lundi 2 juin 2014

إصلاح التحارير في امتحان البكالوريا

إصلاحُ تحارير المترشّحين لامتحان شهادة البكالوريا من أشدّ العمليات دقّة، إذ عليْها يتوقّف مصيرُ المشاركين في الامتحان، وتخفق لها قلوبُ الآباء والأمّهات والإخوة. لذلك تُولي النّصوصُ المنظمة للامتحان هذه العمليّة عناية خاصّة، باعتبارها من أكثر العمليات خطورة ، وسعيا من واضعيها لضمان موضوعيّة الإصلاح، وتأمين مصداقية الامتحان، والحفاظ على قيمة الشهادة المسندة إلى الناجحين فيه. ولذلك أيضا يضع المشرفون على هذا الامتحان والمباشرون له إجرائيّا نُصْب أعينهم هذه العمليّة، ويتحرّوْن أيّما تحَرّ في اختيار القائمين بها والمتابعين لها، ديْدنُهم في ذلك طلبُ مُصحّحين من ذوي الكفاءة والنّزاهة والاستقامة والإنصاف.
 فكيف يجري إصلاحُ اختبارات امتحان البكالوريا ؟ ما أنواع الإصلاح المعتمدة في تقويم تحارير المترشّحين؟ ما هي الضّمانات التي توفّرها النّصوص القانونيّة في مجال الإصلاح؟ تلك هي الأسئلة التي سنحاول الإجابة عنها في هذه الورقة.
I.      أنواع الإصلاح
يمكن أن نميّز بين خمسة أنواع كبرى من الإصلاح المعتمد في تقويم تحارير المترشّحين لامتحان البكالوريا:
1.    الإصلاح الأحاديّ أو الفرديّ، ويتمثّل في تكليف مصحّح مّا يتولّى فرديّا تقويمَ تحارير لمترشّحين من شعبة مّا من شعب البكالوريا، وإسنادَها أعدادا تعتبر أعدادا نهائيّة، وتضرب في الضّارب الخاصّ بالمادّة، وتحتسب في ضبط المعدّل في الامتحان. انطلق العمل بهذا النوع من الإصلاح منذ إرساء البكالوريا سنة 1957، ) وربّما قبل ذلك(، وتواصل في عدد من الموادّ إلى اليوم.
2.    الإصلاح الثاني: ويتمثّل في دعوة مصحّح ثان، لا لإعادة إصلاح كافة التحارير إصلاحا شاملا، بل لإعادة تقويم صنف معيّن من تحارير المترشّحين، هي تلك التي أحرزت مع المصحّح الأوّل عددا دون 5 من 20 مثلا. يتولّى هذا المصحّحُ الثاني نقد التحارير المعنيّة وإسنادها أعدادا من جديد.
 وتبيّن النصوص القانونيّة كيفية التعامل مع العدد الثاني وسبل احتساب العدد النهائيّ، وسنعود إليه بالتفصيل في الإبّان.  تمّ العمل بهذا النوع من الإصلاح من 1957 إلى 1981.
3.    الإصلاح المزدوج: ويتمثل في إقرار إصلاح التحرير الواحد مرّتيْن من قبل مصحّحين اثنيْن مختلفيْن، يتولّى أوّلهُما إصلاحَ التحرير، دون أن يترك أثرا مادّيّا، على ورقة المترشّح، مثل التشطيب والتعليق وبيان طبيعة الخطإ، وإنّما يكتفي بتدوين العدد المسند والملاحظات المبرّرة له على مطبوعة خاصّة معدّة للغرض، وتحمل أرقامَ المترشّحين السّرّيّة.
 وإثر هذا الإصلاح الأوّل، تُسلّم التحاريرُ إلى مصحّح ثان مجهولة هويتُه لدى المصحّح الأوّل[1]، فيتولّى بدوره تقويم التحارير وإسناد أعداد معللة بملاحظات ويدوّنها على نسخة جديدة من المطبوعة المعدّة للغرض.
 تُشفع عمليّة الإصلاح المزدوج بعمليّة مراقبة من قبل المُشرف على الإصلاح، تتمثّل في مقارنة العدديْن المسندين للتحرير الواحد والملاحظات الموافقة، ويصنّف هذه التحارير إلى تحارير الفارقُ فيها بين المصحّحين مقبول، وتحارير يعتبر الفارق بين مصحّحيها مشطّا.
انطلق العمل بالإصلاح المزدوج منذ 1981 وتواصل إلى اليوم. وتُبيّن النّصوص القانونيّة كيّفيّة التعامل مع صنفيْ التحارير، وسنعود إليه بالتفصيل في موقعه ممّا يلي.
4.    الإصلاح الثالث: هو نوع من الإصلاح يقع اعتماده عندما يكون الفرق بين عدديْ الإصلاح المزدوج مشطّا، فيُكلّف مصحّح ثالث من غيرهما بتقويم التحرير وإسناده عددا. وتبيّن التراتيب كيفية التعامل مع هذه الحالة التي تهمّ عددا محدودا من التحارير.  انطلق العمل به منذ 1981 بمُقتضى أحكام الفصل 13 من قرار تنظيم امتحان البكالوريا.

5.    الإصلاح التعديليّ: على خلاف الأنواع الّسّابقة، فإنّ لهذا الضّرب من الإصلاح وظيفة تكوينيّة تأهيليّة لفئة من المصحّحين المعتمدين، تتمثّل في دعوة المشرف على الإصلاح مصحّحيْن أو أكثرإلى التباحث في الأعداد المسندة من قبلهم، والتي يكون الفارقُ بينها مشطّا حقّا، إذ يتجاوز الستّ نقاط، ممّا ينمّ عن تصوّرات عن الاختبار وتقويمه متباعدة. وتكمُن أهمّية هذا الإجراء في التعرّف إلى تمثّلات كلّ مصحّح ممّا يساعد على تعديلها أو تطويرها، ذلك أنّ التغاضي عن مثل هذه الاختلافات يضرّ بعملية التقييم ولا يحقّق إنصاف المترشّحين.) الفقرة ج من الفصل 13 من قرار سنة 2000(
وعلاوة على هذه الأنواع الخمسة، يمكن أن نشير إلى ضرب  آخر  من الإصلاح، نطلق عليه" إصلاح المراقبة والتثبّت "، ويتمثّل في إتباع الإصلاح الفرديّ أو الأحاديّ بعملية مراقبة تتلخّص في مراجعة أوراق التحارير، قصدَ التأكّد من أنّ كافة أجزاء الاختبار قد أصلحت ولم يقع سهوٌ، وأنّ مجموع الأعداد الجزئيّة سليم. وتوكل النّصوصُ القانونيّة هذه المهمّة  " للجنة مراقبة استشاريّة".)   أحكام الفصل 13 من قرار 1981(.
II.   الإصلاح وهياكل الإصلاح
يبدو أنّه كان يُنظر إلى مسألة إصلاح التحارير إصلاحا فرديّا أحاديّا على أنّها من البديهيّات المتّفق في شأنها والتي لا تحتاج تفسيرا وتدقيقا. لذلك كانت القراراتُ الأولى المنظمة لامتحان شهادة البكالوريا شحيحة البيانات. فقد اكتفى القرارُ الأوّل الصّادر سنة 1957 بالإشارة إلى أنّ المصحّحَ " ينقد" أوراقَ المترشّحين بعد إخفاء مركز الامتحان لأسمائهم، وأنّ قيمة كلّ تحرير تقدّر بعدد يتراوح بين الصّفر والعشرين، وأنّ العدد المسند للتحرير يُضرب في الضّارب المخصّص للمادّة أو الاختبار") الفصلان 22و24 (.
وفي الحقيقة، عرف هذا الإصلاحُ الأحاديّ أو الفرديّ  تطوّرا و مرّ بعدّة أشكال:
1.    من سنة 1957 إلى 1980 : عملية إصلاح  خالية من كلّ تأطير أو إشراف بيداغوجيّ
بدأ الإصلاح بصيغة بسيطة تتمثل في أن يُكوّن رئيسُ مركز الامتحان لجانا فرعيّة تضمّ كلّ لجنة منها عددا من المصحّحين. ثمّ تسلّم إدارة المركز كلَّ مصحّح عددا من التحارير، وفي شعبة دراسيّة مّا، تكون التحاريرُ مرفقة في أحيان قليلة بتوضيحات تُبيّن نصيب كلّ جزء أو تمرين من العدد الجمليّ للاختبار.
 يُنجز المصحّحُ تقويمّ التحارير في بيته، ويُحضرها في يوم مُحدّد مُسبقا إلى مقرّ المركز، ليتولّى مع مصحّحين لموادّ أخرى تنزيلَ الأعداد على محاضر الامتحان والتعرّفَ إلى هوّيات المترشّحين والتداولَ في شأن قبولهم أو تأجيلهم أو رفضهم.
2.    بداية من 1981 الشروع في الإصلاح الحضوريّ بمراكز معدّة للغرض.
منذ الثمانينات  تطوّر الإصلاح تنظيميّا إذ تمّ التمييزُ بين صنفيْن من مراكز الامتحان:
‌أ.       مراكز الاختبارات الكتابيّة ، وهي التي يجري فيها التلاميذ الاختبارا ت الكتابيّة للامتحان،
‌ب.   ومراكز إصلاح الاختبارات الكتابيّة،  - ملحق 1 - تحتضن عمليات تهيئة التحارير، وتُنجز في فضائها حضوريّا عمليّة الإصلاح ضمن لجان بحسب الموادّ، وبإشراف إطار بيداغوجيّ: متفقد أو مرشد بيداغوجيّ أو أستاذ ذي خبرة و تتم بها المداولات و الإعلان عن النتائج.
يعيّن وزير التربية رئيسا على مركز الإصلاح، وهو المسؤول عن" كلّ العمليات المتعلقة بإصلاح الاختبارات وعن حسن سير مداولات لجان القبول"، أي إنّه المكلّف بالسّهر على كلّ العمليات المتعلقة بالامتحان منها :
-         تهيئة التحارير و  إسنادها أرقاما سرّيّة و إخفاء هويّة المترشّحين.
-          تنظيم عملية إصلاح التحارير زمنيّا، طبق روزنامة عمل،
-          تنظيم المداولات : إثر عملية الإصلاح، يتحوّل المصحّحون إلى أعضاء في لجان القبول، فيتولوْن تنزيل الأعداد على محاضر الامتحانات واحتساب معدّلات المترشّحين والتفاوض في قبولهم من عدمه.
-         الإعلان عن النتائج  و نشرها و إعداد شهائد الناجحبن .
هكذا صار الإصلاحُ مؤطّرا بيداغوجيّا وعلميّا، وينجز حضوريّا في فضاء مدرسيّ معدّ للغرض: معهد ثانويّ يوفّر الإقامة ومطعما. تواصل العملُ بهذه الصّيغة إلى سنة 1991.
3.    قرار  1992 المنظم لامتحان البكالوريا  و مزيد إحكام عمليّة الإصلاح
جاء القرار الجديد المنظم لامتحان البكالوريا الذي صدر سنة 1992 بتجديديْن مُهمّيْن أفادت منهما عملية إصلاح التحارير:
‌أ.       أحدهما تنظيميّ يتمثّل في إحداث مراكز التجميع والتوزيع، إلى جانب مراكز الإصلاح ومراكز الاختبارات الكتابيّة.) الفصل 6تتولّى هذه المراكز معالجة التحارير بإخفاء أسماء المترشّحين وأرقامهم الحقيقيّة وتعويضها بأرقام سرّيّة، وتهيئتَها للإصلاح، قبل توجيهها إلى مراكز الإصلاح. وبهذا الإجراء، لم يعدْ لدى مراكز الإصلاح أيّة معرفة بمصادر أوراق التحارير وهوّيات المترشّحين.
‌ب.   وثانيهما بيداغوجيّ يتمثّل في إحداث لجان مختصّة تتولّى مهمّة " ضبط مقاييس الإصلاح على الصّعيد الوطنيّ") الفصل 10(. وقد تجسّم هذا الإجراءُ عمليّا في إنشاء لجنة وطنيّة لإعداد مقاييس الإصلاح، في كلّ مادة من موادّ امتحان البكالوريا، تضمّ رؤساء لجان إصلاح تلك المادّة في كلّ مركز إصلاح مفتوح للغرض.
 تجتمع هذه اللجنة، بُعيْد إجراء اختبار المادّة المعنيّة، للتعرّف إلى الاختبارات المطروحة في المادّة وإعداد مقاييس لإصلاحها تراعي المنتظر من المترشّحين ومقتضيات برنامج المادّة، كلّ ذلك بغاية الاقتراب ما أمكن من الإنصاف بين المترشّحين، في كافة مراكز الإصلاح، بالتقريب بين وجهات نظر المصحّحين.
 ويوم تنطلق عملية الإصلاح، يُخصّص رئيسُ لجنة الإصلاح، الذي سبق أن شارك في أعمال اللجنة الوطنيّة لضبط المقاييس، جزءا من الجلسة الأولى، لتدارس المقاييس واستيعابها، وإصلاح بعض التحارير إصلاحا جماعيّا بالاستناد إليها. ثمّ ينطلق المصحّحون في معالجة التحارير وإسناد الأعداد وفقها، في نطاق التراتيب المتحكّمة في الإصلاح.
 بهذا الإجراء الذي يعتبر تقدّما نوعيّا في مجال إصلاح التحارير في امتحان وطنيّ، صار الإصلاح حضوريّا مؤطّرا بيداغوجيّا وعلميّا ومستندا إلى مقاييس وطنيّة تجمع بين كافة المصحّحين للمادّة الواحدة في كافة مراكز الإصلاح. ويتواصل العملُ بهذه الصيغة المتطوّرة إلى اليوم.
III.    الإصلاح الثاني والإصلاح المزدوج
الإصلاح الثاني والإصلاح المزدوج نوعان من أنواع الإصلاح المعتمدة في تقويم اختبارات امتحان البكالوريا التي سبق أن ألمعنا إليها في العنصر الأوّل من هذه الورقة. متى ظهرا ؟ وكيف تطوّرا مع مرور الزّمن؟
1.      الإصلاح الثاني
أحدث الإصلاحُ الثاني سنة 1957 مع أوّل قرار منظّم امتحان بكالوريا التعليم الثانويّ. وهو القرار الذي نصّ على ضرورة إنجاز" نقد ثان لبعض الموادّ، إذا كان العددُ المسند من قبل المصّحح يساوي 6 من 20"، أو دون ذلك. وشمل هذا الإجراءُ آنذاك ثلاثَ موادّ، هي" الإنشاء العربيّ، )والإنشاء الفرنسيّ في الشّعب الانتقاليّة(، بالنّسبة إلى جميع شعب الجزء الأوّل، والإنشاء الفلسفيّ بالنّسبة إلى شعب الجزء الثاني". فإذا اختلف المصحّحان يكون العددُ النّهائيّ معدّلَ العدديْن.) الفصل 25(
وتواصل العمل بهذا الإجراء مدّة طويلة، من 1957 حتّى سنة 1980، دون تغيير يُذكر، ما عدا التعديلات المتعلقة بالموادّ المعنيّة بالإصلاح الثاني:
-         كإضافة مادتي التاريخ والجغرافيا اللتين كانتا ضمن الاختبارات الكتابيّة في جميع الشّعب، سنة 1963[2]  فقد جاء في الفصل 25 من هذا القرار ما يلي: " فيما يتعلق بالاختبارات الكتابيّة في الإنشاء العربيّ والإنشاء الفرنسيّ والفلسفة والتاريخ والجغرافيا، فإنّه يجرى إصلاح ثان إذا كان العدد المسند من طرف المصحّح الأوّل دون 6 من 20، فإنّ العدد المعطى نهائيّا من المادّة يكون معدّل هذين العدديْن."
-         أو حذف الإنشاء الفرنسيّ[3] والتاريخ والجغرافيا سنة 1970
-         أو النّزول بسقف العدد الموجب للنقد الثاني ليشمل التحاريرَ التي تكون أعدادُها دون 5 من 20: " ... فإنّه يشرع في تصحيح ثان إذا قلّ العددُ الذي أعطاه المصحّح الأوّل عن 5 من 20". )الفصل 12 جديد من قرار 1970 (
ويعود اختيارُ تلك الموادّ في نظرنا إلى سببيْن اثنين، هما:
-      طبيعة الاختبارات التي تعتمد على الإنشاء والتّحرير، وهي اختبارات يصعب تقييمها تقييما موضوعيّا.
-      طبيعة الموادّ المعنيّة بالعدد المسقط، مثل الإنشاء العربيّ، باعتبار أنّ الحصول على عدد دون 5 من 20 يعتبر عددا مسقطا.
  1. الإصلاح المزدوج والإصلاح الثالث
 نُذكّر بأنّ الإصلاح المزدوج هو إجراء يتمثّل في عرض تحرير المترشّح على مصحّحيْن اثنين، فيتولّى كلُّ واحد منهما، على حدَة، ودون تشاور مع الآخر، تقييمَ التحرير وإسناد عدد يتراوح بين صفر وعشرين. والغاية من ذلك هي السّعيُ إلى إنصاف المترشّحين والاقتراب من التقييم السّليم.
·       ظهر مصطلح الإصلاح المزدوج سنة1981[4]، فقد نصّ القرارُ الجديد المنظّمُ لامتحان البكالوريا في فصله الثالث عشر أنّه " بالّنسبة للاختبارات الكتابيّة المتعلقة بالموادّ المميّزة لكلّ شعبة، يقع العمل بمبدإ الإصلاح المزدوج، أو اللجوء إلى لجنة مراقبة استشاريّة، عند الاقتضاء. وإذا حصل خلاف بين المصحّحيْن يُعتمد معدّل العدديْن، وإذا اعتبر الفارق مشطّا، يتمّ إصلاحٌ ثالث، ويكون العدد المسند هو الذي يقرُّ في هذه المرّة".
 والملاحظُ هو غياب الدقّة والوضوح في هذا النصّ:
          فإنّه، بالرّغم من تنصيصه على المادتين المميّزتين لكلّ شعبة ضمن ملحق الموادّ، لم يُحدّدْ الموادّ المميّزة المعنيّة بالإصلاح المزدوج، وتلك التي تكون معنيّة بلجان المراقبة الاستشاريّة فقط، علما أنّ هذه اللجان تتابع الموادّ التي يُكتفى فيها بإصلاح فرديّ أو أحاديّ، وقد سبق أن وضّحنا وظيفتَها في العنصر الأوّل المتعلق بأنواع الإصلاح.
          كما ترك باب الاجتهاد مفتوحا لتقدير " الفارق المشط " الذي يستوجب إصلاحا ثالثا، وهو ما ستتولاّه القرارات الموالية. 
و لا ندري كيف تصرّفتْ الإدارة لتجاوز هذا الوضع والتنسيق بين مختلف مراكز الإصلاح و لجان الإصلاح .
·       ثمّ توضّح الأمر ودُقّق، فقد برزت على السّطح، مع التطبيق، العديدُ من الصّعوبات، ما أجبر المشرّع على مراجعة النصّ المنظّم للإصلاح المزدوج. وقد تمّ ذلك مع صدور النّصوص الترتيبيّة الخاصّة بقانون 65 لسنة 1991 المتعلق بالنظام التربويّ، وخاصّة قرار البكالوريا لسنة 1992 [5]  الذي أطّر عمليّة الإصلاح المزدوج، وضبط الموادَّ الخاضعة للإصلاح المزدوج وطريقة إسناد العدد بقرار من وزير التربية. ومنذ ذلك التاريخ، شهدت طريقة العمل بالإصلاح المزدوج تطوّرات عديدة، نذكرها فيما يأتي:
‌أ.        صدور أوّل قرار وزاريّ يخصّ الموادّ المعنيّة بالإصلاح المزدوج وطريقة إسناد العدد، سنة 1994.[6] وقد حُصر الإصلاحُ المزدوج في مادة العربيّة التي كانت تنفرد بها شعبة الآداب، واختبار الفلسفة في جميع الشّعب،) الفصل 1 (واعتبر أنّ الفارق الذي يكون دون النقطتين مقبول، ويتمّ احتساب معدّل العدديْن مباشرة. أمّا إذا تجاوز ذلك الحدّ فيُدعى المصحّحان إلى التشاور والاتفاق على قيمة التحرير. وفي صورة عدم اتفاقهما، يُحتسب معدّل العدديْن.) الفصل 2(   ونظرا إلى سلبية هذا الحلّ، تمّت مراجعته بعد تجربة دورتين.
‌ب.  إضافة مادّة الاقتصاد الخاصّة بشعبة الاقتصاد والتصرّف (قرارُ 1996 [7]  ) بعد قرار الفصل بين المادّتين المميّزتين لهذه الشّعبة لقائمة المواد التي يشملها الإصلاح المزدوج،) الفصل الأوّل(،  و اقرار نظام  جديد لمعالجة التفاوت في التقييم تمثل في:
          اعتبار الفارق الذي لا يتجاوز ثلاث نقاط فارقا مقبولا، ويحتسب معدّلُ العددين كعدد نهائيّ.
          أمّا في حال تَجاوز الفارقُ ثلاث نقاط، فيُعْرض التحرير على لجنة تتكوّن من أستاذين جديدين، تتولّى تقييمَ التحرير بطريقة جماعيّة، ويكون العددُ الذي تسنده هذه اللجنة هو العددُ النّهائيّ.) الفصل الثاني(  ويبدو أنّ هذه الآلية قد أفرزت عدّة سلبيّات، من أبرزها إهمالُ مجهود المصحّحيْن الأوّليْن، وارتفاعُ عدد التحارير المعنيّة (وصلت أحيانا الثلث)، ما أدّى إلى تنقيح جديد، بعد 4 دورات.
‌ج.    اقرار آلية جديدة  منذ سنة 2000 : وضّح القرارُ المؤرّخ في 7 مارس لسنة 2000[8] طريقة التعامل مع الفارق المشطّ الذي يتجاوز ثلاث نقاط بين المصحّحيْن، وذلك من خلال تصوّر آليتيْن جديدتيْن هما:
          إقرارُ إصلاح ثالث، عندما يكون الفارق أكثر من 3 ودون 6 نقاط، ويكون العدد النهائيّ هو معدّل العدد المسند من قبل المصحّح الثالث وأفضل العدديْن المسنديْن من قبل المصحّحيْن الأوّليْن.
          إقرارُ إصلاح تعديليّ، إذا كان الفارق يساوي أو يفوق 6 نقاط، ويتمثل في دعوة المصحّحيْن إلى إصلاح تعديليّ بإشراف رئيس لجنة الإصلاح، لأنّه، في هذه الحالة، يوجد خللٌ في موضع ما يجب تعديله لضمان سير عاديّ لإصلاح بقيّة التحارير.) الفصل الثالث(
ومنذ ذلك الوقت، استقرّت طريقة الإصلاح المزدوج التي شملت اختبار العربية في بقية الشّعب منذ إدراجها في اختبارات البكالوريا[9]، رغم ما طرأ من تغيير على طبيعة اختباريْ الفلسفة والعربيّة في الشّعب غير الأدبيّة، حيث تمّ التخلّي عن صيغة المقال والإنشاء واعتمادُ المواضيع المركّبة التي تستوجب إجابات قصيرة تجعلها تقترب من الأسئلة الموضوعيّة التي لا تحتاج إلى الإصلاح المزدوج، ويمكن الاكتفاء بلجان المراقبة والتثبّت.
خاتمة
تلك هي أبرزُ الملامح لعملية إصلاح تحارير المترشّحين لامتحان شهادة البكالوريا، في جوانبها التنظيميّة والبيداغوجيّة الإجرائيّة والقانونيّة. ويبدو أنّ مختلف هذه الإجراءات تعدّ ضمانة يوفّرها تنظيم امتحان البكالوريا للمترشّحين أنفسهم وللمجتمع المؤتمن على الحفاظ على بريق الشهادة الوطنيّة. ومن جهة ثانية، فإنّ هذه الإجراءات قد جعلت عملية تقييم الاختبارات عموما تزداد صدقيّة وموثوقيّة، تدلّ على ذلك الإجراءات المعتمدة في إصلاح اختبارات المناظرات الوطنيّة لانتداب مدرّسين بالمدارس الإعداديّة والمعاهد الثانويّة.
هادي بوحوش و منجي عكروت متفقدان عامان للتربية
تونس ماي 2014
كبف يتم الاصلاح في البلدان الأخرى
  ( VIDEO amgérie)
المغرب

                             


ملحق 1
الدورة
عدد المترشحين
عدد مراكز الاصلاح
1983
20505
7
1988
47267
13
1989
51146
16
2000
104361
29
2010
104361
31




[1]  في الجزائر يتم نقل التحارير إلى مركز اصلاح آخر بعد انجاز الإصلاح الأول أمّا في البلاد التونسية يتم الإصلاحان بنفس المركز.
[2]  قرار 1 أفريل 1963 يتعلق بامتحانات شهادة  باكالوريا التعليم الثانويّ عوّض قرار 17 أفريل 1957 -الرائد الرسميّ عدد 16 بتاريخ 2 أفريل 1963.  
[3]  الفرنسية لم تعد ضمن الاختبارات الكتابيّة. أمّا التاريخ والجغرافيا فهما موجودتان في شعبتي الفلسفة والآداب العصريّة والفلسفة والآداب الكلاسيكيّة
[4]  قرار 16أفريل 1981 المتعلق بتنظيم امتحان البكالوريا -الرائد الرسميّ عدد   28 بتاريخ 24 أفريل1981
[5]  القرار 24 جوان 1992 المنظم لامتحان البكالوريا يلغي ويُعوّض قرار1981
قرار 30 أفريل 94 الضابط لقائمة الموادّ التي يشملها الإصلاح المزدوج وطريقة إسناد العدد النهائيّ. [6]
[7]  قرار 28 مارس 1996 نقّح قرار 30 أفريل1994.
[8]  قرار7 مارس 2000 نقّح قرار 28 مارس 1996: يتعلق بالإصلاح المزدوج في امتحان البكالوريا وشهادة ختم التعليم الأساسيّ
[9]  تمّ إدراج مادّة العربيّة في كافة الشّعب باستثناء شعبة الرياضة، منذ دورة 2008
Cliquez ici pour la version FR

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire