظ اليوم تبكير متزايد في احتضان الأطفال في هياكل التربية قبل المدرسية في مستوى الفئة العمرية  المتراوحة بين 3 و5 سنوات . وتعتمد أغلب بلدان الاتحاد الأوروبي النظام الاختياري باستثناء اللوكسمبورغ. كما أن خدمات التربية قبل المدرسية مجانية في أغلب هذه البلدان باستثناء ألمانيا.
وتقسم أغلب البلدان التعليم الإجباري إلى مرحلتين وتميز بينهما من حيث الفضاءات والتنظيمات(على غرار ما هو معمول به في تونس) باستثناء البلدان الاسكندنافية التي تنفرد بالجمع بين مرحلتي التعليم الإجباري حيث تجري الدراسة داخل مؤسسة واحدة.
ولئن اتفقت جل البلدان في اعتماد سن السادسة لدخول الأطفال إلى المدرسة فإنه يوجد اختلاف في توزيع عدد سنوات السلم الدراسي على مراحل التعليم . فالتعليم الابتدائي يدوم 6 سنوات في أغلب بلدان الاتحاد الاوروبي باستثناء النمسا والبرتغال وأغلب مقاطعات ألمانيا حيث يدوم 4 سنوات فقط.
أمّا المرحلة الثانية فمدتها 3 سنوات في تونس في حين تتراوح بين سنتين (بلجيكا) و6 سنوات (ألمانيا) و4 سنوات (فرنسا،إسبانيا،هولندة،النمسا).
أما التعليم الثانوي الذي يدوم عندنا 4 سنوات فيتراوح في أوروبا بين سنتين( أنقلترا، إسبانيا، هولندة...) و 3 سنوات (فرنسا،ألمانيا،السويد...) و 4 سنوات (بلجيكا، النمسا...) و5 سنوات (ايطاليا).
II - 2. المسالك والشعب والتوجيه ( الجدول 1)
تجمع أغلب البلدان على تخصيص كامل مرحلة التعليم الإجباري لإكساب المتعلمين تكوينا عاما مشتركا يعتبر ضروريا مهما كان تدرج التلميذ لاحقا .
فالقاعدة العامة هي أنه لا توجيه نهائيا قبل سن الخامسة عشرة أو السادسة عشرة أي قبل نهاية التعليم الإجباري باستثناء ما هو معمول به في كلّ من ألمانيا و النمسا واللوكسنبورغ حيث يتم توجيه التلاميذ إلى مختلف المسالك ثم الشعب والاختصاصات في نهاية التعليم الابتدائي (بين 10 و12 سنة).
ويتعرض التوجيه المبكر اليوم إلى النقد في كل من ألمانيا وسويسرا في اتجاه الاقتراب أكثر من المعدل الأوروبي لسن التوجيه (13.8 سنة).
ويوفر النظام التربوي للمتعلمين عندنا مسارا دراسيا مشتركا من حيث مضامين التكوين ونظام التقييم والإشهاد، يمتدّ على 9 سنوات باستثناء مدارس المهن ،وهي محدودة العدد وتمثل "مدارس الفرصة الثانية".
وتتكوّن مرحلة التعليم الثانوي من جذع مشترك يدوم سنتين تليه مرحلة بسنتين تهيئ للتخصص موزعة على 5 شعب تتوّج بشهادة البكالوريا وبتوجيه نحو إحدى شعب التعليم العالي.
وضمن توزيع جديد للأدوار ، أصبح التعليم المهني والتقني بمواصفاته الجديدة المتطورة من مشمولات وزارة التكوين المهني والتشغيل.
وفيما يخص توزيع الشبان بين التعليم الثانوي العام والتكوين المهني فإن تونس لا تزال دون ما تحقق ببلاد الاتحاد الأوروبي حيث أن أغلبية المتوجهين إلى التكوين المهني عندنا تتكون من التلاميذ الذين ينقطعون اضطراريا عن التعليم الثانوي أو الذين يستكملونه دون الحصول على البكالوريا.
II  - 3. التعلمات والتوقيت ( الجداول 5.4.3.2)
 -  في المرحلة الأولى من التعليم الأساسي  يتراوح العدد السنوي  لساعات الدراسة في تونس بين 735 و 980 ساعة علما أن المعدل المعمول به في بلدان الاتحاد الأوروبي يتراوح بين 760 و 830 ساعة.
- وفي المرحلة الثانية من التعليم الأساسي يبلغ العدد الجملي لساعات الدراسة سنويا 840 ساعة في تونس مقابل معدل أوروبي في حدود910 ساعات وهو فارق هام.
- أما في التعليم الثانوي  بعد التوجيه فيختلف العدد الأدنى لساعات الدراسة في تونس باختلاف الشعب إذ لا يتعدى 650 ساعة في شعبة الآداب بينما يبلغ 910 ساعات في شعبة التقنية في حين يقترب المعدل في الاتحاد الأوروبي من الحد الأدنى عندنا.

وتمتاز أغلب البلدان الأوروبية باعتمادها قاعدة المرونة في تحديد شبكة التوقيت وفي التصرف فيها من قبل المؤسسة التربوية أو من قبل المدرسين. فالسلطة المركزية تحدد المعايير ( العدد الأدنى المضمون للساعات، قائمة المواد التعليمية) ويبقى للأطراف المسؤولة على التطبيق إمكانية التصرف في توزيعها في ضوء التقييم وحسب الحاجة.
أمّا في بلادنا فالتوقيت موحّد وليس محلّ اجتهاد وتصرّف بأيّ شكل من الأشكال وهناك وجه آخر هام  للمقارنة يتعلق بتوزيع التوقيت الجملي على مجالات التعلم الرئيسية.
وتسترعي الانتباه بالخصوص في هذا المجال المكانة المخصّصة لتدريس اللغات في المرحلة الأولى من التعليم فتونس تخصص 58÷ من التوقيت الجملي لتدريس كل من اللغة العربية (35÷)  واللغة الفرنسية (23÷) أما بلدان الاتحاد الأوروبي فلا تخصص سوى 30÷ لتدريس اللغات.

مقارنة نسبة التوقيت المخصصة لمجالات التعلم الرئيسية في التعليم الابتدائي
  
مجالات التعلم
بلدان الاتحاد الأوروبي
تونس
اللغة الوطنية
20÷
35÷
اللغة الأجنبية
10÷
23÷
الرياضيات
20÷
14÷
العلوم
20÷
10÷
الأنشطة الفنية
15÷
التربية البدنية
10÷
متفرقات

II- 4. البرامج
شملت المقارنة برامج المواد  التالية: الأنقليزية،الرياضيات،العلوم الطبيعية،العلوم الفيزيائية، التاريخ والجغرافيا ،التربية المدنية، الفنون، الاقتصاد والتصرف.
ومكنت هذه المقارنة من الوقوف على جملة من الثغرات والنقائص في برامجنا منها:
- غياب بعض التعلمات أو ضعف مكانها.
- تقادم بعض المضامين.
- انفصال المواد عن بعضها البعض.
- تركيز على الجوانب النظرية.
- ضعف اندماج المواد.
- ضعف التكنولوجيات الحديثة في التدريس.
- غياب حرية التصرف في برمجة الدروس.

انتهى الجزء الثالث - يتبع . للعودة إلى الجزء الأول اضغط هنا- للعودة إلى الجزء الثاني اضغط هنا
تقديم المنجي العكروت، متفقد عام للتربية وإبراهيم بن عتيق أستاذ متميز
تونس ، فيفري 2019
Pour accéder à la version FR. Cliquer ICI



[1] La nouvelle réforme du système éducatif tunisien: Programme pour la mise en œuvre du projet " Ecole de demain "  2002 – 2007

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire