صدر،
بالرّائد الرّسميّ للجمهوريّة التونسيّة[1]، منذ أكثر
من أسبوع بقليل، أمر يتعلق بضبط الإطار العامّ لتنظيم المناظرات الخارجيّة
بالاختـبارات التي تنظمها وزارة التربية، بغاية انتداب أساتذة المدارس
الابتدائيّة، وأساتذة المدارس الإعداديّة والمعاهد، وأساتذة السّلك المشترك
لمدرّسي اللغة الإنجليزية والإعلاميّة. ونظرا إلى أهمّيته، رأينا أن نخصّص هذه الورقة
للتعريف بمضمون هذا الأمر، ونغتنم هذه المناسبة لننشر وجهة نظر كنّا أعددناها في
شهر ماي 2013، وخصّصناها، آنذاك، للموضوع نفسه، بمناسبة صدور بلاغ من وزارة
التربية عن نتائج المرحلة الأولى من مناظرة انتداب أساتذة التعليم الثانويّ.
لمذا اعتبرنا أنّ هذا الأمر الجديد أمرا
مهمّا؟
تكمُن أهمّية هذا الأمر الجديد في كونه يُمثّل قطيعة مع
آليّات الانتداب الاستثنائيّة التي تمّ اعتمادها منذ سنتيْن تقريبا، والتي كانت تقوم على
المناظرات بالملفات ،اعتمادا على مقياسيْن هما السنّ و أقدميّة الحصول على الشهادة
. وهي الآليات التي ننقدها في " وجهة
النظر" التي خصّصناها للموضوع ، كما تكمن في أنّه أعاد العمل بمبدإ الكفاءة و تكافؤ الفرص
.
إعادة العمل بالمناظرات بالاختبارات لانتداب
المدرسين.
تشتمِل المناظرة، حسب ما ورد في الأمر، على مرحلتين: مرحلة
القبول الأوّليّ و مرحلة القبول النّهائيّ:
ـ تتضمّن مرحلة القبول الأوّليّ اختبارا واحدا يعتمد تقنية الأسئلة المتعدّدة الاختيارات. وتتعلق الأسئلة بالمعارف الأساسيّة ذات الصّلة بالبرامج التعليميّة الرّسميّة لمرحلة التعليم الابتدائيّ بالنّسبة إلى مناظرة انتداب أساتذة المدارس الابتدائيّة، ولمرحلتي التعليم الإعداديّ والثانويّ بالنّسبة إلى مناظرات انتداب أساتذة المدارس الإعداديّة والمعاهد وأساتذة السّلك المشترك لمدرّسي اللغة الإنقليزية والإعلاميّة.
ـ تتضمّن مرحلة القبول الأوّليّ اختبارا واحدا يعتمد تقنية الأسئلة المتعدّدة الاختيارات. وتتعلق الأسئلة بالمعارف الأساسيّة ذات الصّلة بالبرامج التعليميّة الرّسميّة لمرحلة التعليم الابتدائيّ بالنّسبة إلى مناظرة انتداب أساتذة المدارس الابتدائيّة، ولمرحلتي التعليم الإعداديّ والثانويّ بالنّسبة إلى مناظرات انتداب أساتذة المدارس الإعداديّة والمعاهد وأساتذة السّلك المشترك لمدرّسي اللغة الإنقليزية والإعلاميّة.
. يتمّ إصلاحُ ورقة الاختبار باعتماد المعالجة
الآليّة. ويُخُّوَل للمترشّحين المقبولين في هذا الاختبار اجتياز اختبارات مرحلة
القبول النهائيّ.
ـ وتتضمّن مرحلة القبول
النّهائيّ اختباريْن: اختبارا كتابيّا تحريريّا و اختبارا شفويّا، أو تطبيقيّا،
أو محادثة مع أعضاء لجنة المناظرة.
ماذا يمكن أن نستخلص ممّا سبق ؟
يمكن أن نستخلص من القراءة
الأولى لما جاء به هذا الأمر ما يلي:
- إقرار اعتماد المناظرة بالاختبارات على مرحلتين: اختبارات القبول الأوّليّ و اختبارات القبول النّهائيّ، هذه الآلية الجديدة تذكّر بمناظرة الكفاءة لأستاذيّة التعليم الثانويّ التي توقف العملُ بها منذ أكثر من سنتيْن، و تُنْهي العمل بالآليات التي أقرّها القانون عدد 4 لسنة 2012 المؤرّخ في 22 جوان 2012 المتعلق بالأحكام الاستثنائيّة للانتداب في القطاع العموميّ.
- هذا الأمر أقر آلية انتداب أكثر انصافا و عدلا لأنّها تحترم مبدأ تكافؤ الفرص.
- أخيرا هذه الآلية ستُمكّن من انتخاب الأفضل كفاءة ( عدم القبول لا يعني بالضرورة عدم الكفاءة )
و ممّا يدعم هذا التوجه ما
تضمنه البلاغ [2] الصادر
عن وزارة التربية بتاريخ 26 جانفي 2014 و الذي يلحّ على هذه الأبعاد و يذكّر
بأمرين :
- مبادئ الموضوعية و الإنصاف و الشفافية و تكافؤ الفرص و الجدارة و الكفاءة.
- حقّ المؤسسة التعليميّة بصفة خاصّة و حقّ المجتمع بصفة عامّة في انتداب مدرسين مالكين للمعرف و الكفايات الأساسيّة .
وإنْ حمل
هذا الأمر في طيّاته إيجابيات ، فإنّه لم يحسم بعد مسألة تكوين المدرسين و انتدابهم التي تزال
مطروحة ، خاصة أنّ القوانين الأساسية للمدرسين في المستويين التعليميين أجازت عدة آليات للانتداب منها مثلا:
-
التسمية المباشرة[5]، من بين المترشّحين
المحرزين على شهادة بكالوريا التعليم الثانويّ
أو ما يعادلها، والذين تابعوا بنجاح حلقة تكوين تحضيريّة يقع ضبط مدّتها و
برامجها بمقرّر من وزير التربية، بالنّسبة إلى المعلمين.
-
المناظرة بالاختبارات أو الشهادات أو
بالملفات بالنسبة لأساتذة المدارس الابتدائية تفتح للمترشّحين المحرزين على الشهادة الوطنية
للإجازة والأستاذية.
إنّ وجود
هذه المسالك المختلفة قد تطرح بعض اللبس ، لأننا لا نعلم إن كانت الوزارة ستعتمد
مسلكا واحدا فقط وهو مسلك المناظرة بالاختبارات طبقا للأمر الجديد ، أم المسلكين ؟
مبدئيّا البلاغ المشار إليه أعلاه وضّح المسألة في انتظار صدور قرار تنظيم المناظرة
وقرار فتحها .
الخاتمة :
إنّ
انتداب المدرّسين، في بلادنا، يعاني من سنوات من أمريْن: أوّلهما تعدّد مسالكه،
المشرّع له بالنصوص القانونيّة الضّابطة للقوانين الأساسيّة لأسلاك المدرّسين،
وثانيهما غياب التكوين الخصوصيّ المؤهّل للمهنة، على قاعدة مرجعية مهنيّة تضبط
الكفايات العلميّة والتواصليّة والبيداغوجيّة.
ما دام
تعدّد مسالك الانتداب ممكنا، وما لم تحسم الوزارة مسألة التأهيل المعرفيّ
والصناعيّ للمدرّسين، قبل مباشرتهم للمهنة، يظلّ مشكل انتداب مدرّسين ذوي كفاءة
عالية، ومؤمنين برسالتهم التربويّة، مطروحا. وعلى السّلط العموميّة التربويّة أن
تولي هذه المسألة المصيريّة ما تستحقّ من الاهتمام، وأن تنظر فيها في أجل قريب،
بالتشاور مع أهل الذكر باعتبارها في نظرنا من الأولويات التي ليس قبلها أولوية.
تونس 31 جانفي 2014 ، هادي بوحوش و منجي عكروت
[4] الأمر عدد 2225 لسنة 2013 المؤرخ
في 3 جوان 2013 المتعلق بضبط النظام
الأساسي الخاصّ بسلك مدرّسي التعليم
الابتدائي العاملين بالمدارس الابتدائية.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire