dimanche 25 mai 2025

ونحن على أبواب الامتحانات، كيف نستعد لها ؟

                                                  

خالد الشابي

تقترح المدونة البيداغوجية – هذا الأسبوع  - لمحة  بقلم الالأستاذ خالد
خالد الشابي الخبير في المجال التربوي نشرها منذ يأيام في مقاله الأسبوعي " في الشأن التربوي " بجريدة الصحافة  

يتناول المقال إشكالية الاستعداد للامتحانات من خلال التركيز على جانبين أساسيين هما الاستعداد النفسي وتنظيم عملية المراجعة

. ويبيّن الأستاذ خالد ، وهو باحث في الشأن التربوي، أن النجاح في الامتحان لا يتوقف فقط على الحفظ بل على الثقة بالنفس، والاقتناع بأن الامتحان مرحلة طبيعية من التعلَم، إضافة إلى أهمية تنظيم المراجعة بطرق علمية: من خلال خطة زمنية، واستعمال الجذاذات، والمراجعة الجماعية المنظمة و الناجعة. كما يشير إلى دور الأولياء في مرافقة المترشح دون ضغوط، لتوفير بيئة تساعد على النجاح.

فشكرا للأستاذ خالد على ثقته في المدونة  و على إثراء محتواها.س

 

 

تعيش المنظومة التربوية التونسية كغيرها من المنظومات التربوية الأيام الأخيرة للسنة الدراسية 2024 – 2025 . وهي الفترة التي تجرى فيها كل الامتحانات، إن كانت وطنية أو تحصيلية في نهاية المستويات الدراسية الوسيطة . والملاحظ أن الصعوبات التي تعترض المترشحين للامتحانات تتعلق خاصة بعدم إعطاء آليات الاستعداد النفسي والتقني للامتحان الأهمية التي يستحقها . والاستعداد أصناف ومراحل كلما تصرفنا فيها جيدا كانت النتائج في نهاية المطاف  حسنة . فكيف يكون الاستعداد ؟ وما هي تأثيراته على النتائج ؟ 

الاستعداد النفسي

من أهم الأسلحة التي يجب أن يدخل بها أي مترشح لأي امتحان وهو واع بأهميتها هو سلاح الاستعداد النفسي. ويقوم ذلك أساسا على مبدأ أن الامتحان ما هو إلا مرحلة عادية من مراحل المسار الدراسي للمتعلَم ومن عملية التعليم والتعلَم. ونستعمل الامتحان من أجل تقييم مكتسبات المتعلم خلال الفترة السابقة للامتحان. وبالتالي تقييم مدي نجاح العملية التعليمية في إكساب المتعلَم الكفايات والمهارات المقررة للمتعلم وفق البرنامج الدراسي ،على أساس سنه ومستواه التعليمي . وذلك يساعد المنظومة في تقييم أدائها واتخاذ قرار بشأن ما تملكه المتعلَم من المكتسبات المطلوبة أثناء الدراسة.

 إن اجتياز المترشح الامتحان بمثل هذه القناعة يزيح عنه الضغط النفسي والتوتر العصبي الذي عادة ما يصاحب مثل هذه الوضعيات . ذلك الضغط الذي يحمَله علم النفس التربوي جزءا هاما من المسؤولية بخصوص فقدان المترشحين توازنهم عند اجتياز الامتحانات ، وخوفهم المبالغ فيه من الفشل في الامتحانات . وعلى هذا الأساس يصبح الامتحان حدثا عاديا في المسار الدراسي للمتعلمين. يجتازه المترشح بالضرورة في نهاية كل خطوة أو مرحلة دراسية، من أجل الانتقال إلى مستوى دراسي أعلى، أو مرحلة دراسية جديدة .

ويشمل الاستعداد النفسي كذلك عديد الصفات التي يجب أن يتصف بها المترشح للامتحان، وتعكس قدراته الذاتية على التعامل مع فترة الامتحانات، والتأقلم معها. ومن أهمها الثقة بالنفس، والإيمان الثابت بالقدرة على النجاح وباقتناع تام مهما كان الموقف ، أي مهما كان الامتحان والسياق الذي يحدث فيه . ويؤكد الباحثون في هذا المجال أن الثقة المتوازنة بالنفس، تحمي المترشح من الشك في قدراته وإمكاناته ، وتزيل عنه القلق والتوتر مما يعزز من فاعليته في التعامل مع أسئلة الامتحان ، ويساهم في تحسين أدائه،  وبالتالي نتائجه، بشرط ألا تكون الثقة بالنفس مبالغا فيها . وهنا يأتي دور الولي في مرافقة ابنه أو ابنته ليجتاز الامتحان وهو مستعد نفسيا على أحسن وجه . لكن الاستعداد النفسي للامتحان وإن كان ضروريا ومهما جدا، إلا أنه من الضروري أن يكون مصحوبا بمجهود ذاتي فعلي يبذله المترشح  عند المراجعة. وهو ما يمكن أن نطلق عليه تسميه الاستعداد التقني . ذلك أن تنظيم المراجعة لها أصولها وقواعدها حتى تنجح وتكون مع الاستعداد النفسي عاملا حاسما في نجاح المترشح .

تنظيم المراجعة

إن أهم سؤالين غالبا ما يطرحهما المترشح على نفسه فترة المراجعة ، يتعلق الأول بكيفية التعامل مع حجم المواد في فترة المراجعة . وهي فترة قصيرة مقارنة بطول السنة الدراسية. أما السؤال الثاني فيتعلق بمدى قدرة المترشح على الاحتفاظ في ذاكرته بكل ما راجعه وحفظه أو فهمه في فترة المراجعة دون أن ينسى ذلك يوم الامتحان .

للإجابة على هذين السؤالين على المترشح وبمساندة الولي ومرافقته، أن ينظم المراجعة وفق قواعد منهجية معينة لها أسس علمية من جهة وعملية من جهة أخرى .

فبالنسبة للسؤال الأول حول كم المواد الكبير المطالب بمراجعتها في فترة وجيزة، فإن المترشح مطالب بالتغلب على الوقت بالتصرف فيه وتنظيمه بصورة ذكية ومنهجية، لأن الفشل في تنظيم الوقت له تبعات وخيمة تصيب المترشح بالقلق والإحباط ، وهو ما يهز من ثقة المترشح بنفسه في مواجهة الامتحان . ويكمن الحل في وضع خطة تقوم أولا على إعداد المترشح لروزنامة مراجعة، مدققة ومفصلة لكن غير مرهقة، تتميز بالتوازن بين فترات النشاط وفترات الراحة، وتراعي أهمية المواد والمراجعات السابقة خلال السنة الدراسية،  كما تراعي وظيفية الروزنامة بمعنى أنها تكون قابلة للتطبيق دون عناء . وثانيا أن تكون الروزنامة فتراتها منتظمة ومسترسلة تعتمد منهجية المراجعة المتصاعدة وهو ما سنشرحه في الإجابة على السؤال الثاني . وثالثا من الضروري تنظيم المراجعة وفق آلية إعداد الجذاذات . وهذه العملية لها قواعدها لأن الجذاذة تسهل عملية المراجعة.وتكسب المترشح الوقت . لكن لا يمكن إعداد جذاذة مراجعة لمادة ما ، إلا بعد مراجعة المادة كاملة وفهمها، واستخراج الأفكار الأساسية لكل محور فيها . لأنها هي التي ستدون في الجذاذة. وننصح المترشحين بالبعد كل البعد عن استنساخ الدروس في الجذاذة . وبأن تكون الجذاذة شخصية واضحة ومختصرة. و من الأفضل استعمال الألوان فيها لإبراز أفكار معينة. لأن اللون يساعد على تثبيت تلك الأفكار في الذاكرة، ويسهل عملية استرجاعها لاستعمالها في الامتحان عند الحاجة .  

وبالنسبة للسؤال الثاني حول تثبيت ما تتم مراجعته في الذاكرة ، فإن المترشح مدعو أولا إلى اعتماد ما أشرنا إليه وهي المراجعة المتصاعدة والمقصود بذلك تجزئة محتوى المادة إلى أجزاء أو مهمات حتى يسهل تخزين المطلوب. واعتماد التمارين التطبيقية والنموذجية  في كل جزء لتثبيت المعلومات في الذهن. ثم يتم الانتقال من جزء إلى الجزء الذي يليه حتى تباعا حتى ننتهي من مراجعة المادة المعنية بأكملها .

كما يدعى المترشح إلى الحرص على المراجعة ضمن مجموعة من أترابه . يتم اختيارهم من خلال ما يتحلون به من جدية، وحب لبذل الجهد للنجاح حتى لا يتعطل عمل المجموعة أثناء المراجعة، على أن ينطلق العمل الجماعي بعد انتهاء كل عضو في المجموعة من المراجعة الفردية نهائيا لتكون المراجعة الجماعية تكملة للمراجعة الفردية. وعندها تلعب المجموعة دور توسيع دائرة الفهم لدى أعضائها ، وتثبيت المعلومات لديهم من خلال النقاش بين أعضائها. كما تمكن المجموعة من له بعض الصعوبات أو يجد غموضا في فهم محاور معينة، من فهمها خلال النقاش . ومعلوم أن الأفكار التي تنتج عن نقاش جماعي، يسهل تثبيتها في ذاكرة المترشح ، ويصعب نسيانها عندما يحتاج إليها . وهكذا تعطي المجموعة إشارة للمترشح مفادها أنه لا يواجه الامتحان وحيدا بل تسانده مجموعة من أترابه ، وهو ما يعزز ثقته بنفسه .

إن نجاح أي مترشح في أي امتحان موكول له. وهو المسؤول عنه، باستعداده الجيد، وبتنظيمه عملية المراجعة بطريقة منهجية، وبابتعاده عما يؤثر سلبا على فترة المراجعة مثل تناول المنبهات، والسهر المبالغ فيه، واستعمال الأدوية المنشطة، والإفراط في استعمال الهاتف الجوال .. الخ.. على أن يكون الولي داعما ومرافقا للمترشح دون ضغط، وموفرا له ظروف المراجعة المريحة نحو تحقيق غايته ألا وهي النجاح .

 

خالد الشابي، باحث وخبير في الشأن التربوي

تونس -  ماي 2025

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire