دورة المراقبة في امتحان شهادة البكالوريا التونسية : نشأتها و تطورها

في السّنة الدّراسيّة 1975- 1976 تقرّر - بمقتضى منشور وزاريّ[1] -  التخلّي عن دورة سبتمبر وبداية العمل بدورة المراقبة[2]. وكانت الغاية من ذلك انطلاقَ السّنة الدّراسيّة في موعدها، وعدمَ تعطيلها بدافع تنظيم الدّورة الثانية في مُفتتحها. وحسَب ما وصلنا من معلومات آنذاك، فإنّ إقرار دورة المراقبة كان مرحلة على درب الاكتفاء بدورة واحدة، تنظّم في شهر جوان.

عرفت دورةُ المراقبة، منذ إحداثها، عدّة تنقيحات، سواء في الموادّ المعنيّة، أوفي طريقة احتساب الأعداد المتحصّل عليها، أو في شروط المشاركة.

      I.            من مادّتيْن إلى ستّ موادّ

كانت دورة المراقبة في البداية دورة تدارك فعلا تهمّ المادّتين المميّزتين للشّعبة...

فمنذ إحداث دورة المراقبة إلى 1994، تمّ حصرُ هذه الدّورة في مادّتين، بالنّسبة إلى كلّ شعبة من شعب البكالوريا، هما المادّتان المميّزتان للشّعبة، مثل العربيّة والفلسفة في شعبة الآداب، والرّياضيات والعلوم الفيزيائيّة في شعبة الرّياضيات ...

ولكنْ ما تغيّر هو إلزاميّة اجتيازهما من عدمه:

·       في البداية، كان المترشّح ملزما باجتياز المادّتين المميّزتين، دون الإشارة إلى ما يترتّب عن الغياب عن مادّة من المادّتين، ويُحتسب له في النّهاية أفضلُ العددين، بين الدّورة الرّئيسيّة ودورة المراقبة. وأمام سوء تصرّف بعض المترشّحين، وما انجرّ عنه من استخفاف وعبث وغياب الجدّية، أدخلت تنقيحاتٌ منذ دورة 1988.

·       مع دورة 1989[3]، مَكّن التنقيحُ المعتمد المترشّحَ من الاختيار، فـأصبح له أن يجتاز مادّة واحدة أو الاثنتيْن. وفي صورة تغيّبه، يتحصّل على العدد صفر، ويصرّح برفضه. ووقع العمل بهذا التنقيح لمدّة دورتيْن، ثمّ تمّ التخلّي عنه.

·       منذ دورة 1991 ³، تقرّرت العودة إلى إلزاميّة اجتياز المادّتين، كما تقرّر أنْ يترتّب على كلّ غياب الحصولُ على العدد صفر، دون الإشارة إلى رفض المترشّح. وقد نُقّح هذا الفصلُ في السّنة الموالية بحذف الإشارة إلى حالة الغياب من الفصل الخاصّ بدورة المراقبة، بعد تخصيص الفصل 12^[4] لحالات الغياب في الدّورتين معا، والتي تُترجم بالعدد صفر.

ثم بدأت قائمة الموادّ تطول ...لتتحوّل دورة المراقبة إلى شبه دورة ثانية.

انطلقت عمليّة توسيع قائمة الموادّ المعنيّة منذ دورة 1995، أي 15 سنة بعد إرساء دورة المراقبة، وتواصلت حتّى دورة 2008:

·       في خطوة أولى، أصبحت القائمة تضُمّ 4 موادّ منذ دورة [5]1995، لتشمل تقريبا الموادَّ الإجباريّة، باستثناء الفلسفة في الشّعب العلميّة والتقنية، وتُرك الاختيارُ للمترشّح بين الفرنسيّة أو الإنجليزيّة، فلم يكن بإمكان المترشّح اجتياز المادّتين. إنّ هذا التوسّع رافقه إجراءان اثنان:        يقرّ الأوّلُ حرّية المترشّح في اجتياز مادّة أو أكثر.   ويتعلّق الثاني بطريقة احتساب الأعداد: فلئنْ حافظت المادّتان المميّزتان على طريقة الاحتساب السّابقة، والمتمثلة في احتساب أفضل العدديْن، فإنّه بالنّسبة إلى بقية الموادّ يتم ّ الاحتفاظُ بعدد الدّورة الرّئيسيّة إنْ كان الأفضل، أو احتساب معدّل العدديْن بإسناد الضّارب 3 لعدد الدّورة الرّئيسيّة والضّارب 1 لعدد دورة المراقبة.

·       ثمّ أصبحت القائمة تضمّ 5 موادّ، منذ دورة 2002[6]، بعد تمكين المترشّحين من اجتياز اختباريْ الفرنسيّة والإنجليزيّة معا. ومع هذا التوسّع، اعتُمد مبدأ احتساب أفضل العدديْن، بالنّسبة إلى جميع الموادّ، دون تمييز.

·       وانتهت عمليّة توسيع القائمة في دورة [7]2008، إثر إدراج اختبار في مادّة العربيّة لجميع الشّعب، بعد أن كان للعربيّة اختبارٌ في شعبة الآداب فقط.-   ملحق 1 -

وبذلك، فقدت دورة المراقبة طابعها الأصليّ، وحادَت عن غايتها الأولى. وعوضَ أن تُمهّد السّبيلَ للتخلّي عن الدّورة الثانية، تحوّلت بدورها إلى دورة ثانية، بأتمّ معني الكلمة.

   II.            المشاركة في دورة المراقبة مشروطة

لم تكن دورة المراقبة مفتوحة لجميع المترشّحين الذين فشلوا في الدّورة الرّئيسيّة، وهو الإجراء نفسُه الذي كان معمولا به، حين كان امتحانُ البكالوريا يُجرى في دورتيْن:

1.    في الانطلاق (1982)، وإلى حدود دورة 2001، كانت المشاركة مفتوحة لكلّ مترشّح يتحصّل في الامتحان على معدّل:      

 يساوي أو يفوق 9 من 20 ودون 10من 20، ولم يسعفْ بالنّجاح في الدّورة الرّئيسيّة.

    أو يساوي أو يفوق 8 من 20 ودون 9 من 20.

 أو يساوي أو يفوق 7 من 20 ودون 8 من 20، وكان معدّلُه السّنويّ العامّ في السّنة السّابعة لا يقلّ عن 10 من 20، وذلك بعد المداولات وموافقة لجنة الامتحان.

2.    منذ دورة 2002[8]، حُذفَ شرط المعدّل السّنويّ للفئة الثالثة، أي من يتحصّل في الدّورة الرّئيسيّة على معدّل يساوي أو يفوق 7 من 20 ودون 8 من 20. وجاء هذا الإجراء متزامنا مع حزمة من الإجراءات التي رافقت إدراج المعدّل السّنويّ في امتحان البكالوريا، وتيْسير شروط الإسعاف.

III.            هل تقوم دورة المراقبة بدورها؟

1.    أحدثت دورة المراقبة في الأصل ربحا للوقت، حتّى تنطلق السّنة الدراسيّة دون تعطيل ولا تأخير. من هذه الزاوية، يمكن الجزمُ بأنّ إجراء دورة المراقبة في شهر جوان مباشرة بعد الإعلان عن نتائج الدّورة الرّئيسيّة (بعد يومين أو ثلاثة) قد مكّن وزارة التربية من تقديم موعد انطلاق السّنة الدّراسيّة التي أصبحت يوم 15 سبتمبر من كلّ سنة وبذلك تمّ ربح أسبوعيْن كاملين.

2.    كما مثّلت دورة المراقبة فرصة إضافيّة تُمنح لعدد من المترشّحين كي يتداركوا أمرهُم، فيتجنّبوا إعادة السّنة وما ينجرّ عن ذلك من خسارة على صعيد العائلة والدّولة، على حدّ السّواء. فهل تقوم دورة المراقبة بدورها؟ الإجابة عن هذا السّؤال تكون، دونَ تردّد، بالإيجاب.  ويبرز ذلك من خلال بعض المؤشّرات- ملحق 2 -  :

  نسبة المشاركين في دورة المراقبة: لئن اختلفتْ نسبة المؤجّلين إلى دورة المراقبة من سنة إلى أخرى، فقد فاقتْ في الدّورات الأخيرة ثلثَ المترشّحين، و تجاوزت في بعض السّنوات الــ 40 % ( 42,65 %  في دورة 2009).

 نسبة النّجاح في دورة المراقبة: تراوحت نسبة النّجاح في دورة المراقبة في السّنوات العشرين الأخيرة بين 41.67 (دورة 2000) و27.10 (دورة 2012)، - ملحق 3 -  وهو ما يمثل حقيقة فرصة جدّية للتدارك، بالنّسبة إلى عدد هامّ من المترشّحين، في كلّ دورة.

   نصيب الدّورة في نسبة النّجاح: إنّ نسبة النّجاح المحترمة في دورة المراقبة تفسّر مساهمتها الفاعلة في مجموع الناجحين، فنصيبُ دورة المراقبة يناهزُ الرّبع - ملحق 2 - .

الخاتمة

تحوّلت دورة المراقبة بمرور الزّمن إلى دورة ثانية باشتمالها على جلّ موادّ الدّورة الرّئيسيّة، واعتمادها طريقة احتساب الأعداد نفسها (أفضل العددين في جميع الموادّ)، وتعميم الملاحظات على النّاجحين فيها، بعد أنْ كانت هذه الملاحظاتُ حكْرا على الدّورة الرّئيسية، وقد برّرتْ النتائجُ التي تحققها دورة المراقبة وجودَها، إذ أنّها تجنّب نسبة هامّة من التلاميذ إعادة السّنة الدّراسيّة.

المنجي العكروت و الهادي بوحوش متفقدان عامان للتربية

  تونس ، أوت 2013

-         ملحق 1 -  اختبارات دورة المراقبة

علوم الإعلامية	اقتصاد وتصرّف	علوم التقنية	العلوم التجريبية	الرياضيات	الاداب
برمجية	اقتصاد	تكنولوجيا	علوم فيزيائية	ارياضيات	عربية
رياضيات	تصرف	رياضيات	علوم الحياة والأرض	علوم فيزيائية	فلسفة
علوم فيزيائية أو قواعد البيانات**	رياضيات أو تاريخ وجغرافيا**	علوم فيزيائية	رياضيات	علوم الحياة والأرض	تاريخ وجغرافيا
فرنسية	فرنسية	فرنسية	فرنسية	فرنسية	فرنسية
إنجليزية	إنجليزية	إنجليزية	إنجليزية	إنجليزية	إنجليزية
عربية	عربية	عربية	عربية	عربية

- ملحق 2 -  بيانات احصائية حول دورة المراقبة

الدورة	2001	2004	2009	2012	2013
مجموع المشاركين	111118	113422	134928	125626	143320
المؤجلون لدورة المراقبة	38618	45094	57549	50950	55511
نسبة المؤجلين  من مجموع المترشحين	34,75%	39,76%	42,65%	40,56%	38,73%
الناجحون في دورة المراقبة	15205	16938	17699	13805	17405
نسبة النجاح في دورة المراقبة	39.37	37.56	30.75	27.10	31.35
مجموع  الناجحين  فى الدورتين	53217	68967	74866	62491	71457
مساهمة دورة المراقبة في جملة الناجحين	28,57%	24,56%	23,64%	22,09%	24,36%

-  3 - بيانات احصائية  حول دورة المراقبة بين 1997 و 2013

الدورة	عدد المؤجلين	الناجحون منهم	نسبتهم
1997	30599	9492	31,10
1998	33837	13779	40,07
1999	32250	11280	33,92
2000	34957	14570	41,67
2001	32265	15202	39,37
2002(1)	38924	12264	31.50
2003	41728	20297	48.64
2004	45094	16936	37.56
2005	50453	18121	35.90
2006	54386	18696	34.39
2007	56665	15102	32.17
2008	57474	16094	28.02
2009	57549	17699	30.75
2010	49411	15692	31.76
2011	43719	18140	27.10
2012	50950	13805	30.75
2013	55511	17405	31.35

المقالات السابقة ذات العلاقة
بكالوريا 1957، باكالوريا 2014، الموادّ الاختياريّة، الإصلاح في البكالوريا 

---

.[1]  منشور عدد 259 المؤرخ في 3 ديسمبر 1975 ، صادر عن إدارة التعليم الثانوي حول تنظيم امتحان البكالوريا  أمضاه كاتب الدولة الهادي الزغل

[2]   لئن انطلق العمل بهذا النظام الجديد منذ السّنة الدراسية 1975 – 1976 ، فإنّ  القرار لم ينشر إلا في سنة 1981 : قرار 16 أفريل 1981 المتعلق بتنظيم امتحان البكالوريا ،الرائد الرسميّ عدد28   المؤرخ 24 أفريل 1981.

[3]   القرارالمتعلق بتنظيم امتحان البكالوريا المؤرخ في   13- 9 -1988

[4]  القرارالمتعلق بتنظيم امتحان البكالوريا المؤرخ في   24- 6 - 1992

[5]  القرارالمتعلق بتنظيم امتحان البكالوريا المؤرخ في   14 - 2 - 1995

[6]  القرارالمتعلق بتنظيم امتحان البكالوريا المؤرخ في   2-11-2001

[7]  القرارالمتعلق بتنظيم امتحان البكالوريا المؤرخ في   24-4-2008

 [8]  القرار المتعلق بتنظيم امتحان البكالوريا المؤرخ في   2  -11-2001

Cliquez ici pour la version FR