تواصل المدونة
البيداغوجية هذا الأسبوع نشر الورقات الخاصة بتاريخ الاصلاحات التربوية التي
عرفتها البلاد التونسية منذ القرن التاسع عشر
و قد سبق أن نشرنا 5 أجزاء و يمكن لمن يرغب في الرجوع إليها ان يعتمد
الروابط المذكورة في آخر هذه الورقة.
" لم يكن لديّ أيُّ سبب يجعلني أرفض مسؤولية
المشاركة في الحكومة لتطبيق مشروعي في إصلاح النّظام التربويّ، وهو إصلاح أحسَبه
أساسيّا لتعصير مدارسنا، ولإبعاد شبابنا عن نزعة التعصّب الذي نُشّئ فيها، إلى
حدّ السّاعة." محمّد الشّرفي
|
" بعد استشارة موسّعة دامت أكثرَ من سنتيْن، و شاركت
فيها كلّ العائلات الفكريّة والسّياسيّة بالبلاد، إلى جانب المنظّمات الوطنيّة و
المهنيّة و الاجتماعيّة، و بالطَّبع أهل المهنة بمختلف مستوياتهم ( الابتدائيّ و
الثانويّ و العاليّ)، و بعد دراسة معمّقة لمشروع القانون الذي تقدّمت به الحكومة
لتعويض قانون نوفمبر 1958، صادق مجلسُ النوّاب، في جلسة مشهودة التأمت يوم 24
جويلية 1991، على القانون الجديد المتعلّق بالنّظام التربويّ، والذي تفضّل رئيس
الدّولة بإمضائه يوم 29 جويلية 1991، و صدر بالرائد الرّسميّ للجمهورية
التّونسيّة عدد 55، بتاريخ 6 أوت 1991.
"
مقتطف من مقدّمة وثيقة نشرتها وزارة التربية والعلوم
تحت عنوان:
النّظام التربويّ -قانون 29 جولية 1991 والنّصوص
التطبيقيّة) بدون تاريخ)
|
مدخل
تنطلق الفترة التيّ أفضت إلى سنّ قانون النّظام التّربويّ
عدد 65 المؤرّخ في 29 جويلية 1991، مع انطلاقة الحكومة الثانية، بعد " تحوّل
7 نوفمبر 1987 "، التي ترأسّها السيّد الهادي البكّوش، بداية من 11 أفريل
1989، والتي تولّى ضمنها وزارة التربية والعلوم الأستاذ محمّد الشرفيّ.[1] وستستمرّ هذه الفترة إلى
سنة 2002، تاريخ إصدار القانون التّوجيهيّ للتربية والتعليم المدرسيّ.
I.
الظرفيّة العامّة
في هذه الفترة، يتميّز الوضع العامّ
بالبلاد التّونسيّة بضرْب من التفاؤل، بعد أن طالت فترة الترقّب والانتظار، ذلك
أنّ النظام السّياسيّ الجديد، المتولّد عن "تحوّل 7 نوفمبر 1987"، لا
يزال وفيّا للمبادئ التي تضمّنها بيانُ السّابع من نوفمبر، والتي تعترف بنضج
الشّعب التونسيّ واستئْهاله للديمقراطيّة والحرّيّة، وتسعى إلى القطع نهائيّا مع
ممارسات النّظام السّابق، وتدشين عهد جديد يضمن الحرّيّة والمواطنة وحقوق الإنسان.
فقد أطلقت السّلطة المساجينَ السّياسيّين الإسلاميّين واليساريّين، ومَنحت الصّحافة
هامشا معتبرا من حرّيّة الرأي. كما توصّلت البلادُ إلى إبرام ميثاق وطنيّ وقّعتُه
في 7 نوفمبر 1988 مختلفُ التيّارات بما فيها الاتّجاه الإسلاميّ، غير المعترف بها
قانونيّا، آنذاك.
يبدو أنّ الميثاق الوطنيّ، الذي يدعو إلى
إقامة مجتمع سياسيّ قوامُه التعدّد والحريّة والتنوّعُ، قد حَدَا بشرائح عريضة من
المثقفين الليبراليّين والتقدّميّين واليساريّين إلى الَّلحاق بالنّظام الجديد،
دفعا للدّيمقراطيّة والحرّيّة، ووعيا منهم بالمخاطر التي تتهدّد المكتسبات
الحداثيّة التي حقّقتها البلادُ التّونسيّة. فقد أفرزت الانتخابات العامّة لسنة
1989 مشروعيّن مجتمعيّيْن، أحدُهما إسلاميّ يروم تطبيق الإسلام والشّريعة، والثاني
يقوم على الحداثة والعقلانيّة والانفتاح على الحضارات الغربيّة.
قَبل الأستاذ محمّد الشّرفي الانتماء إلى
هذه الحكومة، في سياق الميثاق الوطنيّ، بغاية عقلنة البرامج الدّراسيّة، بتطهيرها
من الإيديولوجيا والتطرّف الدّينيّ، باعتبارهما يُعيقان التفتّح على الحضارات
الأخرى، وبغاية مقاومة كلّ أنواع التطرّف، ذلك أنّ فترة السّبعينات شهدت، من وجهة
نظر النّخبة التّقدّميّة، من التعديلات في بعض البرامج، مَا مثّل تراجعا في مجال
الحداثة.
II.
إجراءات أُولى مهمّة
منذ أكتوبر 1989، انطلقت الوزارة في:
1.
إرساء اللجنة العليا للإصلاح التربويّ
لتشخيص الوضع التعليميّ والتباحث في الاختيارات الجديدة التي سيُبني عليها
المشروعُ التعليميّ المزمع إرساؤه، وكذلك لبلوْرة نصّ قانونيّ جديد يعوّض قانون
التعليم لسنة 1958. وتضمّ اللجنةُ، علاوة على الوزير وكاتب الدّولة المكلّف
بالتربية، الأستاذ أحمد خالد، عددا من إطارات الوزارة، وكوكبةً من الجامعيّين،
وممثّلين عن مختلف نقابات التّعليم، وأعضاء في جمعيات مدنيّة. وكانت اجتماعاتُها
تلتئم برئاسة الوزير، بقاعة الديوان، بمقرّ الوزارة، بشارع أولاد حفّوز بتونس.
2.
مواصلة إرساء التّعليم الأساسيّ[2]
بالتّدْريج سنة فسنة، ببرامج جديدة وكتب مدرسيّة مُجدّدة. ولقد رافق هذا الإجراءَ
حرصٌ شديد على شرح المقاصد من هذه البرامج، وتوضيح لبنائها المستند إلى مقاربة
الأهداف التعليميّة، وتأمين تكوين في مسائلها الجديدة أو مقارباتها، قبل الانطلاق
في تنفيذها، بتنظيم لقاءات خلال عطلة الصّيف وقبيْل العودة المدرسيّة، بإطار
الإشراف البيداغوجيّ.
3.
إحداث هيئة مُستشاري الوزير من الجامعيّين
في مختلف
الموادّ الدّراسيّة، مهمّتُها الإشرافُ العلميّ على إعداد البرامج الجديدة، في ضوء
توجّهات الإصلاح التربويّ، ومتابعة إعداد الوسائل التعليميّة الملائمة، بما في ذلك
الكتب المدرسيّة والمراجع المعرفيّة والوثائق التكميليّة، خاصّة في مادّة التربية
المدنيّة والتربية الإسلاميّة، وبعض الموادّ العلميّة كالعلوم الطبيعيّة التي
أدرجت في برامجها مسألة الوراثة والمَناعة ونظرية التطوّر. ومن الناحية العلميّة،
مثّل وجودُ المستشارين الجامعيّين ضمانة لسلامة البرامج ودقّة مفاهيمها ومصطلحاتها
وتناغم مضامينها مع ما يدرّس بالتعليم العالي، لكنّهم لم يقدّموا إضافة في المجال
البيداغوجيّ، وهم يقرّون بذلك.[3]
4.
تركيز لجان قطاعيّة للبرامج والوسائل
التعليميّة[4] في مختلف الموادّ، قصد بناء برامج جديدة،
تغطّي كافة الدّرجات، من السّنة الأولى للتعليم الأساسيّ إلى القسم النّهائيّ
بالتعليم الثانويّ، لأنّ تقييم الوزير وفريقه من المستشارين للنّظام التربويّ يرى
في البرامج ومضامينها، وبخاصّة في الكتب المدرسيّة، انحرافا منذ فترة السّبعينات،
تمثّل في التراجع عن عديد مظاهر التقدّم والحداثة في إصلاح 1958، وأدّى إلى إدراج
مسائل لا تتماشى والاختيارات الجوهريّة للبلاد التونسيّة، بل إنّها تُناقض التفتّح
على الآخر، والتركيز في المرحلة الثانية من التعليم الثانويّ على العلوم والتقنية
على حساب الثقافة العامّة وتملّك اللغات والاستئناس بروح الفلسفة.
وهي المرّة الأولى التي يتحقّق فيها اضطلاعُ
لجنة واحدة بإعداد برامج المادّة الواحدة، لكامل مرحلة التعليم المدرسيّ. وهي
المرّة الأولى التي تُبنى فيها البرامجُ وفق منهجية موحّدة بالنّسبة إلى جميع
الموادّ، هي منهجية الأهداف التعليميّة التي من أبرز خصائصها العناية بمكوّن
التقييم في علاقته بالبرامج والطرائق، وهي المرّة الأولى التي يتمّ فيها تشريك مختلف أسلاك التعليم
بما في ذلك التعليم العالي، بطريقة مؤسّساتيّة، عبر تعيينهم أعضاء في اللجان
القطاعيّة.
وفيما يهمّ مسائل البرنامج ومضامينه، ضُبط توجّهٌ
يهدف إلى ربط المدرسة بالواقع الاجتماعيّ التّونسيّ، حتّى يصير التلميذُ مواطنا
متوازنا، حداثيّا، عقلانيّا، متسامحا، ذا حسّ وطنيّ ومدنيّ، ممّا استوجب عمليّا
التركيز على تنمية الرّوح النقديّ وإدراج نصوص في اللغات من فلاسفة الأنوار
والكتّاب التنويريّين، كما استوجب ذلك الاهتمامُ بالحضارات القديمة والعلماء الذين
عاشوا بالبلاد التونسيّة قبل الإسلام، على عهد الفينيقيّين والرّومان، وتضمين
برامج الموادّ العلميّة أحدثَ النظريات العلميّة.
5.
ضبط خطّة زمنيّة لتطبيق البرامج الجديدة بالتعليم الثانويّ تقوم على إعطاء
الأولويّة في التطبيق للبرامج التي تعتبر في حاجة أكيدة للتطوير، من قبيل برامج
الأقسام النهائيّة، أو برامج بعض الموادّ الاجتماعيّة.
6.
إرجاع الاعتبار إلى اللغة الفرنسيّة بصفتها لغة تثقيف وأدب وحضارة، ولغة
تكوين في الموادّ العلميّة والتقنيّة، و يتجسم ذلك أيضا على مستوى التوقيت المخصص
لتدريسها من السنة الثالثة من التعليم الأساسي إلى القسم النهائي وهو توقيت "
أكثر أهمية من الوقت الذي يخصص عادة للغة أجنبية ( بين 9 و 11 ساعة اسبوعية من السنة
الثالثة إلى السنة السادسة ثم 5 ساعات في
المرحلة الثانية من التعليم الأساسي) وبجعلها
مادّة إجباريّة في جميع شعب امتحان شهادة البكالوريا، بداية من دورة جوان 1990.[5]
7.
فصل مادة التربية المدنيّة عن
مادة التربية الإسلاميّة، وجعل التربية المدنيّة
مادّة مستقلّة بذاتها، يسند تدريسُها إلى مدرّسي التاريخ والجغرافيا مؤقّتا،
وإنشاء أستاذيّة في التربية المدنيّة، في مستوى المرحلة الثانية من شهادة الأستاذية،
يلتحق بها الطلبة من شعبة التاريخ والفلسفة والحقوق وعلم الاجتماع. كما أعيد بناءُ
برامج هذه المادّة لتستوعب كلّ المسائل المتعلقة بالمؤسّسات المدنيّة للدّولة
وقضايا حقوق الإنسان، وكان التعويل كبيرا على هذه المادّة باعتبارها تسهم في بناء
المجتمع المنشود، لذلك بادرت الوزارة بإعداد وثائق مرجعيّة بإشراف أستاذ القانون
شوقي قداس، وزّعت على المدرّسين استكمالا للمادة المعرفيّة المضمّنة بالكتب
المدرسيّة، علما أنّ هذا القرار أثار حفيظة مدرّسي التربية الإسلاميّة وإطار إشرافها
البيداغوجيّ الذي كان معارضا لفصل المادّتين إحداهما عن الأخرى، ممّا ولّد صراعا
بين مستشار الوزير في هذه المادّة ولجنة المتفقدين للتربية الإسلاميّة. ومن جهة
ثانية، لم يكن متفقّدُو التاريخ والجغرافيا بمتحمّسين لضمّ التربية المدنيّة إلى
اختصاصهم، فترتّب على ذلك استعجالٌ بإحداث إطار تفقد خاصّ بالتربية المدنيّة. كما
لم يكن عددٌ مهمّ من متفقّدي التاريخ والجغرافيا مُوافقا على تعليمات الوزير
القاضية بمراجعة بعض المسائل كتلك المتعلّقة بالحركة الوهابيّة وتلك المتمثّلة في
اختصار فترات مهمّة من التاريخ الإصلاحيّ التونسيّ.[6]
8.
بعث منظومة جديدة لإعداد معلمّي المرحلة
الأولى من التعليم الأساسيّ أطلقت عليها تسمية المعاهد العليا لتكوين المعلّمين[7]، وهي مؤسّسات جامعيّة تديرها
إدارة المعاهد العليا لتكوين المعلّمين صلب الإدارة العامّة للتعليم العالي، ويلتحق
بها الطلبة اعتمادا على التوجيه الجامعيّ وفحص طبّيّ واختبار شفويّ.
ترمي هذه المعاهد إلى تحقيق ثلاثة أهداف
كبرى:
ü
تكوين مدرّسين يتمتّعون، في آن واحد،
بتكوين علميّ عامّ متين يضمن لهم القدرة على تدريس موادّ متعدّدة، وإكسابهم
مؤهّلات مهنيّة تمكّنهم من التحكّم بفاعلية في تسيير مختلف وضعيات التعلّم
وإدارتها،
ü
تكوين ما يكفي من المدرّسين لتلبية حاجات
المرحلة الأولى من التعليم الأساسيّ،
ü
الإسهام في التكوين المستمرّ بتعهّد
المعلّمين بالمرحلة الأولى من التعليم الأساسيّ.
تدوم الدّراسة بها سنتين، يؤمّنها أساتذة
مبرّزون أو حاصلون على دكتوراه المرحلة الثالثة، ومتفقدون مختصّون في إعداد المعلّمين.
تخصّص السّنة الاولى للتكوين العامّ والمتنوّع
في كلّ الموادّ، ويُحظى الخطّ والتربية الفنّيّة والموسيقى والتكنولوجيا بمكانة خاصّة
باعتبارها من خصائص المرحلة الأولى من التعليم الأساسيّ. أمّا السّنة الثانية فتشتمل
على تكوين معرفيّ وآخر مهنيّ يمثّلان وجهين: الوجه الأوّل نظريّ، في علم النفس
الطفل والبيداغوجيا العامّة وبيداغوجيا الموادّ والتشريع المدرسيّ، أمّا الوجه
الثاني فهو وجه تطبيقيّ، ويتمثّل في مرافقة المتفقد مدير التربّص لحضور حصص تدريس يؤمّنها
معلّمون من ذوي الخبرة والتجربة في المجال. وتشفع حصصُ الملاحظة بتحليل طرق
التدريس المعتمدة والتمشيّات البيداغوجيّة. وبعد ذلك، يُدعى التلاميذ المعلّمون
إلى مباشرة التدريس الفعليّ للتدرّب على إعداد
الدروس وإنجازها، ويخصّص لهذا النوع من النشاط ثلثُ التوقيت الأسبوعيّ.
وقد شهد عددُ هذه المعاهد ارتفاعا هامّا، إذ
بلغ 12 معهدا، سنة 1993/1994 تضمّ 3040 طالبا، وقد أفضى ذلك إلى إلغاء منظومة
مدارس ترشيح المعلّمين والمعلّمات، وتحويل هذه المدارس إلى معاهد عليا لتكوين
المعلمين، ومراجعة برامج التكوين الأساسيّ لمدرّسي المرحلة الابتدائيّة، حتى
يتخرّج منها معلّمون أوّل قادرون على تدريس برامج التّعليم الأساسيّ التي
تضمّنت تجديدات عديدة.[8]
9.
الاهتمام بملفّ التكوين المستمرّ لمختلف أعوان الوزارة، وفي طليعتهم
المدرّسون بالتعليم الأساسيّ والتعليم الثانويّ، وتركيز أنشطته على الجوانب
المهنيّة والمقاربات البيداغوجيّة، وبخاصّة مكوّن التقييم ومكوّن التنشيط، من جهة،
وعلى الجوانب المعرفيّة، سواء في اختصاصات العلوم الصحيحة أو العلوم الإنسانية، المتعلقة بالبرامج الجديدة. وقد كان دور
الجامعيّين مهمّا في هذا التكوين، ممّا أوْجد تناغما بين برامج التعليم المدرسيّ
وبرامج التعليم العالي، من جهة أخرى.
تعزّز التكوين المستمرّ مع إصلاح 1991 على
صعيديْ الهيكلة والتصوّر، وتعزّزت هياكلُ التكوين المركزيّة والجهويّة، بتخصيص
إدارة عامّة للبرامج و التكوين المستمرّ[9] وإحداث مراكز جهويّة
للتربية والتكوين المستمرّ بأغلب الإدارات الجهويّة[10] لتقريب خدمات الرّسكلة
والتعهّد من المدرّسين[11]. وقد تمّ ضبط التنظيم
الإداريّ لهذه المراكز وتحديد مشمولات أنظارها وآليات اشتغالها[12].
10. إيلاء
الإعلاميّة مكانة مهمّة في نطاق البرنامج الحكوميّ الرّامي إلى إيناس الموظّفين
تدريجيّا باستخدام الأجهزة الإعلاميّة بالوزارات والدواوين الحكوميّة والمؤسّسات.
وفي هذا السّياق العامّ، بُعث المعهد القوميّ للمكتبيّة والإعلاميّة [13] المُضْطلعُ بتطوير الإعلاميّة في الأوساط
التربويّة والمهنيّة وبرسْكلة المدرّسين باعتبار المعهد مكلفا بالتكوين المستمرّ،
في هذا المجال. انكبّ المعهدُ أساسا منذ 1990 على تكوين مدرّسي مرحلة التعليم
الثانويّ في مجال اشتغال الحواسيب ومجال المكتبيّة. ومن جهة ثانية، عمل على أن
تدرج الإعلاميّة مادّة للتدريس في مستوى السّنة الرّابعة من التعليم الثانويّ.
وبالفعل، صارت الإعلاميّة مادّة اختياريّة في امتحان شهادة البكالوريا، بالنّسبة
إلى كافة الشّعب منذ 1992، بعد أن كانت مادة اختياريّة في شعبتيْ الرّياضيات
والعلوم والرّياضيات والتقنيّة، منذ 1988[14].
11.
معالجة آنيّة لقضية مُدّرّسي التعليم
المهنيّ،
تبعا للقرار الحكوميّ القاضي بإلغاء مسلك التعليم الثانويّ المهنيّ، وتحويل
البناءات والتجهيزات إلى قطاع التكوين المهنيّ. ويبدو أنّ صعوبات جمّة اعترضت
تنفيذ هذا القرار، منها امتناعُ مدرّسي هذا المسلك عن الالتحاق بمنظومة التكوين
المهنيّ، وتلكّؤ هذا القطاع في تقبّل المدارس المهنيّة والتجهيزات، وميله إلى
إنشاء مراكز عصريّة بناء وتجهيزا، ممّا اضطرّ وزارة التربية إلى البحث عن حلول
بديلة تجسّمت، بعد لأْي، في إحداث مدارس للتأهيل التقنيّ ترمي إلى تحقيق
ثلاثة أهداف، وهي: ضمان تكوين مهنيّ لفائدة التلاميذ المهدّدين بالانقطاع واستغلال
فضاءات المدارس الثانويّة المهنيّة سابقا وتجهيزاتها وتوظيف أساتذة التعليم
المهنيّ سابقا وتمكينهم من تدريس مادّة اختصاصهم. وقد استغلّت
الوزارةُ هذا الصّنف الجديد من المؤسّسات، غير المنصوص عليه بالقانون التربويّ، حلّا
لمشكلة المنقطعين من التعليمين الابتدائيّ والثانويّ، من الفئة العمريّة 6 /16 سنة،
الذين استوْفَوْا حقّهم في الترسيم بالسّنة السّادسة للتعليم الابتدائيّ، وبالسّنتين
الأولى والثانية ثانويّ. وهذه المدارسُ تذكّرنا بأقسام السّنة السّابعة والثامنة
التي أحدثتا سنة 1977 للغاية نفسها، وهي تسمح بإسْداء تدريب صناعيّ وتكوين مهنيّ
في حوالي 16 اختصاصا لأطفال مهدَّدين بالضّياع، غير أنّ الإقبال على هذه المؤسّسات
لم يكن كبيرا: ففي سنة انطلاقها (1992/1993) ضمّت مدارسُ التأهيل التقنيّ الأربعون
5500 متكوّن، بينما كان عدد المنقطعين في آخر السّنة الدّراسيّة 1991/92 قرابة
80000 (79702)، وهو ما يمثل أقلّ من7 %، يؤطّرهم 524 أستاذا، فيكون المعدّل أستاذا لكلّ 10 تلاميذ علما
أنّ المتوسّط بالمدارس الابتدائيّة كان معلّما لكلّ 26 تلميذا. ويدوم التكوين
سنتين وتمنح للمتخرّج شهادة ختم التكوين (دون أيّ سند أو مرجع قانونيّ) تُمكنه من
الالتحاق بمراكز التكوين المهنيّ أو الاندماج في سوق الشّغل.
1.
إعادة تنظيم المصالح المركزيّة لقطاع التربية،[15] لأنّ التنظيم المعمول به يعود إلى سنة
1980، ولم يعُد مواكبا لتطوّر مشاغل الوزارة، فتمّ إحداثُ الإدارة العامّة للتكوين
المستمرّ وإدارة للتنشيط الثقافيّ والاجتماعيّ
والرّياضيّ سدّا للفراغ التي تعاني منه المؤسّساتُ التعليميّة وللفقر الثقافيّ
الذي كان عليه التلاميذ، وقد نهضت بدور مهمّ بتنظيم تظاهرات بالمؤسّسات على قاعدة
الشّراكة بين الوزارة والمهن الفنّيّة، كما تمّ إنشاءُ تفقديّة عامّة للتربية،
نزولا عند رغبة إطار التفقد، تعنى بشؤون سلك المتفقدين البيْداغوجيّين وإحداث إدارة التعليم الخاص لتأطير المدارس و المعاهد
الخاصة .
انتهى الجزء الأول : يتبع
الهادي بوحوش والمنجي عكروت
روابط الورقات السابقة المنشورة بالمدونة
البيداغوجية منذ نهاية 2015 حول الاصلاحات التربوية
الهادي بوحوش و المنجي عكروت : تاريخ
الإصلاحات التّربويّة بالبلاد التّونسيّة منذ القرن التاسعَ عشرَ: توطئة عامّة
http://akroutbouhouch.blogspot.com/2015/11/blog-post.html#more
الهادي بوحوش و المنجي عكروت
: تاريخ موجز للإصلاحات التربويّة في البلاد التونسيّة منذ القرن التاسع عشر إلى
اليوم: اصلاحات فترة ما قبل الحماية الفرنسيّة : الجزء الأول
الهادي بوحوش والمنجي
عكروت :تاريخ الإصلاحات التربويّة بالبلاد التونسيّة: القسم
الثاني: الإصلاحات زمن الحماية . الجزء الأول : محاولات وتجارب لتطوير
المنظومة التعليميّة الزّيتونيّة
http://akroutbouhouch.blogspot.com/2015/11/blog-post_30.html
الهادي بوحوش والمنجي
عكروت :تاريخ الإصلاحات التربويّة بالبلاد التونسيّة: القسم الثاني:
الإصلاحات زمن الحماية . الجزء الثاني : ارساء التعليم
العصري العمومي في أواخر القرن التاسع عشر
http://akroutbouhouch.blogspot.com/2015/12/blog-post.html
الهادي بوحوش والمنجي
عكروت :تاريخ الإصلاحات التربويّة بالبلاد التونسيّة: القسم
الثاني: الإصلاحات زمن الحماية . الجزء الثالث : الإصلاحات التّعليميّة
بعد ماشويل وحتّى الاستقلال
الهادي بوحوش والمنجي
عكروت :الإصلاحات التعليميّة الكبرى بالبلاد التّونسيّة زمن الاستقلال : إصلاحات
المرحلة الانتقاليّة: 1955/ 1958
الهادي بوحوش والمنجي عكروت :الإصلاحات
التعليميّة الكبرى بالبلاد التّونسيّة زمن الاستقلال: إصلاح سنة 1958 ج 1 http://akroutbouhouch.blogspot.com/2016/01/1958_11.html#more
الهادي
بوحوش والمنجي عكروت :الإصلاحات التعليميّة الكبرى بالبلاد
التّونسيّة زمن الاستقلال :إصلاح سنة 1958 ج 2
http://akroutbouhouch.blogspot.com/2016/01/1958.html#more
الهادي
بوحوش والمنجي عكروت :الإصلاحات التعليميّة الكبرى بالبلاد
التّونسيّة زمن ألاستقلال :إصلاح سنة 1958 ج3
http://akroutbouhouch.blogspot.com/2016/01/1958_11.html
الهادي بوحوش والمنجي عكروت :الإصلاحات التعليميّة الكبرى زمن الاستقلال القسم الثالث : تقييم إصلاحات 1958 ومحاولات تطويع المنظومة التربويّة للواقع
المتجدّد. ج1 http://akroutbouhouch.blogspot.com/2016/01/1958_18.html
الهادي بوحوش والمنجي عكروت :الإصلاحات التعليميّة الكبرى زمن الاستقلال القسم الثالث : تقييم إصلاحات 1958 ومحاولات تطويع المنظومة التربويّة للواقع
المتجدّد. ج 2
الإصلاحات التعليميّة الكبرى زمن
الاستقلال القسم الثالث : تقييم إصلاحات 1958 ومحاولات تطويع المنظومة التربويّة
للواقع المتجدّد الجزء الثالث.
الهادي بوحوش والمنجي عكروت :الإصلاحات
التعليميّة الكبرى زمن الاستقلال القسم الثالث : تقييم إصلاحات 1958 ومحاولات
تطويع المنظومة التربويّة للواقع المتجدّد الجزء الرابع.( الحصيلة)
الهادي بوحوش والمنجي عكروت :الإصلاحات
التعليميّة الكبرى زمن الاستقلال ، الّلجان القارّة للتّعليم : توجّهاتُها
الإصلاحيّة ومقترحاتُها في مجال التّعليم المدرسيّ : الجزء 1
الهادي بوحوش والمنجي عكروت :الإصلاحات التعليميّة الكبرى زمن الاستقلال ،
الّلجان القارّة للتّعليم : توجّهاتُها الإصلاحيّة ومقترحاتُها في مجال التّعليم
المدرسيّ : الجزء2
الهادي بوحوش والمنجي عكروت :الاتّجاهات
الكبرى لإصلاح النظام التربويّ، جانفي 1988
[1]
محمّد الشرفيّ: ولد في 11 أكتوبر
1936 بصفاقس، وتوفّي بتونس العاصمة في 6 جوان 2008، قدّمه أستاذ التاريخ عليّ
المحجوبيّ على أنّه " جامعيّ لامع، ومثقف ملتزم، ومناضل يساريّ، ورئيس سابق
للرّابطة التونسيّة لحقوق الإنسان، وصاحب رؤيا ومشروع مجتمعيّ"، انظر في ذلك:
إصلاح التعليم بالبلاد التونسيّة فيما بين 1989 و1994، مقال بالفرنسيّة صدر بموقع
صحيفة الطريق الجديد بتاريخ 17 جوان 2010 بمناسبة إحياء الذكرى الثانية لوفاته.
[2]. تولّى الأستاذ أحمد خالد، كاتب الدولة للتربية لدى وزير التربية والعلوم،
إعداد تقرير تأليفيّ عن المدرسة الأساسيّة في الأسابيع الأولى من تعيينه، ممّا
يدلّ على أهمية هذا الملفّ في نظر الحكومة.
[3]. تجاوز جلّ المستشارين مهمّتَهم الأصليّة، وصاروا يتدخّلون في أشغال المتفقدين
ومحاضر جلساتهم وقراراتهم البيداغوجيّة وفي الشّؤون الإداريّة، سواء أتعلقت
بالبرامج والوسائل، أو حتّى بانتداب المدرّسين وتعيينهم. وكان بعضهم يروم تدجين
هيئة التفقد والسيطرة على قرارات المتفقدين وكان كلّ مستشار يرى في نفسه رئيس
المادّة، ومسؤولا عن البرامج القديمة منها والتي قيد التصوّر والبناء، وعلى إطار
الإشراف البيداغوجيّ والإداريّ أن يستشيره في كلّ صغيرة وكبيرة، بما في ذلك تركيبة
لجان التأليف ولجان تقييم الوسائل التعليميّة. وقد ترتّب على ذلك انقسامٌ في
المتفقدين، فبعضهم انْساق مع أهواء المستشارين، وبعضُهم حافظ على استقلاله
إزاءَهم، وإنْ بصعوبة. وقد كان لهذا أثرٌ سلبيّ خاصّة على الهياكل الإداريّة التي
وجدت نفسها، بعد ذهاب المستشارين عاجزة عن أداء واجبها لأنّها دُجّنت، وعلى هيئة
التفقد التي لم تساند الإصلاح بمجرّد ذهاب الوزير، بل إنّ الدعوة إلى إصلاح
الإصلاح ظهرت مباشرة بعد تنحّي الأستاذ محمّد الشرفي عن الوزارة.
[4] . يجب التذكير بأنّ اللجان القطاعية بُعثت
منذ 1989، على عهد الوزير محمّد الهادي خليل، و قد قام الوزير محمّد الشرفي
بإثرائها بدعوة الجامعيّين للانضمام إليها، كما فتحت أمام ممثلين عن عدد من
الجمعيات و المنظّمات المهنية، و عُيّنتْ على رأسها كفاءات علمية مرموقة، أمثال
الأستاذ المرحوم عبد القدر المهيري (لجنة العربية) و الأستاذ المرحوم حافظ ستهم
(لجنة التاريخ والجغرافية)، و الأستاذ عبد الحميد غربال (لجنة العلوم الفيزيائية)،
من كلية العلوم بتونس، والأستاذ محمّد المراكشي للجنة العلوم الطبيعيّة، كلية
العلوم بتونس، الأستاذة حكمة صميدة للجنة الرياضيات، من كلية العلوم والأستاذ مكّي
القسوري للجنة التقنية، والأستاذة المرحومة فاطمة الحدّاد للجنة الفلسفة، من كلية العلوم الاجتماعيّة
بتونس والأستاذ محمّد كمّون، للجنة الفرنسيّة، من كلية الآداب والفنون بمنوبة
والأستاذ المرحوم عبد
الرحمان المتجوّلي للجنة التربية التشكيليّة... بلغ عددها 16 لجنة قطاعيّة. وهي
تجربة طريفة في بناء برامج التعليم المدرسيّ تستحقّ التفاتة من الباحثين.
[5] . نوقشت هذه المسألة في أحد اجتماعات الديوان، وكان القرار متوازنا
يهدف إلى إدراج الفرنسيّة والعربيّة في مختلف امتحانان شعب البكالوريا، غير أنّ
التنفيذ عجّل باللغة الفرنسيّة، ولم ينفذ القرار الخاصّ بتعميم العربية إلاّ بعد
سنين طويلة.
[6] . كان لهذا الصّراع وهذه
الرّغبة في السّيطرة والانفراد بالرأي ضحايا من المتفقّدين ومن الإطارات
الإداريّة: فقد تعرّض السيّد رشيد التوميّ، المتفقد الأوّل للتاريخ والجغرافيا
لمظلمة إداريّة، عندما امتنع عن إجراء تعديلات على الدّروس المتعلقة ببعض المسائل
المتعلقة بالنّهضة العربيّة، مشترطا تكوين لجنة علميّة تقرّر في الأمر. والأمرُ
نفسه نال الأستاذ بوبكر بن فرج، كاهية مدير البرامج في الموادّ الإنسانيّة، بمجرّد
معارضته لبرامج التاريخ فيما يمسّ الحركات الإصلاحيّة، فأعْفي من وظيفته بالإدارة
العامّة للبرامج والتكوين المستمرّ، ونقل إلى إدارة الأرشيف. أمّا الأستاذ عبد
الرزّاق بالسّرور فاتّهم بثلب الوزير في مجالسه، وكاد يعفى من مهمّة التفقد لينقل
إلى المعهد القوميّ لعلوم التربية، لو لم يتدخل عدد من الزملاء لدى الوزير،
لفائدته وإثبات بطلان الدّعوى. ويمكن أن نشير إلى الأستاذ محمّد كناني قسومة الذي
دافع باستمرار عن دور إدارة البرامج، فسلّطت عليه عقوبة لا تخلو من قسوة.
إنّ هذا الصّراع لم يسبق لوزارة التربية
أن عرفت مثيلا له، يمكن أن يفسّر بعوامل موضوعيّة وأخرى ذاتيّة، وهو نتيجة لإرادة
فرض الرأي باعتماد السلطة لا الحجّة والبرهان. سامح الله الجميع.
[7] أحدثت المعاهد العليا لتكوين المعلمين
بمقتضى القانون عدد 108 لسنة 1990 المؤرّخ في 26 نوفمبر 1990 المتعلق بالمعاهد
العليا لتكوين المعلمين. الرائد الرّسميّ عدد78 بتاريخ 30 نوفمبر 1990.
[8] . لم توفّر الوزارة إطار التدريس المنصوص عليه من مبرّزين
أو حاصلين على دكتورا المرحلة الثالثة، وتواصل الاعتمادُ على أساتذة مدارس ترشيح
المعلّمين، فدرّسوا كما كانوا يدرّسون ما ترتّب عليه ضعفٌ في التكوين الأساسيّ،
وعدم تحقّق الغرض المنشود من تحويل مدارس الترشيح إلى معاهد عليا وإطالة مدّة
التكوين بسنتين. وقد أظهر تقييم خارجيّ فشل التجربة لأنّه لم تؤمّن لها مستلزمات
النجاح بيداغوجيّا وإداريّا.
[10] تمّ تحويل المراكز
الجهويّة للتوثيق البيداغوجيّ CRDP) سوسة و صفاقس و باجة وتونس التي كانت تابعة
للمعهد القوميّ لعلوم التربية إلى مراكز جهوية للتربية و التكوين المستمر ( CREFOC) - قانون 107-1990 مؤرّخ في 26
نوفمبر 1990 .
[11] أحدثت هذه المراكز بمقتضى الأمر عدد 107 لسنة 1990 المؤرّخ في 26 نوفمبر
1990 المتعلق بتحويل المراكز الجهويّة للتكوين البيداغوجيّ إلى مراكز جهويّة
للتربية والتكوين المستمرّ، علما أنّ عدد المراكز بلغ 19 في سنة 1990. الرائد
الرسميّ عدد 78 بتاريخ 30 نوفمبر 1990.
[13] أحدث هذا المعهد الذي هو وريث" مركز بورقيبة
للمكتبيّة والميكرو إعلاميّة، بمقتضى القانون عدد 145 لسنة 1988 المؤرّخ في 31
ديسمبر 1988 المتعلق بقانون الماليّة لسنة 1989، انظر كذلك الأمر عدد 498 لسنة
1990 المؤرّخ في 10 مارس 1990 المتعلق بنظام الدراسة بالمعهد القوميّ للمكتبيّة
والإعلاميّة، الرائد الرّسميّ عدد 52 بتاريخ 10 أوت 1990.
[14] انظر قرار وزير التربية المؤرّخ في 27 أوت 1988
المنظم لامتحان شهادة البكالوريا، الصّادر بالرائد الرّسميّ عدد 60 بتاريخ 13
سبتمبر 1988، وقرار وزير التربية والعلوم المؤرّخ في 24 جوان 1992 الصّادر بالرائد
الرّسميّ عدد 41 بتاريخ 26 جوان 1992.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire