نتائج
البحث حول المادة الاختيارية إنجاز مشروع
رصدنا من خلال
بحثنا الميداني، بعض المؤشرات الدالة على سعي سلطة الإشراف بوزارة التربية إلى
توظيف الدروس المستفادة من تجربة التعلمات الاختيارية ، فقد عملت الوزارة بمبدإ تطبيق التجربة
التجديدية على نطاق ضيق ولذلك لاحظنا محدودية الانتشار وقلة عدد
التلاميذ والمدرسين المعنيين بمادة إنجاز مشروع. يوضح الجدول عدد4 حول"الفرق
والتلاميذ بالمواد الاختيارية خلال السنة الدراسية 2006-2007 " قلة
عدد التلاميذ المسجلين في مادة إنجاز مشروع حيث بلغ هذا العدد ألفا واثنين
وأربعين(1042) تلميذا، لا تتجاوز نسبتهم الواحد بالمائة(0.84%) من جملة تلاميذ
الثالثة ثانوي المعنيين بالمواد الاختيارية:
الجدول عدد4: الفرق
والتلاميذ بالمواد الاختيارية خلال السنة الدراسية 2006-2007
المواد |
سنة
ثالثة تعليم ثانوي |
||
عدد
الفرق |
جملة
التلاميذ |
% |
|
الألمانية |
1527 |
29826 |
23.92 |
الإيطالية |
1603 |
34741 |
27.86 |
الإسبانية |
890 |
18693 |
15 |
الروسية |
47 |
743 |
0.60 |
الصينية |
69 |
976 |
0.78 |
تربية
تشكيلية |
1265 |
26226 |
21.03 |
تربية
موسيقية |
229 |
3417 |
2.74 |
دراسة
مشروع |
69 |
1042 |
0.84 |
رياضيات |
240 |
3809 |
3.05 |
علوم
الحياة والأرض |
318 |
5210 |
4.18 |
الجملة |
6257 |
124683 |
100 |
المصدر: الإحصاء
المدرسي. السنة الدراسية 2006/2007. مكتب الدراسات والتخطيط والبرمجة. وزارة
التربية.
ومن مظاهر الاستفادة من تجربة التعلمات الاختيارية أيضا
هو اعتماد عبارة "إنجاز مشروع" وهي تسمية دقيقة، واضحة وغير قابلة
للتأويل وذلك مقارنة "بالتعلمات الاختيارية" التي أثارت
جدلا في صفوف المدرسين وفُهمت على أنها اختيارية بالنسبة إلى التلميذ، في حين أنها
كانت مادة إجبارية، كما أن بعض المدرسين رفضوها بحجة أنها "اختيارية
طوعية لا يحق للإدارة إلزام أي مدرس بها" كما جاء في الفقرة الثانية من البيان النقابي حول
التعلمات الاختيارية الصادر بتاريخ 9 سبتمبر 2005.
ونضيف في سياق توفر الظروف الملائمة لانطلاقة ناجحة لمادة إنجاز مشروع - في مقابل غيابها في تجربة التعلمات الاختيارية- هو عدم تركيز نقابة المدرسين على معارضة هذا التجديد. تجنبا للصدام مع نقابة التعليم الثانوي وعدم تكرار ما حدث في تجربة التعلمات الاختيارية، كانت الوزارة حذرة في "تمرير مادة إنجاز مشروع". لم تنجز حملات إعلامية موجهة إلى التلاميذ ولا إلى المدرسين حول انطلاق العمل بمادة إنجاز مشروع قبل بداية السنة الدراسية 2006-2007. كما أنها لم تكلف إطار الإشراف البيداغوجي أو غيره بتأطير المدرسين في مادة إنجاز مشروع.
ومن العناصر
المنجزة من قبل وزارة التربية والهادفة إلى تأسيس هذا التجديد ودعمه هو الاهتمام
بالتكوين. في هذا الإطار– ولكن بعد حوالي سنتين من انطلاق العمل بالتجديد- تلقى
حوالي 2000 مدرس وحدة تكوينية حول مادة إنجاز مشروع دامت ثلاثة أيام بالمدارس
الصيفية الجهوية. وقد تم ذلك خلال بداية شهر جويلية 2008 بكل مركز من المراكز
الجهوية للتربية والتكوين المستمر بمختلف الجهات. لكن مثل هذا التكوين لم يتكرر في
السنتين اللاحقتين 2009و2010 وغابت مادة إنجاز مشروع تماما من حلقات التكوين
الوطنية والجهوية.
رغم المؤشرات الإيجابية
المذكورة ورغم كل الإجراءات التي قد تفيد بوجود نوايا طيبة،
لاحظنا بالتوازي مع ذلك وجود نقائص وتناقضات مع الواقع التربوي، مثلت عوائق جوهرية
أمام نجاح التجديدات المتصلة بمادة إنجاز مشروع، بل سجلنا عديد النتائج المنحرفة
وغير المتوقعة التي ظهرت في المؤسسة التعليمية، في سلوكات المدرسين وفي تصورات
التلاميذ وسلوكاتهم.
من خلال مقارنة عدد
التلاميذ المسجلين في مادة إنجاز مشروع خلال السنة الثالثة ثانوي وهو 1042
تلميذا، بعدد زملائهم المسجلين في مادة إنجاز مشروع في امتحان الباكالوريا 2008
وهو 1263 تلميذا، نستنتج وجود زيادة لا تقل عن 221 تلميذا[2]
هو عدد الذين لم يدرسوا المادة الاختيارية إنجاز مشروع خلال السنة الثالثة ثانوي
والتحقوا بها خلال السنة الرابعة ثانوي. يعني ذلك أن إدارات بعض المعاهد قد تجاوزت أحد التراتيب المنصوص عليها بالوثائق الرسمية المنظمة للمواد
الاختيارية[3]
، وسمحت لأكثر
من221 تلميذا بتغيير المادة الاختيارية خلال السنة الرابعة ثانوي، وهذا يعتبر جزء من الظروف غير المهيئة لنجاح هذا التجديد البيداغوجي.
لاحظنا تميز جهة صفاقس بارتفاع نسبة التلاميذ "الذين
اختاروا" إنجاز مشروع كمادة اختيارية(537 على جملة 1263 المسجلين في امتحان
باكالوريا2008) فوجّهنا البحث إلى التساؤل عن الخصوصيات والأسباب الكامنة وراء
ذلك، ولكن لمّا زرنا جهة صفاقس يوم 18 فيفري 2008
تبين لنا أن المسألة لا تتعلق بخصوصيات سوسيولوجية أو ثقافية قد تتطلب
الدراسة والبحث، بقدر ما ترتبط بأمور إجرائية. لقد اكتشفنا أن الأمر يتعلق بخطوات
قامت بها الإدارة لمواجهة النقص في بقية المواد الاختيارية وخاصة اللغات الأجنبية
الثالثة، وكذلك لإتمام الساعات الناقصة في جداول أوقات المدرسين. يتضمن الجدول
عدد5 المعاهد التي وجدت بها "مادة إنجاز مشروع" بجهة صفاقس:
الجدول
عدد5: توزيع تلاميذ الباكالوريا الذين
"اختاروا" إنجاز مشروع كمادة اختيارية حسب المعاهد بجهة صفاقس (2008)
ع/ر |
المعهد |
العدد |
% |
1 |
18 جانفي بجبنيانة |
155 |
28,86 |
2 |
الحزق |
34 |
46,3 |
3 |
7نوفمبر بئر علي بن خليفة |
48 |
38,9 |
4 |
العهد الجديد بالصخيرة |
199 |
637,0 |
5 |
الغريبة |
50 |
19,3 |
6 |
المعهد الخاص ابن خلدون بجبنيانة |
14 |
2,60 |
7 |
المعهد الخاص الرسالة بجبنيانة |
2 |
80,3 |
8 |
المعهد الخاص علي بن خليفة ببئر علي بن خليفة |
26 |
54,8 |
9 |
المعهد الخاص المستقبل بالصخيرة |
9 |
1,67 |
|
المجموع |
537 |
100,00 |
المصدر: المندوبية
الجهوية للتربية بصفاقس الإدارة الفرعية للتقييم والامتحانات
يبيّن الجدول عدد5 أن
بداية مادة إنجاز مشروع قد تمت في معاهد تنتمي في أغلبها إلى وسط ريفي أو قروي أو شبه حضري تنقصه كثير من المرافق الأساسية. ونلاحظ حسب الجدول نفسه عدم
وجود أي معهد يقع بمدينة صفاقس. ويمكن تصنيف أغلب المعاهد
المذكورة بالجدول أعلاه من حيث نتائجها وظروفها العامة "دون المتوسط
الوطني"، بل يمكن اعتبارها حسب المعايير المعتمدة في تصنيف وزارة التربية
للمدارس الابتدائية والإعدادية ضمن "المؤسسات ذات الأولوية التربوية"،
فنتائجها في امتحان الباكالوريا في أغلبها أقل من المعدل
الوطني كما أن جزءا منها معاهد خاصة ينتسب إليها عادة التلاميذ المرفوتون من
المعاهد العمومية.
ولعل
أبرز ظاهرة "منحرفة" كشف عنها البحث انطلاقا من الإحصائيات الرسمية
لوزارتي التربية والتعليم العالي ومن خلال الملاحظات الميدانية والمقابلات الفردية
والبؤرية التي أنجزناها، هي "ظاهرة تضخم الأعداد المتميزة التي تحصل
عليها التلاميذ في "اختبارات"
مادة إنجاز مشروع سواء خلال السنة الدراسية أو في امتحان الباكالوريا وذلك رغم
كثرة غيابات التلاميذ عن حصص مادة إنجاز مشروع وعدم إنجاز أغلبهم لمشاريع حقيقية
تتماشى مع الأعداد المتحصل عليها. كشفت نتائج البحث أن الظاهرة المذكورة لا
تتأثر بنوع الباكالوريا، فهي موجودة مع كل الشعب الدراسية، كما أنها لا تتأثر بسنة
الامتحان، إذ نلاحظها في باكالوريا 2008 وكذلك في باكالوريا2009. وهي لا تتأثر
أيضا بمتغير النجاح أو الفشل في امتحان الباكالوريا، فجميع التلاميذ يحصلون على
أعداد متميزة في مادة إنجاز مشروع سواء كانوا من الناجحين في نيل شهادة
الباكالوريا أو من الفاشلين في ذلك.
كشفت لنا إحدى المدرسات المكلفات بالمادة،
أنها خضعت لضغوط من الإدارة من أجل تحسين الأعداد التي أسندتها لتلاميذها في نهاية
الثلاثي الأول للسنة الدراسية 2008/2009 حيث قالت:
"
كلفني المدير بمادة إنجاز مشروع... ولأنني لم أتلق تكوينا مسبقا فقد وجدت صعوبة في
تأطير مجموعة تتكون من 16 تلميذا
في مستوى الثالثة ثانوي وانتهى الثلاثي الأول دون أن يتفق التلاميذ على اختيار المشاريع
وتكوين المجموعات الفرعية. وكنت مدعوة إلى إسناد عدد لكل تلميذ يحتسب في معدله
الثلاثي العام، فقمت بإسناد أعداد تتراوح بين 10 و12 من 20 حسب تقديري الشخصي لمدى جدية التلاميذ ومواظبتهم على حضور الحصة الأسبوعية
واعتبرت نفسي مبالغة في مجاملتهم، لكنني فوجئت بلوم إدارة المعهد التي "استغربت" من هذه
الأعداد "الهزيلة" وقال لي المدير حرفيا" (بالعامية التونسية): "عاد كان قعدوا في
الإيطالية خير".
وتبين
الرسوم البيانية التالية ارتفاع نسبة
الأعداد بين 16و20 التي تحصل عليها التلاميذ في مادة إنجاز مشروع في
امتحاني الباكالوريا 2008 و2009 وذلك مقارنة بجميع النسب الواصفة لنتائج التلاميذ
في المواد الاختيارية الأخرى سواء بالنسبة للمشاركين في الباكالوريا أو الناجحين
فيها:
الرسم البياني عدد1: نسب تفاوت أعداد المواد الاختياريةبين16و 20 من 20 عند
التلاميذ المشاركين في باكالوريا2008 و
2009
المصدر: الإدارة العامة للامتحانات بوزارة التربية
الرسم البياني عدد2: نسب تفاوت أعداد المواد الاختياريةبين16و20 من 20 عند
التلاميذ الناجحين في باكالوريا 2008 و
بكالوريا 2009
المصدر: إدارة الإعلام والتوجيه الجامعي بوزارة التعليم العالي
انطلاقا من النسب المعروضة بالرسوم البيانية أعلاه يمكن القول أن
"إنجاز مشروع" صارت أكثر المواد
الاختيارية "جلبا للعدد المتميز" و"الأسهل" حسب تصور التلاميذ
لها. جاء على لسان أحد التلاميذ أثناء إحدى الحملات الإعلامية التي ننجزها
بالمعاهد قوله: "إن أحسن مادة
اختيارية هي مادة إنجاز مشروع... فالتلميذ لا يفعل شيئا خلال كامل السنة ويحصل على
18 من 20 في الامتحان النهائي".
يكرر الناجحون في الباكالويا كل سنة مثل هذه
العبارة، وتصل إلى جزء من تلاميذ أقسام الثانية ثانوي فتؤثر على صلتهم بالمواد
الاختيارية.
في السياق ذاته، لاحظنا ميدانيا تزايدا
مطردا في طلبات التلاميذ في بداية كل سنة دراسية تغيير مادتهم الاختيارية من إحدى اللغات
الأجنبية الثالثة إلى مادة إنجاز مشروع. وتأتي
هذه الطلبات من تلاميذ مستوى الثالثة ثانوي وكذلك الرابعة ثانوي. من الناحية المبدئية
والقانونية، واستنادا إلى التراتيب المنظمة للمواد الاختيارية، يجب رفض تلك
الطلبات، لكن في مجال الممارسة والتطبيق، لاحظنا عدة مظاهر لعدم احترام هذا المبدإ
من قبل إدارات المؤسسات التربوية.
ومن الآثار الواضحة أيضا لظاهرة
تضخم الأعداد المتميزة في مادة إنجاز مشروع هو التزايد المطرد في نسب التلاميذ
الذين يقبلون على هذه المادة من سنة إلى أخرى في نهاية السنة الثانية ثانوي.
بالنسبة إلى تلاميذ الثالثة ثانوي فقد تطورت هذه النسبة من
0.84% خلال السنة الأولى للتجربة إلى 2.63% في السنة الموالية ثم إلى 3.45%
خلال السنة الدراسية 2008/2009، لتبلغ نسبة 5,27 % خلال السنة الدراسية2009/2010.
رغم هذا التزايد المطرد فهي تبقى نسبا ضئيلة جدا
مقارنة بنسب التلاميذ المسجّلين في مواد اختيارية أخرى مثل اللغة الإيطالية
أواللغة الألمانية أو اللغة الإسبانية أو التربية التشكيلية. تجدر الإشارة إلى
أن عدد المعاهد التي تتواجد بها مادة إنجاز مشروع قد بلغ 123 معهدا من جملة
470 معهدا في كامل الجمهورية التونسية (24,95%) وذلك حسب الإحصائيات
الرسمية للسنة الدراسية 008/2009.
نضيف أيضا إلى الخصائص
المميزة لواقع مادة إنجاز مشروع ما يتعلق بواقع تنظيم التلاميذ في الفرق
والمجموعات. فالوثيقة البيداغوجية حول مادة إنجاز مشروع لم تحدد بدقة عدد التلاميذ
في كل فوج ولا في كل مجموعة، كما فعلت ذلك الوثيقة البيداغوجية للتعلمات الاختيارية.
ولعلّ القصد من ذلك توخي المرونة والتنوع وترك المجال مفتوحا أمام المدرسين وإدارة المعهد للاجتهاد. غير أن المعطيات المجمعة من الميدان كشفت عن بعض النتائج المنحرفة التي كانت محل تذمر من المدرسين. لقد لاحظنا من
متابعتنا الميدانية أن التمييز غير واضح لدى المدرسين بين الفوج والمجموعة كما
لاحظنا وجود تفاوت في عدد الأفواج داخل المجموعة أو الفريق واختلاف عدد التلاميذ
في المشروع الواحد وعدد المشاريع المؤطرة
في كل مجموعة وما يعنيه كل ذلك من تفاوت كبير في المجهود المطلوب من المدرس في
عملية التأطير. لقد مثّل هذا التفاوت مصدرا للتذمر و"الشعور
بالتمييز والضيم" عبّر
لنا عنه المدرسون المكلفون بتأطير المجموعات المكتظة عند اطلاعهم على تجارب زملائهم المشرفين
على فرق عمل ذات عدد قليل من التلاميذ. وقد تم ذلك خلال
المقابلات البؤرية المجراة في إطار الدراسة الحالية
(أجرينا مقابلتين بجهة المهدية ومقابلة واحدة بجهة زغوان). ويشهد الجدول التالي
الخاص بجهة صفاقس على حقيقة التفاوت المذكور:
الجدول
عدد6: توزيع عدد التلاميذ في المشروع الواحد بمعاهد
جهة صفاقس في باكالوريا2008
عدد
التلاميذ في المشروع الواحد |
التكرار |
% |
تلميذ واحد |
21 |
20,8 |
تلميذان |
16 |
15,84 |
3
تلاميذ |
13 |
12,87 |
4
تلاميذ |
20 |
19,8 |
5
تلاميذ |
9 |
8,91 |
6
تلاميذ |
4 |
3,96 |
7
تلاميذ فأكثر |
18 |
17,82 |
جملة المشاريع |
101 |
100 |
المصدر: المندوبية الجهوية للتربية
بصفاقس الإدارة الفرعية للتقييم والامتحانات.
يتبين من
الجدول عدد 6 أعلاه وجود اختلاف في عدد
التلاميذ في المشروع الواحد من تلميذ واحد
-وقد تكرر ذلك في أكثر من خُمُس المشاريع المنجزة
بكامل الجهة- إلى أكثر من سبعة تلاميذ
(وتكرر ذلك في 18 مشروع ) ووجدنا في بعض
الحالات 20 تلميذا يشاركون في إنجاز المشروع نفسه.
لا بد من
التذكير هنا أن السماح للتلاميذ بإنجاز مشاريع بمفردهم(21 حالة) أو بصفة
ثنائية(16حالة) يتضمن تناقضا مع أحد المبادئ
الأساسية التي تقوم عليها مادة إنجاز مشروع وهو التدريب على العمل الجماعي. وسواء
كان ذلك السلوك بسبب الجهل لهذا المبدإ أو
خرقا له، فهو سلوك مخالف لتوقعات الوزارة ويمثل عائقا أساسيا أمام نجاح التجديد.
ويلخص الجدول عدد7 أهم مظاهر
التناقض بين توقعات الوزارة وواقع التجربة المميزة لمادة إنجاز مشروع:
الجدول
عدد7: تجربة مادة إنجاز مشروع بين توقعات وزارة التربية والنتائج المنحرفة
توقعات الوزارة |
النتائج المنحرفة لتجربة مادة إنجاز مشروع |
- "إعداد التلميذ للتعامل مع أنشطة البحث العلمي والمعرفي
التي سيخوض غمارها في مرحلة التعليم العالي" - تنمية روح
المبادرة لدى التلميذ - تدريبه على البحث عن المعلومة - تعميق
تكوينه في
حقل من حقول المعرفة يختاره بنفسه. - تكريس مبدإ
"التعامل الإيجابيّ مع تنوّع ملامح التلاميذ وعدم تجانسهم". - استخدام المدرسين لطرق جديدة في
التنشيط وتمشيات بيداغوجية غير مألوفة في النمط التقليدي السائد: 1.
العمل
الجماعي، 2.
التفتح
على المحيط، 3.
إدماج تكنولوجيات المعلومات
والاتصال في التعلم، 4.
تكثيف التعاون والتكامل بين المدرسين
من مواد دراسية متنوعة...(تجسيما لمبدإ بينية الاختصاصات) |
-
غياب المتابعة أو التأطير الرسمي والمرافقة للمدرسين -
عدم إنجاز
الأستاذ لتوزيع سنوي للأنشطة المبرمجة وعدم مواظبته على مسك دفتر المتابعة -
عدم توفر
سجل المتابعة الخاص بالتلميذ -
غياب المبادرات الفردية من التلاميذ
والمدرسين، -
احتكار بعض
التلاميذ للأنشطة والمهام وتواكل البعض الآخر(إهمال مبدإ العمل الجماعي) -
عدم احترام التوقيت المخصص للمادة
وكثرة
الغيابات من التلاميذ والمدرسين(مساهمة التجديد في نقص الانضباط بالمعهد) -
إكراه التلاميذ على قبول مادة إنجاز
مشروع وعدم احترام مبدأ حرية الاختيار
-
توظيف سلبي للانترنت(نقل أعمال
جاهزة)، -
عدم توظيف خصوصيات
الجهة، غياب أنشطة خارج قاعة الفصل، غياب التعاون مع أطراف من خارج المعهد...(عدم تجسيم مبدأ
التفتح على المحيط) -
الاتجاه نحو مزيد من الانغلاق بين
المواد الدراسية نتيجة شعور المدرسين بالعجز عن الاستجابة لمتطلبات مادة إنجاز
مشروع.(عدم احترام مبدإ تداخل
المواد الدراسية وتكاملها) -
تدهور المستوى العام للتلاميذ
المسجلين بمادة إنجاز مشروع وحصولهم على أعداد جد متميزة في امتحان الباكالوريا
دون وجود مشاريع حقيقية وما يخلفه ذلك من الآثار السلبية على مكانة المواد
الاختيارية الأخرى في أوساط التلاميذ وعلى صلة التلاميذ بالمعرفة عموما: مقارنة
بأعداد التلاميذ في بقية المواد الاختيارية تأتي مادة إنجاز مشروع في المرتبة
الأولى من حيث ما يتحصل عليه التلاميذ من اعداد متميزة جدا في الباكالوريا دون
استحقاق لتلك الأعداد: وجدنا أن أكثر من 80% من التلاميذ الناجحين في
الباكالوريا الذين اختاروا مادة إنجاز مشروع قد تحصلوا على أعداد تتجاوز 16من 20
في هذه المادة في امتحان الباكالوريا بينما كانت هذه النسبة ضئيلة جدا في مواد
اختيارية مثل الرياضيات أو علوم الحياة والأرض (أقل من 1% ) وفي
الألمانية أو الإيطالية(أقل من 7%) -
"إن أحسن مادة
اختيارية هي مادة إنجاز مشروع... فالتلميذ لا ينجز شيئا خلال كامل السنة ويحصل
على 18 من 20 في الامتحان النهائي". قولة لأحد التلاميذ تلخص التصور السائد
حول المادة الاختيارية إنجاز مشروع. -
تعرض
المدرسين لضغط زملائهم الرافضين لتجديدات الوزارة وشعورهم بالحيرة والقلق
والانزعاج أمام غياب التأطير. -
أفرزت
التجربة التي عاشها المدرسون مع مادة إنجاز مشروع عزوفا عن الانخراط في أي تجديد
آخر تقترحه وزارة التربية. |
الخاتمة
انطلق العمل بتجربة
التعلمات الاختيارية في أكتوبر 2003، وبعد أقل من ثلاث سنوات أصدرت وزارة التربية
قرارا بإنهاء العمل بها وذلك في مارس 2006. وهذا يعبّر في حد ذاته عن اعتراف من
الوزارة بأنها قد تسرعت في إرسائه. بالنسبة إلى المادة الاختيارية إنجاز مشروع، فرغم
محاولة سلطة الإشراف توظيف الدروس المستفادة من تجربة التعلمات
الاختيارية، ورغم ما رصدناه من "توافقات مبدئية" لاتجاهات المدرسين مع
الأهداف والتمشيات المنشودة من هذا التجديد البيداغوجي، إلا أننا وجدنا في الواقع
عديد النتائج المنحرفة التي تدفع إلى الإقرار بفشل الوزارة في إرساء هذا
التجديد أيضا.
قد ساهمت عدة عوامل في تهميش هذين التجديدين وتعطيل التجسيم الفعلي لما فيهما من أهداف جميلة
وتمشيات رائدة. تتصل العوامل المذكورة بخصائص التجديد نفسه، بأسلوب الوزارة في
إرسائه، بالموقف النقابي منه، بالمحيط الاجتماعي والثقافي والسياسي، بظروف عمل
المدرسين وبتفاعلات هؤلاء وتطور اتجاهاتهم إزاء التجديد المقترح.
في تقييمه لتجربة التعلمات الاختيارية، لخص أحد المشاركين في البحث– صاحب السيرة
الحياتية عدد9 – برهان، رأيه كالتالي: "فجأة أسقطت الوزارة تجربة فيها الكثير
من الخيال والمرونة...على واقع ظل لسنوات طويلة يتصف بغلبة الآلية والنظام
والانضباط الحرفي للنصوص والقوانين...")الشيخ الزوالي 2014 ).
في انتظار الإعداد المتأني للإصلاح
التربوي الشامل، يحتاج النظام التربوي الراهن في تونس، إلى بعض الإجراءات
والقرارات العاجلة والإصلاحات الجزئية، التي من شأنها أن تصحح من بعض سلبيات
الأوضاع الراهنة ومن مظاهر الخلل التي تميز العديد من مكوناته الفرعية وعملياته
ومخرجاته. ولعله في هذا السياق قد صدرت المذكرة عدد167 بتاريخ 8 شهر جانفي 2015 عن
الإدارة العامة للمرحلة الإعدادية والتعليم الثانوي، موجهة إلى السادة المندوبين
الجهويين للتربية تدعوهم فيها إلى "تنظيم يوم تقييمي حول المادة الاختيارية
إنجاز مشروع، يدعى لحضوره متفقدون
بيداغوجيون، مديرو معاهد، أساتذة، مستشارون في الإعلام والتوجيه المدرسي والجامعي،
تلاميذ، قصد تشخيص واقع هذه المادة وتقديم المقترحات وإبداء الرأي حول الإبقاء
عليها أو الاستغناء عنها ابتداء من السنة الدراسية 2015/2016."
نأمل أن تساعد المعطيات الواردة في هذه
الدراسة على تكوين رأي دقيق ومعمق حول المادة الاختيارية إنجاز مشروع وتفيد التلاميذ
والمدرسين وإطار الإشراف الإداري والبيداغوجي ومختلف الأطراف الفاعلة بوزارة
التربية في اتخاذ القرار الملائم حول مصير هذه المادة.
نضيف أخيرا وحسب المعطيات
الراهنة لواقع مادة إنجاز مشروع أن النتائج المنحرفة قد استفحلت اليوم أكثر مما كانت عليه عند إجراء بحثنا. لقد تضاعف عدد التلاميذ
المسجلين في مادة إنجاز مشروع من 1263 تلميذا (نسبة 1.26 %) عند بدايتها مع باكالوريا 2008 ليبلغ العدد 19056
تلميذا في امتحان باكالوريا 2014 ( أي بنسبة 13.25% من جملة المترشحين لهذا الامتحان) في حين تراجع عدد التلاميذ المسجلين
في مادة الألمانية مثلا من 23030
تلميذا في باكالوريا 2008 (نسبة 22.98 %) إلى 19036 تلميذا في
باكالوريا 2014 أي بنسبة 13.24% وهي
النسبة نفسها تقريبا التي صارت تحظى بها مادة إنجاز مشروع. وفي حين بلغ المتحصلون
على عدد يفوق 10/20 في الألمانية في امتحان الباكالوريا 2014، 6724 تلميذا (نسبة
35.32 %)، كان نظير هذا العدد في مادة
إنجاز مشروع 18043 تلميذا (أي بنسبة 94.68%)، مع العلم أنه عادة ما تُختار اللغة الألمانية من قبل أفضل
التلاميذ من حيث النتائج الدراسية. من المتوقع إذن بعد سنوات قليلة أن تصبح مادة إنجاز
مشروع في المرتبة الأولى كأهم مادة اختيارية إذا تواصل نسق التطور السنوي في أعداد
التلاميذ المسجلين فيها وسيكون ذلك على حساب التراجع في اختيار التلاميذ لإحدى
اللغات الأجنبية الثالثة... والسبب كما يردد أغلب التلاميذ " لا تفعل شيئا
وتحصل على أحسن الأعداد"..وحسب ما يتردد بالوسط المدرسي فإن المشاريع صارت تُباع
وتُشترى وتنتقل من تلميذ إلى آخر وتتكرر المشاريع نفسها كل سنة وتتدخل أطراف لا
علاقة لها بالمؤسسة التربوية في تقديم خدماتها وإبرام صفقاتها التجارية...
انتهى
البحث – للعودة إلى الجزء الأول اضغط هنا و إلى الجزء الثاني اضغط هنا إلى الجزءالثالث اضغط هنا .
مصطفى الشيخ الزوّالي ، مستشار عام في
الإعلام والتوجيه المدرسي والجامعي/تونس
للاطلاع على النسخةالفرنسية – اضغط هنا
[1] هذه الدراسة
منشورة بالعدد 264 من مجلة الحياة الثقافية (أكتوبر 2015).
[2] لم نأخذ في الاعتبار عدد الراسبين بالسنة
الثالثة ثانوي من جملة 1042 تلميذا والذي يجب طرحه من هذا المجموع، إضافة
إلى عدم وجود تلاميذ راسبين بالسنة الرابعة مسجلين بمادة إنجاز مشروع.
[3] في نهاية السنة
الثانية ثانوي يعمر كل تلميذ قصاصة يعبر فيها عن رغبته في إحدى المواد الاختيارية
المتوفرة بالمعهد ويذكر التزامه بدراستها وعدم التراجع عنها لأي سبب من الأسباب
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire