lundi 3 mars 2014

تاريخ العُطل الدّراسيّة بمؤسّسات التعليم التونسيّ من تأسيس القيروان إلى مطلعَ الاستقلال

توطئة

 لم تعد تفصلنا عن عطلة الثلاثي الثاني سوى بضعة أيام. وبهذه المناسبة، أردنا أن نخصّص لمحة هذا الأسبوع للحديث عن العطلة المدرسيّة في بلادنا، من الزاوية التاريخيّة، فنحاول التعرّف إلى نشأتها وتطوّرها.
تُمَثّلُ العطل المدّرسية مكوّنا من مكوّنات المنظومة التعليميّة والتكوينيّة، فهي التي تنظّم الزّمن المدرسي الأسبوعيّ من خلال العطلة  أو العطل الأسبوعيّة، وهي التي تضبط إيقاع زمن السنة الدراسيّة  بواسطة عطل قصيرة أو متوسّطة الطول ، وهي  أيضا تتوّج الحصاد الدّراسيّ السّنويّ بعطلة الصّيف، التي تربط بين عام دراسيّ منقض  وآخر جديد.
يعود نظام العطل المدرسيّة في البلاد التونسيّة إلى زمن بعيد، إذ بدأ في التشكّل منذ ظهور أولى الكتاتيب في بلادنا، وعرف تطوّرا ت متعاقبة.
فكيف كان نظامُ العطل في بدايته؟ وماهي أبرزُ التطوّرات التي عرفها من بدايته إلى مطلع الاستقلال؟
I – موجز عن مكوّنات النظام التربويّ قبل انتصاب الحماية الفرنسيّة
قبل انتصاب الحماية الفرنسيّة على الإيّالة التونسيّة، سنة1881، كانت المؤسّسات التعليميّة والتكوينيّة القائمة بالبلاد التونسيّة تصنّف، عموما، على النّحو التالي:
·        التعليم العسكريّ مُجسَّما في " المكتب الحربيّ" بباردو، أنشأه أحمد باشا سنة 1838م، وانطلق نشاطه الفعليّ سنة 1840م، وعُهدَ إليه التكوينَ والتدريبَ على مختلف فنون الحرب، وانتدب له مختصّون فرنسيّون وإيطاليّون، إلى جانب المشايخ من التونسيّين، لتخريج الضبّاط والفنّيين الذين يحتاجهم الجيشُ التونسيّ، آنذاك.
·         التعليم الدّينيّ، وله درجتان اثنتان :
-          إحداهما التعليم الابتدائيّ، ويسمّى التأديب، والقائم به المؤدّب والمعلّم، وهو التعليم الذي يتلقى فيه الصّبيّ حروفَ الهجاء والكتابة بالتدريج، ويُلقنُ سُوَر القرآن القصيرة، وتسمّى المحالّ التي يجري بها هذا الضّرب من التعليم الكتّاب (جمع كتاتيب) والمَكْتب (جمع مَكاتب).
-         والدّرجة الثانية، التعليم فوق الابتدائيّ، ويجري بالمدارس والمساجد والجوامع وبخاصّة جامع الزيتونة بالحاضرة، وهو يعادل مرحلة التعليم الثانويّ ومرحلة التعليم العالي معا، وتدرّس فيه كتبُ العلوم الدينيّة واللغويّة والأدبيّة بشروح وحواش[1].
ويبدو أنّ التعليم الابتدائيّ كان محدودَ الجدوى، إذ لا يفيد منه، حسب تقارير قوّاد[2] المناطق سنة 1875 م، سوى 14.000 تلميذ ينضوُون في 580 فضاء للتدريس، كلّها من صنف الكتاتيب، بمعدّل 24 تلميذا للمؤسّسة الواحدة، مع نقص فادح بمناطق شمال البلاد وغربها. وفي هذه الكتاتيبُ يعلمُ الصّبيانَ مؤدّبون دون مؤهّلات، ممّا حدا بالدولة زمن الحماية-إدارة العلوم والمعارف-إلى تخصيص مدرسة لـتأهيل المؤدّبين، هي المدرسة العصفوريّة، قرب الجامع الأعظم، سنة 1312 هجريّا الموافق ل:1894 ميلاديّا.
·        تعليم الجاليات الأجنبيّة، ويشمل مدارس الجالية اليهوديّة، ومدارس البعثات التبشيريّة المسيحيّة على مختلف مذاهبها وطوائفها، ومدارس الجالية الإيطاليّة والمالطيّة، وهو تعليم موجّه إلى أبناء تلك الجاليات. وتعدّ هذه المؤسّسات مدارس خاصّة، أو حُرّة.
·        التعليم الصّادقيّ، تجسّمه المدرسة الصادقيّة بتونس الحاضرة، وهي مؤسّسة تعليميّة أنشأها الصّادق باي سنة 1875م، وأشرف على تركيزها الوزيرُ خير الدين باشا، وعُهد إليها بتكوين النخبة التونسيّة، بإدراج اللغات الأجنبيّة والعلوم العصريّة والدنيويّة في المناهج الدراسيّة، إلى جانب التكوين الدينيّ والشرعيّ الجاري بالجامع الأعظم وفروعه المنتشرة في داخل البلاد.
 II  -جذور نظامُ العُطل المدرسيّة
بالرّغم من أهمّية مكوّن نظام العطل، باعتباره المُوَقع لما يسمّى اليوم " الزّمنَ المدرسيّ"، أو " أنساق التعلّم"، فإنّ الحصول على معطيات دقيقة عن نظام العطل الدّراسيّة ليس بالأمر المتيسّر دائما. وما نظفر به منها في ثنايا بعض التآليف والبحوث لا يتعدّى إشارات وجيزة، لا تسمح، مع الأسف، بأن يستخلص منها الباحث صورة واضحة المعالم عن المسألة. لذلك سنقتصر على المسائل التي وجدنا ما يؤيّدها فيما بين أيدينا من وثائق.
1.     العطل بالكتاتيب
·        الزّمن المدرسيّ اليوميّ: حصتان في اليوم

بحسب ما أورده الشيخُ محمّد الطاهر ابن عاشور، في تأليفه " أليسَ الصّبحُ بقريب؟"، يبدو، من الناحية التاريخيّة، أنّ الخليفة الرّاشدَ الثاني، عمرَ ابنَ الخطّاب، هو " أوّل من جمع الصّبيان في المَكْتب[3]، وأقام عامرَ بن عبد الله الخزاعيّ ليلازمهم للتعليم، وجعل له رزقا من بيت المال، وأمره أن يجلس للتعليم، بعد صلاة الصّبح إلى الضحى العالي، ومن صلاة الظهر إلى صلاة العصر، ويستريحون بقيّة النهار". (ص 55)
 وبذلك يكون الخليفة عمر هو منْ ضبط الزمن المدرسيّ اليوميّ الذي كان يتكوّن من حصّتين: الأولى صباحيّة، والثانية بعد الظهر، تفصلهما استراحة في منتصف النهار.   والملاحظ أنّ هذا الايقاع اليوميّ كان مرتبطا ارتباطا وثيقا بمواقيت أداء الصّلاة، ويمكن أن نقول إنّ الزّمن المدرسيّ، في المجتمعات الإسلاميّة عموما، مرتبط، منذ البدء، بزمن أداء إحدى الفرائض الدّينيّة، أعني فريضة الصّلاة، وسيظلّ أثرُ هذا بائنا، حتّى فيما يتعلق بالعطل الدراسيّة.
·        الزّمن المدرسيّ والرّاحة الأسبوعيّة
 تشيرُ المراجعُ إلى أنّ الخليفة ذاته، عمرَ بنَ الخطّاب، هو الذي رتّب للصّبيان بمكاتب المدينة " الاستراحة الأسبوعيّة، فجعلها يوميْ الخميس والجمعة من كلّ أسبوع[4]".
جرى هذا الترتيبُ بسائر مَحالّ تعليم الصّبيان، إلاّ أنّنا، وإنْ كنّا لاحظنا إجماعا على " بطالة (3) الصّبيان يوم الجمعة-في القرن الرّابع الهجريّ/ العاشر ميلاديّا، بإفريقيّة-فإنّ استراحة يوم الخميس كاملا لم تكنْ محلّ إجماع.
فقد أورد أبو الحسن القابسيّ الذي عاش في القرن الرّابع للهجرة/ العاشر للميلاد-في مِؤلفه الذي خصّصه للتعليم والتربية" الرّسالة المفصّلة[5]، «أنّ إباحة تخلية الصّبيان يوم الخميس جزئيّا، إنْ كان عرفا، فهو مقبول." أمّا تخليتهم يوم الخميس كلّه فهذا بعيد". وقد برّر المؤلف ذلك ببرنامج العمل الذي يسير عليه التعليم آنذاك، ذلك " أنّ دراسة الصّبيان لأحزابهم وعرضَهم إيّاها على معلّميهم يكون في عشيّ يوم الأربعاء، وغدوّ يوم الخميس، إلى وقت الكتابة، والتخايرُ (أي التسابق في العلم) إلى قبل انقلابهم نصفَ النّهار، ثمّ يعودون بعد صلاة الظهر للكتّاب، والخيارُ إلى صلاة العصر. ثمّ ينصرفون إلى يوم السبت، يبكّرون فيه إلى معلّميهم."
ويرى أبو الحسَن القابسيّ أنّ هذا الترتيب للرّاحة الأسبوعيّة " حسنٌ نافعٌ، رفيقٌ بالصّبيان وبالمعلمين، لا شطط فيه[6].
·        راحة العيدَيْن: ثمانية أيّام
أورد القابسي عن ابن سَحنونَ أنّ  عُطل الأعياد[7]: " ثلاثة أيّام في الفطر: يوما قبل العيد، ويومَ العيد، فيَوْم ثانيه. وخمْسَة أيّام في الأضحى: يوم قبلَ النَّحْر، وثلاثة أيّام النّحر، واليوم الرّابع هو آخر أيّام التشريق [8](،ثمّ يعودون إلى معلميهم في اليوم الخامس من يوم النّحر". ويعلّق أبو الحسَن القابسيّ على هذا النسق بقوله: " وهذا وسَط في الرّفق."[9]
·        راحة الختم يوم واحد
هي راحة غير محدّدة في الزّمن، ولا تهمّ جميع التلاميذ، وكانت تمنح للأطفال عندما يختمون قراءة القرآن وحفظه، ومدّتها يومٌ، و "لا يمكن للمعلم أن يوسّع على الصّبيان في هذه الرّاحة، إلاّ أن يأذن آباؤهم لهم بذلك".
تلك هي العطل والراحات المدرسيّة الخاصّة بالكتاتيب، كما وردت في كتب القدامى. وعند مقارنتها بالوضع الحالي، نلاحظ:
·         غياب أعياد إسلاميّة مثل المولد النبويّ الشريف، ويوم عاشوراء وغيرهما، 
·        غياب الإشارة إلى العطلة الصيفيّة الكبرى.
2.     العُطل بالجامع الأعظم
·        العطل في زمن الإمام ابن عرفة (القرن 8ه/ 14 م)
تعترضُنا في كتاب " أليس الصّبح بقريب؟" فقرة وجيزة عن الإمام ابن عرفة المتوَفى سنة 803 للهجرة/ 1401 ميلاديّا، مفادُها أنّه "كان يترك الدرسَ أربعين يوما في الصّيف وأربعين يوما في الشتاء". ومن ذلك،  يمكن أن نستنتج ّبأنّ العطلة عن التدريس تستغرق عنده 80 يوما سنويّا، وإنْ كنّا لا نعرف بالضّبط مواعيدَ انطلاقها ومواعيدَ انتهائها، و إن كان هذا الإجراء خاصّ بالشيخ ابن عرفة أم انّه يشمل جميع الدروس.  
 يُعلق ابنَ عاشور على هذه الرّاحة بتقديم تصوّر طريف لمفهوم العطلة. فليست العطلة في نظره انصرافا كلّيّا عن التعلّم، وإنّما على التلامذة أن يعمروها بتقسيم حسَن في مطالعة الكتب التي لا يجدون في مدّة الدراسة وقتا لمطالعتها، وفي الاشتغال بأسباب الرّياضات البدنيّة التي تقلّ في وقت التعليم، من المشي والرّكوب." وإذا كانوا من التلامذة المرتقين، أمكنَهم أن يشتغلوا بمُسامرات أدبيّة وعلميّة في نواديهم، وبتحرير مقالات ومجادلات بينهم، ليكتسبوا صناعة التحرير، ويعتادوا الاجتماع والتنظيم"[10].
·        إصلاحات القرن التاسع عشر غيّبت نظام العطل
شهد نظام التعليم بجامع الزيتونة إصلاحات[11] عديدة في النصف الثاني من القرن التاسع عشر. وعلى الرّغم من أنّ هذه الإصلاحات شملت جوانب عديدة من المنظومة التعليميّة، مثل البرامج والعلوم الواجبُ تدريسها، والكتب المعتمدة بحسب مستوى المتعلمين، وانتداب المدرّسين، ونظام الامتحانات والمناظرات، والمراقبة العامّة والتفقّد، فإنّ الشيخ محمّد الطاهر ابن عاشور يشتكي من إغفال مسائل مهمّة أخرى وعدم شمولها بالإصلاح، ومن هذه المسائل مسألة العطل المدرسيّة، يقول الشيخ: " وقد كان أمر الرّاحة الصّيفيّة مغفولا عنه، في جملة ما يغفل عنه من المصالح الصّحيّة، فسُنّ ذلك سنة 1312ه/1894م [12]،أي بعد انتصاب الحماية".
·        نظام العطل زمنَ الحماية ومطلعَ الاستقلال
سجّلنا مع انتصاب الحماية صدور أوّل روزنامة للسّنة الدراسيّة خاصّة بجامع الزيتونة وبفروعه (1894) وقد أوردها الشيخ ابن عاشور في كتابه، مستعملا، للتعبير عن مفهوم العطلة، مُصطلحين اثنيْن، هما «البطالات" و" الصّلاعات"[13]، وتفيدنا دراسة هذه الروزنامة (ملحق 1) بما يلي:
-         تنطلق السّنة الدّراسيّة يوم 15 سبتمبر وتختتم يوم 15 جويلية وتدوم إذن 10 أشهر،
-         يتمتّع المدرّسون و التلاميذ بأربع عطل أثناء العام الدّراسيّ، وهي : عطلة شهر رمضان، و أسبوع بمناسبة عيد الفطر، و تسعة أيّام في عيد الأضحى، و أربعة أيام بمناسبة المولد النبويّ، و عاشوراء
-         تدوم الرّاحة الصّيفيّة  شهريْن.
و لكن ، بالرّغم من وجود روزنامة مضبوطة، فإنّ الشيخ يلاحظ، في ضوء التجربة الميدانيّة، أنّ العطلة الصّيفيّة تبتدئ من أوائل شهر جوان، أي نصف شهر قبل موعدها الرّسميّ، وأنّ العطلَ، حتّى الخفيفة منها، يَسبقها ويَعقبها فتورٌ. [14]
وفي الثلاثينات من القرن العشرين، صدر أمرٌ عَليّ، تعرّض في فصله التاسعَ والعشرينَ للعطل المدرسيّة، وقد جرى العمل بهذا الأمر العليّ، إلى سنة 1956، عدّل بمقتضى الأمر العليّ المؤرّخ في 15 مارس 1956(16) (ملحق 2)، كما نقح في أفريل 1956[15] وأرسى هذا الأمر نظاما جديدا للعطل أو روزنامة جديدة للعطل التي تتخلّل العام الدراسيّ.
وقد حمل النظام الجديد تغييرات هامّة من أبرزها:
-         تمديد العطلة الصّيفيّة التي أصبحت مدتها ثلاثة أشهر (من 30 جوان إلى 30 سبتمبر)[16]،
-         إدراج عطلة للشتاء وعطلة للرّبيع، مدّة كلّ واحدة منهما 11 يوما،
-         إضافة يوم عطلة جديدة بمناسبة رأس السّنة الهجريّة،
-         إقرار عطلة نهاية الأسبوع ومدّتها يوم ونصف (الخميس بعد الظهر ويوم الجمعة)،
-         الحطّ من مدّة عطلتي عيدي الفطر وعيد الأضحى لتصبح 8 أيّام عوضا عن 16 يوما،
-         إلغاء عطلة شهر رمضان.
وفي الجملة، بلغ عدد أيّام العطل المدرسيّة 127 يوما، وهو ما يعني زيادة 16 يوما مقارنة بعدد أيّام العطل التي كانت مقرّرة سنة 1894.
3.     العطل المدرسيّة بالتعليم العموميّ
·         العطل المَدْرَسيّة بالتعليم العموميّ في بدايات الحماية
أصدرت إدارة التعليم العموميّ سنة 1886 أمرا يضبط النظام المدرسيّ بمؤسّسات التعليم العموميّ، خُصّص ثلاثة فصول منه للعطل المدرسيّة، وهي الفصول 21 و 22 و 23.
          ضبط الفصلُ 21 العطلة الأسبوعيّة بيوميْن اثنيْن، أحدهما الأحد، والثاني يختاره المتفقد من بين أيّام الخميس والجمعة والسّبت، انطلاقا من طلب يقدّمه مدير المدرسة العموميّة،
           أمّا الفصلُ 22 فقد ضبط مواعيدَ ما سمّاه " أيّام العطل الخارقة للعادة" ومدّة كلّ واحدة منها. وقد جاء تصنيف العطل على قاعدة ديانة الغالبيّة من التلامذة الذين يؤمّون كلّ مدرسة، فكانت عطلا للمسيحيّين، وعطلا للمسلمين وأخرى لليهود. (الملحق 3
          أقرّ الفصلُ 23 أنّ مواعيد العطل بالتعليم العموميّ ومُدَدَها الزّمنيّة تحدّد سنويّا من قبل مدير التعليم العموميّ.
لكنّ الجدير بالذكر أنّ هذا القرار لم يُشر إلى العطلة الصّيفيّة، و لكنّنا نجدها في المذكّرات التي تصدر عن مدير التعليم العموميّ، في شهر ماي أو شهر جوان من كلّ سنة ، و قد أفادتنا تلك المذكّرات، مثلا، أنّ العطلة الصّيفيّة للسّنة الدّراسيّة 1888-1889 [17] بالنّسبة إلى المدرسة الصادقيّة و المدرسة العلويّة  والمدارس الابتدائيّة تمتدّ بين 15 جويلية و 22 سبتمبر ، أمّا في السّنة الموالية ( 1889-1890)[18] فقد  امتدّت العطلة الصّيفيّة من 20 جولية إلى 28 سبتمبر بالنسبة إلى التعليم الثانويّ، و من 16 جويلية إلى 22 سبتمبر بالنّسبة إلى   المدارس الابتدائيّة ، لكن يبدو أنّه قد تمّ تمديد في مدّتها بعد ذلك ، إذ نجد في الأمر [19] المحدث للتعليم الثانوي إشارة إلى أنّ " العطلة الكبرى تدوم 3 أشهر ، من بداية جويلية إلى موفى شهر سبتمبر ".( الفصل 14)
ويمكن أن نستنتج ممّا سبق ما يلي:
-         أنّ أسبوع الخمسة أيّام أصبح القاعدة.
-         أنّ السّنة الدّراسيّة تنطلق في أواخر شهر سبتمبر وتنتهي مع منتصف جويلية.
-         أنّ جملة أيّام العطل لا تتجاوز 60 يوما، وهو ما يمثل تقريبا نصف مدّة العطل التي كان يتمتع بها أساتذة وتلامذة الجامع الأعظم وفروعه.
·        نظام العطل الدّراسيّة منتصفَ القرن العشرين
شهد نظام العطل بالتعليم العموميّ تعديلا مهمّا سنة 1948، وذلك بمقتضى قرار[20] يُحدّد نظامَ الرّاحات والعطل المدرسيّة بالمؤسّسات التعليميّة العموميّة بالإيّالة التونسيّة. ضبط الفصلُ الأوّل منه روزنامة العطل بكافة المؤسّسات التعليميّة العموميّة (الملحق 4).
إنّ دراسة نظام العطل الجديد والروزنامة المنبثقة عنه تفضي بنا إلى الاستنتاجات التالية:
-         نظام العطل الجديد يقرّ روزنامة موحّدة ويتخلّى عن إفراد كلّ مجموعة من المؤسّسات بروزنامة حسب ديانة أغلبية روّادها.
-         احتواء الروزنامة الجديدة المناسبات الدينيّة المختلفة التي أصبح بتمتع بها كلّ التلاميذ والمدرّسين
-         إدراج عطل مدنيّة مثل الاحتفال بذكرى نهاية الحرب العالميّة الأولى (11 نوفمبر 1918)
-         إقرار عطلة الشتاء ومدّتها 10 أيّام.
وزيادة على هذا الرّصيد المشترك من أيّام الرّاحة والعطل المدرسيّة، توجد خصوصيّات أوردتها الفصولُ الثاني والثالث والرّابعُ من القرار، وتتمثّل فيما يلي:
- تعَطّل المعاهدُ والمدارس الإعداديّة، بما في ذلك الشّعب التونسيّة، والمدارسُ الصّناعيّة ومراكز التكوين المهنيّ ذات الأغلبيّة من التلاميذ غير المسلمة، وكذلك المدارسُ الابتدائيّة الفرنسيّة-أيّامَ الاثنين والثلاثاء والأربعاء من الأسبوع السّابق لعيد الفصح ويومَ الغفران الكبير.
- وتعطّل المدارسُ الصّناعيّة ومراكزُ التكوين المهنيّ ذات الأغلبية من التلاميذ المسلمة، والمدارسُ الابتدائيّة الفرنسيّة-العربيّة، للفتيان وللفتيات، يوما بعد غد العيد الصغير وبعد غد العيد الكبير ويوما قبل المولد واليوم الذي بعده.
  حاولت إدارة التعليم العموميّ، من خلال هذا التنظيم الجديد، توحيد روزنامة العطل المدرسيّة مع مراعاة الأعياد الدينيّة لمكوّنات المجتمع التونسيّ، من مسلمين ومسيحيّين وافدين ويهود من جهة، والبعد المدنيّ والتربويّ، من جهة أخرى.
خاتمة
عرف التعليم بالبلاد التونسيّة أنظمة عطل وراحة متعدّدة: واحد خاصّ بالتعليم بالكتاتيب، وثان خاصّ بالتعليم يجامع الزيتونة وفروعه، وثالث خاصّ بالتعليم العموميّ المستحدث منذ انتصاب الحماية.
فكيف سيكون نظامُ العطل المَدْرَسيّة على عهد الاستقلال؟ هل سيتواصل التقسيمُ إلى عطل تتعلق بالأعياد الدينيّة وعطل مدرسيّة صرْف، غايتها تمكينُ المتعلمين من راحة لتجديد الطاقات؟ ما يكونُ نصيبُ الأعياد الوطنيّة والعالميّة من هذا النظام؟ سنحاول الإجابة عن هذه التساؤلات في ورقة لاحقة.
الهادي بوحوش ومنجي عكروت، متفقدان عامان متقاعدان
نوفمبر 2013

الملحق 1: روزنامة العطل بجامع الزيتونة وفروعه، سنة 1894


العطلة

مدّتها
عطلة الصيف
من منتصف جويلية إلى منتصف سبتمبر
عطلة رمضان
شهر رمضان
عطلة عيد الفطر
7  أيّام
عطلة عيد الأضحى
9  أيّام
عطلة يوم عاشوراء
 يوم واحد
عطلة المولد الشريف
4  أيّام
المجموع
112


الملحق2 : روزنامة العطل بجامع الزيتونة وفروعه سنة 1956



العُطلة


موْعدُها
1. العطلة الأسبوعيّة
يوم الخميس بعد الزوال وكامل يوم الجمعة
2.عطلة المولد النبويّ الشريف
ثلاثة أيّام، مبدؤها يوم 11 من ربيع الأوّل
3.عطلة رأس السنة الهجريّة
يوم واحد،غرّة شهر محرّم من كلّ سنة
4.عطلة  عيد الفطر
أربعة أيّام، مبدؤها يوم 29 من رمضان
5. عطلة عيد الأضحى
أربعة أيّام، مبدؤها يوم التاسع من ذي الحجّة
6. عطلة الشتاء
أحد عشر يوما، مبدؤها يوم 21 ديسمبر
7.عطلة الربيع
أحد عشر يوما، مبدؤها يوم 21 مارس
8. عطلة يوم عاشورا
يوم واحد،اليوم العاشر من شهر محرّم
9. العطلة الصيفيّة
من موفّى جوان إلى غرّة أكتوبر


الملحق 3 : روزنامة العطل بالمدارس العمومية كما ضبطها نظام التعليم العموميّ سنة 1887


المدارس ذاتُ الغالبيّة المسيحيّة

المدارس ذاتُ الغالبيّة المسلمة

المدارس ذاتُ الغالبيّة اليهوديّة

1 . رأس السنة: 3 أيّام
1. يوم السنة الهجريّة
1. رأس السنة:  يوم واحد
2. صباح أربعاء الرّماد
2. يوم عاشوراء
2. عيد الغفران
3. أسبوع أعياد عيد الفصح
3. الموْلد: 3 أيّام
3. عيد السُّكوت: 5 أيّام، يومان في بدايته، و3 أيّام في نهايته، علما أنّ هذا العيد يدوم 8 أيّام
4. يوم الصّعود
4. العيد الصّغير: 5 أيّام
4. عيد الخلاص
5. يوم العَنْصَرة
5. العيدُ الكبير: 5 أيّام
5. عيد الفصح اليهوديّ:5 أيّام، يعامل معاملة عيد السكوت
6. يوم 14 جويلية
6. عيد الحصاد
7.يوم عيد القدّيسين و اليوم الذي يليه
8.يوم عيد الميلاد
المجموع  : 16 يوما و نصف
المجموع: 15  يوما
المجموع : 16 يوما


 الملحق 4 : روزنامة 1948
1 - العطل المشتركة

العطل
المدة
1. غرّة شهر نوفمبر والثاني منه
2
2. يوم 11 من شهر نوفمبر
1
3. من يوم 23 ديسمبر بعد انتهاء دروس المساء إلى يوم الثاني من شهر جانفي بدخول الغاية
10
4.من يوم الخميس، قبلَ عيد الفصح، بدخول الغاية إلى يوم السّبت، بعد العيد
10
5. خميس يوم الصّعود
1
6. يوم الاثنين يوم العَنْصَرة
1
7. يوم رأس السنة العربيّ
1
8. يوم عاشوراء
1
9. يوم المولد النبويّ
1
10. العيد الصغير:يوم قبله، ويوم العيد، يوم بعده
3
11. العيد الكبير: يوم قبله، ويوم العيد، يوم بعده
3
المجموع
34

2 – العطل الخصوصية

-          تتعطل الدروس بالمؤسسات ( معاهد وكولاج و المدارس الصناعية و مراكز التوين الصناعي ) ذات الأغلبية  من غيرالمسلمة و المدارس الابتدائية الفرنسية 3 أيام : الأثنين و الثلاثتء و الأربعاء من أسبوع عيد الفصح و بوم الغفران الكبير .
-          تتمتع المؤسسات ذات الأغلبية المسلمة  (المدارس الصناعية و مراكز التكوين الصناعي ) ذات الأغلبية  من غيرالمسلمة و المدارس الابتدائية الفرانكو آراب  ، بدورها ، بيوم عطلة إضافي بمناسبة عطلة العيدين و يومين اضافيين بمناسبة عطلة المولد.




[1] الشيخ محمد الطاهر ابن عاشور: أ ليس الصبح بقريب؟. طبعة ثانية، تونس   1408ه/ 1988م.ص 48 وص 50.

  قواد هو جمع قايد و ممثل الباي في الأقاليم ( يوافق خطة الوالي  في التنظيم الحالي)[2]
[3]  المَكْتَب ويجمع على مكاتب: محلّ التعليم وموضعه. والكتّاب كذلك وجمعه كتاتيب، والقائم بالتعليم يسمّى مؤدّبا ومعلّما. لاحظْ أنّ عبارة" مكتب" متداولة بكثرة في الاستعمال التونسيّ، تكاد تطلق على كلّ مؤسّسة تعليميّة.

  [4]    لهذا الترتيب قصّة ذكرها ابنُ عاشور في هامش الصّفحة 55 من كتابه ملخّصُها أنّه يُرْوى أنّ عمر خرج إلى بلاد الشام سنةَ فتحها، وأطال المُقام بها، فطالت غيبته، واستوحش الناسُ لفقده. و مَا إنْ قرّر العودة، حتّى خرج الناسُ من المدينة شوقا للقائه، على بعد من المسافة، وكان خروجُهم يومَ الخميس غُدوَةً. وأوّلُ من اتّصل به الأولادُ لخفّتهم ونشاطهم وفرحهم به. و قَضَى الناسُ معه ليلة الجمعة، في بقية سفره، فأُصْبحَ به على المدينة، ودخل قبل الصّلاة، فقال للأولاد: أنتم خرجتم وتعبتم يوما في الخروج، ويوما في الرّجوع، وقد جعلت لكم يومَ الخميس يومَ راحة، وكذلك من جاء بعدكم، إلى يوم القيامة".( ص55)
أبو الحسن علي القابسي ، الرسالة المفصلة لأحوال المتعلمين و أحكام المعلمين و المتعلمين ، دراسة و تحقيق و تعليق و فهارس و ترجمة فرنسية أحمد خالد. الشركة التونسية للنشر 1986[5]
[6]  الرسالة المفصّلة ص136
[7] الرسالة المفصّلة ص136
[8] أيّام التشريق ثلاثة أيام بعد عيد الأضحى، سمّين هكذا لأنّ الأضاحي تشرَّق فيها أي تنحر موجّهة إلى الشرق.عن المحقّق الهامش 1 ص136.
[9] الرسالة المفصّلة ص136
[10]   أليس الصبح بقريب ص 130
[11]  إصلاحُ أحمد باشا، سنة 1258 ه/ 1841م وإصلاحُ الصّادق باي (1292ه/1874 م.)  و (1292ه/ 1874م)، التي أفرزت قانون في 67 فصلا أمضاه الباي في شهر محرّم من سنة 1293 ه/1875 م، ودخل حيّزَ التطبيق في 26 ديسمبر 1875م.
[12]    أليس الصبح بقريب ص 130
[13]  البطالات مفردها بطالة (بكسر الباء)، والصراعات مفردها صلاعه، وهي من العبارات المتداولة في بلادنا، وإن لم نتوصّل إلى معرفة أصلها، ومن أيّة لغة هي مقترضة.
 [14] أليس الصبح بقريب ص 155.

[15]  الرّائد الرّسمّي عدد 34 ، المؤرّخ في 27 أفريل 1956، أصدرتْ وزارة المعارف " إصلاح غلط"، تداركتْ به سهوا عن ضبط العطلة الصّيفيّة بالجامع الأعظم وفروعه، هذا نصُّه: " العامُ الدراسيّ بالجامع الأعظم وفروعه يبتدئ من أوّل شهر أكتوبر إلى موفّى جوان، ويكون التعليم في هذه المعاهد، طيلة السّنة الدراسيّة، ما عدا أيّام العطل التي ذكرناها".

[17]  النشرة الرسمية للتعليم العموميّ، 15 ماي – 1 جوان 1889، عدد 25 – السنة الثالثة.
[18]  النشرة الرسمية للتعليم العمومي ّ، جوان 1890، عدد 35 – السنة الرابعة.
[19]  الأمر العلي المؤرخ في 29 سبتمبر1893 المحدث لمؤسسة تعليم ثانوي ( المعهد) ، النشرة الرسمية للتعليم العموميّ،– ديسمبر  1893، عدد 51 – السنة السابعة ، ص 718 - 721
[20] قرار 24 فيفري 1948 الضابط لنظام العطل و الراحات بالمؤسسات المدرسية العمومية بالإيالة التونسية . بالنشرة الرّسميّة لإدارة التعليم العموميّ، عدد 18، جانفي/ جوان 1948. ( ص7  -8)
[20]
Cliquez ici pour la version FR

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire