الهادي بوحوش |
الحادثة الأولى: تسرب المواضيع و
إلغاء دورة جوان 1975
روى
الأستاذ محمد الهادي خليل أطوار هذه الأزمة في مذكراته قائلا : " راجت خلال اليوم الأول من هذه الدورة إشاعات
لدى المترشحين و الأولياء حول تسرّب بعض الاختبارات, كان الوزير ادريس قيقة متغيبا
بالخارج فتمّ استدعائي لحضور جلسة عمل مع الوزير الأول حضرها كاتب الدولة الهادي
الزغل و المتفقد العام للتربية عبد العزيز بن حسن.
فقدّمت تقريرا مفصّلا في الغرض ، استشارني الوزير الأول في إمكانية إعادة الدورة
فكان رأيي أنه من الضروري إلغاؤها للمحافظة على المصداقية و تنظيم دورة جديدة في
ظرف أسبوع يدعى إلى اجتيازها كل المترشحين . ( م. هـ . خليل، ص. 86 )[1]
« و بيّنت الأبحاث أن مصدر التسرب كان
مكتب مدير معهد الصادقية، إذ خطّط ابنه مع مجموعة من أصدقائه للاستيلاء على المواضيع وأعدّوا قاعة عمليات بمعمل رخام مغلق و
فتحت الظروف بعد إذابة أختام الشمع وتمّ تصوير نسخة من كل ظرف و أعادوا غلقه و
ختمه من جديد ختما مزيّفا ، ثم أعادوا الظروف إلى مكتب المدير و كأنّ شيئا لم
يقع. و قد توصلت الأبحاث إلى التعرف على مرتكبي هذا السطو بفضل البحث الذي أُجري
في مستوى الوزارة بالتعاون مع رؤساء المعاهد التي وصلتهم أصداء عن الاختبارات
المسروقة. «
هذه الحادثة كانت سببا في
الاستغناء عن إيداع المواضيع بمراكز الاختبارات الكتابية دون حراسة أمنية وبدأ
التفكير في إحداث مراكز إيداع المواضيع مؤمّنة في الجهات على أن يتسلم رؤساء
مراكز الاختبارات ظروف المواضيع يوما بيوم. |
الحادثة الثانية: ثاني تسرب
المواضيع و إلغاء دورة 1979
روى
الأستاذ محمد الهادي خليل أطوار هذه الأزمة في مذكراته قائلا : " كان مصدر
التسرب هذه المرة العون المكلف برقن المواضيع و طباعتها و الغريب أنه كان يتمتع
بثقة كل المسؤولين و الغالب على الظن أنّه تم إغراؤه من قبل بعض الأثرياء الذين
حرصوا على أن ينجح أبناؤهم بتفوّق نظرا للقيمة التي أصبحت تحتلّها النتائج في
عملية التوجيه الجامعي , وحفاظا على سمعة تونس و على قيمة شهادة البكالوريا اقترحت
من جديد إلغاء الدورة وإعادة تنظيم دورة جديدة و طلبت إبعاد رئيس مصلحة الامتحانات
و تعهدت بأن أتحمّل مباشرة المسؤولية . فنظّمنا دورة جديدة في وقت وجيز باستعمال آلات الطباعة
العصرية المستعملة في تكوين الفنيين بالمدرسة المهنية بباب العلوج, وتجزئة
المسؤوليات بين الأعوان المكلفين بالطباعة بشكل يصعب على كلّ عون على أن يتعرف على
ما يقوم به زميله"
الحادثة الثالثة : لم تكن نتيجة تسرب بل استبدال مواضيع اليوم
بمواضيع اليوم اللاحق
مع انطلاق دورة
المراقبة يوم الأربعاء 22 جوان 2005 أقدم المشرفون على أحد
مركز الاختبارات الكتابية لامتحان البكالوريا على توزيع مواضيع اختبارات يوم
الخميس 23 جوان 2005 وعندما تفطنوا للخطأ حاولوا
تداركه و جلبوا المواضيع المبرمجة غير أن الأمر قد قضي باعتبار أن مواضيع اليوم
اللاحق قد اطلع عليها مترشحون قبل موعدها مما أدّى إلى اتخاذ قرار إلغاء كل اختبارات يوم الخميس 23 جوان 2005 و تأجيلها ليوم
الثلاثاء 29 جوان 2005.
وقد
بيّن البحث أن الخلل كان خللا في ثلاثة مستويات :
أولا
في مستوى مركز إيداع المواضيع فلم يتولّ
رئيس مركز الإيداع تنظيم الأكياس الحاوية للمواضيع
تنظيما سليما، إذ وضع مواضيع يوم الخميس
في الدرج المخصص لمواضيع يوم الأربعاء و العكس بالعكس.
و
مما زاد في الطين بلة أن رئيس مركز
الاختبارات الكتابية لم يتحوّل بنفسه صبيحة يوم الأربعاء 22 جوان 2005 إلى مركز
الإيداع كما كان ذلك مفروضا لتسّم المواضيع و التثبت في البيانات المدوّنة على
الظروف قبل الإمضاء على وثيقة تسلم و تولّى هذه المهمة رئيس مركز الإيداع بنفسه
باعتباره مساعد رئيس المركز في نفس الوقت دون القيام بإجراءات التثبت التي يفرضها
البروتوكول .
ثاني
خلل في مستوى مكتب رئيس مركز الاختبارات الكتابية الذي لم يقم فيه رئيس المركز
بفتح الكيس البلاستيكي الواقي للظروف بمحضر مساعديه و لا بتعمير جدول سلامة ظروف التحرير الذي
يتضمن البيانات المتعلقة بتاريخ الاختبـارات و نوعها و عدد النسخ بها و أوكل تلك المهمة لمساعده الأول في حين غاب
المساعد الثاني و اكتفى بالتوقيع على الجدول دون القيام بالتثبّت اللازم.
ثالث
خلل في مستوى قاعة الامتحان: تمّ فتح
الظروف الخمسة ( واحد لكل شعبة ) في قاعة واحدة وهي القاعة المخصصة لتلاميذ شعبة
الآداب و كان من المفروض فتح كل ظرف في القاعة المخصصة للشعبة المعنية والتأكد مع
المترشحين من سلامة الظروف ( محكمة الغلق/ تتعلق باختبار اليوم ...) وقد أثبت البحث مسؤولية كل من رئيس مركز الإيداع
و رئيس مركز الاختبارات الكتابية و مساعديه
في حدوث الخطأ نتيجة عدم التزام كل طرف بالتعليمات الصادرة في الغرض من قبل
الإدارة العامة للامتحانات و تخلّي رئيس المركز عن مهامه لفائدة أحد مساعديه الذي كان يضطلع كذلك بمهام رئيس
مركز الإيداع.
كانت هذه الحادثة فرصة لمراجعة تنظيم العمل في مستوي مراكز
ايداع المواضيع ( تقليص عددهم / حسن اختيار المشرفين عليها و تكوينهم وعدم
تكليفهم بمهام أخرى) وفي مستوى مراكز الاختبار الكتابي ( إلزام رئيس المركز
بإرسال عن طريق الفاكس نسخة من محضر فتح الواقي البلاستيكي فور الانتهاء من
تعميره وقبل انطلاق الاختبارات. |
الحادثة الرابعة : تسريب جديد
لمواضيع الدورة الرئيسة 2012
في
يوم الاثنين 11 جوان 2012 الموافق لليوم الرابع من الاختبارات الكتابية للدورة
الرئيسية، أكّد بلاغ صادر عن وزارة التربية خبر تسرب مواضيع العربية لشعبة الآداب
وبأن المواضيع نشرت عبر شبكة التواصل الاجتماعي فايسبوك قبل موعد الاختبار.
وقد
بيّنت الأبحاث بأن مصدر التسريب كان مركز إيداع المواضيع برادس الراجع بالنظر إلى
المندوبية الجهوية للتعليم ببن عروس إذ أقدم العون المكلف بحراسته إلى الدخول إلى القاعة التي توجد بها علب
المواضيع و فتح الظرف الحاوي لمواضيع العربية لشعبة الآداب واستنسخها ثم سلّمها
لمترشحة استعانت بأستاذ لمعالجة الموضوع وسلّمت نسخة منه لبعض صديقاتها.
تمكنت
السلطات الأمنية من التعرف على جميع العناصر المتورطة و إيقافهم وإحالتهم على
المحكمة التي قضت بعقوبات تراوحت بين السجن والخطايا المالية.
قررت وزارة التربية تأجيل كل الاختبارات المبرمجة ليومي الثلاثاء
12 والأربعاء 13 جوان إلى يومي الجمعة 15
والسبت 16 جوان أما اختبار العربية لشعبة الآداب فقد تم تأجيله إلى يوم الخميس 14
جوان. وقد بررت الوزارة قرارها هذا بحرصها على ضمان تكافؤ الفرص ومصداقية
الامتحانات الوطنية.
هذا القرار جعل الإدارة العامة للامتحانات تحقق شبه معجزة حين وفقت
في وقت وجيز جدا في إعداد المواضيع التعويضية وإيصالها إلى الجهات في الآجال .
إن هذه الحادثة بينت هشاشة منظومة مراكز الإيداع التي تم
إرساؤها منذ
منتصف السبعينات ( بعد التسريب الأول سنة 1975) مما جعل الوزارة تركز أجهزة
مراقبة في جميع هذه المراكز. |
المنجي العكروت متفقد عام للتربية متقاعد وإبراهيم بن
عتيق أستاذ أول مميز متقاعد
تونس ، ماي 2021
Pour accéder à la version FR, cliquez ICI
[1] الهادي بوحوش والمنجي العكروت : صدور كتاب إسهامات و مواقف للأستاذ
محمد الهادي خليل، المدونة البيداعوجية - 25 أفريل 2017
http://akroutbouhouch.blogspot.com/2017/04/blog-post_24.html
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire