lundi 4 janvier 2016

الإصلاحات التعليميّة الكبرى بالبلاد التّونسيّة زمن الاستقلال : القسم الأول : إصلاح التّعليم لسنة 1958 ( الجزء الثاني )


  
نواصل في لمحة هذا الأسبوع استعراض تاريخ اصلاح 1958 بعد أن  خصّصنا لمحة الاسبوع الماضي لتقديم الظرفية العامّة.  نتطرّق فيما يلي للإصلاح ذاته و لأبرز أسسه و أهدافه ( العودة إلى الجزءالأول أضغط هنا )

III.الإصلاح التّربويّ المنبثق عن قانون 1958

يتكوّن نصّ القانون من 60 فصلا جاءت موزّعة على أربعة عناوين كبرى:
§        العنوان الأوّل: المبادئ العامّة: من الفصل الأوّل إلى الفصل السّادس.
§        العنوان الثاني: في التعليم، ويتفرّع إلى ثلاثة أبواب، أوّلها للتعليم الابتدائيّ: من الفصل 7 إلى الفصل 9، وثانيها للتعليم الثانويّ بفرعيْة الإعداديّ والثانويّ: من الفصل 10 إلى الفصل 24، وثالثهما للتعليم العالي: من الفصل 25 إلى الفصل 27.
§        العنوان الثالث: في التعليم العموميّ، ويفرّع إلى ثلاثة أبواب: معاهد التعليم العموميّ: من الفصل 28 إلى الفصل 32، وهيئات الموظّفين: من الفصل 33 إلى الفصل 37، ومجالس التعليم: الفصلان 38 و39.
§         العنوان الرّابع: في التعليم الحرّ، ويفرّع إلى ثلاثة أبواب: في شروط فتح المعاهد الحرّة: من الفصل 40إلى الفصل 51، في شروط سيْر المعاهد الحرّة: من الفصل 52 إلى الفصل 56، وأحكام انتقاليّة: من الفصل 57 إلى الفصل 60.

كان إصلاح التعليم الذي أقدمت عليه البلاد التونسيّة يهدف إلى " تلافي الضّرر والخلل الموجوديْن في برنامج التعليم من عهد الحماية،" وإلى تجديد برامجه ومضامينه ليكون وطنيّا،" وتوحيد التعليم التونسيّ في مقاصده وأنماطه ومؤسّساته، بعد أن كان مشتّتا،" ونشرُ التعليم وتعميمُه، نظرا إلى ضعْف نسبة التمدْرُس و"توسيع نطاق الاستفادة منه."
سنة 1949، كان عدد التلاميذ التونسيّين 95000 من جملة 775000 في سنّ التمدرس، بحيث تكون نسبة التمدرس 12%. وفي سنة 1953 كانت النسبة 14.65%. وفي التعليم الثانويّ لم يبلغ عدد التلاميذ التونسيّين 14000. انظر نور الدين سريّب: إيديولوجية المدرسة التونسيّة على عهد الاستعمار: 1881/ 1945، 1993، ص 249 وما بعدها. أمّا محمود المسعدي فقد أعلن في ندوته الصحفيّة ليوم 16 سبتمبر 1958: "إنّ التعليم الابتدائيّ اليوم لا يعمّ جميع الأطفال الذين هم في سنّ التعليم. وبالرّغم عن الجهود المبذولة فإنّنا نلاحظ أنّ ما يقرب من 500000 طفل يتمتّعون بالتعليم. أمّا عدد الشبّان بالمدارس الثانويّة، فإنّه لايزال دون 12000 طالب". ورد ضمن التعليم في تونس ص 26. 

1.   المبادئ العامة للإصلاح التربويّ
أدرج المشرّعُ في عنوان المبادئ العامّة من قانون 1958 مسائل كبرى تتعلّق بالأغراض الجوهريّة للتربية والتّعليم، والإجباريّة، والمجانيّة، وأنواع التعليم، وأصناف المؤسّسات القائمة به.
‌أ.         أغراض التعليم: حصرها المشرّع في أربعة، وهي: تزكية الشّخصية وتنمية المواهب لدى جميع الأطفال من الجنسيْن دون أيّ تمييز مهما كان مصدرُه/ ترقية العلوم وتمتيع الأطفال بفوائدها/ الإسهامُ في تنمية الثقافة الوطنيّة وتحقيق ازدهارها/ إعداد الطفل ليضطلع بدوره مواطنا وإنسانا وتكوين الإطارات لجميع ميادين النشاط.
 تتميّز هذه الأغراض بالشّمول، فهي تُعنى بالإنسان والمواطن والمورد البشريّ الفاعل في المجتمع، كما تتميّز بالوظيفيّة بإسنادها إلى التربية والتعليم مهمّة الارتقاء بالعلوم، والنّهوض بالثقافة الوطنيّة، والإسهام في نماء البلاد وازدهارها، وذلك بتوفير الإطارات الّلازمة. وهذه المقاصد كلّها تجعل من التعليم في تناغم مع مختلف الأنشطة الجارية في المجتمع، لا قطيعة بين مُخْرَجاته وبينَها.
‌ب.    إقرار إجباريّة التعليم: تمتدّ إجباريّة تعليم الأطفال من سنّ السّادسة إلى سنّ الثانية عشرة، لذلك فأبوابُ التعليم مفتوحة في جميع وجوه الأطفال ابتداء من سنّ السّادسة. ونظرا إلى الوضع الاجتماعيّ السّائد آنذاك، لم تطبّق الإجباريّة دفعة واحدة، وإنّما تقرّر إصدارُ أحكام فيما بعدُ لتحديد تاريخ بداية تطبيقها بالنّسبة إلى جميع الآباء.
‌ج.إقرار مجانيّة التعليم: تمّ تأكيدُ مجانيّة التعليم وسحبها على مختلف الدّرجات الدّراسيّة، " لتمكين جميع الأطفال من تكافؤ الفرص أمام التربية والتعليم".[1]
‌د.        إرساء منظومة تعليميّة متكاملة: تتكوّن المنظومة التعليمية الجديدة من تعليم ابتدائيّ وثانويّ وعال، مع إمكانية " إحداث تربية تكميليّة ثقافيّة أو صناعيّة" تقوم بها معاهد خاصّة أو مؤسّسات تعمل عملها، وتكون إلى جانب التعليم النّظاميّ."[2]
‌ه.         تعايش القطاع العموميّ والقطاع الخاصّ: أقرّ القانون الجديد مبدأ تعايش القطاع العموميّ الذي يتكوّن من المؤسّسات التي تبعثها الدّولة أو الجماعات العموميّة المحلّيّة وتنفق عليها، والقطاع الخاصّ الذي يضمّ مؤسّسات ينشئُها الخواصّ وينفقون عليها. واستلهم المشرّع من قانون 1888 الكثير في هذا المجال،[3] وخاصّة ما تعلّق ببعث مدارس خاصّة.
وبمثل هذه المبادئ العامّة، تكون دولة الاستقلال قد حقّقت، في مجال التشريع، مطالبَ الوطنيّين في مجال التعليم، من حركة الشّباب التونسيّ إلى أحزاب الحركة الوطنيّة والمنظمات النقابيّة، بإنشاء تعليم عموميّ عصريّ وطنيّ.
IV.          مجالات إصلاح التعليم
تعدّدت القضايا المتعلّقة بإصلاح التعليم و تنوّعت، منها ما يتعلّق بإصلاح هياكل التّعليم في اتّجاه إضفاء طابع الوطنيّة عليها، حتّى تكون ملائمة لواقع البلاد ومراعية له، ومنها ما يتعلّق بإصلاح البرامج الدّراسيّة على أساس تجديد توطينها وتأصيلها في بيئة تستمدّ منابعها من تقاليد الثقافة العربيّة الإسلاميّة من جهة، وتفتّحها على العالم الخارجيّ وتيقّظها للتحوّلات العلميّة والتقنيّة، من جهة ثانية، ومنها إيجاد حلّ لإشكالية التمدرس متجسّمة في عدد الأطفال المرسّمين بالنظام التربويّ، مقارنة بعدد من بلغوا سنّ التمدرس.
1.إصلاح هياكل التعليم: هيكلة جديدة وأهداف جديدة
للمنظومة التربويّة الجديدة ثلاث مراحل كبرى متكاملة مترابطة:
§  التعليم الابتدائيّ: هو واحد بالنّسبة إلى جميع الأطفال، أي هو القاسم المشترك والأرضية التي تُبنى على أساسها بقية المراحل. وغايتُه تزويدُ الطفل بالمعارف والأجهزة الأساسيّة في مجالي اللغة والحساب، وتكوينُه تكوينا أوّليّا يبرز إمكاناته ويكشف عن مواهبه، ممّا يكفل توجيهه أصوب توجيه في المراحل الموالية.[4]
يدوم التّعليم الابتدائيّ ستّ سنوات،[5] ويجري في المدارس الابتدائيّة،[6] ويمكن أن يمهَّد للتّعليم له بمرحلة تربويّة قصيرة تجري في رياض الأطفال أو في أقسام معدّة للغرض، ويُختم بمناظرة الدّخول إلى السّنة الأولى من التّعليم الثانويّ.[7]
§          التعليم الإعداديّ: هو فرع من التّعليم الثانويّ ومرحلة منه، يدوم ثلاث سنوات، ويلتحق به التلاميذ الناجحون في مناظرة الدّخول إلى السّنة الأولى من التعليم الثانويّ والتي تكون سنّهم بين 14 و16 سنة.[8]
يهدف التّعليم الإعداديّ إلى " تكملة التكوين العامّ للتّلاميذ" و" إعدادهم للقيام بنشاط مهنيّ[9] ويتفرّع إلى عامّ وتجاريّ وصناعيّ.[10] يتوّج التّعليم الإعداديّ بشهادة وطنيّة تسمّى " مؤهّل التعليم الإعداديّ أو بروفي التعليم الإعداديّ".
بالرّغم من اعتبار هذا التعليم فرعا من التعليم الثانويّ، فإنّه مستقلّ بذاته[11] ويضطلع بوظيفة لا علاقة لها مباشرة بالتعليم الثانويّ: فهو المحتضنُ لأعداد من التلاميذ المتقدّمين في السنّ والذين لا يستطيعون الالتحاق بالتعليم الثانويّ، وهو المكلفُ بإعداد إطارات متوسّطة، " ويؤهّل إلى مختلف الصّناعات، كالكتابة والأعمال التجاريّة والضرب على الراقنة، وهو يكوّن العمّال والإطارات الفنّيّة".[12]
§         التعليم الثانويّ " الطويل": يهدف هذا التّعليم إلى تحقيق ثلاثة أغراض، حدّدها الفصل 14 من القانون، هي تمكينُ التلاميذ من ثقافة عامّة تُبرز شخصيتهم ومواهبَهم، وإعدادُ الإطارات المتوسّطة، الفنّيّة وغير الفنّيّة، الّلازمة لمختلف وجوه النشّاط، والكشفُ عن المواهب الصّالحة للتّعليم العالي.
ويلتحق به التلاميذ الناجحون في مناظرة الدّخول إلى التعليم الثانويّ الأصغر سنّا. يدوم التعليم الثانويّ ستّ سنوات[13]، وينقسم إلى مرحلتين تدوم كلتاهُما ثلاث سنوات:
§     تركّز المرحلة الأولى على الموادّ الأساسيّة الهادفة إلى التكوين العامّ وعلى موادّ تمكّن من اكتشاف المواهب والاستعدادات. تعتبر السّنة الأولى جذعا مشتركا يفرّع في نهايته ثلاثة فروع: ثانوي عامّ وثانوي اقتصادي وثانويّ فنّيّ أي تقنيّ. وتخصّص السَّنتان الثانية والثالثة لتعليم أساسيّ عامّ يختلف باختلاف الفرع المختار. تتوّج هذه المرحلة الأولى بتوجيه أوّليّ إلى إحدى شعب التعليم الثانويّ.
§       تشتمل المرحلة الثانية التي تستغرق ثلاثَ سنوات على مدّتين، يركّز التعليم في السّنتين الأولييْن من المدّة الأولى على المسلك الدّراسيّ الذي وُجّه إليه التلميذ، في حين تخصّص السّنةُ الختاميّة، أي الثالثة، لترسيخ ذاك التوجّه أو الاختصاص. ومن جهة أخرى، يتفرّع كلٌّ من الثانويّ العامّ والثانويّ الاقتصاديّ والثانويّ التقنيّ إلى شعب دراسيّة ذات أهداف خصوصيّة:
-         فالتعليم الثانويّ العامّ يضمّ خمس شعب دراسيّة: الآداب العصريّة، وشعبة الآداب الكلاسيكيّة، وترشيح المعلّمين، والعلوم، والرّياضيات، وتتوّج الدّراسة بشهادة بكالوريا التعليم الثانويّ وشهادة انتهاء الدّروس الترشيحيّة الخاصّة بشعبة إعداد المعلمين. وكلتا الشّهادتيْن تضمّان جزءا أوّل وجزءا ثانيا.
-         والتعليم الثانويّ الاقتصاديّ يضطلع بتكوين الإطارات الاقتصاديّة المتوسّطة والإعداد للدّراسات الاقتصاديّة، ويضمّ شعبتيْن إحداهما اقتصاديّة والثانية تجاريّة. تختتم الدّراسة بشهادة الدّراسات التجاريّة ذات الدّرجتين: أولى في نهاية السّنة الخامسة، وثانية في نهاية السّنة السّادسة.
-         أمّا التعليم الثانويّ الفنّيّ فيهدف إلى إعداد الأعوان الفنّيّين، والفنّيّين المتوسّطين، وإطارات التسْيير الفنّيّ، والإعداد للدّراسات التقنيّة العليا، ويشتمل على شعبتيْن: شعبة فنّيّة رياضيّة وشعبة صناعيّة ذات تخصّصات متنوّعة. ويتوّج الفرعُ الصّناعيّ من التعليم الفنّيّ بشهادة بروفي التعليم الصّناعيّ في موفّى السّنة الخامسة وشهادة بروفي المقدرة الفنّيّة في نهاية السّنة السّادسة.
§     التعليم العالي: مرحلة تهدف إلى تمكين الطلبة من ثقافة عالية الجودة في مختلف مجالات العلوم والصّنائع، والإسهام في تنمية العلوم وتطوير النّظريات، وتكوين الباحثين، وتكوين الإطارات العالية العلميّة والفنّيّة... وخاصة أساتذة التعليم الثانويّ.
ويعتبر الإقدامُ على إنشاء جامعة تونسيّة تؤطّر التعليم العالي من العناصر التي ترسّخ وطنيّة النّظام التربويّ.
ولعلّ من أبرز خصائص هذه البنية التعليميّة الجديدة إفرادَ كلّ مرحلة من مراحلها بأهداف خصوصيّة وشهادة تتوّج الدّراسة بها، دون عزلها عن لاحقتها، فهي تظلّ دائما مفتوحة على المراحل الموالية لها.
2.إصلاح برامج التعليم: بناء برامج وطنيّة متفتّحة على الآخر
كانت النّخبة التّونسيّة تؤاخذ التعليمَ الزيتونيّ بإهماله العلوم الدّنيويّة وبقدَم طرائقه وأساليبه التّدريسيّة، وكانت تؤاخذ التعليمَ الذي أحدثته سلطة الحماية بأنّه "يرمي في برامجه إلى استعْباد العقول ليضمن لنفسه الدّوامَ والاستمرار، إلى ما لا نهاية له،"[14] ويهمّش اللغة العربيّة، فلا تحظى ضمنه سوى بثلث التوقيت الأسبوعيّ الجمليّ، وبأنّ برامجه نسخة تكاد تكون مطابقة للبرامج المعتمدة بفرنسا.[15]
لذلك فإنّ إصلاح البرامج ينبغي أنْ يعتمد إطارا مرجعيّا وطنيّا وأن يُحمّل المناهجَ مُثلا وقيَما ومضامينَ تستمدّ منابعها من الثقافة العربية الإسلاميّة، "وأنْ يُكيَّف التّعليم بما يُمكّننا من ملاحقة ركب الحضارة وتدارك ما فاتنا من مراحل".[16] "ينبغي لتعليمنا الوطنيّ أن يسهّل على التلاميذ فهمَ العالم والحضارة الإنسانيّة في مختلف مظاهرها"، يقول أحمد بن صالح سنة 1956. ويُضيف:" ينبغي أن تكون العقول متفتّحة على العالم وعلى التقدّم. ينبغي أن يُدرك الجيل أنّه يعيش في تناغم مع العصر، وذلك بشرط أن يكون التعليم ذاته متلائما مع الهياكل الاقتصاديّة والاجتماعيّة التي نريد إرساءها بالبلد."[17]  ولتحقيق ذلك، بُنيت البرامجُ الجديدة وفق التوجّهات الآتي بيانُها:
§       تنزيل اللغة العربيّة وآدابها المنزلة التي هي بها جديرة: يقول محمود المسعدي، في الصّدد، إنّ إعطاء العربيّة مكانتَها الحقيقيّة يعني جعلَها بحقّ لغة تثقيف وتكوين، أي لغة ناقلة للمفاهيم والتّصوّرات والنظريات والقيم الثقافيّة والاجتماعيّة، وأداةً لنقل المعارف، بعد أن كانت في عهد الحماية لغةً تُعلَّم لذاتها. أمّا اللغة الفرنسيّة فقد غَدت لغة حيّة، على النّشْء أن يَحذقها مع لغة حيّة ثانية، تفتّحا على سائر الحضارات والثقافات. وفي خصوص اللغة الفرنسيّة، صرّح محمود المسعدي سنة 1967: أنّها لغة عمل ولغة ثقافة، مازال لها دورٌ في بعض بلاد العالم الثالث، وإنّها لا تهدّد اللغة العربيّة، اللغة الوطنيّة.[18]  
§       إعطاء تيّارت التفكير الإسلاميّ مكانة في أقسام البكالوريا إلى جانب دروس الفلسفة العامّة.
§       بناء برامج وطنيّة في التاريخ والجغرافيا تولي شمال إفريقيا والعالم العربيّ مكانة لائقة بهما في نطاق ما يسمّى بالإنسانيّة الحديثة، مع الحرص على التخفيف من التاريخ الوقائعيّ والتركيز على تاريخ الحضارات وعلى الظواهر الاقتصاديّة والاجتماعيّة والثقافيّة، وعلى الجغرافيا البشريّة والاقتصاديّة، لأنّ ذلك يسهم في تكوين المواطن والتقنيّ.[19]
§       العناية بالعلوم:" كي يكون التعليم حيّا بحقّ، يجب أن يكون ملائما لمقتضيات العالم الحاضر وتقدّمه. ولذلك فقد اعتبرنا في موادّ العلوم والرياضيات والفيزياء والكيميا وغيرها آخرَ ما بلغ إليه العلم ووجّهناها توجيها أقرب إلى العلوم الواقعيّة".[20]
§         تجديد تدريس التربية الدّينيّة وربطه بالتربية الوطنيّة، ضمانا لاندماج التربية الرّوحيّة بالتربية الوطنيّة والثقافيّة، وتحقيقا لمعرفة التلاميذ بالبنية السّياسيّة والاجتماعيّة لوطنهم، وإشعارهم بحقوقهم وواجباتهم تجاه المجموعة الوطنيّة. أمّا طريقة المعالجة والتناول لكلّ المسائل فتقوم على الإفهام والتفسير وتتجنّب التلقين.
على أساس هذه التوجّهات الكبرى، انكبّت لجان عديدة على بناء البرامج الدّراسيّة الجديدة والتي ستصدر أسفارُها الرّسميّة، بداية من العام الدّراسيّ 58/ 59.[21] وإلى جانب هذه اللجان، تكوّنت لجانٌ لإعداد الكتب المدرسيّة الوطنيّة الموافقة للبرامج الجديدة. ذلك أنّ المسؤولين كانوا يروْن في الكتب المدرسيّة التي كانت مستعملة " أداة تساعد على سياسة الفرنسة، إذ هي الكتب نفسُها التي وُضعت لتلامذة المدارس في البلاد الفرنسيّة".[22] 
الهادي بوحوش والمنجي عكروت، متفقدان عامان للتربية متقاعدان
تونس في 5 أكتوبر 2014

  

ورقات ذات علاقة منشورة بالمدونة البيداغوجية

الهادي بوحوش و المنجي عكروت : ملامح الإصلاح التربويّ الجديد -  المدونةالبيداغوجية.

http://akroutbouhouch.blogspot.com/2015/03/blog-post.html

الهادي بوحوش و المنجي عكروت: تقرير اللجنة الفرعيّة للتعليم الثانويّ صدر بجريدة "لاكسيون " لسان الحزب الاشتراكي الدّستوريّ"،المدونة البيداغوجية.

الهادي بوحوش و المنجي عكروت : تاريخ الإصلاحات التّربويّة بالبلاد التّونسيّة منذ القرن التاسعَ عشرَ: توطئة عامّة

http://akroutbouhouch.blogspot.com/2015/11/blog-post.html#more

عمر بنور : في الاصلاح التربوي - المدونة البيداغوجية.

http://akroutbouhouch.blogspot.com/2015/05/blog-post.html#more

عمر بنور: في الإصلاح التربويُ:المرجعيــّات  (الجزء الأول) المدونة البيداغوجية.

http://akroutbouhouch.blogspot.com/2015/09/blog-post_28.html

http://akroutbouhouch.blogspot.com/2015/11/2.html#more

عبد العزيز الجربي : خواطر حول السّياسة التربويّة أو أيّة سياسةتربويّة لأيّ إصلاح تربويّ؟ المدونة البيداغوجية.

http://akroutbouhouch.blogspot.com/2015/10/blog-post.html

عمران البخاري : الحوكمة في النظام التربويالتونسي، المدونة البيداغوجية.

الهادي بوحوش و المنجيعكروت : تاريخ موجز للإصلاحات التربويّة في البلاد التونسيّة منذ القرن التاسع عشر إلى اليوم: اصلاحات فترة ما قبل الحماية الفرنسيّة : الجزء الأول

تاريخ الإصلاحات التربويّة بالبلاد التونسيّة: القسم الثاني: الإصلاحات زمن الحماية . الجزء الأول : محاولات وتجارب لتطوير المنظومة التعليميّة الزّيتونيّة

http://akroutbouhouch.blogspot.com/2015/11/blog-post_30.html

تاريخ الإصلاحات التربويّة بالبلاد التونسيّة: القسم الثاني: الإصلاحات زمن الحماية .  الجزء الثاني :  ارساء التعليم العصري العمومي في أواخر القرن التاسع عشر

http://akroutbouhouch.blogspot.com/2015/12/blog-post.html

تاريخ الإصلاحات التربويّة بالبلاد التونسيّة: القسم الثاني: الإصلاحات زمن الحماية . الجزء الثالث : الإصلاحات التّعليميّة بعد ماشويل وحتّى الاستقلال

الإصلاحات التعليميّة الكبرى بالبلاد التّونسيّة زمن الاستقلال : إصلاحات المرحلة الانتقاليّة: 1955/ 1958








[1] . الفصل الثالث من قانون التعليم لسنة 1958.
[2]. الفصل السادس من قانون التعليم لسنة 1958
[3]. هو القانون الأوّل للتعليم بالبلاد التونسيّة، أصدره الأمير عليّ باي في 15 سبتمبر 1888 كما استلهم قانون 1958 من قانون 1920 فيما يتعلق بأحكام التعليم الخاصّ.
[4] . انظر أحكام الفصل السابع من قانون التعليم لسنة 1958.
[5] . يقول محمود المسعدي في ندوته الصحفيّة بتاريخ 16 سبتمبر 1958: "كانت الدّراسة تدوم سبع سنوات في التعليم الابتدائيّ...وفي هذا إرهاق للدولة، فرأينا أن ننقص من مدّة التعليم ونجعلها ستّ سنوات..." عن التعليم في تونس السّابق في الذكر، ص 26 وص27، بلا تاريخ. 
[6]  بهذه التسمية تمّ تجاوز التشتّت في الوضع السّابق في مجال التسمية: كتّاب/ مكتب/ مدرسة قرآنية/ مدرسة قرآنيّة عصريّة/ مدرسة فرانكو عربيّة... وهو ضرب من التوحيد.
[7] . لم يذكر القانون هذا الامتحان صريحا، ولا امتحان الشهادة الابتدائيّة، انظرْ الفصل 9 من القانون. ولعلّه سهْو سيتمّ تداركه في الأوامر المنظّمة للتعليم الابتدائيّ. وبالفعْل، فقد تضمّن الفصل 24 من الأمر عدد 14 لسنة 1961 المؤرّخ في 3 جانفي 1961 والمتعلّق بالتعليم الابتدائيّ: " يُفضي التعليم الابتدائيّ إلى امتحان شهادة انتهاء التعليم الابتدائيّ... ويعدّ هذا التعليم أيضا إلى مناظرة القبول بالسنة الأولى من التعليم الثانويّ والتعليم الإعداديّ". الرائد الرسميّ عدد1 بتاريخ 6/10 جانفي 1961.
[8] . جاء في خطاب الرئيس الحبيب بورقيبة بتاريخ 25 جوان 58 ما يلي: " من ميزة التعليم الجديد إيجادُ التعليم المتوسّط وهو الذي يشمل المتخلّفين من التلامذة بسبب عدم نجاحهم في السنّ المعيَّن أو عجزهم الماديّ، لإنقاذ هؤلاء المتخلّفين وإيجاد الإطارات المتوسّطة في الحياة الاجتماعيّة كسلك كتبة الإدارات وعملة الفلاحة والتجارة والصنّاع الصغار الذين يضمنون الكفاف لأنفسهم ويفيدون مجتمعهم" عن التعليم في تونس، نصوص تونسيّة، بلا تاريخ ص19. 
[9]. صرّح محمود المسعدي في الندوة الصحفية الملتئمة في 16 سبتمبر 1958 بأنّ من غايات التعليم الإعداديّ: "جعل التعليم في مستوى عدد كبير من تلاميذ ليست لهم مواهب تؤهّلهم للتعليم الثانويّ الطويل الأمد، إذ لا يمكن لتونس في هذا الظرف الدقيق من تاريخها أن تجعل من بعض أبنائها حثالة من الراسبين في التعليم الثانويّ العامّ، لا كفاءة لهم ولا اختصاص". التعليم في تونس، نصوص تونسيّة، ص28 وص 29.
[10]. يرى محمود المسعدي أنّ التعليم الإعداديّ ألغى وعوّض التعليم الصناعيّ الذي كان قائما على عهد الحماية. عن الندوة الصحفيّة بتاريخ 4 أكتوبر 1960، ورد ضمن التعليم في تونس، ص 104. ويُمكن تمديدُ الدراسة بالفرعيْن التجاريّ والصناعيّ بسنة دراسيّة رابعة لإكساب التلاميذ" الاتّصافَ".
[11] . يقول محمود المسعدي: " إنّ التعليم الإعداديّ تعليم قائم بذاته يختلف عن التعليم الثانويّ، ومدّته ثلاث سنوات فقط. المرجع بالإحالة 20، ص 28.
[12] . الكلام لمحمود المسعدي، المرجع السّابق في الذكر، ص 29.
[13] . يقول محمود المسعدي في ندوته الصحفيّة بتاريخ 16 سبتمبر 1958: "كانت الدّراسة تدوم سبع سنوات في التعليم الثانويّ...وفي هذا إرهاق للدولة، فرأينا أن ننقص من مدّة التعليم ونجعلها ستّ سنوات..." عن التعليم في تونس السّابق في الذكر، ص 26 وص27، بلا تاريخ. 

[14]. الحبيب بورقيبة من خطابه يوم 25 جوان 1958، ورد ضمن التعليم في تونس السّابق في الذكر، ص 13، بلا تاريخ.
[15] . جاء في خطاب رئيس الجمهورية بتاريخ 15 أكتوبر 1959 ما يلي: " ولا يذهبنّ بكم الاعتقادُ، كما يتبادر للأذهان، أنّا حذفنا التعليم الزيتوني فحسب لأنّا ألغينا في الحقيقة أيضا أسلوب التعليم العصريّ الفرنسيّ كالذي كنّا نزاوله في الليسي والتعليم القائم على استعمال لغتين في التعليم، وهو ما كان يعبّر عنه بالتعليم الصادقي، وهكذا ألغينا البرامج المشوّهة التي كانت معدّة للفرنسيين فقط أو معدّة للتونسيين مع وضع طلاء عليها من اللغة العربية..." ورد الخطاب ضمن التعليم في تونس ص 54 بلا تاريخ.
[16]. المرجع السّابق في الذكر، ص16
[17] . أحمد بن صالح: مجلة الفكر شهر جوان 1956.
[18] . تصريح لوكالة الأنباء الفرنسيّة بالجزائر أوردته جريدة L’ACTION بتاريخ 29 أفريل 1967.
[19] . يقول محمود المسعدي في ندوته الصحفيّة بتاريخ 16 سبتمبر 1958: " فبرامج تعليم التاريخ والجغرافيا مثلا لا تهتمّ إلاّ قليلا جدّا بتاريخ وجغرافية البلاد التي يعيش فيها التلميذ ولا تتعرض إلاّ لأشياء غير موجودة ببلادنا، ولهذا فقد أدخلنا تحويرا كبيرا على هذه البرامج وأعطيناها وجهها الملائم". ورد ضمن التعليم في تونس ص 31، بلا تاريخ.
[20] . كلام محود المسعدي، ضمن الندوة السّابقة في الذكر والمرجع السّابق ص 31. بلا تاريخ.
[21] . يبدو أنّ الأستاذ أحمد عبد السلام كان مسؤولا عن التنسيق بين مختلف لجان إعداد البرامج الجديدة.
[22]. انبعثنا التربويّ: إصلاح التعليم والتخطيط التربويّ، كتابة الدولة للتربية القومية، نشر الديوان التربويّ 1968، ص 14.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire