تناولنا في الجزء الأوّل من الدراسة التي نخصّصها للإصلاحات التعليميّة في
السبعينات و بداية الثمانينات الظرفيّة العامّة التي ميّزت الوضع بالبلاد التونسيّة في
تلك الفترة و الإصلاحات التنظيميّة و الإداريّة التي أرادت تجديد مهمّة الوزارة وإصلاح هياكلها مركزيّا
وجهويّا ( للرجوع إلى الجزء الأوّل اضغط هنا ) و خصّصنا الجزء الثاني للإصلاحات التي شملت التعليم
الابتدائيّ ( للرجوع إلى الجزء الثاني اضغط هنا ) و تهتمّ ورقة اليوم بالإصلاحات
التي شملت التعليم الثانويّ.
2.
تعديلات ومراجعات شملت مختلف درجات
التعليم : ( ب ) ما شمل المرحلة المرحلة الثانوية:هيكلة تعليميّة جديدة، احْتفاء العلوم
والتقنيات، توجّه نحو التّعريب
§
عودة فصل مسلك التعليم الثانويّ العامّ
والتقنيّ عن مسلك التعليم الثانويّ
بعد تجرية توحيد المسلكيْن
دامت سنة واحدة ( سنة 1970[1] ) في عهد الوزير أحمد بن صالح تبعا لتوصية اللجنة القوميّة للتّعليم لسنة 1967
تقرّر التخلّي عن مرحلة التعليم الجذع المشترك الذي يتابعُه جميعُ النّاجحين في
مناظرة الدّخول للسّنة الأولى من التعليم الثانويّ، مهما كانت سنّ التلميذ المرتقي،
ثمّ تمّ فصلُ المساريْن عن بعضهما بعضا وبات تعيينُ الناجحين في مناظرة الدّخول
للسّنة الأولى من التعليم الثانويّ يعتمد مجدّدا مقياس السّنّ: إلى التعليم
الثانويّ الطويل بالنّسبة إلى الأطفال الذين لا تتجاوز أعمارهم 14 عاما، وإلى
التعليم المهنيّ الذي ورث من التعليم الإعداديّ الشّعبة الصّناعيّة فقط، لمن تجاوز
تلك السّنّ.
§
تحوير التعليم الثانويّ العامّ والتقنيّ الذي يتكوّن من مرحلة أولى مشتركة (جذع
مشترك)، مدّتها ثلاثة أعوام أصبح، يوجّه إثرها المرتقون إلى السّنة الرّابعة، وفق
قائمة من المعايير إلى مرحلة ثانيّة متخصّصة، إمّا:
-
إلى التعليم الثانويّ العامّ، وتدوم
مرحلته الثانية أربعَ سنوات تتوّج باجتياز امتحان شهادة البكالوريا في أربع شعب:
الرّياضيات والعلوم/ الرّياضيات والتقنية/ الآداب/ العلوم الاقتصاديّة.[2] وهي الشّعب التي أوردها
المنشور الوزاريّ عدد 239 المؤرّخ في 3 سبتمبر 1975، علما أنّ " تقرير عن
النظام التربويّ بتونس: 1976/ 1978، أورد ضمن هيكلة النّظام الدراسيّ التونسيّ
شعبة الفلاحة وشعبة ترشيح المعلّمين والمعلّمات.[3]
-
أو التعليم الثانويّ التقنيّ الاقتصاديّ، ومدّة مرحلته الثانية ثلاث سنوات، تتوّج
باجتياز دبلوم التقنيّ في التقنية الاقتصاديّة للتّصرّف[4] اختصاص المحاسبة، أوفي
التقنية الاقتصاديّة للإدارة، اختصاص الكتابة،[5] ويمكن للمتفوّقين من
التلاميذ اللحاقُ بسنة سابعة خاصّة تعدّ للدّراسة ببعض المؤسّسات الجامعيّة، كمعهد
الصّحافة وعلوم الإخبار أو مركز تكوين مساعدي التصرّف.
-
أو إلى التعليم الثانويّ التقنيّ الصّناعيّ،
ومدّة
مرحلته الثانية ثلاثة أعوام، تختم باجتياز دبلوم التقنيّ الصّناعيّ، ويضمّ 14
اختصاصا، ويمكن للمتفوّقين من التلاميذ اللحاقُ بسنة سابعة خاصّة تعدّ للدّراسة
ببعض المؤسّسات الجامعيّة، كدار المعلّمين العليا للتعليم التقنيّ، بالنّسبة إلى
اختصاصيْ الكهرباء والميكانيك، أو المدرسة القوميّة للمهندسين بالنّسبة على
اختصاصيْ قيس الأراضي والأشغال العامّة، حسب تقرير 74/76 واختصاص هندسة المياه فقط
في تقرير 76/78.
§
إعادة التعليم الثانويّ المهنيّ إلى صيغته
الأولى بحيث
يتمّ التوجيه إليه مباشرة إثر النجاح في مناظرة الدخول إلى السنة الأولى من
التعليم الثانويّ، على أساس السّنّ، وتكون مدّة الدّراسة به ثلاثَ سنوات،
تتوّجُها شهادة مؤهّل الدّراسة الثانويّة المهنيّة التي تسندها المؤسّسات
التعليميّة على أساس نتائج المراقبة المستمرّة. يتضمّن هذا المسلك
الدّراسيّ 22 اختصاصا مهنيّا، ويمكن للمتفوّقين من تلاميذ هذا المسلك أن يلتحقوا
بسنة رابعة خاصّة ويندمجوا في التعليم الثانويّ الطويل ذي السّتّ سنوات:( المسلك
الثانويّ التقنيّ الصّناعيّ).[6]
تلك هي البنية التعليميّة الجديدة للتّعليم
المدرسيّ[7]، التي انطلق العمل بها منذ
1972، وأدخلت عليها تنقيحات، أُريد لها أن تُجدّد أغراض المراحل التعليميّة، وأن تركَّز
الشّعبُ فيها على دراسة الموادّ العلميّة والتقنيّة، ممّا يخدم واقع البلاد، ويربط
التعليم الثانويّ بمحيط التلميذ الاجتماعيّ والاقتصاديّ، علما أنّ هذه الهيكلة
الجديدة تتوافق، في بعض الجوانب، وما كانت اقترحته لجنةُ تقييم إصلاح 1958 التي
بعثت سنة 1967. لكنّها لم تأخذ بمقترح اللجان القارّة للتعليم الدّاعي إلى تعميم
سبع سنوات على كافة المسالك وتوحيد شهادة التخرّج في شهادة واحدة: البكالوريا.
§
إ صلاح برامج التّعليم الثانويّ الدّراسيّة
يتميّز إصلاحُ السّبعينات، في مجال برامج
الدّراسة، بسعيه للرّفع من جودة التكوين والتدريس، من جهة، وبالعمل على ضمان
التناغم بين منظومة التعليم ومقتضيات التنمية الاقتصاديّة والاجتماعيّة، من جهة
ثانية، وذلك قصد إزالة التباعد بين التكوين وسوق الشّغل، والرَّفع من مردود النظام
التربويّ. كلّ هذا اقتضى تغييرَ البرامج أو تعديلها أو إثراءَها حتّى تكون أكثر
تطابقا مع القيم الوطنيّة، وأكثر ملاءمة لواقع بلادنا وحضارتها. وفي هذا السّياق،
اتّخذت الوزارة عدّة إجراءات بغاية:
- تعزيز الطّابع العلميّ والتقنيّ والمهنيّ في
البرامج:
كدعم تجريب تدريس العلوم الفيزيائيّة بأقسام الجذع المشترك، ممّا يسهم في
إيناس التلاميذ بالعلوم التجريبيّة ويهيّؤهم للتوجيه المدرسيّ نحو المسالك
العلميّة والتقنيّة، و كتعميم تجربة التدريب التكنولوجيّ على كافة فصول
الجذع المشترك وتركيزها على الأشغال التطبيقيّة للبنين والبنات في آن، و تعزيز
التكوين التقنيّ والتطبيقيّ لتلامذة التعليم الثانويّ التقنيّ بإنجاز أشغال
حقيقيّة، وتنظيم تربّصات بالمؤسّسات، و تشجيع المتفوّقين منهم
في دبلوم التقني الصّناعيّ على مواصلة الدّراسة بالسّنة السّابعة خاصّة.
- تنمية البعد التربويّ في البرامج، تعزيزا
للتربية الأخلاقيّة والوطنيّة لدى التلاميذ: دعم التربية الأخلاقيّة والوطنيّة
وتركيزها على الأصالة وتنمية الحسّ الوطنيّ ونشر التنشيط الثقافيّ والاجتماعيّ في
المدارس والمعاهد، عبر النوادي الثقافيّة، ودعم نشاط التربية العمرانيّة والتربية
البيئيّة.
- تعريب لغة التدريس في الموادّ الاجتماعيّة: كنّا أشرنا إلى أنّ مسألة التعريب طفَت
على السّطح مجدّدا نهاية 1969، جرّاء إخفاق التجربة التنمويّة الاشتراكيّة، وربّما
لقناعة لدى الوزير محمّد مزالي. انطلقت المناقشات بداية سنة 1970 ضمن اللجان
القارّة للتعليم، وأفضت إلى سنّ برامج جديدة وإعداد كتب مدرسيّة باللغة العربيّة
موافقة لها: فمن جهة، شهدت السّبعينات الشّروع في تعريب مادة التاريخ بالمرحلة
الثانية من التعليم الثانويّ، إذ كان تدريس هذه المادّة معربّا بالمرحلة الأولى
منذ الإصلاح التربويّ لسنة 1958. وإزاء تحفّظ عدد من المختصّين[8] الجامعيّين عن المشاركة في
هذه العمليّة ( حسب بعض الروايات)، اعتمد الوزير محمد مزالي على متفقّدي التعليم
الثانويّ في إعداد البرامج، وعلى بعض المدرّسين الحائزين شهائدهم من المشرق
العربيّ والمختصّين في تدريس التاريخ، أمثال عليّ الحوسي ومحمّد الصّالح بالحارث
والميداني بن صالح وغيرهم، لينهضوا بعبء إعداد كتب مدرسيّة جديدة، في التاريخ،
تولّت طباعتها دولة العراق، وكانت توزّع مجانا على التلاميذ. كما شهدت هذه الفترة
بداية تعريب تدريس مادّة الجغرافيا بكامل مرحلة التعليم الثانويّ، لأنّها
كانت تدرّس باللغة الفرنسيّة حتّى بأقسام الجذع المشترك.
ومن
جهة ثانية، وفي سبتمبر 1975، اتّخذ مجلسُ الوزراء قرارا بتعريب تدريس الفلسفة،
بداية من العام الدّراسيّ 75/ 76، بمبادرة، على ما يبدو، من وزير التربية القوميّة،
السيّد إدريس قيقة. ويُتبيّن من شهادة محمّد الصَيّاح[9] أنّ إدريس قيقة كان يسعى،
في اجتماعات الدّيوان السّياسيّ للحزب الحاكم آنذاك، إلى تحسيس الوزير الأوّل،
الهادي نويرة، بمسألة تعريب الفلسفة "لأسباب أمنيّة بالدّرجة الأولى"،
إذ كان مدرّسُو الفلسفة، المحسوبُ أكثرُهم على اليسار السّياسيّ، متّهمين بتحريض
الشّباب المدرسيّ والجامعيّ على السّلطة الحاكمة. ويقال إنّ إدريس قيقة، لإقناع
أعضاء الدّيوان السّياسيّ، أحضر اختبارا في الفلسفة من اختبارات امتحان
البكالوريا، محرّرا باللغة الفرنسيّة، وقُيّم بعدد إيجابيّ جدّا، تعرّض فيه
المترشّحُ إلى نقد السّلطة الحاكمة، باعتبارها جهازا قمعيّا.
وبالرّغم من كلّ هذا، يبدو أنّ المسألة
تعود إلى مطلع السّبعينات: فقد صرّح الأستاذ عبد الوهّاب بُوحْديبَة، أستاذ
الفلسفة وعلم الاجتماع بالجامعة التونسيّة[10] الذي كلّف برئاسة لجنة تعريب الفلسفة بالتّعليم
الثانويّ، أنّه، منذ 1971، كان الفيلسوفان Maurice de Condillac وHenri CORBIN يَحُضّاننا على
تعريب تدريس الفلسفة ويُلحّان على أنّ الفلسفة، قبل العلوم والتقنيات، تحتاج أن
تدرّس باللغة الناقلة للثقافة الأمّ أو الثقافة الوطنيّة.
ويواصل بوحديبة حديثه قائلا: "كان التعريب
يبدو لنا أمرا ضروريّا منذ تلك الفترة، وقد تجسّم ذلك سنة 1974، عندما أدرك
الفاعلون السّياسيّون أنّ عليهم أن يتّخذوا قرارا حاسما".
ويرى بوحديبة أنّ التعريب لم يكن مجرّد اختيار،
وإنّما كان ضرورة، لأنّ" الفلسفة كشْف أو انكشاف على خلفيّة ثقافيّة، فيها
تنبني الهُويّات، أيْ إنّ التعريب لديه أداةٌ لمعالجة القطيعة مع التراث الثقافيّ.
ومن دواعي تعريب الفلسفة، علاوة على ما سبق، كونُها كانت مستقلّة عن مادّة التفكير
الإسلاميّ، وكان ينبغي توحيدُ الدرْسيْن في درس واحد.
ويستعرض عبد الوهّاب بوحديبة المراحل
المتّبعة في تعريب الفلسفة على النّحو التالي:
-
مراجعة البرامج بالتشاور مع الزّملاء،
-
وضع كتاب مدرسيّ للفلسفة باللغة العربيّة
لفائدة تلامذة الأقسام النّهائيّة بالتعليم الثانويّ بمشاركة نشطة وفعالة من عديد
المدرّسين. يضمّ الكتاب عددا مهمّا من نصوص الفلسفة العربيّة والفلسفة الغربيّة،
-
إعداد مَسْرَد في المصطلحات يحتوي أكثر من
600 مدخل،
-
طباعة الكتاب في جزأين بالعراق مجانا
وبيعه للتلاميذ بدينار واحد،
-
تنظيم تربّصات للمدرّسين كي يستفيدوا من
تجربة مصر وسوريا والعراق في تدريس الفلسفة بالعربيّة.
-
عقد اجتماعات بيداغوجيّة لمناقشة منهج
التدريس وكيفية استخدام المسْرد،
-
إثراء المكتبة بما يزيد على ألف كتاب في
الفلسفة بالعربيّة.
وأوضّح الأستاذ بوحديبة أنّ تعريب الفلسفة لا يمثّل انحيازا إلى
تيّار دون آخر، فالفلسفة ليست على اليمين وليست على اليسار، وإنّما يكمُن الهدفُ
من تدريسها في أن يجد تلميذ القسم النّهائيّ في حصصها مناسبة لتنمية الرّوح
النقديّ والتفكير الحرّ والشّخصيّ، انطلاقا من معلومة دقيقة ومتنوّعة.[11]
وثمّة وجهة نظر أخرى مغايرة لموقف الأستاذ
عبد الوهّاب بوحديبة[12] ترى أنّ الجدل الكبير الذي ثار حول تعريب
برنامج الفلسفة يُعزى إلى أنّ السّلطة ّالسياسيّة ظنّت يومَها أنّ " من أسباب
انتشار الماركسيّة في صفوف الشّباب... دراسة مبادئ الشّيوعيّة ضمن مقرّر الفلسفة.
وبما أنّ هذه المادّة كانت تدرّس باللغة الفرنسيّة، فقد اتُّخذ قرارٌ بتعريبها، ومن
ثَمّ "تطهيرها من النّصوص والإيحاءات الماركسيّة أو العقلانيّة المتضمّنة
لمعاني الثورة أو نقد أسس الدولة والطبقيّة". من هنا نفهم موقف اليسار الرابط
بين تعريب الفلسفة وظهور الإسلاميّين.
ولا يمكن إنهاء هذه الفقرة المتعلّقة بلغة
التدريس دون أن نسأل عن تعريب التدريس في الموادّ العلميّة والتقنيّة بالتعليم
الثانويّ:[13] هل فكّرت الوزارة في تعريبها أمْ إنّها
رأت الاكتفاءَ بتعريب تدريس الموادّ الاجتماعيّة كالفلسفة والتاريخ والجغرافيا؟
إنّه استفسار يطرح نفسه إذ أشارت Cécile de Bouttement في مقال[14] إلى تجربة في تعريب تدريس العلوم
والتقنية، سرعان ما تمّ التراجعُ عنها جرّاء معارضة شديدة!
لكننا لم نعثر على أثَر لهذه المحاولة، لا في الوثائق
التي بين أيدينا، ولا في الدّراسات التي اطَّلعنا عليها و أكّد لنا السيد محمّد
الهادي خليل الذي كان يضطلع آنذاك بهام مدير التعليم الثانويّ في حديث حول الموضوع أنّ القضية لم تكن مطروحة.
§
اعتماد نظام تقييم جديد وتحوير في نظام
الباكالوريا
-
إرساء نظام المراقبة المستمرّة: شهدت السّنة الدّراسيّة 1973/ 1974، على
عهد الوزير إدريس قيقة، تخلّي الوزارة عن نظام الامتحانات الثلاثيّة المعتمدة في
تقييم التلاميذ والاستعاضة عنها بنظام التقييم المسترسل الذي اتّخذ صيغة المراقبة
المستمرّة. وقد برّرت الوزارة هذا التوجّه بحرصها على تجنّب إرهاق التلاميذ
والمدرّسين في فترة قصيرة يتلوها في الغالب توتّر وتراخ من قبل التلاميذ، وبسعيها
لإقامة نظام تقييميّ يراعي ما يبذله المتعلمون من جهد طيلة فترات العام الدّراسيّ.
وسيشهد نظام المراقبة المستمرّة تطوّرا في السّنوات الموالية تتبنّى خلاله
المنظومة مفهوم الفرض العاديّ والفرض التأليفيّ، ثمّ مفهوم الأسبوع المغلق
والأسبوع السّابق للمغلق، وغيرها من المفاهيم المرتبطة بهذا الضّرب من النظام
التقييميّ.[15]
وبعد عامين من التطبيق، بدأت الاجتماعات التقييميّة تلتئم بمختلف الجهات للنظر في
سبل تطوير هذا النظام.
-
تحوير نظام امتحان شهادة البكالوريا
في الثالث من سبتمبر 1975، أصدرت وزارة
التربية المنشورَ عدد 239 الصّادرَ عن إدارة التعليم الثانويّ والموقّعَ من قبل
كاتب الدولة لدى وزير التربية القوميّة، السيّد الهادي الزغل، والمتعلّق بتنظيم
امتحان البكالوريا وامتحان شهادة التقنيّ، بداية من دورة جوان 1976. ويتضمّن هذا
المنشور أحكاما وتدابير جديدة، منها:
-
حذف الاختبارات الشّفويّة من امتحان شهادة
البكالوريا،
-
حذف دورة التدارك التي كانت تنظم
في شهر أكتوبر من كلّ سنة وتعويضها بدورة مراقبة تنظَّم مباشرة بعد الإعلان
عن نتائج الدّورة الرّئيسيّة لشهر جوان. وهكذا صار امتحان البكالوريا يجري في دورة
رئيسيّة مشفوعة بدورة مراقبة في الشّهر نفسه.
-
التمييز في الاختبارات بين الموادّ
الإجباريّة والموادّ الاختياريّة، والموادّ المميّزة للشعبة والموادّ الرئيسيّة.
-
قصر دورة المراقبة على المادّتيْن
الرّئيسيتيْن الخاصّتيْن بالشّعبة،
-
ضبط شروط الإسعاف بالنّجاح في الدّورة
الرّئيسيّة على النّحو التالي: الحصولُ في الامتحان على معدّل يساوي 9 من 20 على
الأقلّ، والحصولُ في كلّ من المادّتين الرّئيسيّتين للشّعبة على عدد لا يقلّ عن 9
من 20 والحصولُ على معدّل سنويّ عامّ يساوي 10 من 20 على الأقلّ.
-
ضبط شروط المشاركة في دورة المراقبة على
النّحو التالي: الحصول في الامتحان على معدّل يساوي 8 من 20 على الأقلّ، أو الحصول
في الامتحان على معدّل يساوي 7 من 20 على الأقلّ مع الحصول على معدّل سنويّ عامّ
لا يقلّ عن 10 من 20.
-
ضبط شروط الإسعاف بالنّجاح في دورة
المراقبة على النّحو التالي: احتساب المعدّل في الامتحان باعتماد أحسن العدديْن في
كلّ مادة من المادّتين الرّئيسيتيْن للشّعبة واعتماد أعداد الدّورة الرّئيسيّة في
الموادّ الأخرى/ قبول كلّ مترشّح يحصل على معدّل عامّ في الامتحان يساوي 10 من 20
على الأقلّ/ قبول المترشّحين الحاصلين على معدّل في الامتحان يساوي 9 من 20 على
الأقلّ، بشرط أن يكونوا حاصلين على معدّل سنويّ عامّ لا يقلّ عن 10 من 20.
وقد أرفق المنشورُ بجداول، باللغة
الفرنسيّة، تحدّد الاختبارات في كلّ شعبة، مفصّلة إلى موادّ إجباريّة وموادّ
اختياريّة وضّوارب كلّ اختبار ومدّته الزّمنيّة، علما أنّ الشّعب المدرجة بالجدول
أربعة وهي: الرّياضيات والعلوم، والرّياضيات والتقنيّة، والآداب، والعلوم
الاقتصاديّة التي كانت بصدد الزّوال. كما أرفق بمحتوى الاختبارات أو ما يعرف
بمواصفات الاختبارات.
هذا، وقد ظلّت هذه القراراتُ والتدابير
سارية إلى سنة 1981 حيث صدرت في قرار وزاريّ.[16]
§
النّهوض بتكوين مدرّسي التعليم الثانويّ
-
التكوين الأساسيّ: يتمّ تكوين أساتذة التعليم الثانويّ
والتعليم التقنيّ بدار المعلّمين العليا ودار المعلّمين العليا للتعليم التقنيّ، و
يشتمل التكوين بالمؤسّستين على مرحلتين، تخصّص المرحلة الأولى التي تدوم سنتين
للتكوين العامّ في الاختصاص، و تخصَّص المرحلة الثانية، و هي أيضا بسنتين، لمواصلة
التكوين الأساسيّ في الاختصاص و تكوين بيداغوجيّ يؤهّل الطالب لمهنة التدريس من خلال المشاركة في السّنة الرابعة الختاميّة
في تربُّصات وحضور حصص ملاحظة و القيام بالتدريس بالمعاهد الثانويّة، تحت إشراف
متفقدي التعليم الثانويّ. ويتواصل التكوينُ في السّنة الأولى من مباشرة العمل
الفعليّ بالمعاهد الثانويّة، وقد أدخل تنقيح على نظام دار المعلّمين العليا تمّ
بمقتضاه تمكين طلبتها من نظام خصوصيّ يتيح تأجيرَهم، منذ سنوات الدّراسة.
غير أنّ هاتين المؤسّستين لم تكونا قادرتين
على تلبية كلّ حاجيات التعليم الثانويّ، وكان في الحسبان " أنَّ توسيع طاقة
استيعاب الداريْن وبعث داريْن جديدين في مدينة بنزرت ومدينة سوسة سيسمح، في غضون
سنوات، بتحقيق الاكتفاء الذاتيّ وتونسة إطار التدريس في جميع الاختصاصات."[17] وفي انتظار ذلك، كانت
الوزارة تنتدب الأساتذة من بين خرّيجي الكليّات من حاملي الأستاذية، وحتّى من
المتحصّلين على شهادة المرحلة الأولى فقط. وأمام النقص الكبير في بعض الاختصاصات،
كانت الوزارة تُضطرّ لتكليف البعض منهم بتدريس موادّ لا تمتّ بصلة إلى اختصاصهم
الأصليّ.
ويخضع المنتدبون الجدد من هذا الصّنف لفترة
تربّص لمدة سنتين، يدعى، خلال السّنة الأولى منه، إلى حضور حصص مشاهدة تشفع بتحليل
ومناقشة يشرف عليها متفقد ومرشد بيداغوجيّ، قصد تدريب المنتدبين الجديد على المهنة.
-
العناية بالتكوين المستمرّ : لتلبية الحاجات المتزايدة
من الأساتذة، و نظرا إلى عدم تغطية مختلف الاختصاصات من بين حاملي
الأستاذيّة المتخرّجين من الكليّات التونسيّة، اضطُرّت الوزارة إلى انتداب أعداد
وفيرة من حاملي الإجازات من جامعات أجنبيّة( مشرقيّة و فرنسية) تختلف برامجها
ومناهجها عن برامجنا ومناهجنا، وكذلك من غير حاملي الأستاذية ( أساتذة المرحلة
الأولى من التعليم الثانويّ ومعلّمو التعليم الثانويّ)، و من غير المختصّين، وهم
من المجازين الذين عُهد لهم بتدريس موادّ لم يُعدّوا لها كتدريس الفرنسيّة من قبل
حاملي الأستاذية في العربيّة أو في الجغرافيا أوفي علوم الصحافة و غيرها. كلّ هذا ولّد حاجيّات
تكوينيّة ملحّة في المجال المعرفيّ، إلى جانب التكوين الصّناعيّ وزاد في الحاجة
إلى التكوين المستمرّ.
ولمجابهة هذا الوضع، أحدثت في النّصف
الثاني من السّبعينات، ضمن إدارة البرامج التي تأسَّست سنة 1976،[18] إدارة تُعني بالتكوين المستمرّ، بعد أن
كانت هذه الإدارة تضمّ إدارة فرعيّة للتكوين المستمرّ وثلاث مصالح تُعنى واحدة
برجال التعليم الابتدائيّ، واثنتان بالتعليم الثانويّ والفنّيّ والمهنيّ. وتمّ
تحويل نشاط التكوين المستمرّ من إدارة التعليم الثانويّ التي كانت تهتم بــ"
تنظيم التكوين البيداغوجيّ التكميليّ لجميع رجال التعليم الثانويّ،" فأصبحت الإدارة العامّة للبرامج والتكوين المستمرّ
المسؤولة الأولى عن " تنظيم وتنسيق أنشطة التكوين الصناعيّ لكلّ أصناف المدرّسين
لغاية تطبيق البرامج الجديدة وتحقيق أقصى حظوظ نجاح برامج الإصلاح"، وعن
" تنظيم التكوين البيداغوجيّ المستمرّ لجميع رجال التعليم الابتدائيّ ورجال
التعليم الثانويّ، وذلك بالتعاون مع الإدارات المعنيّة."
وانطلق برنامج التكوين المستمرّ بكثير من
الصّعوبات، ويجب انتظار فترة الثمانيات لمشاهدة انطلاقة حقيقيّة للتكوين المستمرّ
بالنّسبة إلى مدرّسي التعليم الثانويّ.
الهادي بوحوش والمنجي عكروت، متفقدان عامّان للتربية
متقاعدان،
تونس في 21 أكتوبر 2014.
ورقات ذات علاقة منشورة بالمدونة
البيداغوجية
الهادي بوحوش و المنجي عكروت: تقرير اللجنة الفرعيّة للتعليم الثانويّ صدر بجريدة
"لاكسيون " لسان الحزب الاشتراكي الدّستوريّ"،المدونة البيداغوجية.
الهادي بوحوش و المنجي عكروت : تاريخ
الإصلاحات التّربويّة بالبلاد التّونسيّة منذ القرن التاسعَ عشرَ: توطئة عامّة
http://akroutbouhouch.blogspot.com/2015/11/blog-post.html#more
عمر بنور : في الاصلاح التربوي - المدونة البيداغوجية.
http://akroutbouhouch.blogspot.com/2015/05/blog-post.html#more
عمر بنور: في الإصلاح التربويُ:المرجعيــّات (الجزء
الأول) المدونة البيداغوجية.
http://akroutbouhouch.blogspot.com/2015/09/blog-post_28.html
http://akroutbouhouch.blogspot.com/2015/11/2.html#more
عبد العزيز الجربي : خواطر حول السّياسة التربويّة أو أيّة سياسة تربويّة
لأيّ إصلاح تربويّ؟ المدونة البيداغوجية.
http://akroutbouhouch.blogspot.com/2015/10/blog-post.html
عمران البخاري : الحوكمة في النظام التربوي التونسي،
المدونة البيداغوجية.
الهادي بوحوش و المنجي عكروت : تاريخ
موجز للإصلاحات التربويّة في البلاد التونسيّة منذ القرن التاسع عشر إلى اليوم:
اصلاحات فترة ما قبل الحماية الفرنسيّة : الجزء الأول
تاريخ الإصلاحات التربويّة بالبلاد التونسيّة: القسم
الثاني: الإصلاحات زمن الحماية . الجزء الأول : محاولات وتجارب لتطوير
المنظومة التعليميّة الزّيتونيّة
http://akroutbouhouch.blogspot.com/2015/11/blog-post_30.html
تاريخ الإصلاحات التربويّة بالبلاد التونسيّة: القسم
الثاني: الإصلاحات زمن الحماية . الجزء الثاني : ارساء
التعليم العصري العمومي في أواخر القرن التاسع عشر
http://akroutbouhouch.blogspot.com/2015/12/blog-post.html
تاريخ الإصلاحات التربويّة بالبلاد التونسيّة: القسم
الثاني: الإصلاحات زمن الحماية . الجزء الثالث : الإصلاحات التّعليميّة
بعد ماشويل وحتّى الاستقلال
الإصلاحات التعليميّة الكبرى بالبلاد التّونسيّة زمن الاستقلال
: إصلاحات المرحلة الانتقاليّة: 1955/ 1958
الإصلاحات التعليميّة الكبرى بالبلاد التّونسيّة زمن
الاستقلال: إصلاح سنة
1958 ج 1
http://akroutbouhouch.blogspot.com/2016/01/1958_11.html#more
الإصلاحات التعليميّة الكبرى بالبلاد التّونسيّة زمن
الاستقلال: إصلاح سنة
1958 ج 2
http://akroutbouhouch.blogspot.com/2016/01/1958.html#more
الإصلاحات التعليميّة الكبرى بالبلاد التّونسيّة زمن
الاستقلال: إصلاح سنة
1958 ج3
http://akroutbouhouch.blogspot.com/2016/01/1958_11.html
الإصلاحات
التعليميّة الكبرى زمن الاستقلال القسم الثالث : تقييم إصلاحات
1958
ومحاولات
تطويع المنظومة التربويّة للواقع المتجدّد. ج 1
http://akroutbouhouch.blogspot.com/2016/01/1958_18.html
الإصلاحات
التعليميّة الكبرى زمن الاستقلال القسم الثالث : تقييم إصلاحات
1958
ومحاولات
تطويع المنظومة التربويّة للواقع المتجدّد. ج 2
http://akroutbouhouch.blogspot.com/2016_01_01_archive.html
[1] . بخصوص هذه المسألة، نقرأ في التقرير التأليفيّ لشهر جوان 72 ما
يلي: "إنّ صنفي التعليم الثانويّ، المرحلة الأولى، والثانويّ المهنيّ اللذيْن
كانا منفصلين قبل سنة 67/68 باعتبار مستوى التلاميذ وسنّهم، عند الدخول إلى السنة
الأولى، قد وقع توحيدهما، في سنة 1968، ثمّ تمّ فصلهما عن بعضهما من جديد
في سنة 1970 ". ص2.
[2] . وردت بعض هذه الشّعب بتسميات أخرى في " تقرير عن النظام
التربويّ التونسيّ 74/76" على النحو التالي: علوم رياضية/علوم اقتصادية/
آداب/ علوم تقنية، شعبة فلاحيّة ومدارس دور المعلّمين الابتدائيّ. انظر الملحق الثاني، ص41. هذا ويتضمّن التقرير
التأليفيّ السّابق في الذكر هيكلة للتعليم الثانويّ بتاريخ 1972 تضمّ
الشّعب التالية: آداب/علوم/ علوم اقتصاديّة/علوم فنّيّة/ تقنية اقتصاديّة للإدارة/
تقنية اقتصاديّة للتصرّف/ تقنيات صناعيّة، ص 21. ويبدو أنّ أمور الشّعب استقرّت
بداية من العام الدراسيّ 1975/ 1976.
[3] . انظر الملحق رقم 2 من تقرير 76/ 78، علما أنّ مدارس
الترشيح لم تعد تابعة للتعليم الثانويّ، وإنّما ألحقت هيكليّا بإدارة التعليم
الابتدائيّ منذ 1970، إدارة فرعيّة لمدارس ترشيح المعلّمين والمعلّمات. انظر
التنظيم الهيكليّ للوزارة ضمن الملحق الأوّل من تقرير 74/76.
[4] . نعتمد في تسمية مسالك الدّراسة ما جاء بالهيكلة الجاري بها العمل
آنذاك والمضمّنة بتقرير عن النظام التربويّ بتونس، 1974/ 1976، الملحق الثاني.
[5] . لاحظ أنّ اختصاص الكتابة واختصاص المحاسبة ورد التنصيص عليهما،
لا ضمن هيكلة التعليم، وإنّما في قرارات تنظيم الامتحانات، بالإشارة إلى
اختيارين: الكتابة والمحاسبة. انظر تقرير 1974/76 ص 41، الملحق الثاني. ثمّ أدرجت التسمية شعبة الكتابة وشعبة
المحاسبة بصفة صريحة في" تقرير عن النظام التربويّ بتونس، 1976/ 1978، الملحق
الثاني بعنوان النظام الدراسيّ التونسيّ."
[7] . لاحظ أنّه تمّ التراجع عن شعبة علوم التربية وشعبة الفلاحة
ومسالك التعليم المهنيّ ذي الخمس سنوات ممّا أقرّه الوزير أحمد بن صالح.
[8] . يروي الأستاذ محمد الهادي الشّريف،
المدرّس الجامعيّ للتاريخ، أنّ الوزير محمد مزالي دعاه للحديث في هذا الموضوع،
وعبّر له عن رغبته في تعريب تدريس التاريخ، فورا، فأجابه بتعذّر ذلك من الناحية
التقنيّة. وتصبّ شهادة محمد الصيّاح في الاتجاه نفسه، إذ ذهب إلى أنّ محمد مزالي
كان يريد تعريب التعليم. انظر:
Driss Abassi- Entre Bourguiba et Hannibal : Identité tunisienne et
histoire de l’indépendance, IREMAM, Khartala 2005.
[10] L’arabisation de la philosophie : Entretien avec Abdulwahab
Bouhdiba، Rue Descartes 2008,3 n 61, pp78-81.
[13] . أشرنا في إبّانه إلى موقف اللجان القارّة من تعريب المواد
العلميّة، فلجنة العلوم الطبيعيّة ترى إمكانية التعريب مع الاستفادة من تجربة
الخلدونيّة في الغرض، ولجنة الرياضيات تحتاج خمس سنين لتعريب هذه المادّة.
[14] « Le système éducatif
tunisien », Revue internationale d’éducation de Sèvres, 29 avril 2002, mis
en ligne le 25 novembre 2011/ 2013 .URL :http://ries.revues.org/1928,Editeur :
centre d’études pédagogiques(CIEP).
[16] . قرار وزير التربية القوميّة مؤرخ في 16 أفريل 1981 يتعلق
بامتحان البكالوريا للتعليم الثانويّ، والصادر بالرائد الرسميّ عدد 28 بتاريخ 24
أفريل 1981.
[18] : الأمر 76-829 المؤرّخ في 13-9 -1976 المتعلق بإحداث ادارة
البرامج. تحوّلت سنة 1981 إلى إدارة عامّة للبرامج والتكوين
المستمرّ (الأمر
81 -1460 المؤرخ في 16 -11 -1981 المنقح للأمر 80-955 المؤرّخ في 19-7-1980
المتعلق بإعادة بتنظيم الادارة المركزية لوزارة التربية القومية).
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire